السبت 19 أبريل 2025
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

« المزايدة على مصر».. كيف هاجمت الجماعات الإخوانية المقترح المصري لنزع السلاح من غزة ؟

محمود الشويخ - صورة
محمود الشويخ - صورة أرشيفية

- اخرجوا منها وأنقذوا ما تبقى من شعبكم

- لماذا يجب أن تتخلى حماس عن سلاحها وتبعيتها لطهران؟

- الخلاص لا يأتي من فوهة بندقية

- السلاح الذريعة التي يستغلها نتنياهو لاستمرار الحرب الملعونة على قطاع غزة 

- السؤال الصعب: هل بقي سلاح أصلا لكي تقول حماس "سلاحنا خط أحمر"؟ 

- هل منعت الأسحلة "المزعومة" حدوث الإبادة والاحتلال.. أم كانت مبرراً لكل ما جرى منذ ٧ أكتوبر؟

من رحم الدمار تولد الأسئلة الكبرى، ومن تحت الأنقاض تصرخ الحقيقة عارية: إلى متى سنظل نبرِّر الخراب باسم المقاومة؟

غزة الآن ليست فقط مدينة محاصرة، بل شعبا يحتضر بين فكّي كماشة: آلة حرب إسرائيلية لا ترحم، وتنظيمات مسلحة تتاجر بدمه منذ سنوات.

صوت الأطفال تحت الركام، دموع الأمهات، صرخات الجرحى، كل هذا لم يعد يوقظ الضمائر؛ لأن ما يُسمى بـ"السلاح المقدس" صار هو الحجاب الذي تُخفى خلفه أبشع الجرائم، ليس فقط من قِبَل العدو، بل من أولئك الذين يدّعون أنهم أصحاب القضية.

آن الأوان لقولها بصوت عالٍ: السلاح الذي لا يحمي شعبه، بل يجلب له الدمار، ليس سلاحًا شريفًا… بل لعنة.

سلاح حماس بين الحقيقة والوهم

لطالما رفعت حركة حماس شعار "المقاومة المسلحة"، واعتبرت السلاح خطًا أحمر لا يُمس، بل جعلته عنوانًا للكرامة والبقاء.

لكن السؤال المرير الذي يفرض نفسه الآن: هل بقي من هذا السلاح ما يستحق كل هذا العناد والتضحية؟

منذ 7 أكتوبر، تحوّل قطاع غزة إلى جحيم مفتوح، قُصِف فيه كل شيء: المنازل، المستشفيات، المدارس، وحتى مراكز الإيواء.

وبرغم ذلك، لم يظهر ما يوحي بوجود قوة ردع حقيقية لدى حماس.

فهل نعيش على وهم؟ هل كان كل ما قيل عن قدرات المقاومة مجرد دعاية سياسية لا تصمد أمام الحرب الحقيقية؟

المفارقة المؤلمة أن حماس لا تزال تتحدث عن "السلاح المقدس" و"الردع الشعبي" وكأنها لم ترَ بعد حجم الكارثة.

هل هذا الإنكار نتيجة العجز أم هو محاولة مكشوفة للهروب من المحاسبة؟!

نتنياهو والذريعة الذهبية

بنيامين نتنياهو، الرجل الذي فقد شرعيته داخليًا، وجد في سلاح حماس فرصة ذهبية لإطالة أمد الحرب.

كل تصريح، كل غارة، كل مجزرة، كانت تُبرر بوجود هذا السلاح. يقول: "لن نتوقف حتى نُزيل خطر حماس بالكامل"، ويجد العالم الغربي في هذا المنطق ما يكفي لتجاهل المجازر اليومية.

السلاح هنا لم يعد وسيلة حماية، بل صار المبرر الذي يُستغل ضد أصحابه.

والأسوأ من ذلك، أن حماس تعلم هذه الحقيقة، لكنها مستمرة في بيع الوهم لشعبها.

الواقع أن هذا السلاح صار الذريعة المثالية التي يستخدمها الاحتلال كلما أراد تصعيدًا أو تمديدًا للصراع، بل وأداة ضغط على المجتمع الدولي لتبرير تجاهله للمأساة الإنسانية في القطاع.

هل بَقِي سلاح؟

حين تقول حماس "سلاحنا خط أحمر"، يطرح الشعب الفلسطيني سؤالًا بسيطًا: هل بقي سلاح أصلًا؟

هل ما زالت حماس تمتلك القدرة على حماية المدنيين أو حتى تنفيذ عمليات ردع مؤثرة؟

الواقع على الأرض يقول غير ذلك.

فالمقاومة الحقيقية لا تكون بإشعال النار ثم الاختباء في الأنفاق، بينما المدنيون يُسحقون فوق الأرض.

الخط الأحمر الحقيقي هو دم الأبرياء، وليس ترسانة متهالكة صارت عبئًا لا ميزة.

الزمن تغيّر، وموازين القوى تغيّرت، لكن بعض العقول ما زالت تعيش في زمن الشعارات.

وبينما العالم كله يتحدث عن الحلول، لا تزال حماس متمسكة بسلاحها وكأنها تمتلك مفتاح النصر، بينما الواقع يصرخ بالعكس.

المدن دُمّرت، آلاف الشهداء سقطوا، والمقاومة المسلحة لم تمنع المجازر، بل ربما كانت ذريعة لها.

ولأنهم يعرفون أن السلاح لم يعد رادعًا، يلجأون لتصويره على أنه رمز، وشرف، و"خط أحمر"، حتى لا يُحاسَبوا على ما اقترفته أيديهم.

