في البداية لم اكتب هذا المقال لمدح أو ذم المعلمين بصفة عامة فلهم كل تقدير وإحترام، ولكنني أريد أن أُبرز وأُذكر بدور صاحب هذة المهنة السامية في صنع الأجيال وبنائها بناءً نفسيًا وعلميًا وثقافيًا وفكريًا، حتي تتمكن هذه الأجيال من الإرتقاء بأمتها وبوطنها إلى المستوى اللائق فتتمكن هذه الأجيال من بناء الوطن والمجتمع، فمن منا ينكر أننا جميعًا من صنع يديه -بعد الله- ولذلك فإن رسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات، وأمانة من أعظم وأثقل الأمانات، لأن المعلم يتعامل مع النفس البشرية التي لا يعلم بعد أعماقها واتساع آفاقها إلا الله، فالمعلم يحمل رسالة سامية يعد فيها جيلًا صالحًا مسلحًا بالعلم والمعرفة، ومع كل ما سبق نجد أولئك الذي تناسوا آداب واخلاق هذة المهنة السامية فتجدهم راحوا يتاجرون بعلمهم -إن وجد- ويثقلون كاهل الوطن والمواطن، فمع قرب نهاية العام الدراسي ودخول طلاب الثانوية العامة (البعبع السنوي المخيف الذي أسأل الله أن يخلصنا منه بفكر يقضي عليها) في دوامة المراجعات والإختبارات إلا ووجدنا أولئك من جامعي المال يُبدعون في جمع المال والقضاء علي ميزانيات كل الأسر متنفنين في إبتكار مجموعات مراجعة داخل قاعات كبيرة مُجمعين عدد كبير من الطلاب وحاصدين ومحصلين منهم ما لا تطيق أكبر وأعتي الأسر غير عابئين بما حصلوه من نفس تلك الأسر خلال العام بل وراح كل منهم يطبع مذكرات فوق المذكرات ويزيد من الحصص فوق الحصص وولي الأمر المطحون يلهث خلفه ليدفع ثمن تلك المراجعات المستحدثة والتي لا علاقة لها بشهور سابقة ولا بمجموعات من قبل بل زادوا منها وكانهم ينهون العام الدراسي بهدف مالي ما ورقم مُحدد عليهم تحصيله علي أي حال متناسين أنهم يحصلون علي أموال مخلوطة بالعرق بل بالدماء التي بذلها اولياء أمور هذه الطلاب من أجل تعليم أولادهم وراحوا يطلبون مبالغ مُبالغ فيها من أجل مراجعات في قاعات كبري كنت في البداية أظنها مكافأة منهم للطلبة أو بأسعار رمزية لأن العدد كبير فكانت المفاجاة أن سعر المقعد في تلك المراجعات خرافي ويتزايد حسب الشهرة والمادة التي يُدرسها فلك ان تتخيل قاعة بها عدد لا يقل عن 500 فرد يتم تحصيل منهم مبلغ فلكي ناهيك عن ثمن المذكرات في عدة ساعات والأسم تعليم والوصف مراجعة آخر العام، وأقولها هنا أمام الجميع العلم والتعليم منكم براء وعدم إحساسكم بالناس مصيبة ومرض أسأل الله ان يشفيكم منه وأن يرحمكم من حب المال وألا يجعل هذه الأموال سببًا في طمعكم اكثر، فبعضهم نسوا وتناسوا عظيم رسالتهم وراحوا يبحثون عن الدنيا في مهنة رسالتها تهدف الآخرة والجزاء من رب الدنيا والآخرة.
وأنا هنا لا أطالب المدرسين بالدروس المجانية فلا عمل مجاني وأعرف جيدًا أنكم أيضًا تحتاجون إلي أموال وتسعون لزيادة دخولكم وجميعنا كذلك ولكن الرحمة ثم الرحمة ثم الرحمة والشعور بولي الأمر فما الأزمة والعقبة ان تحصل علي مال يكفيك ويزيد ولكن بطريقة معقولة ومبلغ مناسب هل تتخيل أن ولي الأمر الذي أرسل لك هذه الأموال قد سامحك فيها؟ أعتقد أن جميع المدرسين الشباب يحتاجون إلي مراجعة أنفسهم وتقييم الأمور نعم جمع المال الحلال مشروع ولكن ظلم الناس بهذا الشكل وبهذه المبالغة في الأسعار تحريم وتجريم لهذا المال، وبين الحلال والحرام وإستغلال حاجة الناس ومساعدتهم شعرة أخشي أن تظلوا قاطعيها طول أعماركم فيصيبكم نصيب من دعوات الناس عليكم، لابد من وضع حد لهذه الأسعار بوضع قيمة تكلفتها ومكسب معقول لا هذه المبالغة في الأسعار والسعي نحو مكسب يجر خلفه ويلات لن تشعروا بها الآن، أرجو أن تختفي ظاهرة المبالغة في أسعار الدروس في كل مراكز ومدن وقري مصر قبل أن تتسببون في إنهيار التعليم المنهار أساسًا وتكونون السبب في هجرة الطلبة للتعليم بسعيكم نحو المال فقط دون الإكتراث بما يحدث داخل الأسرة بسبب ثانويتكم العامة التي مزقتم بها كل أسرة طالب يدرس فيها فرجائي أن يكون هذا العام نهاية لتلك الأسعار التي تم إستحداثها سواء في الشهور أو في تلك المراجعات المزعومة المجبور عليها ولي الأمر.
