◄دعوة مصر للمجموعة دليل نجاح الرؤية التنموية والسياسة الاقتصادية
◄مصر والإمارات والسعودية.. تأكيد لقوة المنطقة العربية فى "بريكس"
◄الانضمام إلى التكتل سيخلق تغييراً ضخماً فى الأفق الاقتصادى والسياسى للدول العربية
◄زيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات.. وفتح أسواق جديدة ومتنوعة للسلع والخدمات
◄تحسين البنية التحتية والمواصلات والاتصالات.. وتشجيع الابتكار والإبداع فى مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة والبيئة
◄إصدار الصكوك وعملية الإقراض والتبادل التجارى بالعملات المحلية
نحن نقف الآن على أعتاب فصل جديد من تاريخ العلاقات الدولية والاقتصاد العالمى، إنها نقطة البداية تلك التى تتجلى بشكل لافت للنظر فى دعوة ثلاث دول عربية هامة - مصر، السعودية، والإمارات - للانضمام إلى مجموعة بريكس، الكتلة الاقتصادية والجيوسياسية الناشئة.
وفى تقديرى الشخصى فإن هذه الدعوة تنبعث منها روائح الأمل والتفاؤل حيث تشير إلى فجر جديد من التعاون الدولى والنمو المشترك. فالسياسة والاقتصاد، فى الحقيقة، ليسا سوى وجهين لعملة واحدة، وبالتالى فإن التقدم فى واحد منهما ينعكس على الآخر بشكل طبيعى.
لقد أثبتت مصر، من خلال إستراتيجيتها الواضحة والمتسقة للتنمية، أنها تستحق مكانة فى هذا التحالف الجديد ، فالسياسة التى تتبعها الدولة والتى تهدف إلى الازدهار والاستقرار، تعكس الاهتمام بالرفاهية الاقتصادية على المدى البعيد ، لذا فإن دعوة "بريكس" مصر للانضمام إلى صفوفها تعد أكبر تأكيد على نجاح هذه الجهود.
لقد ظل الغرب والولايات المتحدة الأمريكية يسيطران على الساحة الاقتصادية والسياسية العالمية، ولكن مجموعة "بريكس" تعد تحدياً جديداً لهذا التوازن ، وهذا الدعوة أولى خطوات تعزيز الصوت العربى فى الساحة الدولية، ومن الواضح أن الانضمام إلى هذا التكتل سيخلق تغييراً ضخماً فى الأفق الاقتصادى والسياسى للدول العربية، وسيكون له تأثير كبير على الاقتصاد العالمى.
هذا يعد لحظة تحول فى تاريخ العلاقات الدولية، حيث تتجه الدول العربية نحو مرحلة جديدة من النفوذ والتقدم، بفضل الانضمام إلى مجموعة "بريكس".
واللافت للنظر أيضاً أن مصر تتمتع بعلاقات إستراتيجية مع دول «بريكس» وفى هذا السياق فإنها تتطلع إلى مزيد من التعاون، انطلاقًا من مبدأ احترام سيادة الدول واستقلالها وتسوية النزاعات بطرق سلمية.
والحق يقال فإن زيادة عدد أعضاء مجموعة بريكس بما فيها مصر والسعودية والإمارات، سيُحقق مزيدا من القوة الاقتصادية للمجموعة، كما ستتحقق المنفعة للأعضاء الجدد أيضا، خاصة أن هناك توقعات بسيطرة بريكس على ما نسبته 44% من الاقتصاد العالمى بحلول عام 2040، فى ظل تعاظم حجم مصر إلى جانب قوة السعودية والإمارات الاقتصادية، والنفطية، وهذا بكل تأكيد سيكون له إضافة كبيرة لبريكس، فى ظل أن هناك دولا بين المجموعة تعتمد على كُل من السعودية والإمارات فى تأمين النسبة الأعلى من وارداتها النفطية، فضلاً عن أن حجم مصر وما تشهده من تحول اقتصادى، ومُحفزات للاستثمار، إلى جانب موقعها الجغرافى المُهم وقناة السويس الإستراتيجية، وعدد السكان الكبير بها، وهذا بالتأكيد يُمثل أهمية بالنسبة لهذا التكتل، وبشكل عام فإن توسيع قاعدة بريكس يعد زيادة لنفوذها وتوسعها عالميا فى مواجهة التكتلات الاقتصادية الأخرى.
وهذا ما يدفع الخبراء للتوقع بأن يكون للدول العربية دور رئيسى فى المجموعة، بما سينعكس إيجابا عليها وعلى الأعضاء الآخرين، خاصة فى جانب الفرص الاستثمارية النوعية وبرامج التنمية الشاملة إلى جانب أمن الإمدادات النفطية، كما أنه من المؤكد استفادة المنطقة العربية بأكملها من وجود الدول العربية فى المجموعة، بما ينعكس إيجابا على التنمية الاقتصادية بالمنطقة وربما أمنها الإستراتيجى أيضا.
