تعددت مبادرات الرئيس السيسى وتنوعت ما بين صحية واقتصادية وتنموية وسياسية، لكن هدفها ظل واحدًا فى كل الأحول، ألا وهو تحسين حياة المواطن وصون كرامته واحترام آدميته ليحيا عزيزًا كريمًا فى وطن يعلى قيمة الإنسان ويرتقى بها لعنان السماء، بادر الرئيس بتوفير الأمن والاستقرار أولًا حتى يتسنى للدولة أن تستعيد هيبتها بعد سنوات من الانفلات وتوقف الإنتاج، فأى حياة يمكن للإنسان أن يحياها وهو مهدد وخائف ولا يجد الشعور بالأمن فى داره، ولا نهضة اقتصادية فى ظل مشاعر خوف تحيل الحياة إلى قلق وتوتر، قال الله تعالى تعظيمًا لقيمة الأمن: "الَّذِىٓ أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍۢ وَءَامَنَهُم مِّنْ خَوْفٍ" (قريش:4).
الحقوق كلٌ لا يتجزأ، لكن الأولوية دائمًا لإشباع حاجات الناس اليومية من مأكل ومشرب وملبس ورعاية صحية، ومن ثم جاءت مبادرة "100 مليون صحة" وأخواتها وتخلصت مصر من أشرس عدو كان يلتهم أكباد المصريين وهو فيروس "C" منذ سنوات بعيدة مرورًا بمبادرة القضاء على الأمراض السارية وعلى قوائم الانتظار فى العمليات الجراحية العاجلة وأخيرًا وليس آخرًا التوسع فى تطعيم المواطنين ضد فيروس كورونا الأكثر شراسة. للإصلاح الاقتصادى أيضًا مبادراته وإجراءاته التى أقدم عليها الرئيس رغم صعوبتها على الجميع، وعلى رصيده الشعبى بدرجة أكبر، لكنه لم يأبه بما قد يناله من تأثير سلبى، ومضى بعزم وإرادة قوية حتى جاءت الثمرات مبشرة شهدت بها مؤسسات التمويل الدولية التى أشادت بنتائج هذا الإصلاح الذى نجح بالصمود فى وجه تداعيات كورونا رغم شراستها على كل دول العالم ثم جاء مشروع القرن الأكبر فى المنطقة وهو "حياة كريمة" ليستهدف تطوير الريف المصرى فى 3 سنوات وينقل 55 مليون مواطن لحياة أكثر تطورًا وتحسنًا. باستقرار أحوال البلاد رويدًا رويدًا، بادر الرئيس كعادته بإقرار إستراتيجية حقوق الإنسان وإلغاء حالة الطوارئ وهى من الحقوق السياسية التى يتشدق بها الغرب وأتباعه هنا وخارج هناك، ليزداد الشعور العام بالاستقرار والأمن وينفتح الطريق أمام الاستثمارات المحلية والأجنبية على السواء وها نحن على أبواب تعظيم مشاركة القطاع الخاص فى الأنشطة الاقتصادية بنحو50% خلال السنوات الثلاث المقبلة، أليس ذلك كله تمكينًا للمواطن من حقوقه فى شتى المجالات؟.
الرئيس يؤسس لجمهورية جديدة قوامها العدالة والمساواة وعدم التمييز بين المواطنين على أسس عرقية أو دينية أو طبقية وها نحن مقبلون على ميلاد مصر مختلفة تتسع للجميع، وتنعم بمبادئ الديمقراطية المواطنة، ما أحوجنا إلى إستراتيجية جديدة لبناء وعى حقيقى لدى المواطن، ولدى المسئول ليعرف كلٌ واجباته وحقوقه معًا، فالجميع كما له حقوق فإن عليه واجبات لن يقوم بها غيره، دفاعًا عن دولته، وعن منظومة قيم مجتمعه التى أصابها ما أصابها فى الفترة الأخيرة وطرأ عليها متغيرات تفسد الذوق العام وتغذى العنف وشيوع الألفاظ الخادشة للحياء سواء فى الشارع أو أغانى المهرجانات الطافحة بالبذاءة والسفاهة وسوء الخلق وحتى أعمال الدراما أسهمت فى الهبوط نحو الانحطاط الأخلاقى، وكلها كوارث تجافى روح ديننا الحنيف الذى يدعو لمكارم الأخلاق، وتتقاطع مع تقاليدنا وعاداتنا الأصيلة.
