ذياب الدباء: السعودية في طريقها لاحتواء كل المشاريع الخارجية باليمن
قال الدكتور ذياب الدباء المدير التنفيذي لمركز البحر الأحمر للدراسات السياسية والأمنية، إن المملكة العربية السعودية في طريقها لاحتواء كل المشاريع الخارجية في اليمن، في إطار استراتيجية توليد وبناء سلام واستقرار طويل الأمد في المنطقة، وتصفير المشاكل مع الغلاف الجيوسياسي للمملكة، بدأت ملامحه بالاتفاق مع إيران، وإعادة سوريا للجامعة العربية، كل ذلك بالتزامن مع توافقات استراتيجية إقليمية ودولية منحت الضوء الأخضر للمضي قدما في حلحلة الأزمة اليمنية وفق الرؤية السعودية.
وأضاف أن دول الخليج عموما والمملكة العربية السعودية خصوصا أصبحت بمجملها قطبا عالميا منافسا، ومركز مالي واقتصادي شبه مستقل، تخطب وده كل القوى الدولية، في مقابل حالة من الضعف والتفكك لدى الأنظمة الجمهورية العربية، باستثناء الموقف المصري الثابت والقوي في الحفاظ على التوازن أمام القوى الإقليمية المنافسة متمثلة في تركيا وإيران وإسرائيل وأثيوبيا.
وصرح بأن الخليج يسعى للحفاظ على حالة التفوق والنمو والتأثير من خلال فرض استقرار شامل وطويل الأمد في المنطقة، يضمن نمو المشاريع الاقتصادية العملاقة، وتحقيق أهداف الرؤى الطموحة، وخاصة لدى السعودية والإمارات وقطر، وقبل كل ذلك استقرار أنظمتهم السياسية الملكية كنماذج نجاح في محيط مضطرب، على الصعيد الدولي والإقليمي.
وأكد أنه في ملف اليمن لن تتحمل السعودية مزيدا من الصداع والتصدع، وسوف تضع يدها في يد الفصيل الأكثر كفاءة على حكم اليمن، والأقدر على توفير ضمان طويل الأمد لأمن السعودية، والحوثي مع الأسف أحد الخيارات كأمر واقع في ظل عجز الأطراف الأخرى، وربما تم البدء فعليا بإجراءات جدية تمثل اختبارات قبول بالنسبة له، تمهيدا لإعادته إلى حظيرة الطاعة، بتفاهمات وضمانات إقليمية ودولية، وإشراف مباشر من المملكة على بروسترويكا هيكلية ستجري في صنعاء، والكثير من المؤشرات تكشف وجود رغبة جامحة لدى قيادات الحركة الحوثية في التقرب من المملكة.
وأشار إلى أنه بناء على ما سبق فإن على القوى والقيادات الوطنية اليمنية إدراك المتغيرات، ومغادرة حالة الشتات والمماحكات والعناد السياسي، وتجاوز ترسبات وإفرازات المرحلة السابقة، والبدء فورا في صياغة مشروع وطني موحد، والذوبان في كيان سياسي واحد يشبه وضع المؤتمر الشعبي العام، والحزب الاشتراكي اليمني قبل الوحدة، كمكون وحيد يتشكل وفق أطر ومنطلقات شرعية، ويعمل الجميع من خلاله، ومن ثم دمج الوحدات العسكرية والأجهزة الأمنية، بما يضمن فعالية ومرونة وكفاءة أجهزة الدولة السيادية، ونجاحها في توحيد كل الجهود نحو التحرير والبناء، والحفاظ على علاقة الشراكة الاستراتيجية مع العمق العربي في السعودية والخليج كمسار إجباري، وخيار وحيد وواقعي لأي نظام سياسي يحكم اليمن، تفرضه الاعتبارات الجيوسياسية والاقتصادية.
وقال إن إحدى أهم القواعد السياسية والعلاقات الدولية ثباتا عبر التاريخ "لا يهم من يحكم ولكن كيف يحكم" وليس ببعيد عنا تسليم أمريكا أفغانستان لطالبان، وعودة التعامل بين أردوغان ونظام الأسد كأفضل خيارا سياسيا وأمرا واقعا والأمثلة كثيرة في هذا الصدد.
ولفت إلى أن الكثير من المكونات السياسية على الساحة أثبتت الأحداث أنهم مجرد حالمين سياسيين يحيطون أنفسهم بمعادلات واهمة، ومقارنات غير منطقية، تعودوا القفز على الواقع، والقبول بالوهم، في ظل غياب الرؤية والمشروع الجامع، ومع كل ذلك لا تزال الفرصة قائمة لإصلاح الوضع وتصحيح المسار، والفوز بشرف الحفاظ على اليمن وعدم خذلان الشعب والأشقاء، ما لم يتحملوا المسئولية التاريخية عن تفويت الفرصة وإغراق سفينة الشرعية، وضياع البلد.