الأمر الذى يدفعنى للقول إن فكرة انضمام مصر والسعودية والإمارات لبريكس هى فكرة جريئة وطموح، تهدف إلى تعزيز التعاون والتنسيق بين هذه الدول العربية و5 دول نامية هى البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، فى مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، وهذه الفكرة تستند إلى التشابهات والمصالح المشتركة بين هذه الدول، سواء فى مواجهة التحديات العالمية أو فى استغلال الفرص الإقليمية.
إن انضمام مصر والسعودية والإمارات لبريكس سيكون له تأثير إيجابى على اقتصاد وقوة المنطقة، إذا تحققت بعض الشروط والضمانات فمن ناحية، قد تساهم هذه الفكرة فى زيادة حجم التبادل التجارى والاستثمارات بين هذه الدول، وفتح أسواق جديدة ومتنوعة للسلع والخدمات، وتحسين البنية التحتية والمواصلات والاتصالات، وتشجيع الابتكار والإبداع فى مجالات مثل التكنولوجيا والطاقة والبيئة.
ومن ناحية أخرى، قد تسهم فى رفع مستوى التأثير والنفوذ لهذه الدول فى المؤسسات المالية الدولية، مثل صندوق النقد الدولى والبنك الدولى، وإصلاح نظام الحوكمة الاقتصادية العالمية، بحيث يعبر عن مصالحها بشكل أفضل، كما قد تساهم فى تعزيز دور هذه الدول فى حل القضايا الإقليمية والدولية، مثل الأزمات السورية والليبية والفلسطينية وغيرها، بطرق سلمية وشاملة.
وعلى الرغم من هذا التفاؤل بالنتائج الإيجابية لانضمام مصر والإمارات والسعودية للبريكس فإن هناك مطالبات من جانب الخبراء بضرورة أن تضع الدول الثلاث فى اعتبارها بعض المخاطر والتحديات التى قد تواجهها فى سبيل تحويل هذه الفكرة إلى حقيقة ولتحقيق التأثيرات الإيجابية التى سبق ذكرها، فمن جانب، يجب على هذه الدول أن تحافظ على علاقات جيدة مع باقى شركائها، وأن تتجنب أى تصادم أو تنافس معها، ومن ناحية أخرى يجب عليها أن تتوافق على رؤية وإستراتيجية مشتركة للتعاون مع «بريكس»، وأن تضع آليات ومؤسسات فعالة لتنسيق مواقفها ومصالحها. ولكن هناك حقيقة مؤكدة فى هذا الموضوع هى أن مصر والسعودية والإمارات لها تأثير قوى جداً فى الشرق الأوسط، بما يزيد من نفوذ هذه المجموعة، الأمر الذى يدفعنى للمزيد من التفاؤل فى المستقبل بأن يبدأ التبادل التجارى بين الدول الأعضاء بعملاتها المحلية، وبالتأكيد ستستفيد مصر من زيادة التبادل التجارى، وعملية تبادل الاستثمارات وفتح الأسواق ، كما أتوقع أن تسعى «بريكس» خلال الفترة المقبلة إلى تعزيز بنك التعاون وإصدار الصكوك بالعملات المحلية وعملية الإقراض والتبادل التجارى بالعملات المحلية، مع أهمية إدراكنا جيداً حقيقة مؤكدة هى صعوبة إزاحة الدولار كعملة أساسية فى العالم على المدى القصير أو المتوسط، وهو ما قد يحدث على المدى البعيد، وذلك بسبب قوة الدولار وقدرته على مواجهة الاختلالات التى تعرض لها الاقتصاد العالمى، كما أنه لا توجد حتى الآن عملة لها نفس المزايا. يذكر أن «بريكس» منظمة تم إنشاؤها منذ حوالى 14 سنة، والهدف الأساسى منها مواجهة الدولار والخروج من الهيمنة الأمريكية اقتصاديا، ولكن عيب هذا التجمع أنه جمع بين دول متناقضة مثل الهند والصين، والتى بينها بعض المشاكل أو حتى اختلالات اقتصادية سواء من ناحية قوة العملة أو الديون أو الضرائب أو حتى التشريعات المالية والاستثمارية، ولكنها على الرغم من ذلك يُحسب لها أولًا أنها قررت أن تجتمع لتُكون هذه المنظمة، والأمر الثانى أنها أنشأت بنك التنمية والذى يُعد مُواجها للبنك الدولى من أجل الخروج من سيطرة الدولار وتحركات العملات.
إن دعوة دول عربية مثل مصر والسعودية والإمارات للـ"بريكس" سيكون لانضمامها أهمية كبيرة لهذه المنظمة من ناحية التوسع الجغرافى، خاصة أنها تتميز عن غيرها من التجمعات، بأنها شبه مسيطرة على سوق الطاقة عالميا، حيث لديها أكبر الموارد من الغاز والنفط، كما أنها تسيطر على أهم المضائق العالمية فى الاقتصاد.