الدولة خاضت حروبًا فى جميع المجالات بكل شجاعة وبلا تردد أو استسلام
لماذا تصدت الحكومة للمشاكل مرة واحدة.. وما الذى يجعلنا نطمئن لقراراتها؟
مشروع تحديث الريف المصرى هو مشروع القرن الحقيقى ويحتاج الدعم والمساندة من الجميع
وزير التنمية المحلية يكشف أسرار المشروع التاريخى الذى تعمل عليه الحكومة الآن
بفخر شديد أتابع ما يحدث على أرض مصر، الدولة العصية على الانكسار فعلى الرغم من كل ما مر بها، وما يعترض طريقها من عقبات، فإنها استطاعت أن تصلب عودها لتقف متحدية كل المعوقات، وتجاوزت كل الحواجز، وصدت كل الهجمات، وأفسدت كل المؤامرات التى أحاطت بها سواء من الداخل أو الخارج، وخرجت منها جميعاً منتصرة، وهو ما لم تستطع أن تفعله دول أخرى لم تتعرض لما تعرضت له مصر من أزمات متتالية، كان يمكن للدولة المصرية أن تخوض حرباً واحدة من الحروب التى فرضت عليها، لكنها قررت بعزيمة صلبة أن تخوض كل المعارك التى وجدتها أمامها دون أن تتراجع، وذلك بفضل أبنائها الشجعان الذين يعرفون قدر بلدهم وقدرتها على الصمود والعمل الشاق فى أحلك الظروف وأصعبها.
كان يمكن أن تقف القيادة أمام الشعب وتحدثه عن المعركة ضد الإرهاب، وتجند كل ما تملك ويملك الشعب لمواجهة الجماعات الإرهابية التى كانت تعيث فى الأرض فسادا، وساعتها ما كان لأحد أن يعترض أو يقول إن القيادة على خطأ، كان يمكن للقيادة أن تقول إنه لا صوت يعلو فوق صوت المعركة ضد الإرهاب، وساعتها كنا سنعلن أننا جميعا معها، لكن القيادة لم تختر الطريق السهل، بل قررت أن تخوض بالشعب الطريق الصعب، ولما وجد الشعب أنها سائرة فى هذا الطريق سار خلفها وهو مطمئن.
كان الاختيار أن تخوض القيادة المعركة ضد الإرهاب، وتخوض فى الوقت نفسه المعركة من أجل البناء والتنمية، ورغم أن هذا الطريق شاق جدا، فإننا لم نجد تردداً من أى نوع، بل وجدنا إصرارا وإقداما وتصميما على النجاح مهما كانت العقبات وهى عقبات بعضها مصنوع لعرقلة تقدمنا وعقبات طبيعية ليس لنا ذنب فيها، ولأن القيادة اختارت هذا الاختيار، ومن ورائها بدأت الحكومة تفكر وتخطط وتنفذ وتعمل جاهدة وهى تسابق الزمن فى الإنجاز الذى لم نر له مثيلاً من قبل على الإطلاق، أجدنى أصدق تماماً ما يصدر عن الحكومة من بيانات تتحدث عن مشروعات فى كل مكان على أرض مصر، وأعرف أنها ليست بيانات إنشائية فيها كلام معروف ومحفوظ، يصاغ بلغة إنشائية تعجب الناس، ولكنها بيانات صادقة تعبر عن حقائق قائمة على الأرض بلغة منضبطة ومسئولة لا يمكن أن يرقى إليها الشك من أى اتجاه.
هذه الحالة التى أصبحت عليها بيانات الحكومة، تجعلنى أنظر بإعجاب شديد إلى ما يمكننى اعتباره مشروعا قومياً كبيراً يجب أن نفخر به جميعا، ونعمل على إنجاحه بكل ما أوتينا من قوة دون تردد أو إحجام، إننى أتحدث تحديداً عن مشروع الدولة الكبير فى التحديث الشامل والمتكامل لـ 1500 قرية على مستوى الجمهورية، وحتى لا يكون كلامى إنشائياً ، فإننى سأستعين بما أعلنته الحكومة نفسها عن هذا المشروع، وهو ما يمكن اعتباره الحقائق الكاملة حول هذا المشروع، تعالوا نستمع إلى اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية وهو يحدثنا عن انتهاء الوزارة من التنسيق مع المحافظات ووزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية وباقى الوزارات الخدمية والجهات المعنية، ووضع مسودة الخطط التنموية المتكاملة لعدد ١٥٠٠ قرية فى ٥١ مركزا إداريا بـ ٢٠ محافظة ضمن المرحلة الجديدة لمبادرة رئيس الجمهورية لتطوير الريف المصرى "حياة كريمة" والتى أعلنها رئيس الجمهورية ويجرى تنفيذها تحت رعايته بشكل مباشر وتحت إشراف رئيس مجلس الوزراء.
