الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يرصد دراما رمضان: فوضى الترند تصيب المشاهدين بخيبة الأمل

الشورى

أعمال درامية هابطة تتصدر الترند ونجوم فقدوا بريقهم 

"السوشيال ميديا" تحولت إلى "محكمة" أون لاين لتقديم تقييمات "حسب الطلب"

غاب النقد فتحولت الدراما الرمضانية إلى "سمك لبن تمر هندى"!

 سقوط النجوم فى "وحل" الأكاذيب عبر السوشيال ميديا بداية انهيارهم فنيا

فى ظل السباق الدرامى الرمضانى لعام 2024، نشهد الآن ما يمكن وصفه بفوضى الدراما الرديئة التى تتسابق بشتى الطرق  لخطف أنظار المشاهدين، معتمدة على مضمون هابط وإفيهات قديمة وتافهة تفتقر إلى القيم والجودة الفنية، مما يطرح علينا سؤالاً مهماً : إلى أين تتجه الدراما المصرية؟

وقبل أن نجيب عن هذا التساؤل فإنه ينبغى علينا أن نضع فى الاعتبار مسألة فى غاية الأهمية هى أن منصات السوشيال ميديا أصبحت ميداناً للترويج والتحكيم الذاتى، حيث نجد البعض يصنعون لأنفسهم ترندات وهمية للترويج لمسلسلات دون غيرها ، بل تطالعنا كل يوم هذه الشبكة العنكبوتية، بمجموعة من الأحكام التى يصدرها البعض بناءً على ردود فعل عابرة وليس بناءً على تقييم أو نقد فنى موضوعى بل إنها تصدر فى كثير من الأحيان وفق أهواء شخصية وبمقابل مالى وبالتالى تصبح النتيجة فى صالح من يدفع أكثر .

وللأسف الشديد فإن كثيرا من الأعمال التى يتم عرضها على الشاشات منذ بداية رمضان هذا العام تعتمد على ما يمكن أن نطلق عليه اسم إستراتيجية "الصدمة البصرية" بدلاً من تقديم محتوى ذى قيمة ، فهذه الأعمال، وإن حققت نجاحاً زائفاً فى بدايتها فإنها سرعان ما تختفى من الذاكرة تماماً مثل فقاعات الهواء، لأنها فى حقيقة الأمر لا ترقى لأن تكون جزءاً من التراث الثقافى والفنى الذى يبقى ويدوم .

وبينما أتابع دراما رمضان هذا العام لاحظت تراجعاً ملحوظاً فى أداء مجموعة من النجوم ، فمن الأعمال الدرامية التى لم تحقق النجاح المتوقع منها مسلسل «بيت الرفاعى»، للنجم أمير كرارة الذى يتعاون فيه مع المخرج الكبير أحمد نادر جلال، ويشاركه عدد من النجوم وهم أحمد رزق وأحمد فؤاد سليم وسيد رجب وميرنا جميل وهو مسلسل من تأليف بيتر ميمى، وللأسف المسلسل لم يشعر به أحد ولم يحقق نفس النجاحات التى حققها أمير كرارة من قبل فى "كلبش والاختيار" فقد كان يتربع على القمة مع بداية عرض الحلقات، عكس هذا العام، وكأنه يعيش أسوأ حالاته الفنية، وكذلك مسلسل "إمبراطورية ميم" للنجم خالد النبوى  والمأخوذ عن رواية الكاتب الكبير إحسان عبد القدوس، بمعالجة الكاتب محمد سليمان عبد المالك وإخراج محمد سلامة، وتلعب الفنانة حلا شيحة دور البطولة أمام خالد النبوى ويضم المسلسل عددا كبيرا من النجوم الشباب منهم هاجر السراج، نور النبوى، إيمان السيد، نورهان منصور، إلهام صفى الدين، منى أحمد زاهر، عبدالله سعد، ريمون توفيق وتدور أحداثه فى إطار اجتماعى تشويقى، ويضم المسلسل 30 حلقة، يناقش خلالها العديد من القضايا الأسرية والعلاقة بين الآباء والأبناء بمختلف أعمارهم.

