يعد الفن والثقافة أحد أهم ركائز المجتمع فهما يعكسان قيمه وتاريخه وروحه، ومن الأمور المحزنة أن نشهد تدهور الذوق العام والانحدار الأخلاقى الذى يصاحب هذا التدهور فى أعمال تافهة ومسيئة تهدف إلى تشويه الأذواق وإفساد الأجيال الجديدة ومن بين هذه الأعمال الهابطة كانت المساس بشخصية كوكب الشرق أم كلثوم، نقطة فاصلة فى هذا الانحدار الأخلاقى المقيت الذى نعيشه.
تمتاز الثقافة المصرية والعربية بتاريخ طويل من الفن الجميل والإبداع الراقى ولم يكن هذا الإرث الثقافى يأتى بسهولة، بل كان نتاجًا لجهود الكثير من الفنانين والمبدعين الذين عبّروا عن هويتهم وروحهم الفنية بأسلوب فريد وعميق. وكان لأم كلثوم مكانة خاصة فى قلوب المصريين والعرب، فقد أسست لنفسها سمعة استثنائية كأحد أعظم الأصوات فى تاريخ الموسيقى العربية ومن المؤسف أن نشهد السخرية والاستخفاف بهذه الشخصية العظيمة.
تعد الأعمال الفنية الهابطة والتافهة التى تستهدف شخصيات مثل أم كلثوم واحدة من أبرز مظاهر الانحدار الأخلاقى والذوق العام المنحط فقد تم توجيه السخرية والتجنى على أم كلثوم فى أحد البرامج التلفزيونية حيث تم تقديم سكيتش غنائى سخيف يسخر من شخصيتها وأعمالها وهذا العمل السطحى والمبتذل لا يعكس سوى الإفلاس الفنى والأخلاقى الذى يجعل من الفن أداة لتشويه الأذواق والمساهمة فى تفسيدها.
يشكل تأثير الفن الهابط والأعمال التافهة خطرًا على الأجيال الجديدة فعندما يتعرض التراث الفنى والثقافى للتشويه والاستخفاف، يفقد المجتمع الحاضر والمستقبل جزءا هاما وثمينا من هويته وتراثه فقد شهدنا سابقًا تجاوبًا سلبيًا ومؤلمًا من قبل الجمهور تجاه أعمال فنية تشوه الفن المصرى وتسيء لرموزه العظيمة فعلى سبيل المثال، عندما تم تقديم أغنية لأم كلثوم بطريقة غريبة ومشوهة فى أحد الأفلام، انتفضت الجماهير رافضة هذا التجاوز على كوكب الشرق.
من الضرورى أن نتحلى بالحياء والإحساس بالمسؤولية عندما نتعامل مع الفن والثقافة، ينبغى ألا تكون المواكب الفنية الهابطة والتافهة فى صدارة المشهد الثقافى، فذلك سيؤدى إلى اندثار عصر من الإبداع الراقى والفن الجميل، يجب أن نحمى تراثنا الثقافى ونعتز به، وعلينا أن نتجنب تشويهه وإساءة استخدامه فى أعمال فنية ساقطة تهدف إلى تحقير رموزنا العظيمة.
ليس لدينا سوى أم كلثوم واحدة، وهى شخصية فريدة وعظيمة تستحق الاحترام والتقدير، اختلف واتفق معها إلا أنه لا يجب أن ندع هذه الأعمال التافهة تفسد ذوق الأجيال القادمة، علينا أن نحرص على أن يجد الشباب فى الماضى أمثالًا تحميهم من تأثيرات الفن الرخيص وتساهم فى بناء ذوقهم الفنى.
إن الانحدار الأخلاقى وانخفاض الذوق العام يشكلان تحديات كبيرة تواجه المجتمعات فى العصر الحديث. يجب أن نتحلى بالوعى والمسؤولية فى اختيارنا الأعمال الفنية التى نتابعها ونشجب الأعمال التى تستهدف تشويه الأذواق وتدنى مستوى الفن. علينا أن نحمى تراثنا الثقافى ونسهم فى تنمية الفن الجميل والإبداع الراقى بالحفاظ على تراثنا واحترام رموزه العظيمة مثل أم كلثوم، يمكننا أن نبنى مستقبلًا يعكس قيم الفن والثقافة الراقية.
فالأعمال الفنية التافهة لها أثر سلبى كبير على الشباب والأجيال الجديدة، وذلك لأنها تعمل على تشويه الأذواق عندما يتعرض الشباب للأعمال الفنية التافهة التى تفتقر للجودة والقيمة الفنية، فإنه يمكن أن يتشوه ذوقهم الفنى قد يتعودون على الأعمال السطحية والمبتذلة، وبالتالى يفقدون القدرة على تمييز الفن الراقى والإبداع الحقيقى.
