الثلاثاء 11 فبراير 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

مثلث التعليم في مصر .. تجربة الأقصر(2)

لواء أ.ح د. سمير
لواء أ.ح د. سمير فرج - صورة أرشيفية

تحدثنا في مقال سابق عن تجربة ماهتير محمد رئيس وزراء ماليزيا السابق، الذي قال إن التنمية البشرية لأي مجتمع أساسها الصحة والتعليم، وإن أي مجتمع بدون صحة ولا تعليم هو مجتمع فاشل، وبالتالي دولة فاشلة ومن هذا المنطلق وبعد بوصولي إلى الأقصر ركزت على العملية التعليمية والصحية لكي تكون أساس نهوض محافظة الأقصر في الفترة القادمة.

طبقا لتصويري وفكري فإن العملية التعليمية في مصر تقوم على ثلاثة أضلاع الأول هو المدرسة، وكان ذلك هو محور مقالي في الأسبوع الماضي، حيث تحدثت فقلت عن التطوير الذي تم في مدارس الأقصر بالكامل.

أما المحور الثاني فهو محور المدرس، وهذا ما سأتناوله في مقالة اليوم، أما المحور الثالث فهو محور المناهج التعليمية، وهي مسؤولية وزارة التربية والتعليم، وأعتقد أنها يجب أن تقوم كل فترة بإجراء التعديلات المناسبة في تطوير المناهج الدراسية التي تتمشى مع مطالب العصر واحتياجاته، والتطور التكنولوجي الذي نعيشه الآن، الذي يبدأ من المناهج وتصل حتى كتاب الوزارة مع الاهتمام بمستجدات العصر الحديث من استخدام تكنولوجيا المعلومات فلم يعد هناك داعٍ للكتب الورقية، ولكن يتم ذلك من خلال إرسال موضوعات المناهج على اللاب توب. الذي تصرفه وزارة التربية والتعليم حاليا لكل طالب، بدلا من طبع الكتب الورقية كل عام والتي تتكلف ملايين الجنيهات التي يتم التعويض عنها بشراء اللاب توب للطلبة.

ونعود للمدرس، الضلع الثاني، في العملية التعليمية وأتذكر في أول أسبوع من وصولي الأقصر. وخلال مروري على إحدى المدارس، وجدت مدرسا يقف في الفصل ويرتدي الجلباب، وسألته ما هذا؟ فكان رده هذا هو اللباس الشعبي لأهل الأقصر، لكنى رفضت ذلك تماما، هذا الجلباب مكانه المنزل أو في الدوار أو في البلد، ولكن المدرس يجب أن يكون له زي مناسب وتحترمه الطلبة.

ولقد بدأت بعمل دورات للمدرسين لمدة 4-6 أسابيع، حيث أنشأت مركزا لتدريب المدرسين في محافظة الأقصر، كان في الأصل مكانا لمبيت المدرسين القادمين لمراقبة امتحانات الثانوية العامة، وبحسبة بسيطة إن صيانة هذا المبنى كل عام وشراء مراتب جديدة، وملايات وصيانة لدورات المياه.

وجدت أنني لو تمكنت من تحقيق إقامتهم في فنادق ثلاث نجوم في المدينة باستخدام أموال تطوير وصيانة هذا المبنى الذي لا يستخدم إلا في الامتحانات كل عام  مع إمكانية مساهمة المحافظة في التكلفة للأرقام في الفنادق للمدرسين القادمين من محافظات مجاورة بالطبع سيكون أفضل من حيث أماكن الإقامة والمعيشة على أعلى مستوى وأن يتم استغلال هذا المبنى غير المستخدم طوال العام ليكون مركز تدريب المدرسين لمحافظة الأقصر بالكامل.

