محمد فودة يكتب عن زفاف ولى عهد الأردن: "البساطة" تصنع البهجة وتبهر العالم
◄حفل زفاف الأمير الحسين والأميرة رجوة تجسيد حقيقى للتفاعل بين الشعوب
◄ الأناقة والفخامة فى إطلالة "الملكة رانيا" و"العروس" تعطى للحفل مذاقا مختلفا
◄ سيدات العائلة الهاشمية يخطفن الأنظار بأزيائهن التقليدية
◄ملوك وأمراء وزعماء من مختلف أنحاء العالم فى الاحتفال بزفاف الأمير الأردنى
تابعت باهتمام بالغ حالة البهجة والفرحة التى واكبت حفل زفاف ولى العهد الأردنى الأمير الحسين بن عبد الله على الأميرة رجوة، وتفاعل العالم مع حفل الزفاف الأسطورى الذى جاء بسيطًا وراقيًا للغاية، وللحق فإن البساطة والوقار والرقى هى عنوان حفل الزفاف وسر تفاعل الشعوب مع الإطلالات التى جاءت محملة بالرقى والاحترام.
فالأردن بلد جميل ولقد زرته كثيرًا وتعاملت مع أهله من قبائل وشيوخ وعواقل واقتربت منهم وأدركت أنهم شعب خير يدخلون القلب بلا استئذان، والأردن بلد ضارب جذوره فى التاريخ، وتعاقبت على أرضه حضارات وممالك وكيانات مختلفة، وكان نموذجًا للتفاعل الحضارى المستمر.
كما تحظى الملكة رانيا بشعبية كبيرة داخل الأردن وخارجها، ساعدها على ذلك ذكاؤها الحاد وتواضعها منقطع النظير، بالإضافة إلى اهتمامها الدائم بالقضايا الإنسانية وكل ما يتعلق بالأسرة والطفل، كما أن أناقتها الواضحة ومواقفها المشرفة فى المحافل الدولية والمحلية، فضلاً عن ابتسامتها الرائعة وأنشطتها الخيرية جعلتها ملكة متوجة على قلوب الأردنيين، ورغم شعبيتها الكبيرة ورغم حب زوجها لها وتقاربهما الواضح، فإن الملكة رانيا لم تتدخل أبدًا فى سياساته، ولم يُعرف عنها أنها المرأة التى تتحكم فى البلاد من خلال زوجها مثل الكثير من الأميرات أو الملكات، لذلك فالملكة رانيا لها مكانة خاصة جدًا فى قلوب الشعب الأردنى الذى يعرفها عز المعرفة نتيجة قربها من كل الطبقات والفئات.
وعلى الرغم من انتهاء حفل الزفاف الأسطورى، لكن لم تنته بعد حالة البهجة التى صنعها الفرح وتداول الأردنيون وباقى الشعوب العربية جميع مظاهر الفرح بزفاف ولى العهد الأردنى الحسين بن عبد الله الثانى والآنسة رجوة السيف، وشارك رواد مواقع التواصل الاجتماعى جميع مراحل عقد القران والزفاف، التى امتدت من قصر زهران فى العاصمة عمَان وصولًا إلى قصر الحسينية، من خلال تصدر مجموعة من الترندات على مواقع التواصل الاجتماعى، ومنها "نفرح بالحسين" و"الزفاف الملكى" و"نفرح بالأمير الحسين"، وجاء الحفل أسطوريًا حيث حضر أفراد من العائلات المالكة حول العالم الزواج الملكى، بينهم ويليام، أمير بريطانيا وزوجته كيت، أميرة ويلز، كما حضر حفل الزفاف السيدة الأمريكية الأولى جيل بايدن وابنتها آشلى بايدن. وارتدى ولى عهد الأردن بدلة سوداء مطرزة باللون الذهبى وأكمامها طويلة تشبه بدلة عرس والده، والتى ارتداها كذلك جدهما، الملك عبد الله الأول، ووقع على العقد العاهل الأردنى ووالد العروس، خالد آل سيف، وولى العهد الأسبق، الأمير حسن بن طلال، عم الملك، وسط زغاريد الحضور.
واللافت للنظر أن إطلالة العروس جاءت بسيطة وراقية جدًا وكانت حديث مواقع التواصل الاجتماعى، حيث ارتدت العروس فستانًا من قماش الكريب، بصدر وخصر مزموم وأكمام طويلة مع فتحة صدر جانبية على شكل حرف V، واقترن الفستان بتنورة منفصلة على شكل ذيل طويل زين بتطريزات على شكل ورق شجر مع طرحة طويلة من قماش الشيفون ذات تطريزات ناعمة، وحمل الفستان توقيع المصمم العالمى إيلى صعب، واختارت الأميرة رجوة مع هذه الإطلالة الفاخرة تاجًا ماسيًا أبيض، مع أقراط طويلة فاخرة من العلامة التجارية Fred Jewelry، وحملت باقة زهور بيضاء، وأكثر ما لفت الانتباه فى إطلالة العروس هو اختيارها حذاء مسطحا باللون الأبيض.
