مرارًا وتكرارًا تحدثنا وتحدث قبلنا العديدين حول توعية الشباب وتنشأتهم علي الأخلاق التي نتمناها وعلي نفس الأسس التربوية الدينية - أيًا كان هذا الدين- والأخلاقية والإنسانية بوجه عام، وطالما تحدثنا حول أهمية تربية أبنائنا بعيدًا عن شاشات الأفلام الهدامة وعن مواقع تدعوا للفرقة وإلي إحداث خلل في النشء المصري الصاعد والشباب الذي نبني عليه الآمال .
فعقب هذة الأعمال الدرامية والغنائية البعيدة عن مجتمعنا المصري والغريبة عليه وتلك الأفعال التي يروج لها ممثلين سطحيين يجتذبون الشباب الغير مثقف وغاب عنه الوعي وغابت الرقابة الأسرية، لتتحول أخلاق أولادنا إلي هذا الإنحدار المخزي فأصبح هزار الاصحاب والأصدقاء بالسباب للأم والأب والدين وكأنه الشيئ الطبيعي بين الأصدقاء بل ويُقاس به مدي قرب الأصدقاء قدر ما يُسمح له من سباب تراجع مستوي الاحترام والأدب بين الشباب ودخل علينا مصطلحات جديدة ابعد ما تكون عنا أصبحت العادات والتقاليد التي نشأنا عليها أفكار قديمة وربما رجعية.
بل وأصبحت وسطية الدين هي الاختلاط دون مرآعاة لسن وجنس ونوع وتربية وإختلط الحابل بالنابل، وأصبحنا غير متواصلين ولا مسيطرين ياسادة لقد فشلنا في تربية ابناء وطننا ومدينتنا وقريتنا عندما تركنا من أطلقنا عليهم لقب فنانين يربوهم بدلًا منا، حين تركنا فلذات أكبادنا امام الشاشات المختلفة ليتلقوا عادات وتقاليد وأعراف لم تكن ابدًا منا ولا بيننا.
الا ترون ما نجده في شباب هذه الأيام من استهانة بكل واي شئ هذا هو تقصيرنا نحن في غرس ما غرسه فينا آباىنا حين ربونا ان التعامل مع الناس ان لم يكن بالحسني فلا داعي له وان الحلال باق وان المحرمات من كل الأنواع مُهلكة في الدنيا والاخرة أن إبن الناس هو من يحبه الناس لحسن خلقه لا لأن لديه أو لدي أبويه اموال.
إنَّ استهانة البعض بكل شيئ وعدم الاهتمام بالأمور الحيوية والأخلاقية هي مشكلة تواجه المجتمعات في شتى أنحاء العالم، وليست محصورة في شباب دولة بعينها فالتربية والتعليم السليمين هما الوسيلتان الأساسيتان لغرس المبادئ والقيم الأخلاقية في النفوس، وفي حالة عدم وجودهما أو نقصهما قد يؤدي ذلك إلى نشوء جيل يفتقر إلى القيم الأخلاقية والمبادئ الأساسية التي تحكم التعامل مع الآخرين والمجتمع بشكل عام، والدين يحث على ذلك بشدة، ويعتبر حسن الخلق من أساسيات الإيمان والتقوى، ولا يقتصر الدين على الأفعال العبادية فقط بل يتعداها ليشمل التعامل مع الآخرين بحسن الخلق وتحسين العلاقات الاجتماعية والتعاون والتضامن مع الآخرين، وعلى الإنسان أن يتحلى بالوعي والمسؤولية تجاه تحديد الحلال والحرام، والتمسك بترك المحرمات والابتعاد عنها، لأنها تؤثر على الإنسان بشكل سلبي في الدنيا والآخرة ويجب على الإنسان أن يتحلى بالصبر والاستقامة في تحديد الحلال والحرام، وعدم الانجرار وراء الشهوات والرغبات الفانية التي قد تؤدي إلى المعاصي والذنوب، لذلك يجب على الأفراد والمجتمعات أن يتحلى بالوعي والمسؤولية والتزام القيم والأخلاق الحميدة التي تحكم التعامل مع الآخرين، والعمل على غرسها في الأجيال القادمة، وذلك يتطلب جهودًا مستمرة من الأفراد والمؤسسات التعليمية والدينية والحكومية لتحقيق هذا الهدف.
وبكل أسف نعم نحن من قصرنا في حق اولادنا وشبابنا وآن الأوان ان نتدخل من أجل إنقاذهم وإنقاذ أنفسنا من نعيش في مجتمع لا يُوقر فيه الكبير والبقاء فيه للأقوياء، هؤلاء الشباب والنشء هم نتاجنا نحن كما كنا نحن نتاج آبائنا فأن تسمح لإبنك او بنتك بهذا الإنحدار الأخلاقي بحجة انه الجيل الجديد لو ان الكل اصبح بهذة الأخلاق حجج غير مقبولة لا دنيًا ولا أخلاقيًا وجريمة في حق الوطن لن تغفرها لنا الأجيال القادمة.
