الإثنين 31 مارس 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

«سنقاتل ما استطعنا للقتال سبيلا».. كيف سترد مصر على انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

في كل مرة تُفتح فيها صفحة جديدة من المآسي الفلسطينية، تكون غزة هي العنوان الأبرز، تلك البقعة الصغيرة من الأرض التي تحولت إلى مسرح دائم للحروب والدمار.

في شوارعها، لا يُسمع سوى صوت القصف، ولا يُرى إلا الدمار، وبين الركام، أطفال فقدوا ذويهم، وأمهات يبحثن عن أبنائهن تحت الأنقاض، وعائلات تحاول النجاة من موتٍ يلاحقها في كل لحظة.

غزة اليوم ليست مجرد مدينة محاصرة، بل هي شهادة على أقسى أنواع الظلم والتجرد من الإنسانية، حيث يواجه أكثر من مليوني فلسطيني حربًا لا هوادة فيها، بينما يقف العالم متفرجًا، صامتًا أمام المجازر المتكررة التي تحولت إلى روتين يومي.

في هذه الأرض التي كُتب عليها أن تكون ميدانًا للموت والصمود، يعيش أهلها بين القصف والجوع، بين الحصار واليأس، لكن رغم كل ذلك، يرفضون أن يُهزموا.

كل بيت مدمر، كل جريح، كل شهيد، هو دليل على أن غزة ليست مجرد مدينة، بل قصة نضال لا تنتهي.

ومع كل قذيفة تسقط، يتجدد السؤال: إلى متى سيظل هذا العدوان مستمرًا؟ ولماذا يُترك شعب أعزل لمواجهة آلة الحرب الإسرائيلية دون رادع؟

إن العودة الإسرائيلية إلى الحرب بعد فترات التهدئة القصيرة، تكشف بوضوح أن الاحتلال لم يكن يومًا جادًا في البحث عن حلول سياسية أو سلمية.

بنيامين نتنياهو، الذي يجد نفسه غارقًا في أزمات سياسية داخلية، لا يتردد في استغلال الدم الفلسطيني للبقاء في السلطة.

وبينما يتحدث العالم عن "حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها"، لا أحد يتساءل عن حق الفلسطيني في الحياة، في الأمان، في أن يستيقظ صباحًا دون أن يخشى أن يكون هذا يومه الأخير.

لماذا عاد نتنياهو للحرب في غزة؟

عندما توقف القتال لفترة قصيرة بعد وساطات دولية، ظن البعض أن هناك فرصة لتحقيق هدوء نسبي، لكن سرعان ما عادت آلة الحرب الإسرائيلية لتضرب غزة من جديد.

هذه العودة لم تكن مجرد قرار عسكري، بل كانت جزءًا من خطة سياسية تهدف إلى تحقيق أهداف محددة، سواء داخل إسرائيل أو على المستوى الدولي.

1. الهروب من الأزمات السياسية الداخلية

نتنياهو يعيش واحدة من أسوأ فتراته السياسية، فهو محاصر بملفات فساد تهدده بالسجن، وتواجه حكومته انتقادات حادة من الشارع الإسرائيلي، الذي يرى أنه فشل في تحقيق "الانتصار" الموعود.

لذا، فإن إعادة إشعال الحرب توفر له غطاءً سياسيًا يسمح له بتأجيل أي محاسبة داخلية، وتحويل أنظار الجمهور الإسرائيلي نحو "العدو الخارجي"، بدلًا من التركيز على إخفاقاته.

2. إرضاء اليمين المتطرف في إسرائيل

الحكومة الإسرائيلية الحالية تعتمد بشكل كبير على دعم الأحزاب اليمينية المتطرفة، التي تدعو إلى الحسم العسكري الكامل في غزة، وترفض أي تهدئة أو مفاوضات مع الفلسطينيين.

لذا، فإن استمرار الحرب يمنح نتنياهو دعم هذه الأحزاب، ويضمن استمراره في الحكم لفترة أطول.

3. تصفية حسابات مع المقاومة الفلسطينية

خلال الأشهر الماضية، أظهرت المقاومة الفلسطينية قدرة غير مسبوقة على الصمود والرد على العدوان الإسرائيلي.

ورغم الفارق الكبير في الإمكانيات العسكرية، فإنها نجحت في فرض معادلات جديدة، مثل ربط الإفراج عن الأسرى الفلسطينيين بوقف الحرب.

