محمد فودة يكتب: قفوا لمصر ورئيسها احتراما
◄الرئيس يوجه رسالة للعالم بـ"بث" تصريحاته لوزير الخارجية الأمريكى على الهواء مباشرة
◄موقف مصر منذ اللحظة الأولى ينحاز للقضية الفلسطينية ويطالب بحفظ حقوق الفلسطينيين
◄رفض فتح المعبر لمرور الرعايا الأجانب إلا بعد فتحه لمرور المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة "ضربة معلم"
◄ماذا يعنى اجتماع مجلس الأمن القومى وما دلالات قراراته؟
قلبى يعتصر ألما على ما يحدث لأهالينا فى فلسطين، كلما حاولت أن أستعيد نفسى أجد صور المذابح تطاردنى فى صحوى ومنامى، فما يحدث على الأرض الطاهرة عمل إرهابى خسيس وجبان يقوم به كيان مجرم لا يعرف شيئا عن العدل أو الرحمة أو حقوق الإنسان. إن الشعب الفلسطينى البطل يحاول جاهدا أن يحصل على حقه، حقه فقط وليس أكثر من ذلك، لا يعتدى على أحد ولا يخطط للعدوان على حق أحد، لم يجرم ولم ينتهك حق أحد، وفى المقابل يجد نفسه محاصرا من آلة الحرب الإسرائيلية الشرسة التى لا ترحم. يرى العالم ما يحدث على أرض فلسطين كما رأى قبل ذلك كل ما حدث للفلسطينيين، ولم يقدم العالم شيئا ملموسا أو له قيمة يمكن أن يفيد القضية أو يساهم فى حلها، وهو ما دفع أبناء الشعب الفلسطينى إلى أن يمدوا أيديهم القوية من أجل تغيير المعادلة على الأرض. منذ اللحظة الأولى لهذه الأحداث وعينى على مصر –بلدى- التى أعرف جيدا موقفها من القضية الفلسطينية، فمصر لم تتأخر يوما عن مناصرة القضية ودعم أهلها جميعا، وكنت واثقا أن مصر ستكون موجودة بقوة فى هذا المشهد، لأن هذه المرة الوضع مختلف تماما، ولم يخب ظنى. من البداية بدأت مصر من خلال أدواتها الدبلوماسية إظهار ما يحدث فى فلسطين بصورته الحقيقية دون تجميل ولا تهوين، فدعت الأطراف إلى عدم التصعيد، لأن التصعيد لن يفيد أى طرف من الأطراف، كما أن مواصلة القتال على الأرض سيكون من شأنه أن يعقد الأمور أكثر مما هى معقدة على الأرض بالفعل. وعندما احتدمت الأمور وقفت مصر بقوة إلى جانب الشعب الفلسطينى، فعندما بالغت إسرائيل فى عنفها ورد فعلها الذى لم يكن مناسبا أبدًا مع ما حدث، بدأت مصر تقدم الدعم المادى والمعنوى، وبدأت قوافل المساعدات طريقها إلى معبر رفح استعدادا للعبور إلى أراضى غزة. بالغت إسرائيل فى فجرها وتجبرها فرفضت فتح المعبر لتمر المساعدات الإنسانية إلى أهالينا فى غزة، وهنا كانت وقفة مصر الكبرى، فعندما أرادت الدول الكبرى وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية أن يمر مواطنوها عبر المعبر، رفضت مصر، وطالبت بفتح المعبر لتمر المساعدات الإنسانية فى مقابل مرور الرعايا الأجانب. لم تستخدم مصر فى هذا الموقف سياسة لى الذراع، ولم تناور أو تلتف حول مبادئها، ولكنها استخدمت قوتها لتحصل لأهالى فلسطين على فرصة لتصل إليهم المساعدات الإنسانية بعد أن أصرت إسرائيل على تدمير كل شيء. ولأن مصر هى مصر، ولأن رئيسها هو القائد والزعيم عبد الفتاح السيسى، فلم أخش ولو لحظة واحدة من السيناريوهات التى زاد عنها الكلام خلال الأيام الماضية عن توطين الفلسطينيين فى سيناء، وأنها يمكن أن تكون وطنا بديلا، أو أنهم يريدون حل مشكلتهم على حساب مصر. رفضت مصر هذه السيناريوهات جميعها، قالت كلمتها، فهى