وانا هنا أعني ان نتدخل نحن جميعًا علي كافة المستويات الأسرة والمسجد والكنيسة والمدرسة والنادي ومنظمات المجتمع المدني، نتحد جميعًا لنربي أولادنا من جديد علي حسن التعامل والتصرف ونبذ كل ما يتعارض مع الآداب العامة والأخلاق وغرس الوطنية وعشق تراب هذا البلد والإيمان بقدرات الفرد والمجتمع من اجل ان نعود سريعًا إلي الطريق الصحيح قبل طريق اللاعودة الذي نسير عليه.
ففي اليابان مثلًا اهتم اليابانيون بتعليم النشء قبل دخولهم رياض الأطفال، حيث جعلوا الكثير من الكتب التعليمية الموجهة للأطفال في عمر ما قبل المدرسة متاحة لجميع الآباء وبأسعار زهيدة، مع غرس ثقافة التعليم المنزلي قبل المرحلة المدرسية في وعي العائلات اليابانية، بالإضافة إلى بث البرامج التلفزيونية التعليمية الخاصة بهذه الفئة العمرية والتي تنصب على تعليم الآداب والسلوك الاجتماعي المنضبط، والتعليم المنظم إلى جانب المهارات الأساسية في كيفية تعلم قراءة الحروف والأرقام وبعض الأغنيات التعليمية، والإهتمام الشديد بالرياضة مع منع الطفل من مشاهدة اي أفلام او محتويات غير مناسبة.
ننتظر أسلوبًا جديدًا في التوعية والتعليم والتثقيف تتضافر فيه كل الجهود، مع منع الأغاني الهابطة والأعمال المبتذلة، بالاستعانة بكبار الفنانين والعلماء والمثقفين، من اجل خلق اجيال جديدة قادرة علي النهوض بمصرنا الغالية أجيال تهتم بالثقافة وتُقدر دور الكبير وتهتم بمخارج ألفاظها وتحافظ علي الآداب العامة وتتجنب خدش الحياء وتعامل الكل بإحترام وتقدس العمل اجيال نزرع فيها ما زرعه فينا آبائنا وأجدادنا مدعومًا بالثورة العلمية والتكنولوجية لنعود للصدارة خارجيًا ويعود المجتمع المؤدب الخلوق ذاك المجتمع المصري اللي بدأ يفقد ملامحه وأصبح مستعد لتلقي اي شئ غريب وغير مقبول لاننا لم نُحسن الزرع والتنشأة من البداية.
وأري أن التربية الأسرية هي الاساس فتلعب الأسرة دورًا مهمًا في تنمية القيم الأخلاقية للأفراد، وعليها أن تكون قدوة حسنة لأولادها في التعامل مع الآخرين وتحديد الحلال والحرام والالتزام بالقيم الأخلاقية الحميدة، إلي جانب التعليم والتثقيف حيث يلعب النظام التعليمي دورًا هامًا في تنمية الوعي والمعرفة لدى الأفراد، وتوعيتهم بأهمية الالتزام بالقيم الأخلاقية والحفاظ على الحقوق والواجبات، مع عدم إفال الدور الحيوي والهام للوسائل الإعلامية إذ تلعب دورًا مهمًا في تشكيل الرأي العام ونشر القيم الأخلاقية، وعلى الإعلام أن يقوم بدوره الإيجابي في رفع وعي الجمهور وتشجيع القيم الإيجابية، مع الإهتمام بالبيئة الاجتماعية إذ تتأثر الأفراد بالبيئة الاجتماعية التي يعيشون فيها، وعلى الجماعات والمجتمعات أن تكون قدوة حسنة في التعامل مع الآخرين وتحديد الحلال والحرام والمفروض والواجب وما لك وما عليك وتوضيح مدي حريتك وأنها تنتهي عند بداية حرية الآخرين، نحتاج لفن تنمية القيم الأخلاقية لدى الأفراد، وعلى الفرد نفسه أن يتحلى بالوعي والمسؤولية في التعامل مع تلك القيم وتطبيقها في حياتهم اليومية.
ان تربية النشء والشباب وتوعيتهم أخلاقيًا ودينيًا سلوكيًا واجب وطني وإشعارهم ان البلد ملك لهم وأنهم عناصر فعالة وإكسابهم خبرات العمل وفن التعامل هو مفتاح وطريق العودة بالشباب للطريق الصحيح، بإستخدام فن تنمية الأخلاق والقيم الأخلاقية بمشاركة كل عناصر المجتمع دون اي إستثناء.