ما أحوجنا لبناء وعى حقيقى يبدأ بالمسئول- أى مسئول- من الوزير حتى أصغر مدير، فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته، والكل عليه دور كبير فى تكريس التعامل الحسن مع الناس، فذلك أحق حقوق الإنسان. ولنا فى تعامل الرئيس السيسى مع بسطاء الناس قدوة ونموذج يحتذى، فهو يدير حوارًا أخويًا دافئًا معهم يخفف به آلامهم ويتفهم مشكلاتهم ويسارع بتلبية مطالبهم، وهو ما يجب أن يحتذيه سائر المسئولين فى تفقد أحوال الناس لاسيما ذوو الحاجة والأولى بالرعاية، فلم يعد مستساغًا ولا مقبولًا فى الجمهورية الجديدة أن يتعامل الموظف العام مع احتياجات المواطنين فى أى جهة حكومية باستخفاف أو استعلاء أو سخط أو جفاء، فهذا المسئول طبقًا للدستور خادم للشعب يحمل أمانة واجبة الأداء، وعليه أن يحسن معاملة الناس الذين يقصدونه بحكم وظيفته فى قضاء حوائجهم، فحسن المعاملة واجب شرعى لقوله تعالى "وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا (البقرة:83).. وقول النبى الكريم: "إنكم لن تسعوا الناس بأموالكم فليسعهم منكم طلاقة الوجه وحسن البشر" كما أن أمثالنا تقول: "لاقينى ولا تغدينى"، و"الدين المعاملة"، مقولة يظنها البعض حديثًا نبويًا وهى ليست كذلك، لكن معناها يتوافق مع الشرع ومع أخلاق المصطفى الكريم الذى شهد له العدو قبل الصديق بحسن تعامله مع الناس وحتى الحيوان والجماد أيضًا، فحسن التعامل مطلوب مع الخلق، وذلك أسلوب يراد به التأكيد على الأهمية كقوله صلى الله عليه وسلم "الدِّين النَّصيحة"، وهى من أهم الأخلاق التى ينبغى أن يتحلى بها كل مسئول وموظف وعامل وصاحب عمل، بحسن التعامل مع الآخرين، والتيسير عليهم وهى صيغة جامعة لما ينبغى أن يكون عليه كل منا فى عمله من بساطة واهتمام واحترام للآخرين وتقديم النصح وبذل المعروف وطيب المعاشرة مع الجميع، وحسن المعاملة يحتاجه الموظف مع زملائه ورؤسائه ومرءوسيه وكل من يتعامل معهم، فالرؤساء والمديرون لابد أن يتصفوا بالمعاملة الحسنة مع من دونهم أما حسن التعامل معهم فيترجم إلى تنفيذ توجيهاتهم بحب وقناعة، وإذا سادت هذه الروح الإيجابية بين طرفى أية علاقة عمل، كان نتيجتها كسر حواجز الروتين وشيوع روح المحبة والألفة فى العمل. المرءوسون لهم على رؤسائهم حق التعامل بإحسان، لأنهم يساعدون المدير فى عمله ولولاهم ما استطاع أن ينجز مهامه، ولابد للمدير أن يكون قدوة لموظفيه ومرءوسيه فى حسن المعاملة، فإذا عاملهم بتلطف وتبسم فى وجوههم وتغاضى عن هفواتهم والتزم معهم الصدق والعدل والمساواة فإنهم سيكونون كذلك مع بعضهم البعض ومع غيرهم بل سيظهر مردود ذلك فى عملهم وإنتاجهم وحسن معاملتهم للجمهور. حسن معاملة الناس فن، فالبشر على اختلافهم يحتاج كل منهم إلى طريقة وفن فى المعاملة يفتقدها للأسف بعض الأشخاص ولا يجيدونها، وهو ما يعنى ضرورة التدقيق فى اختيار الأشخاص فى كل موقع، ليتنا نتعلم من الرئيس السيسى كيف يتعامل مع بسطاء الناس ونحترم قيمة العمل والوقت واحترام الآخر والتسامح والإتقان وأن نتكاتف جميعًا لنكون سندًا لدولتنا فى أهم معاركها للبقاء والبناء ومغالبة التحديات واجتياز مراحل التحول الصعبة وإبطال مفعول المؤامرات التى تحاك ضدنا بلا توقف.