هل منع السلاح المزعوم حدوث الإبادة والاحتلال؟

لو أردنا تقييم ما يسمى بـ "سلاح المقاومة" من زاوية عملية، فالنتائج كارثية:

• أكثر من 35 ألف شهيد، معظمهم من المدنيين.

• نزوح أكثر من مليون شخص داخل القطاع.

• دمار شبه كامل للبنية التحتية.

• انهيار الخدمات الصحية والإنسانية.

• حصار خانق وابتزاز إنساني وسياسي.

فأين هو الردع؟ أين هي "الكرامة" التي قيل إن السلاح يحميها؟!

لقد كان هذا السلاح مجرد فتيل أشعل النار، ثم انسحب وترك الناس وحدهم في مواجهة الموت.

من العدل أن نسأل: لو لم يكن هذا السلاح موجودًا، هل كان الاحتلال سيجد المبرر الكافي لارتكاب هذه الجرائم؟

بالتأكيد لا.

ولذلك يجب الاعتراف بأن السلاح الذي لم يمنع المجازر، صار مبررًا لها.

من الذي يدفع الثمن؟

المقاومة فعل شريف حين تكون موجهة ضد المحتل، ومدروسة، وتحمي الناس لا تضعهم دروعًا بشرية.

لكن حين تتحوّل المقاومة إلى منظومة مغلقة تحتكر القرار، وتعتبر أي نقد خيانة، فإنها بذلك تنقلب على نفسها وتفقد معناها الأول.

ما حدث في غزة هو بالضبط هذا التحول الخطير: سلاح بلا محاسبة، وخطابات بلا مشروع، وقيادات تهرب إلى الأنفاق تاركة الشعب مكشوفًا في العراء.

الناس في غزة لم يعودوا يبحثون عن انتصار، بل عن يوم بلا قصف، عن وجبة طعام، عن مستشفى فيه دواء، عن حضن آمن لطفل لم يعرف النوم منذ شهور.

من يقف على ركام البيوت لا يفكر في تحرير القدس، بل يتمنى فقط أن يعيش.

المزايدة على مصر

في كل مرة ترتفع فيها الأصوات العاقلة المطالبة بوقف النزيف، نجد من يهاجم مصر ويحمّلها المسؤولية.

لكن الحقيقة أن مصر كانت - ولا تزال - الوسيط الأول، والممر الإنساني الوحيد، والداعم الأكبر للشعب الفلسطيني.

الإخوان الإرهابيون، الذين فشلوا في الحكم ودمّروا أوطانًا، يحاولون الآن المزايدة على دور مصر في غزة.

يتهمونها زورًا، فقط لصرف الأنظار عن فشلهم الذريع في حماية شعبهم، وكأنهم يريدوننا أن ننسى أن من أوصل غزة إلى هذا الخراب هو من اختار الحرب ثم اختبأ.

مصر كانت ولا تزال الدولة التي دفعت من أمنها واستقرارها ومكانتها من أجل إنقاذ غزة، وفتحت حدودها للمساعدات، وسعت لوقف إطلاق النار، رغم كل الضغوط.

لكن الإخوان لا يرون في مصر إلا خصمًا، لأنها تفضحهم بصمتها الحكيم ومواقفها الثابتة.

سقوط آخر أوراق التوت عن الخطاب الإخواني

الخطاب الذي ظل لسنوات يروج  أن "المقاومة المسلحة هي الطريق الوحيد"، سقط الآن أمام واقع لا يرحم.

فأين هي المقاومة من مشاهد القتل الجماعي، والمجاعة، وانهيار النظام الصحي، والتدمير الشامل للبنية التحتية؟

وهل المقاومة الحقيقية تكمُن في إصدار بيانات نارية من الخارج، بينما الداخل يحترق؟

الإخوان، بفروعهم المختلفة، استغلوا القضية الفلسطينية كغطاء طويل الأمد، يلوحون به كلما أرادوا كسب تعاطف سياسي أو تهربوا من محاسبة داخلية.

والآن، لم يعد الغطاء مجديًا، فالشعب الفلسطيني نفسه بدأ يتساءل: من الذي يقف معنا حقًا؟ ومن الذي يتاجر بنا؟

من الذي قدّم شيئًا لغزة سوى الشعارات؟ ومن الذي تواطأ على شعبها باسم الجهاد والممانعة؟

أسئلة كبيرة ومُرّة، لكنها ضرورية؛ لأن الأوطان لا تُبنى على الأكاذيب.

لقد أثبتت السنوات، والدماء، والدمار، أن الخلاص لا يأتي من فوهة بندقية، بل من مشروع وطني حقيقي، يضع مصلحة الشعب أولًا، ويتخلى عن شعارات جوفاء لم تعد تنطلي إلا على من لا يعيشون المأساة.

حان الوقت لحماس أن تعترف بأن السلاح الذي لا يحمي، قد يُصبح سببًا في نهاية القضية.

وآن للشعب الفلسطيني أن يُنقَذ من عناد تنظيم لا يرى في دمائه سوى وقود لبقائه في المشهد.

لقد أصبح البقاء على هذا النهج انتحارًا جماعيًا لا علاقة له بالوطن ولا بالمقاومة.

اخرجوا منها الآن… وأنقذوا ما تبقى من شعبكم.

الصفحة الثالثة من العدد رقم 408 الصادر بتاريخ 17أبريل 2025
تم نسخ الرابط