من ناحية ترفض تماما التنازل عن شبر من أرضها تحت مسمى التوطين، وهذا حقنا تماما ونزولا على مقتضيات أمننا القومى، ومن ناحية ثانية لأن قبول هذا السيناريو يعنى إنهاء القضية الفلسطينية بالجملة، وهو ما لا يرضاه أحد لا فى مصر ولا فى فلسطين. الموقف المصرى تجلى فى أعلى صوره فى لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسى مع وزير خارجية أمريكا بلينكن، ذلك الذى جاء إلى المنطقة داعما بشكل مطلق إسرائيل، ومحاولا أن يكسب لها أكبر قدر من الدعم والتأييد والمساعدة. تابع العالم كله ما قاله الرئيس السيسى لوزير خارجية الولايات المتحدة الأمريكية على الهواء مباشرة، وكان هذا مقصودا لذاته تماما، حتى يدرك العالم أن مصر موقفها واحد، وأنه لا يوجد شيء داخل الغرف المغلقة وشيء آخر يقال فى الغرف المفتوحة، فمصر هى مصر فى السر وفى العلن. فى هذا اللقاء قال الرئيس عبدالفتاح السيسى إن رد الفعل الإسرائيلى يتجاوز الحق فى الدفاع عن النفس ويرقى لمستوى العقاب الجماعى، وأن التأخير فى حل القضية الفلسطينية يترتب عليه المزيد من الضحايا. وأشار الرئيس إلى أن الأزمة التى تمر بها المنطقة حاليا غير مسبوقة وتحتاج إلى بذل كل الجهود، مضيفا: "ما حدث فى غزة كان صعبا، لكن هناك حالات غضب وكراهية تراكمت على مدار عقود". وأكمل: "الموجة التى تشكلت فى أعقاب الأزمة بين الفلسطينيين والإسرائيليين ضخمة جدا، ونحتاج إلى التحرك بقوة وبعزم، لتخفيض حدة التوتر ونيسر وصول المساعدات لقطاع غزة". وقال الرئيس عبد الفتاح السيسى، إنه كمواطن مصرى نشأ فى مكان كان يجتمع فيه المسلم مع اليهودى جنبا إلى جنب، ولم يتعرضوا لأى شكل من أشكال القمع أو الاستهداف، محصلش فى منطقتنا العربية بأن تم استهداف اليهود فى التاريخ القديم والحديث، والاستهداف حصل فى دول أوروبية زى إسبانيا". الأمر لم يتوقف عند هذه التصريحات التى قلبت المائدة تماما وأفقدت أطرافا إقليمية ودولية توازنها، ولكن كان هناك اجتماع لمجلس الأمن القومى عقد قبل اللقاء مع وزير الخارجية الأمريكى لبحث تطورات الأوضاع الإقليمية، خاصة التصعيد العسكرى فى قطاع غزة، وصدر عن الاجتماع 6 قرارات. وقال المتحدث باسم رئاسة الجمهورية، المستشار أحمد فهمى فى بيان نشره عبر صفحته الرسمية على فيسبوك، إنه صدر عن الاجتماع القرارات الآتية: - مواصلة الاتصالات مع الشركاء الدوليين والإقليميين، من أجل خفض التصعيد ووقف استهداف المدنيين. - تكثيف الاتصالات مع المنظمات الدولية الإغاثية والإقليمية، من أجل إيصال المساعدات المطلوبة. - التشديد على أنه لا حل للقضية الفلسطينية إلا (حل الدولتين)، مع رفض واستهجان سياسة التهجير أو محاولات تصفية القضية الفلسطينية على حساب دول الجوار. - إبراز استعداد مصر للقيام بأى جهد من أجل التهدئة وإطلاق واستئناف عملية حقيقية للسلام. - تأكيد أن أمن مصر القومى خط أحمر ولا تهاون فى حمايته. - توجيه مصر الدعوة لاستضافة قمة إقليمية دولية، من أجل تناول تطورات ومستقبل القضية الفلسطينية. هذه هى مصر وهذا هو رئيسها الذى يجب أن نقف احتراما وتقديرا له ولما يبذله من أجل الحفاظ على الأمن القومى المصرى وبقاء القضية الفلسطينية حية حتى يحصل الفلسطينيون على كامل حقوقهم.