«مصر الحكيمة بقوتها والقوية بحكمتها ».. كيف يخطط السيسى لإنهاء نزيف الدماء فى غزة؟
- لماذا أعلن الرئيس عن المبادرة المصرية الآن؟.. وما رد فعل حركة حماس وإسرائيل؟
- ماذا يجري في مفاوضات الدوحة؟.. وهل تتدخل مصر بالقوة الحاسمة لإنهاء الحرب؟
- هل اقتربت المواجهة الشاملة؟.. وكيف تحصِّن مصر نفسها ضد الفوضى الكبرى؟
تعب أهل غزة كثيرا.. منذ ما يزيد على عام يعيشون في حرب ملعونة مع عدو وحشي ويدفعون ثمن خطايا قادتهم.. لم يستشرهم أحد قبل إعلان هذه الحرب.. ولم يجهزهم أحد لتحمل صعوبات معركة مثل هذه.. تركوهم في العراء لمصيرهم المجهول.. وسط تخاذل وتواطؤ ونفاق غربي كبير يفضح رعاة حقوق الإنسان المزعومين.. ووسط حالة ضعف عربي لا أريد أن أنكأ الجراح بالحديث عنها.. لكنه حديث سيأتي موعده بالتأكيد.
لقد وصل الأشقاء في غزة إلى النهاية ولم يعد في مقدورهم الصبر أكثر من ذلك.. ومن يستطيع أن يصبر على آلام كهذه.. أكثر من ٤٣ ألف شهيد وعشرات الآلاف من الشهداء مازالوا تحت الأنقاض.. وعشرات الآلاف من المصابين بينهم جرحى في حالات خطيرة فضلا عن تدمير كامل لمنازلهم ومدارسهم ومستشفياتهم وأي مظهر من مظاهر الحياة التي نعرفها.
حول الإسرائيليون غزة إلى أرض محروقة ولم يكتفوا بذلك بل هم يمعنون في محاولات قتل الفلسطينيين ومن لم يمت بالقصف يموت جوعا مع هذا الحصار الخانق الذي تفرضه دولة الاحتلال الملعونة عقب سيطرتها على الجانب الفلسطيني من معبر رفح الذي كان المنفذ الوحيد لغزة على العالم.
ومع هذه الأهوال التي لا يقدر أحد على تحملها تصبح مسأل وقف إطلاق النار ولو حتى في شكل هدنة خيارا ضروريا لمنح أي فرصة تنفس لأهلنا المظلومين في غزة.
ومن هنا فقد استبشرت كثيرا حين أعلن الرئيس عبد الفتاح السيسي مطلع الأسبوع الجاري عن المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة، حيث قال في مؤتمر صحفي مشترك مع نظيره الجزائري عبدالمجيد تبون إن "مصر قامت بجهد، خلال الأيام القليلة الماضية، لإطلاق مبادرة تهدف إلى تحريك الموقف وإيقاف إطلاق النار في غزة لمدة يومين، ويتم تبادل، 4 رهائن مع بعض الأسرى الموجودين في السجون الإسرائيلية، ثم خلال 10 يتم التفاوض على استكمال الإجراءات، وصولا إلى إيقاف كامل لإطلاق النار وإدخال المساعدات"..
وقد بدأت الجهود المصرية عقب السابع من أكتوبر 2023، وليس الآن، حيث أكدت مصر من اليوم الأول على جملة من الثوابت الخاصة بها تجاه مسألة التصعيد الإسرائيلي في قطاع غزة، على رأسها رفض أي عمليات عسكرية إسرائيلية في قطاع غزة، ورفض عمليات التدمير والقتل الممنهج الإسرائيلية، ورفض مساعي تصفية القضية الفلسطينية على حساب مصر أو أي دولة أخرى، وقد جاء هذا التأكيد بشكل متكرر على لسان عدد كبير من المسئولين المصريين، على رأسهم الرئيس عبد الفتاح السيسي، الذي أعلن بشكل واضح، أن تهجير الشعب الفلسطيني لسيناء يمثل خطاً أحمر بالنسبة لمصر، وقد أكدت مصر منذ اللحظة الأولى على أن هذا التصعيد يضر بالأمن الإقليمي للمنطقة ككل، وليس فقط بالداخل الفلسطيني، والآن نشهد فعلياً ما حذرت منه مصر في بداية الحرب.
