محمد فودة يكتب: عمرو دياب.. الرقم الصعب فى معادلة التميز
◄يمتلك "خلطة سرية" تمنحه الحيوية والنشاط والشباب الدائم
◄احتفظ بحيويته وتألقه فأصبح سفيرًا للأغنية المصرية فى العالم
◄"قاهر الزمن" يشع توهجًا وإبداعًا ويضىء الدنيا بأغانيه التى تصنع البهجة
◄كلمات أغانيه الراقية جعلته المتحدث الرسمى باسم الحب والمشاعر الإنسانية الصادقة
◄أغانيه متجددة ومتطورة وصاحب بريق دائم لا ينطفئ
يدهشنى دائما عمرو دياب بحضوره القوى وبقدرته الفائقة على صنع البهجة فى نفوس محبيه وعشاق فنه الجميل وهو ما لم يأت من فراغ بل هو انعكاس طبيعى لحالة الحب التى اختار أن يعيش تفاصيلها بكل ما تحمله من بهجة، فاللقاء مع عمرو دياب يجعلنى على يقين تام بأنه بعيداً عن كونه فنانا كبيراً يتمتع بجماهيرية طاغية فهو أيضاً إنسان كبير بكل ما تحمله الكلمة من معنى وأكاد أجزم بأنه يمتلك مستودعاً من المشاعر الإنسانية الراقية يتصرف فيه كيفما يشاء، ليس هذا فحسب بل إننى على قناعة تامة أيضاً بأنه يقف فوق بئر عميقة من الأحاسيس الصادقة والحقيقية فكلما اغترف منها جزءاً من تلك الأحاسيس نجدها تتجدد بشكل لافت للنظر وتزداد أكثر وأكثر وكأن تلك الصفات النبيلة التى يتحلى بها عمرو دياب الفنان والإنسان على حد سواء لا أول لها ولا آخر ، لأنها مشاعر تصدر من القلب دون زيف أو تضليل فتدخل القلوب بلا استئذان. وللحق فما رأيته بعينى فى باريس من مصافحة الشعب المصرى لعمرو دياب، يجعلنى أؤكد أن عمرو دياب سفير مصر فى العالم، وأنه فنان عالمى بكل ما تحمل الكلمة من معنى. فالفرنسيون يقابلونه بالترحاب والإعجاب الشديد، ويستمعون إلى أغانيه ويرددونها معه، وقد رأيت ذلك بنفسى فى احتفالية خاصة حضرتها، ولم أشعر بمثل هذا الارتقاء الفنى والسمو الروحى، مثلما عشت هذا الحفل، فعلى قدر ما رأيت من احتفالات موسيقية، إلا أننى مارأت عينى وما سمعت أذنى بمثل هذا الإبداع والتفاعل الحى مع الجمهور.. كان الجو دافئا برغم برودة الطقس، وأغانى عمرو دياب تأخذنى إلى قمة السحب، وتسقط بى موسيقاه فوق أحلام الشباب، وكلماته تمس العقل قبل القلب، إنه عمرو حين يغنى، قمة الإحساس والتجاوب مع الجمهور، الأغانى الحميمية دافئة تطرد البرد القارس، وتبقى فى الوجدان ساكنة تشهد لهذا النجم المتوهج دائما، تحس بأن هناك كيمياء غريبة تجمع بينه وبين جمهوره، وأن هذه الكيمياء هى التى تستخرج من الناس مشاعر جديدة وعواطف غير المعروفة وتحنو على أعصابهم فى هدوء ونشوة، حالة من التلاقى بين الأرواح، ولا نجدها إلا عند هذا العملاق الذى تخطى الأساطير، وللحق أيضا فالناس فى باريس يعشقون الهضبة، إذ لا تزال باريس بهذا العبق القديم بل صارت أكثر شبابا وحيوية وثقة، هذه باريس التى زرتها أكثر من مرة، وفى كل مرة أراها تتجدد وتتحور وتواصل السعى نحو الإصلاح والتغيير. إن عمرو دياب الفنان والإنسان يستحق الكثير والكثير تقديرا لفنه الجميل وإبداعه المتجدد فمنذ بداياته وهو يخلص لفنه ولجمهوره ولم نجده فى يوم من الأيام متورطاً فى تقديم أغنية من أجل التواجد فقط ، فالغناء بالنسبة له مثل الماء والهواء وهو ما يجعله دائماً كله شباب وحيوية ونشاط وكأنه يتنفس حباً، إنه يشعرنى بأنه يمتلك خلطة سرية يستطيع من خلالها أن يوقف الزمن ويبعد عنه تجاعيد الأيام فيمنحنا يوما بعد الآخر إبداعاً يفيض بالحيوية المتدفقة وهو ما جعلنى أطلق عليه من قبل لقب (قاهر الزمن) فهو بالفعل استطاع وعن جدارة أن يقهر الزمن ويجعل الأيام تحت طوعه فيخرج علينا من حين لآخر بشكل جديد يتحول بين ليلة وضحاها إلى موضة شبابية يتعلق بها جيل الشباب الذين يرون فيه المثل والقدوة من حيث التمسك بالروح الشبابية خاصة أنه لا يعترف بالزمن ولا يتوقف أمام السنين فالأيام تمر أمامه دون أن توقفه عن طموحه الفنى والذى وضعه لنفسه منذ البدايات وهو أن يظل فى المقدمة بفنه الحقيقى وبإبداعه الصادق وبإخلاصه للذوق والفن الجميل دون أن ينجرف فى تيار الإسفاف والهبوط الذى يحقق لأصحابه نجومية مؤقتة وشهرة زائفة وهنا فى تقديرى الشخصى يكمن السر وراء احتفاظ عمرو دياب بنجوميته وتألقه وسط الكثيرين من أبناء جيله الذين أغرتهم تيارات الهبوط بحجة أن "الجمهور عايز كده" فنجد الكثير منهم قد اختفى فجأة وأصبح مجرد ذكرى بينما عمرو دياب مازال فى المقدمة.