وفى نفس سياق الانهيار نجد تراجع مستوى مسلسل "الكبير أوى" الجزء الثامن، على غير الأجزاء السابقة ولم يحقق نفس النجاحات التى حققتها الأجزاء السابقة، ويشارك فى بطولة العمل كل من أحمد مكى، وبيومى فؤاد، وهشام إسماعيل، ومحمد سلام، ورحمة أحمد، وليلى عز العرب، ومصطفى غريب، ومصطفى أبوسريع، وغيرهم من النجوم كضيوف شرف، العمل من تأليف مصطفى صقر، وإخراج أحمد الجندى ..وكأن الجزء الحالى من "الكبير أوي" يبدو وكأنه سمك لبن تمر هندى . وبكل تأكيد فإن هذا التراجع لا يعكس فقط حالة فنان كبير كنا نلتف حول أعماله من قبل ، بل يُسلط الضوء على أزمة أكبر تتمثل فى المحتوى الذى قد يقود الفنانين إلى تقديم أية أعمال حتى وإن كانت دون المستوى من الناحية الإبداعية.

ويبدو أن "مهزلة الترند" أصبحت ظاهرة شائعة، حيث تُصنع الصدارة على منصات السوشيال ميديا بخطط ممنهجة قد لا تعكس الواقع الفعلى لنسب المشاهدة ، وهذه الأعمال، التى قد تكون فى الحضيض من ناحية المضمون والجودة، تصعد إلى قائمة الأكثر مشاهدة بفعل الحملات الترويجية المكثفة وليس بسبب فعلى للتأثير الإيجابى على المشاهد.

الفارق بين الحقائق والأكاذيب على السوشيال ميديا أصبح غامضًا، والقدرة على التمييز بينهما تتطلب يقظة ووعيًا نقديًا ، لأن البعض وللأسف الشديد يحترف تضليل الجمهور، فيقلب الحقائق ويخلق صورة ذهنية مغايرة للواقع، مما يستدعى التصدى لهذه الظاهرة وتوعية الجمهور للتمييز بين المحتوى الجيد والسيئ.

والحق يقال فإننى وبعد أسبوع من المتابعة لدراما رمضان هذا العام أشعر بحالة من الحزن الشديد على ما وصلت إليه الدراما المصرية، من تدهور ، خاصة بعد أن أصبح الشغل الشاغل لمجموعة من الفنانين هو الظهور والتأثير السريع دون النظر إلى الجودة الفنية أو المحتوى الذى يقدمونه فى أعمالهم. إنها أزمة  الصراع بين الكم والكيف، حيث يبدو أن الكم قد فاز فى هذه المعركة على حساب الكيف.

لذا نجد أن الأعمال التى تفتقر إلى العمق الفنى والابتكار تخلق جوًا من الشبع السريع، ولكنها لا تترك أثرًا دائمًا فى الذاكرة الثقافية ، وكما فى الطعام السريع، قد يشعر المشاهد بالإشباع المؤقت، لكنه سرعان ما يشعر بالجوع الحقيقى للمحتوى الهادف والمغذى.

الأمر الذى يدفعنى للقول بأننا فى أمس الحاجة لوقفة إنتاجية جادة وإعادة تقييم لمسار الدراما فى ضوء هذا الكم الهائل من الفوضى والارتجال فى الموضوعات ، حيث يجب على صناع الدراما والمعنيين بالشأن الثقافى أن يفكروا فى إستراتيجيات بعيدة المدى تهدف إلى تسليط الضوء على قضايا ذات صلة بالمجتمع وتحمل رسائل مؤثرة.

كما يتعين على الجهات الإنتاجية أن تتبنى معايير أكثر صرامة فى اختيار المشاريع الدرامية، مع التركيز على النصوص القوية والقصص المؤثرة التى تستحق أن يتم تقديمها فى أعمال درامية  راقية تظل وتبقى فى ذاكرة المشاهدين ، فالدراما الجيدة هى تلك التى تعيش فى وجدان المشاهدين وتترك بصمة فى ذاكرة الوطن.

ومن المهم أن يكون هناك حوار مفتوح بين الصناع والجمهور لإعادة تعريف أولويات الدراما وأهدافها. يجب أن يسود الإبداع على الابتذال، والقيمة على الشهرة الزائفة، والجودة على الكمية. لنتذكر دومًا أن الفن رسالة نبيلة ومؤثرة وليس مجرد وسيلة للترفيه.

فى النهاية، يبقى الأمل معقودًا على أن تشهد الدراما المصرية نهضة تعيدها إلى مكانتها كمرآة تعكس واقع المجتمع بكل تعقيداته وتحدياته وجمالياته ، فلتكن الدراما مصدر إلهام وفخر، لا مصدر إحباط وارتباك.  

تم نسخ الرابط