كذلك أشار الرئيس إلى ما يمكن وصفه بأنه محاولة "لتصفية" القضية الفلسطينية، عبر دفع سكان قطاع غزة إلى مغادرة أراضيهم، حيث أكد أن مصر استضافت بكل ترحاب خلال الأعوام الأخيرة مئات الآلاف من المواطنين من دول مثل سوريا والسودان وغيرهما، لكن فيما يتعلق بسكان قطاع غزة، يختلف الأمر تماماً، حيث توجد ضرورة حتمية لاستمرار صمود أهالي غزة على أرضهم، وعدم مغادرتها بأي حال من الأحوال، لأن هذا سيمثل تحقيقاً لأهداف بعض الأطراف الإسرائيلية، التي تريد إنهاء "حالة" قطاع غزة بشكل دائم، حيث يعتبر الحفاظ على الوضع القائم في غزة، من الأولويات المصرية في المراحل السابقة واللاحقة، من زاوية منع تصفية القضية الفلسطينية، وإغلاق الباب أمام أي تهديد مباشر للأمن القومي المصري.
ومن هذه المنطلقات، جاءت الجهود المصرية لطرح حلول يمكن من خلالها وقف التدهور القائم في قطاع غزة، وهي جهود بدأ التمهيد لها عبر التواصل الدبلوماسي والسياسي المستمر مع كافة الأطراف الإقليمية والدولية، خاصة في ظل التدمير الواضح الذي طال البنية التحتية لقطاع غزة، والعدد القياسي من الشهداء والجرحى، وتدهور الأوضاع الإنسانية بشكل لا يمكن قبوله، وسط استمرار لسياسة "التهجير القسري"، التي تنتهجها إسرائيل بهدف تغيير الوضع الديموجرافي لقطاع غزة، وهو ما أسفر عن وصول تعداد النازحين إلى محافظة رفح حسب الأمم المتحدة نحو 1.9 مليون شخص، أو ما يقرب من 85 بالمائة من إجمالي سكان القطاع.
ومن ثم، طرحت القاهرة الخطة الأكثر "واقعية" لإيجاد نقطة ارتكاز واضحة يمكن من خلالها التحرك قدماً وبشكل إيجابي لإيجاد حل نهائي للمعضلات التي تكتنف القضية الفلسطينية، وهي خارطة طريق طرحتها مصر خلال قمة "القاهرة للسلام"، التي احتضنتها العاصمة المصرية في الحادي والعشرين من أكتوبر الماضي، وحضرها أكثر من 30 دولة ومنظمة دولية وإقليمية، وهي القمة التي عبرت بشكل واضح عن الرغبة المصرية في مواكبة الأحداث في غزة بشكل عاجل، حيث درجت العادة أن يتم عقد مؤتمرات السلام عقب انتهاء العمليات العسكرية، لكن لم ترغب القاهرة في انتظار وقف العمليات العسكرية الإسرائيلية، وسارعت بطرح هذه الخارطة من أجل كسب الوقت والعمل على إيجاد وسائل لتطبيقها بالتزامن مع المسارات الأخرى التي تتحرك فيها لوقف التصعيد الحالي.
تضمنت هذه الخارطة، تصورا شاملا لحل جذور الصراع العربي- الإسرائيلي، وتوصف بالحل الأعم والأشمل مقارنة بالتصورات الغربية المماثلة، والتي تنحاز بشكل أو بآخر لتل أبيب، وتستهدف الخارطة المصرية في المقام الأول، تحسين الوضع الإنساني في قطاع غزة، وإعادة إحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور، تبدأ بالتدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة، ثم التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار، ثم البدء العاجل، في مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولًا لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش جنبًا إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية، مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، في الأراضي الفلسطينية".
من ثم، يتم تفعيل المرحلة التالية من هذه الخريطة، وهي العودة لمسار الحل السياسي، وفق الثوابت المصرية تجاه القضية الفلسطينية، والتي تضمن حق الفلسطينيين المشروع في إقامة دولة مستقلة، للوصول إلى الهدف النهائي وهو إقرار تسوية عادلة للصراع الإسرائيلي – الفلسطيني من خلال مبدأ حل الدولتين على حدود 1967 عاصمتها القدس الشرقية.