نعم حاولت الوزارة تطوير المناهج وطرق التلقي لتُضيع علي مثل هؤلاء فرصهم في إستغلال الناس ولكن يبقي تجاوب اولياء الامور أنفسهم في منع اولادهم من دروس الاستغلال المسماه الدروس الخاصة والخصوصية ولكنه كان شيء أشبه بالمستحيل فعلينا الإعتراف أن النظام الجديد للتعليم لم يُضف إلا أعباء مادية علي ولي الأمر المطحون ودخل إضافي لأصحاب الصيد في الماء العكر ممن ينسبون أنفسهم للمعلمين زورًا وبهتانًا أؤلئك الذين لا يعلمون انها رسالة يتشرف ويشرُف من يحملها وتُسعد قلب من لا تنازعه نفسه في نيل رضا الله بالعمل كما يحب سبحانه ويرضي وإن كانت عادة كل المهن هناك الصالح وهناك والطالح والتعميم ظلم وإجحاف لمن يراعون الله ثم ضمائرهم ولكنهم بكل أسف نادرون إن وجدوا، ولكن علينا عدم التعميم إحترمًا لأصحاب الضمائر والمبادئ منهم فهم يجب أن يحملون علي الرؤس، وعلي الدولة سرعة اعادة النظر في رواتب أهم من يُجسد ويُشكل شخصية شبابها وإعلاء قيمة المعلم فهو الأحق لأنه أهم لبنة توضع في بناء في المنظومة التي تحاول الدولة تطويرها وعليه مسئوليات جمة حتمتها عليه تنامي هيكلية التعليم واتساع نطاقه عقب ثورة المعلومات والإنفجار المعرفي الهائل وفي الدول المتقدمة تعليميًا نجد راتب المعلم من أكبر رواتب العاملين بالدولة بل ان هناك دول تمنح المعلم حصانة وصلاحيات في كافة نواحي الحياة.
ضمير المعلم اليقظ وإيمانه الصادق بعظم وعظيم رسالته هما مصدر الإلهام لمعرفة كل متطلبات المهنة التي شرفه الله بها وهي أمانة ورسالة سامية، فرسالة المعلم من أسمى وأشرف الرسالات فالشعوب لا تنهض إلا بالعلم والمعرفة والمعلم المثقف الأمين العاشق لوطنه يكون أهم وسيلة لصنع المجتمع المتطور القوي الناهض فكريًا وإقتصاديًا وصناعيًا ذلك المجتمع القادر على حماية إنجازاته ومكتسباته ومصالحه الحيوية، فالمعلم مرب أولاً وهو القدوة الحسنة لطلابه في تصرفاته وسلوكه وإنتمائه وإخلاصه يتفاعل الناس ويتعايش مع معاناتهم يدمج فنه ومهارته وعلمه وتدريسه ولا يربط بين جهده وعطائه وبين ما يحصل عليه من مردود مادي يسير نحو تحقيق هدفه ويُسخر كل طاقاته وإمكاناته منتظرًا الأجر من الله ومثل هذا المعلم لن توافيه الكلمات ولا الحروف امتنانًا له على ما قدمه ويقدمه للبشر، لذلك نتمني ان ينتهي فورًا من حياتنا نموذج يُصدر الينا هذة الصورة القبيحة التي جعلت من المعلم الجليل جامعًا للمال ليُظلم المعلم الذي يبتغي وجه الله مع هذا الذي لا يبتغي إلا حصد المال، مصدرًا نموذج نتمني من الله ان ينتهي ويزول سريعًا من حياتنا وتزول الصورة التي صدرها أولئك المتاجرون بالعلم الذين لا رسالة لهم إلا جمع المال.
وأكرر المعلمين أصحاب مهنة سامية ورسالة كبيرة لا بد من الجميع ان يعى ذلك بما فيهم المعلمين انفسهم الذين أضحوا يتاجرون وأولياء الأمور يحترقون.