الخميس 31 أكتوبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

المتغيرات العالمية بعيدا عن الشرق الأوسط

د. سمير فرج - صورة
د. سمير فرج - صورة أرشفية

عندما بدأت الحرب الروسية - الأوكرانية يوم 24 فبراير 2022. والتى صنفها العالم بأنها حرب محدودة بين دولتين هما روسيا وأوكرانيا، وأنها ليست حربا عالمية، ولكن بمرور الوقت، اكتشف الجميع رغم أنها حرب محدودة، فإنها أصبحت حربا عالمية التأثير. 

وخصوصا، فى المجال الاقتصادى، حيث لم تخل دولة فى العالم إلا وتأثرت اقتصاديا فى كافة المجالات، من حيث ارتفاع الأسعار، البطالة، وإفلاس العديد من الشركات، وتوقف عدد كبير من المصانع، ونال هذا التأثير من الدول الغنية والفقيرة التى تأثرت أكثر من حيث نقص الحبوب والمواد الغذائية. 

وأصبح الجميع يأمل عاما جديدا يتوقف فيه القتال بين روسيا وأوكرانيا، ويبدأ العالم استعادة السلام، وتعود الأحوال الاقتصادية إلى ما كانت عليه قبل 24 فبراير 2022. 

وبعيدا عن المشاكل والآثار الاقتصادية .التى خلفتها هذه الحرب، كانت هناك آثار سياسية جديدة خلفتها أيضا هذه الحرب.. وكانت أولى هذه الآثار بدء التحالفات الجديدة فى العالم، أولها: التحالف بين روسيا والصين، ورغم أن مظهر الصين فى بداية النزاع، قد يبدو للجميع أن لها موقفا محايدا إلى حد ما، ولكن مع مرور الأيام، وبدء تطبيق العقوبات من دول الاتحاد الأوروبى ضد روسيا، بسبب هذه الحرب، ووضع سقف لسعر برميل النفط الروسى، بدأ هذا التقارب الصينى إلى روسيا يظهر إلى الوجود، حيث رفضت الصين الالتزام بسعر تحديد سقف الغاز الروسى، وأعلنت، بكل صراحة عدم التزامها بذلك، وكانت تلك البداية خاصة أن الصين من أكثر الدول المستوردة للنفط فى العالم وأنها فى احتياج شديد للنفط الروسى، خاصة أن ذلك جاء مع تخفيض دول الأوبك إنتاج النفط.

 

 

الأمر الذى كان ضد رغبة الولايات المتحدة ودول حلف الناتو، كذلك جاءت مبادرة الصين للحزام والطريق، التى تقوم على مرور هذا الخط فى معظم الأراضى الروسية، ومن هنا جاء احتياج الصين، إلى أن يكون هناك تقارب مع روسيا، حتى لا تفقد الصين هذه المبادرة والتى سيكون لها دور كبير فى استمرار الانتعاش الاقتصادى الصينى، خلال الأعوام القادمة، والذى تعمل أمريكا الآن على إيقاف هذا الانتعاش الاقتصادى للصين بكل الطرق.

وبنظرة بعد ذلك للأوضاع فى منطقة بحر الصين ودعم الولايات المتحدة لدولة تايوان عسكريا. وخصوصا بعد زيارة بيلوسى رئيسة الكونجرس الأمريكى إلى تايوان. 

الأمر الذى أثار الصين كذلك جاء قرار مجلس النواب الأمريكى بإقرار 10مليارات دولار كمساعدة عسكرية لدعم تايوان، حيث يندرج المبلغ ضمن وزارة الدفاع الأمريكية، لكى يثير غضب الصين ويزيد التنافس العسكرى فى المنطقة خاصة أن اليابان أعلنت زيادة 74 مليار دولار فى ميزانية الدفاع لها هذا العام، وهذا يعنى زيادة اليابان إنفاقها العسكرى بنسبة 26%، وهى أعلى نسبة فى تاريخ اليابان، فى إطار خطة وبرنامج مدته 5 سنوات لزيادة قدرتها الدفاعية ضد التهديدات من الصين وكوريا الشمالية وروسيا العسكرية. 

وبالنظر لذلك نجد أن ميزانية الدفاع اليابانية تضاهى إنفاق روسيا العسكرى، وجاء ذلك القرار من اليابان بعد المخاوف من غزو روسيا أوكرانيا، وهكذا تصاعد الموقف فى خليج تايوان وبحر الصين.