لذا سيظل عمرو دياب دائماً فى "القمة" وسيظل دائما وأبداً فناناً كبيراً صاحب تاريخ طويل ومشوار جدير بالاحترام مع الأغنية وهو ما يجعله فى تقديرى يستحق وعن جدارة أن يصبح أيقونة وأسطورة الغناء وأن يظل أيضاً النجم الأوحد الجدير بالتقدير والحب والاحترام، فعمرو دياب من المطربين القلائل الذين يحترمون أذواق جمهورهم المتفاوتة بل يسعى جاهداً لإرضاء هذا الجمهور الذى هو فى حقيقة الأمر يمثل مختلف الأجيال وهو ما دفعه إلى الحرص على تقديم ألوان وأشكال مختلفة من الأغنيات فحقق شهرة كبيرة ليس فى مصر فقط بل فى العالم أيضاً.فأصبح وعن جدارة يمثل حالة خاصة جداً نسجها لنفسه بنفسه فحينما قدم منذ عدة سنوات أغنيته الشهيرة «أنا مهما كبرت صغير» كأنه كان يعبر من خلالها عن شخصيته الحقيقية وعن حرصه على أن يظل كبيراً فى ساحة الغناء ولكن بروح شبابية فتلك الأغنية تتناسب بالفعل مع شخصيته وملامح وجهه فحينما تراه وجها لوجه وتتحدث إليه فإنه يبدو كأنه ما زال شابًا صغيرًا فى قمة تألقه وحيويته بابتسامته الصافية النقية وأعتقد أن لياقته البدنية كانت أحد أهم أسباب هذا التألق ، فهو منذ بداياته ظل حريصًا -كل الحرص- على التغيير المستمر فى الأغنيات التى يقدمها لجمهوره مع التركيز على إضافة كل ما هو جديد إلى الموسيقى والأغانى والكليبات التى يقدمها مما كان له عظيم الأثر فى أن تسهم هذه الصفات وبشكل كبير فى تأهيله للحصول على جوائز عالمية من قبل منها على سبيل المثال «ميوزيك أوورد» المصنفة فى مقدمة الجوائز العالمية التى لا يحصل عليها إلا المطرب المجدد أو صاحب البصمة المتميزة فى مجال الموسيقى والغناء.
وعمرو دياب بالفعل هو صاحب بصمة قوية ومهمة وهو ما قام به عبر مشوار فنى طويل بدأه بـ6 ألبومات غنائية فى حقبة الثمانينيات تضمنت ألبومات: «يا طريق، غنى من قلبك، هلا هلا، خالصين، شوقنا، ميال»، أما نقطة التحول الحقيقية فى مسيرته الغنائية، والتى من خلالها استطاع أن يضع أقدامه على أعتاب خريطة النجوم العالميين، فهى فى حقبة التسعينيات فقد تألق " الهضبة" بـإصدار 11 ألبومًا غنائيًا جديدًا تضمن أغانى: «ماتخافيش، حبيبى، آيس كريم فى جليم، أيامنا، يا عمرنا، ذكريات، ويلومونى، راجعين، نور العين، عودونى، قمرين» وظل عمرو دياب ينتقل من مرحلة إلى أخرى بسلاسة ونجومية وتألق وأعتقد أن سر هذا التألق للهضبة أنه مازال يسعى لتقديم أنواع جديدة من الموسيقى، ليبقى القائد الفنى العملاق الذى يتبعه كل من يريد التميز فى هذا المجال بل إنه أصبح وعن جدارة المتحدث الرسمى للحب والمشاعر الإنسانية الصادقة.