الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب: الـــــرجال مــواقـفـهــا أسـامــيــها

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشفية

- السيــسى و«المعارضة» فى القصر.. مشهد يليق بمصر  

- ماذا سيفعل السيسي في حرب غزة؟.. وخطة مواجهة التهجير باستراتيجية الأمر الواقع

- متى يظهر "العين الحمراء" للحيتان؟.. وكواليس عملية تهذيب الأسواق الجشعة

- ما هو الدور القادم للمستشار محمود فوزي بعد قيادة الحملة الانتخابية للرئيس

- هل يستمر مدبولي رئيسا للوزراء؟.. وما حقيقة ترشيح محمود محي الدين

- متى يحلف اليمين الدستورية أمام مجلس النواب؟.. ومن يقود الحكومة الجديدة؟

لا وصف أقل من "ملحمة" يمكنه التعبير عما فعله المصريون فى الانتخابات الرئاسية 2024. لقد صنع الشعب معجزة ولا أقل من ذلك؛ فنسبة الإقبال على الصناديق لم تشهدها مصر فى تاريخها من قبل.. وهو ما حير المحللين والمتابعين، فى الداخل والخارج، ثم كان مسك الختام بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسى بولاية جديدة مدتها 6 سنوات، تبدأ فى 2024 وتنتهى فى 2030.

ولا أبالغ حين أقول إن انتخابات الرئاسة 2024 أتت تأكيدًا لإرادة الشعب المصرى، ودليلا قويا على أن النزاهة والشفافية هما السبيل لإرساء قواعد الديمقراطية السليمة، فوفقًا للهيئة الوطنية للانتخابات اقتربت نسبة المشاركة من 67%، متخطية كافة نسب المشاركة فى أى انتخابات سابقة، حيث بلغت نسبة المشاركة فى انتخابات الرئاسة عام 2018 حوالى 41% مقابل 47.45% فى انتخابات 2014، وبالتالى اعتبرت الانتخابات الرئاسية 2024 خطوة رئيسة فى مسار الدولة نحو التحول الديمقراطى، والتعددية الحزبية والتنافسية السياسية.

ثم كان هذا المشهد الرائع باستقبال الرئيس السيسى منافسيه فى الانتخابات وهم: السيد حازم عمر رئيس حزب الشعب الجمهورى، والسيد فريد زهران رئيس الحزب المصرى الديمقراطى الاجتماعى، والسيد عبد السند يمامة رئيس حزب الوفد، وذلك بحضور المستشار محمود فوزى رئيس الحملة الانتخابية للرئيس.

فى هذا اللقاء أكد الرئيس تقديره لأدائهم السياسى خلال العملية الانتخابية، على النحو الذى يثرى التعددية والتنوع فى المشهد السياسى والديمقراطى المصرى، ومشيراً إلى أن النجاح الحقيقى لمصر كلها تمثل فى مستويات المشاركة العالية وغير المسبوقة من المواطنين فى الانتخابات، بما عكس وعى الشعب المصرى العظيم بمسئوليته الوطنية.

أما السادة المرشحون الرئاسيون فقد حرصوا على توجيه التهنئة للرئيس، مشيدين بنجاح العملية الانتخابية وبالإقبال الهائل من المواطنين على المشاركة فى الانتخابات بما يتفق والمصلحة الوطنية العليا، ومعربين عن خالص تمنياتهم للرئيس بالتوفيق والسداد لما يحقق مصالح الوطن، التى تعد الهدف الأسمى لكافة الأطياف السياسية الوطنية، خاصة فى هذا التوقيت الدقيق الذى تمر فيه المنطقة بتحديات جسيمة.

ثم عرضوا لرؤاهم السياسية حول كيفية تعزيز جهود التنمية الوطنية خلال المرحلة المقبلة، مؤكدين استمرارهم فى العمل بما يخدم مصلحة مصر والمواطنين، حيث ثمّن الرئيس من جانبه الرؤى المطروحة، مؤكداً أن الحوار بين مختلف الأطياف السياسية فى المجتمع يعد مكوناً جوهرياً لتطور المجتمع، وسمة أساسية للجمهورية الجديدة.

