◄الدولة تواجه الأزمات العالمية بالإصرار على الأمن الغذائى
◄تحقيق الاكتفاء الذاتى من محاصيل مثل الأرز والذرة البيضاء والذرة الرفيعة والدواجن وبيض المائدة والألبان
◄تطوير القطاع الزراعى واستكشاف تقنيات وطرق جديدة لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل
◄مشروع المليون ونصف المليون فدان يشمل 13 منطقة فى 8 محافظات تقع فى صعيد مصر وسيناء
◄أكثر من 10 آلاف صوبة زراعية لتأمين غذاء المصريين بشكل صحى وآمن
فى ظل الأزمات العالمية المتلاحقة، بدءًا من جائحة كورونا وصولًا إلى الحرب الأوكرانية- الروسية والتغيرات المناخية، بالإضافة إلى الزيادة السكانية المتنامية، التزمت الإدارة المصرية منذ عام 2014 بتحقيق الأمن الغذائى ، والحق يقال فإن هذه الملحمة الحقيقية تبرز وبشكل لافت للنظر قوة الرؤية والإصرار، حيث تعمل مصر على تأمين الأمن القومى الغذائى من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الزراعية والحيوانية والداجنة والسمكية.
وكما هو معروف فإن مصر تشتهر بتاريخها العريق فى الزراعة، حيث بلغت مساحتها الزراعية الإجمالية حتى الآن نحو 9.6 مليون فدان، مع مساحة محصولية تقدر بحوالى 17 مليون فدان على مدار العام. ويساهم قطاع الزراعة بنسبة 17% من الصادرات السلعية، و15% من الناتج المحلى الإجمالى، و25% من إجمالى القوى العاملة. تمثل هذه الأرقام القوة والمرونة التى تتميز بها الزراعة المصرية، والدور الهام الذى تلعبه فى الاقتصاد الوطنى.
وفقًا لدراسة أجراها المركز المصرى للفكر والدراسات، استطاعت مصر تحقيق الاكتفاء الذاتى من محاصيل مثل الأرز والذرة البيضاء والذرة الرفيعة والدواجن وبيض المائدة والألبان. بالإضافة إلى تحقيق اكتفاء ذاتى وفائض للتصدير من الفاكهة والخضر. هذه الإنجازات تؤكد على قدرة مصر على الاستقلالية الزراعية والقدرة على تحقيق الاكتفاء الذاتى على الرغم من التحديات المتعددة. ومع ذلك، ما زالت هناك بعض المحاصيل والسلع التى توجد بها فجوة فى تغطية الطلب عليها، مثل القمح والذرة الصفراء والمحاصيل الزيتية واللحوم الحمراء. هذه التحديات تشير إلى الحاجة المستمرة لتطوير القطاع الزراعى واستكشاف تقنيات وطرق جديدة لزيادة الإنتاجية وتحسين جودة المحاصيل.
الجهود والتطورات فى القطاع الزراعى لا تزال مستمرة، ومع التقدم التكنولوجى الحديث والابتكارات الزراعية الجديدة، يمكن لمصر أن تزيد من فرص تحقيق الاكتفاء الذاتى من هذه المحاصيل فى المستقبل. يبرز الحديث عن الزراعة العمودية والبيوت الزجاجية الذكية والزراعة الحوضية كبعض الاتجاهات المستقبلية التى قد تقود الزراعة المصرية نحو مستوى جديد من الإنتاجية والاستدامة.
وحتى نضع أيدينا على أهمية ما تحقق فى هذا الاتجاه علينا إمعان النظر فى المشروعات القومية الزراعية والتى من أبرزها :
مشروع المليون ونصف فدان: فقد تم إطلاق المشروع فى ديسمبر 2015 ليمثل حجر الأساس نحو توفير مصر احتياجاتها من الطعام، ويعد أحد أعمدة المشروعات القومية الزراعية، ويشمل 13 منطقة فى 8 محافظات، تقع فى صعيد مصر وسيناء، طبقًا لحالة المناخ وتحليل التربة ودرجة ملوحة المياه وهى: قنا، وأسوان، والمنيا، والوادى الجديد، ومطروح، وجنوب سيناء، والإسماعيلية، والجيزة ، ويضم المشروع 3 مراحل: المرحلة الأولى تبلغ مساحتها 500 ألف فدان فى مناطق: الفرافرة القديمة والجديدة، ومنطقة المغرة، وامتداد الداخلة، وقرية الأمل، وتوشكى، ومنطقة غرب المراشدة؛ والمرحلة الثانية تبلغ مساحتها 490 ألف فدان فى مناطق: الفرافرة الجديدة والقديمة، وغرب كوم أمبو، والمغرة، وغرب المنيا، وشرق سيوة، وجنوب شرق المنخفض؛ أما المرحلة الثالثة فتبلغ مساحتها 510 آلاف فدان فى مناطق: الفرافرة القديمة، والطور بجنوب سيناء، وامتداد جنوب شرق المنخفض، وغرب المنيا، ومنطقة غرب.