لذا، فإن عودة القصف الإسرائيلي تهدف إلى محاولة استنزاف المقاومة، وإجبارها على تقديم تنازلات.

4. استغلال الدعم الأمريكي المطلق

منذ بداية الحرب، أظهرت الولايات المتحدة دعمًا غير محدود لإسرائيل، سواء من خلال تزويدها بالسلاح أو من خلال توفير الغطاء السياسي لها في مجلس الأمن.

هذا الدعم أعطى نتنياهو ضوءًا أخضر لمواصلة العدوان، دون الخوف من أي ضغوط دولية حقيقية.

كيف سترد مصر على انتهاك اتفاق وقف إطلاق النار؟

مصر، التي لعبت دورًا رئيسيًا في الوساطة بين المقاومة الفلسطينية وإسرائيل، تجد نفسها اليوم أمام تحدٍ جديد بعد انهيار اتفاق وقف إطلاق النار.

فمع استمرار القصف الإسرائيلي، تزداد المخاوف من تداعيات الحرب على الأمن الإقليمي، خصوصًا مع الحديث عن مخططات لتهجير الفلسطينيين من غزة.

ومن المتوقع أن تواصل مصر تحركاتها الدبلوماسية، سواء عبر الأمم المتحدة أو من خلال الاتصالات المباشرة مع واشنطن، لإجبار إسرائيل على وقف العدوان.

القاهرة تدرك أن استمرار الحرب لا يشكل خطرًا على الفلسطينيين فقط، بل يهدد استقرار المنطقة بأكملها.

ومع تصاعد الحديث عن مخطط إسرائيلي لتهجير سكان غزة باتجاه سيناء، شددت مصر من إجراءاتها الأمنية على الحدود، وأكدت رفضها القاطع أي محاولات لفرض هذا السيناريو.

ورغم أن مصر ملتزمة باتفاقية السلام مع إسرائيل، فإن استمرار الحرب قد يدفعها إلى اتخاذ خطوات تصعيدية، مثل تقليص مستوى التعاون الأمني أو تجميد بعض الاتفاقات الثنائية.

وفي اتصالاته مع القادة العرب، أكد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي موقف مصر الرافض العدوان الإسرائيلي، محذرًا من أن استمرار الحرب قد يؤدي إلى كارثة إنسانية غير مسبوقة.

وأوضح أن أي محاولة لتهجير الفلسطينيين من غزة ستعتبر اعتداءً مباشرًا على الأمن القومي المصري، ولن يتم السماح بها تحت أي ظرف.

السيسي شدد أيضًا على ضرورة توحيد الموقف العربي لمواجهة هذا العدوان، ودعا المجتمع الدولي إلى تحمل مسؤولياته في وقف جرائم الحرب التي ترتكب بحق الفلسطينيين.

لماذا يدعم ترامب نتنياهو بلا حدود؟

الرئيس الأمريكي  دونالد ترامب أحد أكبر داعمي نتنياهو، هذا الدعم المطلق يعود لعدة أسباب، أبرزها:

1. كسب دعم اللوبي الصهيوني .

يسعى ترامب لكسب دعم الجماعات المؤيدة لإسرائيل، والتي تلعب دورًا مهمًا في السياسة الأمريكية.

2. العلاقة الشخصية مع نتنياهو

وقدم ترامب لنتنياهو العديد من "الهدايا السياسية"، مثل نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والاعتراف بسيادة إسرائيل على الجولان.

واليوم، يواصل دعمه له، باعتباره شريكًا سياسيًا قويًا.

ترامب يستخدم العدوان الإسرائيلي كورقة ضغط ضد بايدن، متهمًا إدارته بأنها  كانت "ضعيفة" في دعم إسرائيل.

في الختام أقول: 

غزة ليست مجرد مدينة تحت القصف، بل رمز لصمود لا ينكسر أمام آلة الحرب الإسرائيلية.

ومع استمرار العدوان، يبقى السؤال الأهم: إلى متى سيظل العالم متفرجًا على هذه المجازر؟ وما الذي سيتغير بعد هذه الحرب؟ قد لا تكون هناك إجابة واضحة، لكن المؤكد أن غزة ستبقى رغم الدمار، وستظل جراحها شاهدة على خذلان العالم وصمت الضمير الإنساني.

الصفحة الثانية من العدد رقم 405 الصادر بتاريخ 20 مارس 2025
تم نسخ الرابط