وقد احتضنت العاصمة المصرية العديد من جولات المفاوضات بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بمشاركة كلٍ من قطر والولايات المتحدة الأمريكية، واستقبلت القاهرة العديد من رؤساء الدول ورؤساء الوزراء ووزراء الخارجية وممثلى المنظمات الدولية والإقليمية للنقاش حول السبل الكفيلة بالتهدئة المؤقتة والتي تقود إلى وقف إطلاق نار مستدام في غزة، وتنفيذ أيضا التهدئة في الضفة الغربية. في الوقت الحالي تحاول القاهرة إيجاد نقاط مشتركة بين حركات المقاومة وإسرائيل فيما يتعلق ببنود اتفاق الهدنة المقترح، حيث توجد خلافات كبيرة بين حماس وإسرائيل حول بعض التفاصيل والنقاط في مسار الهدنة على غرار عودة السكان لمناطق الشمال، وأسماء الأسرى والمحتجزين الذين ستشملهم الصفقة، ومسألة المراقبة والأنشطة الجوية على القطاع في ثنايا الهدنة.
وعلى المستوى الإنساني لم تدخر مصر أي جهد، بدايةً من الضغط لإدخال المساعدات، مروراً بإقامة الخيام ومراكز الإيواء، ووصولاً إلى عمليات إنزال المساعدات من الجو، كما شاركت مصر في إبداء الرأي والترافع أمام محكمة العدل الدولية ضد إسرائيل، وقدم مرافعات تفند الادعاءات الإسرائيلية، وتؤكد على الحقوق الأصيلة للشعب الفلسطيني.
وقد كان ملحوظاً حرص القاهرة على استدامة العمل في معبر رفح على الدوام، رغم القصف الإسرائيلي للجانب الفلسطيني منه في أكثر من مرة، وعلى الرغم من كافة العراقيل والقيود التي تحاول إسرائيل فرضها فإن مصر ظلت ملتزمة، بضمان دخول المساعدات لقطاع غزة، وضغطت في البداية عبر ورقة مزدوجي الجنسية، وصولاً إلى الإنزال الجوي للمساعدات على قطاع غزة.
والحقيقة أن الحصيلة الحالية للجهد المصري على المستوى الإغاثي والإنساني في قطاع غزة، هي الأهم والأكبر من كافة الجهود الأخرى التي تبذلها دول عربية وأجنبية، حيث بلغت نسبة المساعدات المصرية من إجمالي المساعدات التي تم إدخالها إلى قطاع غزة منذ أكتوبر الماضي، نحو 87 بالمائة، وبلغ حجم الأدوية والمستلزمات الطبية التي أدخلتها مصر لقطاع غزة عبر معبر رفح منذ أكتوبر الماضي 10868 طناً، ونحو 10235 طناً من الوقود، و129329 طناً من المواد الغذائية، و26364 طناً من مياه الشرب.
كما بلغت كميات المواد الطبية التي دخلت القطاع من معبر رفح 43073 طنا، بجانب 123 سيارة إسعاف مجهزة.
ولم تقتصر الجهود المصرية على المستوى الإنساني على عمليات إدخال المساعدات، فقد استضافت المستشفيات المصرية حتى الآن 3706 مصابين فلسطينيين، يرافقهم 6071 من المرافقين.
أدعو الله أن تكلل الجهود المصرية بالنجاح.
ودائما وأبدا تحيا مصر.
- السودان
- الوزراء
- السيسي
- محكمة
- درة
- مصر
- الرئيس عبد الفتاح السيسي
- حقوق الإنسان
- العالم
- أخبار محمود الشويخ
- فلسطين
- صفقة
- حكيم
- العراق
- مبادرة
- قصف
- الجزائر
- اسرائيل
- الاحتلال
- الطب
- عون
- خلاف
- النار
- محمود الشويخ
- المصري
- النجاح
- حماس
- الوقود
- تبون
- الدول
- امن
- المرحلة
- محمود الشويخ يكتب
- قرار
- حكم
- منع
- مصر الحكيمة بقوتها والقوية بحكمتها
- مقر
- اول
- التزام
- مشروع
- موعد