وتم زفافهما بالموكب الأحمر الذى تم فيه زفاف والده الملك عبد الله، وتكرر المشهد فى مراسم حفل زفاف ولى العهد الأمير الحسين ورجوة آل سيف بأجواء احتفالية مميزة، وهو موكب ملكى يمزج بين عبق التاريخ الهاشمى وبسالة الجندى الأردنى، وأغلبية المشاركين فيه جنود من الحرس الملكى وقوات الصاعقة الأردنية حيث يرتدون الشماغ الأردنى وعقالا يتوسطه شعار الجيش العربى بالإضافة لوشاح أحمر، كما يميز الموكب السيارات الكلاسيكية بلون أحمر عليها شعار الموكب الملكى وبجانبهم مجموعة من الدراجات النارية التى تسير إلى جانب السيارة الملكية، وطريقة سيرهم فى شوارع المملكة لا تكون عشوائية إنما على شكل هندسى لتعطى فخامة وقيمة للحدث الملكى. وتعود قصة الموكب الملكى لعهد الملك الحسين بن طلال الذى كان قد أمر بتشكيل وحدة تتألف من 120 عسكريًا لهذه الفئة التى تعتبر امتدادًا لفرقة الفرسان الهجانة وهى جزء مهم من تاريخ معظم الدول العربية، أما فيما يخص بتركيزه على اللون الأحمر، فتم اختياره استنادًا لقوة هذا اللون ولأنه يرمز إلى دماء الشهداء. كما يتكون من 20 سيارة لاندروفر مكشوفة حمراء اللون، تشارك 14 منها فى الموكب، فيما تبقى الست سيارات الأخرى كسيارات احتياطية فى حال حدوث أى عطل فى إحدى السيارات الرئيسية، وانطلق الموكب الأحمر للمرة الأولى فى عهد الملك عبد الله الأول، مرات عدة، وطرأت عليه متغيرات تناسب كل مرحلة إلى أن اعتمد له اللون الأحمر.
وظهرت الملكة رانيا والدة العريس فى كامل أناقتها المعتادة، إذ ارتدت فستانا أسود مصمما برقبة عالية بسيطة وأكمام طويلة، كما تزينت الإطلالة بتطريزات معقدة بظلال من الذهبى والبيج على طول الرقبة والأكمام وأسفل الظهر، والفستان من مجموعة دار ديور الفرنسية، وأكملت إطلالتها بإضافة أقراط ذهبية أنيقة تشبه تطريز الفستان، وتركت بعض الخصلات من شعرها على جهة اليمين، وباقى خصلات شعرها إلى الخلف فى لفات ناعمة وراقية وحافظت الملكة على مكياجها الناعم الذى تشتهر به كما وضعت أحمر خدود فاتحا مائلا إلى الخوخى مع لون أحمر شفاه وردى كريمى، لتؤكد دائما على بساطتها ورقيها. واختتم حفل زفاف ولى العهد الأردنى الأمير الحسين بن عبد الله الثانى، بإقامة مأدبة عشاء ملكية فى قصر الحسينية، فى منطقة دابوق، بالعاصمة الأردنية عمّان، وتعد مأدبة العشاء لزفاف العروسين فى قصر الحسينية آخر فقرات الزفاف الملكى، وتجمع بين الإجراءات الرسمية والجوانب الدبلوماسية لمأدبة رسمية مع الاحتفال البهيج وتقاليد حفل الزفاف، وتأتى المأدبة بعد حفل الاستقبال الرئيسى الذى حضره أكثر من 1700 شخصية من أفراد من العائلة المالكة ورؤساء دول عربية وغربية، وشخصيات مهمة، وتزينت سماء المملكة الأردنية الهاشمية بالألعاب النارية، كما تزينت شوارعها وأحياؤها احتفالاً بالزفاف الملكى المقام فى العاصمة عمان لولى العهد على الأميرة رجوة الحسين فى صورة أكدت مدى حب الشعب الأردنى لزفاف ولى العهد.
وولى العهد الأمير حسين، يركز فى نشاطاته على قطاع الشباب ويسعى لدعمهم وتمكينهم من خلال "مؤسسة ولى العهد" التى أسسها عام 2015 لتوفير المبادرات والفرص للشباب، ويحظى- كبقية أفراد العائلة المالكة فى الأردن- باحترام بين الأردنيين، وهو أكبر أبناء الملك عبد الله والملكة رانيا وأصبح وليًا للعهد فى يوليو 2009 حين كان فى الـ15 من عمره، وكان قد تعرف على الأميرة رجوة عن طريق زميلة دراسة له وهى صديقة مشتركة بينهما، وأنهى الأمير دراسته الثانوية فى مدرسة "كينغز أكاديمى" فى الأردن فى 2012، ودرس التاريخ الدولى فى جامعة جورج تاون فى الولايات المتحدة قبل أن يتلقّى دروسًا عسكرية، أما الأميرة رجوة فهى مهندسة معمارية وتعد الابنة الصغرى لرجل الأعمال السعودى، خالد بن مساعد بن سيف بن عبد العزيز السيف، وفقا لمجلة "التايم"، ووالدتها هى عزة بنت نايف عبد العزيز أحمد السديرى، وفقا لقناة "المملكة". وولدت العروس فى العاصمة السعودية، الرياض، فى 28 أبريل عام 1994، وهى من نسل شيوخ سدير فى نجد، ولها شقيقان، فيصل ونايف، وشقيقة، دانا، وفقًا لوكالة "فرانس برس"، ورجوة لها علاقة بالعائلة المالكة السعودية، حيث إن والدتها جزء من عائلة السديرى، وبذلك فهى قريبة ولى العهد السعودى، الأمير محمد بن سلمان، وتلقت رجوة آل سيف، دروسها الثانوية فى السعودية وأكملت تعليمها العالى فى كلية الهندسة المعمارية فى جامعة "سيراكيوز" فى نيويورك.
ويظل حفل الأمير الحسين والأميرة رجوة نموذجًا للتفاعل الحضارى بين الشعوب، ويؤكد أن البساطة والرقى يصنعان الجمال، وأن الشعوب تقاس بمدى رقيها وبساطتها، كما أن القلب يعشق كل جميل.