وتصدر لهم تلك الأعمال نقص القيم والمعانى المراد توجيهه فى سياق تلك الأعمال فالأعمال الفنية التافهة غالبًا ما تكون فارغة من القيم والمعانى العميقة قد تركز على العناصر السطحية مثل الجاذبية الجسدية والمشاهد العنيفة، دون تقديم رسائل ذات مغزى أو قيمة ثقافية وهذا يؤثر سلبًا على تطور وتنمية تفكير وتصور الشباب، كما أنها ذات تأثير سلبى على السلوك فالأعمال الفنية التافهة قد تحتوى على مشاهد عنف أو سلوكيات غير أخلاقية وغير مناسبة لطباع مجتمعنا وقد يتأثر الشباب بتلك المشاهد ويعتقدون أنها مقبولة أو تمثل مثالًا يحتذى به، وهذا يمكن أن يؤدى إلى تأثير سلبى على سلوكهم وتشجيعهم على تبنى سلوكيات غير مقبولة أو ضارة، وهذا ما ننادى به ونصرخ منذ سنوات منه ونُطالب بتدخل الدولة وإيقافه.
هذه الأعمال غير المسؤولة أو ربما الموجهة تؤدى إلى ضياع التراث الثقافى فعندما يتم استهداف الأعمال الفنية التقليدية والأيقونات الثقافية الأصيلة يمكن أن يؤدى ذلك إلى ضياع التراث الثقافى للأجيال الجديدة فالشباب يحتاجون إلى تعرض للفن والثقافة التقليدية لكى يتعرفوا على هويتهم الثقافية ويرتبطوا بها وعندما يُقلل من أهمية هذا التراث ويسخر منه، يفقد الشباب فرصة الاتصال بجذورهم وتراثهم الثقافى.
لذا، فإن الأعمال الفنية التافهة تمثل تهديدًا حقيقيًا للشباب والأجيال الجديدة، حيث تؤثر سلبًا على ذوقهم الفنى وقيمهم وسلوكهم، وتسهم فى تفكك التراث الثقافى فيجب أن نكون حذرين فى اختيارنا الأعمال الفنية التى نتعامل معها ونسعى لتعزيز الفن الراقى والإبداع الذى يساهم فى تنمية الفكر والثقافة لدى الشباب والأجيال الجديدة وهى مسؤوليتنا الأولى ولن يرحمنا التاريخ إذا تركنا تراثنا للتشويه دون تدخل ومقاومة.
من جديد أعلنها لنْ أمل الحديث عن هذه الرِدّة الأخلاقية التى نعيشها لا أعلم متى سينقذنا أحد من هذا الانحدار الأخلاقى الذى نعيشه، لنْ أمل من الحديث لعل أحدهم يسمعنى ويتعاون معى فنقاوم هذه الظاهرة التى اجتاحت بيوتنا وشوارعنا وأماكنا العامة بلا رحمة، ظاهرة قادرة على قتلنا جميعًا واجتماعيًا أخلاقيًا ومعنويًا ومهنيًا ومعيشيًا، نعيش فى عصر انعدمت فيه المعايير الأخلاقية فانعدمت فيه الأخلاق وانعدم الذوق وحُرفت الحرية إلى غير معناها وتركنا أولادنا عرضة ليُربيهم عديمو الرباية من أصحاب المنصات الباحثة عن جنون التريند والأرباح الحرام فأصل الكلام المحرم مألوف والكلام الذى يعاقب عليه القانون تحضر ورقى وراحت البنات تتلفظ ألفاظًا تجردها من أنوثتها بل ودخلت بيوتنا مصطلحات ما أنزل الله بها من سلطان تسيء للصغير والكبير والكل يترقب ويكتفى بهز الرأس ومصمصة الشفاه رفضًا وشجبًا دون أى تدخل ولو ظللنا على هذا الوضع فعلى أخلاق الأمة السلام بل بالمعنى الأشمل سنكون أمة بلا أخلاق أى بلا شرف. صرخة جديدة أصرخها عبر هذه النافذة لعلها تصل لأحد وتجد عنده الصدى ونتعاون جميعًا قبل أن يفوت الأوان وتتسع الهوة الأخلاقية وتبتلع الجميع دون رحمة فنجد أنفسنا فى النهاية وقد فقدنا أهم ما يميزنا من أخلاق وتدين ورقى وأصبحنا نعيش كالهمج بلا أى مقومات للحياة وسيكون وقتها البقاء للأكثر سفالة للأكثر وقاحة للأقل حياءً للأدنى دينًا لعديمى الضمير ولفاقدى الأمانة سيكون وقتها البقاء لمنزوعى الوازع الدينى والأخلاقى والوطنى وعديمى الضمير.
صرختنا للتغيير الأخلاقى ليست بضعف بل هى صرخة تحمل رغبة حقيقية فى التحسين والتغيير.. يجب أن نستمر فى العمل والنضال من أجل مجتمع أفضل وأخلاقى أكثر .. إنها مسؤوليتنا جميعًا أن نبذل قصارى جهدنا لتحقيق وقف التدنى فى الأخلاق والانحدار الأخلاقى لتقاوم معًا تلك الردة الأخلاقية المستمرة فى تدمير مجتمعنا بلا رحمة ونحن لا نبالى ها هى صرخة جديدة ضد الانحدار الأخلاقى هل من نجاة؟