وقد يسأل كثيرون عن سر هذا الإقبال الكبير فى الانتخابات.. والتحليل يمكن أن يمتد لمناحٍ كثيرة.. لكننى أرى أسبابا أساسية لهذا الإقبال.. أولها: الاهتمام بالشباب الذى عد ركيزة أساسية فى خطة الدولة وإستراتيجيتها لبناء الإنسان المصرى، خصوصًا وأن 60% من المجتمع المصرى من فئة الشباب، حيث تبنت الدولة تجربة فريدة للعمل على تأهيلهم وتدريبهم فى عدة تخصصات، فرفعت الدولة شعار التأهيل أولًا ثم التمكين، فتم تقديم نموذج للحوار القائم على الأهداف والرؤى المشتركة، من أجل تنمية الحياة السياسية وتقديم مشروع وطنى يجمع كل الأطياف، وهى "تنسيقية شباب الأحزاب" وتضم 27 حزبًا ومجموعة من السياسيين المستقلين.

هذا بالإضافة إلى البرامج التدريبية لعدد كبير من الشباب قامت بها الأكاديمية الوطنية للتدريب والتأهيل، حتى رأينا الشباب فى مواقع تنفيذية مهمة منها نواب للوزراء والمحافظين ونواب المحافظين، بالإضافة إلى الوصول إلى مجلسى الشيوخ والنواب، فمثلًا بلغ عدد الأعضاء من الشباب تحت سن الأربعين بمجلس النواب فى دورته الحالية 2021-2026، نحو 124 نائبًا بنسبة 21% من إجمالى عدد النواب بالبرلمان.

هذا إلى جانب الاهتمام بالمرأة حيث تمثل المرأة حوالى 48% من المجتمع المصرى، وبالتالى وضعت الدولة المصرية ملف تعزيز وترسيخ حقوق المرأة فى المجتمع على قائمة الأولويات والإستراتيجيات الوطنية، حيث عززت من خطواتها على المستوى الوطنى من أجل دعم المرأة وتمكينها سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا إلى جانب توفير كل أوجه الرعاية والحماية لها، إدراكًا وإيمانًا بجدارتها وقدرتها على القيادة والريادة على أعلى مستوى، فضلًا عن كونها لاعبًا أساسيا فى عمليات التنمية المستدامة، حيث تم الانطلاق فى عام 2021 نحو تقدم المرأة للتعيين فى مجلس الدولة والنيابة العامة، وشغل المرأة نسبة 28% من مجلس النواب، ونسبة 14% من مجلس الشيوخ، ونسبة 25% من الحقائب الوزارية وغيرها من الإجراءات التى ساهمت فى تدعيم وتمكين المرأة اقتصاديًا واجتماعيًا، وبالتالى جاء حضور ووجود المرأة فى الانتخابات الرئاسية 2024 قويا وكثيفا وترجمة حقيقية للدور الفعال والمؤثر للخطوات التى قامت بها الدولة فى فتراتها الماضية.

فضلا عن الاهتمام بذوى الهمم؛ فقد شهدت مصر فى الآونة الأخيرة، خاصة فى السنوات الماضية، تقدمًا ملحوظًا فى مجال دعم وتمكين الأشخاص ذوى الهمم، وذلك من خلال خلق مساحة ومناخ ملائم لتضافر جهود كل شرائح المجتمع من مؤسسات أكاديمية وتشريعية وغير ذلك لدعم أصحاب الهمم والقدرات الخاصة، إذ تم توجيه استثمارات عامة لخدمة ذوى الاحتياجات الخاصة تقدر بمليار جنيه خلال عامى 2020/19 و2021/20 لتنفيذ 96 مشروعًا تنمويًا، تمثلت أهدافها الرئيسة فى التمكين السياسى والاقتصادى والاجتماعى لهذه الفئة، والعمل على تحويلها من فئة مستهلكة إلى فئة منتجة، وبالتالى وجدنا حضورا كثيفا من ذوى الهمم خصوصًا فى ظل إصرار الهيئة الوطنية للانتخابات على تيسير كافة السُبل وإزالة كل العقبات لضمان تمثيل كافة الفئات فى هذا الاستحقاق الدستورى، إذ تم توفير نموذج بطاقات الاقتراع بطريقة برايل للمكفوفين لأول مرة فى تاريخ الاستحقاقات الرئاسية، بالإضافة إلى الإرشادات على الحوائط لذوى الإعاقات السمعية.