مشروع الـ 100 ألف فدان من الصوب الزراعية: وقد تم تدشين مشروع الـ 100 ألف فدان صوبا زراعية عام 2018 لإنشاء وزراعة أكثر من 10 آلاف صوبة زراعية لتأمين غذاء المصريين بشكل صحى وآمن، وتوفير زراعات عالية الجودة فى غير موسمها الزراعى. وبانتهاء مراحل هذا المشروع سيتحقق أكثر من 1.5 مليون طن من الخضروات سنويًا؛ للإسهام فى تقليل الفجوة الغذائية فى مصر. ويتميز مشروع الصوب الزراعية بميزة تسويقية من حيث قربه من موانئ الإسكندرية ومطار برج العرب وميناء الدخيلة، ويتكامل المشروع مع شبكة الطرق القومية الجديدة.
مشروع شرق العوينات: ويقع المشروع على بعد 450 كم جنوب مدينة الخارجة بالوادى الجديد، ويعد ثانى أكبر مشروعات التنمية الزراعية المنفذة فى جنوب الوادى فى جنوب غرب مصر (بعد مشروع توشكى). ويوجد به حوالى 560 ألف فدان تقع أغلبها ضمن الأراضى الرملية والرملية الطينية التى تعد من أفضل الأراضى الصالحة للزراعة، وقد تمت زراعة 166 ألف فدان حتى الآن.
مشروع توشكى الخير: ويقع المشروع فى منطقة توشكى جنوب أسوان، وكانت فكرة إنشاء المشروع بهدف خلق وادٍ جديد فى الصحراء الغربية على مساحة 540 ألف فدان، وتصل فى المستقبل إلى مليون فدان موازٍ لوادى النيل. وبلغت تكلفة المشروع 6.4 مليار جنيه، وتم البدء فيه فى أكتوبر 2020 وقد تمت زراعة ٣٠ ألف فدان قمحا خلال أول ٣ أشهر من بداية المرحلة الأولى، إضافة إلى إنهاء تجهيز حوالى ١٠٠ ألف فدان قابلة للزراعة، وجارٍ تجهيز ١٠٠ ألف فدان أخرى بنهاية العام الجارى.
مشروع الدلتا الجديدة: فى بداية عام 2021، أعلنت الدولة عن المشروع القومى "الدلتا الجديدة"، الذى يعد أحد المشروعات الضخمة بالمجال الزراعى، حيث سيتم زراعة أكثر من مليون فدان خلال عامين فى إطار هذا المشروع. ويدخل مشروع "مستقبل مصر" ضمن نطاق مشروع الدلتا الجديدة، حيث يقع على امتداد طريق محور "روض الفرج –الضبعة الجديد" وهو الطريق الذى أنشئ ضمن المشروع القومى للطرق ويبعد ٣٠ دقيقة عن مدينة السادس من أكتوبر، وتبلغ مساحته ٥٠٠ ألف فدان.
وقد تم الانتهاء من استزراع مساحة ٢٠٠ ألف فدان باستغلال المياه الجوفية المتاحة بالمنطقة، ويتوقع أن تصل إلى ٣٥٠ ألف فدان مع بداية عام ٢٠٢٢، باستخدام ١٦٠٠ جهاز رى محورى مطور، على أن يتم زراعتها مرتين سنويًا؛ حيث تنتج أجود المحاصيل الزراعية بإجمالى استثمارات ٥ مليارات جنيه. وكذلك يدخل مشروع "جنوب محور الضبعة" ضمن نطاق مشروع الدلتا الجديدة؛ ويقع غرب مشروع مستقبل مصر على مساحة ٥٠٠ ألف فدان، بالقرب من الدلتا القديمة وشبكة الطرق والموانئ سواء البحرية أو البرية أو الجوية، ويربط بين الحدود الإدارية لمحافظات: مطروح، والبحيرة، والجيزة. ويتكلف استصلاح الفدان الواحد نحو 250 ألف جنيه.
مشروع تنمية شمال سيناء: يهدف هذا المشروع إلى إضافة مساحة قدرها 620 ألف فدان إلى الرقعة الزراعية. حيث يشمل مرحلتين: المرحلة الأولى تشمل إنشاء ترعة السلام أمام سد وهويس دمياط لاستصلاح 220 ألف فدان غرب قناة السويس، والمرحلة الثانية تشمل إنشاء سحارة أسفل قناة السويس وإنشاء ترعة الشيخ جابر الصباح لاستصلاح 400 ألف فدان شرق قناة السويس.
مشروع تنمية الريف المصرى الجديد: شركة تنمية الريف المصرى الجديد هى شركة معنية باستصلاح وتنمية المليون ونصف المليون فدان كمرحلة أولى من أربعة ملايين فدان. وهى شركة مساهمة مصرية 100%، تضم ثلاثة مساهمين حكوميين هى: وزارة المالية، والهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية بوزارة الزراعة واستصلاح الأراضى، وهيئة المجتمعات العمرانية الجديدة بوزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية. ويشتهر المشروع بزراعة بعض المحاصيل منها: الشعير، وبنجر السكر، والزيتون، والفول، والرمان، وبعض المحاصيل العطرية والطبية، إضافة إلى زراعة حوالى 1500 فدان قمحا فى عام 2021 ومن المتوقع تهيئة التربة لزراعة مساحة أكبر من القمح فى السنوات القادمة.
وأخيراً فإنه يمكننا القول إن الزراعة المصرية تسير فى الاتجاه الصحيح نحو تحقيق الاكتفاء الذاتى من مجموعة متنوعة من المحاصيل الزراعية. التحديات مازالت موجودة، ولكن مع الرؤية الصحيحة والعمل المستمر، يمكن لمصر تحقيق أهدافها الزراعية والأمن الغذائى لشعبها.