 لذلك بدأت الصين تلجأ إلى حليف لها فى المنطقة للوقوف ضد المناورات العسكرية الأمريكية، مع دول المنطقة، وهنا يبرز التعاون الصينى- الروسى فى تنفيذ مناورات مشتركة فى بحر الصين ومضيق تايوان.

وبالتالى ظهرت أهمية التعاون والتقارب بين الدولتين الصينية والروسية، ومع ازدياد التوتر فى هذه المنطقة من العالم بدأ يظهر دور كوريا شمالية التى تسعى إلى تطوير الصواريخ العابرة للقارات، والنشاط النووى لها، ثم تجارب إطلاق هذه الصواريخ، والتى بدأت تشبه التحرش الأمنى لدول هذه المنطقة من العالم، وخصوصا الولايات المتحدة، واليابان، ومن هنا ظهرت قوة هذا التحالف الجديد. 

روسيا والصين وكوريا الشمالية من أجل تحقيق مصالح الأمن القومى لهم فى منطقة جنوب شرق آسيا، ضد التواجد الأمريكى الذى يدعم تايوان والقوة العسكرية اليابانية الجديدة.

وعلى الطرف الآخر من العالم جاءت منطقة الشرق الأوسط، ورغم زيارة جو بايدن إلى السعودية، ولقائه مع قادة دول مجلس التعاون الخليجى وبعض القادة العرب، بهدف استمالة هذا الجزء من العالم، إلى أمريكا، ودول الاتحاد الأوروبى، فإن الصين سارعت بعدها بزيارة المملكة العربية السعودية، ولقاء قادة دول مجلس التعاون الخليجى، والقادة العرب، لتنشئ علاقات اقتصادية جديدة بينها وبين الصين، وهذه الدول العربية فى منطقة الشرق الأوسط، وخاصة الدول النفطية. وكانت المفاجأة برفض دول الأوبك بلس عدم زيادة إنتاج النفط، تلبية لطلب الولايات المتحدة، وذلك لتعويض نقص الغاز، والنفط الروسى، إلى دول أوروبا. 

لذلك ظهر هنا أن تكتل دول الخليج، لم يعد منحازا إلى الولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبى، كما كان من قبل وهذا بالطبع تغيير هام فى التكتلات السياسية فى العالم نتيجة الحرب الروسية -الأوكرانية. 

ثم جاءت دعوة الرئيس الأمريكى جو بايدن، إلى 49 من قادة الدول الإفريقية. 

إلى واشنطن فى محاولة لاستعادة إمريكا دورها فى إفريقيا. 

حيث ظهر واضحا خلال مناقشات الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الأزمة الأوكرانية، أن تصويت معظم الدول الإفريقية، يكون لصالح روسيا، من هنا بدأ التقارب الأمريكى الجديد تجاه إفريقيا، بعد أن كانت إفريقيا فى الماضى خارج الحسابات السياسية الخارجية الأمريكية، وقررت أمريكا تخصيص 100 مليار دولار لدعم الدول الإفريقية فى الفترة القادمة بهدف تعديل التوجه الإستراتيجى لدول إفريقيا، ليكون لصالح الولايات المتحدة مستقبلا، بعد أن كانت الصين وروسيا تسيطران على دول إفريقيا بالدعم الاقتصادى فى هذه الدول، خاصة فى مجالات البنية التحتية، من بناء المطارات، والسدود، والموانى، ومحطات الكهرباء... إلى آخره.

وبنظرة على الموقف الأوروبى فإن الجميع ينتظر انتهاء الانتخابات الأمريكية هذا العام وماذا سيحدث فى حالة وصول ترامب إلى كرسى السلطة فى البيت الأبيض كذلك فإن ما يحدث فى أوروبا من متغيرات بعد الانتخابات الأخيرة فى فرنسا والذى يبدو للجميع أن أوروبا ستدخل مرحلة جديدة. 

وهل ستصمد دول الاتحاد الأوروبى ضد روسيا؟ حيث يرى الجميع أنه من المنتظر أن يحدث تفكك فى دول الاتحاد الأوروبى والذى ظهرت بوادره فى الاتفاق على تحديد سقف سعر الغاز الروسى وهذا ما ستوضحه العلاقات الأوروبية فى الفترة القادمة.

الصفحة الرابعة من العدد رقم 369 الصادر بتاريخ 11 يوليو 2024
 
تم نسخ الرابط