وبالفعل، تم عمل منهج بدورة تدريبية لكل مدرسي الأقصر لتدريس الحاسبات الآلية لهم وأسلوب استخدام الداتا شو في العملية التعليمية وتوضيح أساليب التعليم الحديثة، وفي نهاية التخرج تم توزيع هدايا لهم لابتوب هدية واثنين بدلة بكافة المستلزمات من القمصان والكرافتات، كل ذلك، كان مقدما من رجل الأعمال المصري، معتز الألفي وبعدها توالت الدورات من بعد الدورة الأولى، تولى أحد فنادق المدينة مصاريف الدورات التالية، حتى تتخرج الدورات بصورة مشرفة وبدأنا نرى مدرسا جديدا أطلق عليه الطلبة في مدارس الأقصر مدرس النيولوك، وبدأ جميع المدرسين يتصارعون لحضور هذه الدورات، حيث  كان يتم عمل اختبارات لتقييمهم لحضور هذه الدورات للمدرسين المتميزين.

وأصبح لمدرس الأقصر شخصية جديدة سواء في المظهر أو في استخدام اللابتوب لتدريب الطلبة، كذلك كنت أسعى لتغيير الامتحانات الشهرية التي تتم في المدارس، من خلال اللاب توب. لولا أحداث 25 يناير، حيث لم تكتمل التجربة، عموما أصبح لدينا معلم يستخدم اللاب توب خاصة، والأساليب التعليمية الحديثة خاصة أنني أول من أدخل شبكة الإنترنت في المدارس رغم اعتراض الكثيرين أيامها، لكنني صممت وتغيرت شكل الحياة التعليمية في الأقصر لتتمشى مع أساليب العصر الحديث، وأتذكر أنه خلال مروري على أحد الفنادق العائمة الموجودة في الأقصر وعددها 284 فندقا عائما يعمل بين الأقصر وأسوان، واتضح لي أن أطقم الميكانيكية الذي يعمل في هذه الفنادق العائمة حوالي من 5-6 أفراد لفندق عائم، كلهم قادمون من الإسكندرية أو مدن القناة وما يكلف ذلك من مشقة سفر وعدم توفير عمالة لأهالي الأقصر.

لذلك توجهت لمدرسة الصنائع الثانوية بالأقصر وكانت بحالة لا يمكنها تنفيذ مهامها التعليمية حيث كانت المباني بحالة متهالكة، وطبقا لمبادرة مبارك كول كان بالمدرسة أحدث المعدات الميكانيكية من الصناعة الألمانية وفي أيامها كان يزورني أحد رجال الأعمال، وعرض تبرعا للمحافظة فتسلمت منه شيكا باثني مليون جنيه كتبه ووقعه لصالح جهاز الخدمة الوطنية للقوات المسلحة، وخلال ثلاثة أشهر قام جهاز الخدمة الوطنية بتطوير وصيانة المدرسة، وأصبح لدينا أحدث مدرسة صنائع في مصر، تم تطويرها على أحدث الأساليب العلمية مدعومة بالمعدات من مشروع مبارك كول.

وخلال ثلاث سنوات كانت هذه المدرسة تخرج كل عام 50 طالبا يعملون في مجال ميكانيكا الديزيل البحري لكي تعمل في الفنادق العامة، وخلال أربع سنوات نجحنا في تغطية مطالب كل الفنيين العاملين في الفنادق العائمة من أبناء الأقصر، وبالطبع حقق ذلك استقرارا لأهل الأقصر، كذلك تم الاهتمام برحلات الطلبة إلى القاهرة من خلال التعاون مع وزارة الشباب والرياضة، كما تم لأول مرة عمل دورات رياضية وفنية بين شباب مدارس الأقصر.

وأقول إنني في عام 2010، ظهرت النواحي الفنية والثقافية والرياضية غير التعليمية بين شباب مدارس الأقصر، وبدأنا التنافس مع باقي مدارس الجمهورية في هذه المسابقات، ويكفي أننا حققنا مراكز متقدمة خلال هذه المسابقات على مستوى الجمهورية، وهي التي لم تكن تشارك فيها مدارس الأقصر من قبل.

 وهكذا كانت البداية في تطوير مباني الأقصر ثم المدارس، وأعتقد أن حصول أبناء الأقصر على المركز الثاني في امتحانات الثانوية العامة هو أكبر نتيجة للتطوير الذي حدث في هذه الفترة.

الصفحة الرابعة من العدد رقم394 الصادربتاريخ 2يناير2025

 

تم نسخ الرابط