كما حرصت الدولة على التواصل المستمر مع المصريين بالخارج من خلال العمل على ربطهم بالدولة، فلقد بلغ عدد المصريين بالخارج حوالى 14 مليون مصرى، وترجمت الدولة اهتمامها بهم من خلال إنشاء وزارة الدولة للهجرة وشؤون المصريين بالخارج سنة 2015 لتقديم الدعم الكامل لهم وحل المشكلات التى تواجههم. وإطلاق منظومة خدمة المواطنين والبوابة الإلكترونية والخط الساخن لحل مشكلات المصريين بالخارج استفاد منها 1.6 مليون مواطن، إلى جانب إطلاق النسخة الرابعة من مؤتمر «المصريين بالخارج» فى يوليو بمشاركة نحو 1000 مصرى بالخارج من أكثر من 56 دولة حول العالم، من بينهم ممثلون عن 66 رابطة جالية للمصريين بالخارج، هذا بالإضافة إلى العديد من المبادرات وبرامج الشراكة والتوأمة التى قامت بها الدولة ضمانًا لتعزيز أواصر الترابط بين المصريين فى الخارج بوطنهم مصر، وتمت ترجمة هذا الأمر من خلال الإقبال الخارجى الواسع على الانتخابات الرئاسية 2024 فى ظل التحديات اللوجستية وبعد المسافات وتقلبات الأحوال الجوية إلا أن إرادة المصريين فى الخارج كانت فوق أى تحدٍ. 

أيضا اعتبر الحوار الوطنى دليلا قويا على فتح المجال العام وأداة أساسية لدعم وتعزيز حرية الرأى والتعبير فى مصر، والذى تم إطلاقه فى أبريل 2022، وسط مشاركة من مختلف فئات المجتمع المصرى المعارضين قبل المؤيدين من مختلف التكتلات الحزبية والكيانات الشبابية ومنظمات المجتمع المدنى الحقوقية والتنموية والخيرية وحتى المستقلين، حيث تم مناقشة 113 قضية فى المحور السياسى، والمحور الاقتصادى، بالإضافة إلى المحور الاجتماعى، هذا  ولم يكن هناك خطوط حمراء فلقد طُرحت كافة القضايا للنقاش للوصول بالدولة وتحقيق أهدافها، من أجل مناقشة أولويات العمل الوطنى للمُضى قدمًا فى بناء دولة ديمقراطية مدنية حديثة، وهو ما أكده الرئيس السيسى فى كلمته عقب إعلان فوزه بالانتخابات الرئاسية 2024 بدعوة الجميع لاستكمال جلسات الحوار الوطنى.

وأقول لكم إن المشاركة فى الانتخابات الرئاسية 2024 جاءت معبرة عن مدى الفهم والإدراك للمصريين بالتحديات الإقليمية والدولية المحيطة بالدولة المصرية، فاشتعال الحرب على الحدود الشرقية ومخطط التهجير الإسرائيلى بالإضافة إلى احتدام الصراع على الحدود الجنوبية أصبح مفهوما للمواطن المصرى بصورة كبيرة، فالمواطن المصرى أدرك تمام الإدراك أن مصر تعد واحدة من الدول الرائدة فى المنطقة العربية والشرق الأوسط، ولها تأثير كبير على صناعة القرارات الدولية، وبمشاركته السياسية فى الانتخابات الرئاسية منح الفرصة لممثله السياسى للتأثير على القرارات الدولية التى تؤثر فى مصر والمنطقة بشكل عام.

والآن بعد هذا النجاح تبدأ الدولة المصرية معاركها الكبرى.. أولاها داخلى يتعلق بضرورة السيطرة على فوضى الأسعار.. وهذا بالتأكيد يتطلب حكومة قوية.. وهنا النقاش يدور بين الإبقاء على الدكتور مصطفى مدبولى رئيسا للوزراء وتطعيم حكومته بعناصر جديدة.. أو الدفع برئيس جديد للحكومة.. وهنا يظهر اسم الاقتصادى اللامع محمود محيى الدين.

ومن المقرر أن يؤدى الرئيس اليمين الدستورية أمام مجلس النواب فى أبريل المقبل.. وبعدها يمكن أن يبرز سؤال حول تعيين نائب للرئيس من عدمه.. وما الدور الذى يمكن أن يلعبه المستشار محمود فوزى؟.. وقبل كل ذلك كيف ستتعامل مصر مع الخطر على حدودها؟

ودائما وأبدا.. تحيا مصر.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تم نسخ الرابط