المشروع ليس فكرة تتحرك على خريطة الحكومة، وليس مجرد حلم تسعى إلى تحقيقه، بل هو واقع ، فالوزارة بدأت بالفعل العمل بمجرد تلقى تكليف الرئيس فى ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٠ حيث قامت الوزارة بتنفيذ توجيهات رئيس مجلس الوزراء فى ٢ ديسمبر ٢٠٢٠ المتعلقة بترجمة التكليفات الرئاسية واختيار المراكز الإدارية المستهدفة للمرحلة الجديدة لمبادرة حياة كريمة، خصوصاً بعد أن تم التوافق على توسيع نطاق العمل ليشمل مراكز إدارية بالكامل وعدم الاكتفاء بتطوير تجمعات ريفية محدودة، وبما يضمن تقديم حزم متكاملة من الخدمات ويضمن استفادة كافة السكان الريفيين فى نطاق المركز.
العمل فى هذا المشروع كما فى غيره من مشروعات لا يتم بشكل عشوائى، إنما كل شيء مخطط ومدروس، وهذا هو وزير التنمية المحلية يحدثنا عن اختيار المراكز التى جاءت بعد التنسيق مع المحافظات والوزارات المركزية وتطبيق معايير أولوية التنمية التى تم التوافق عليها والتى تضمنت نسبة سكان ريف المركز من إجمالى السكان، نسبة فقراء ريف المركز، من إجمالى سكان ريف المركز، تركز عدد القرى التى يزيد فيها الفقر على ٥٥ بالمائة فى المركز، نسبة تركز قرى مراكب النجاة، معدلات الأمية والأسر التى تعولها إناث والتغطية بخدمات مياه الشرب والصرف الصحى، لا تعمل وزارة التنمية المحلية بمفردها، فنحن أمام فريق عمل متكامل وشامل، وعندما نقترب أكثر من المشروع سنجد أن الوزارة تعمل تحت مظلة اللجنة العليا المشكلة بمجلس الوزراء والتى تضم كافة الوزارات والجهات المعنية.
التنسيق المتكامل والشامل بدأ من رئيس مجلس الوزراء الذى كان قد أصدر قراره رقم ٢٧٠٠ لسنة ٢٠٢٠ والمتعلق بهيكلة المبادرة، حيث أسند القرار لوزارة التنمية المحلية مهمة رئاسة اللجنة الوزارية المسئولة عن قطاع مرافق البنية الأساسية والخدمات والتى تضم وزارة الإسكان كشركاء رئيسيين ومسئولين عن التنفيذ، كما تضم كافة الوزارات والهيئات الخدمية والجهات المسئولة عن قطاعات البنية الأساسية، وبادرت الوزارة بالتنسيق مع المحافظات لتشكيل لجان للتخطيط المحلى بكل محافظة تضم كافة المديريات وشركاء المرافق والخدمات للبدء فوراً فى وضع خطط التنمية المتكاملة بكل مركز، وبما يضمن تنفيذ التكليف الرئاسى بتوفير كل الخدمات المطلوبة لمواطنى هذه المراكز بجودة عالية.
المشاركة بدأت التفكير فى المشروع والتخطيط له، وهو ما يكشفه وزير التنمية المحلية الذى يحدثنا عن خطط التنمية المتكاملة بالمراكز التى تم وضعها بشكل تشاركى من خلال التنسيق مع كافة الجهات التنفيذية، وبدأت المحافظات حالياً فى عرضها على المواطنين والتشاور معهم من خلال آليات تشاركية فعالة.
ما يحدث على الأرض الآن بالفعل أن هناك تكليفا للمحافظات بتشكيل لجان تنمية مجتمعية ومنتديات شعبية على مستوى المراكز والوحدات المحلية القروية لتعزيز التواصل مع المواطنين وتنفيذ التكليفات الرئاسية وإشراك المواطنين فى متابعة تنفيذ المشروعات التى يجرى تنفيذها بمراكزهم.
لابد أن أسجل هنا، ولا زلت أستند إلى ما قاله وزير التنمية المحلية، فهذا البرنامج الطموح يعد واحداً من أهم البرامج التنموية فى التاريخ المصرى الحديث، حيث لم يسبق لأى حكومة فى تاريخ مصر أن تصدت لتطوير الريف المصرى بالكامل الذى يعيش فيه حوالى ٥٧ بالمائة من سكان مصر من خلال رصد موازنة غير مسبوقة تبلغ ٥١٥ مليار جنيه، وهو ما يؤكد أن دولة ٣٠ يونيو لا تتوقف عن البناء والعمران فى كل بقعة على أرض مصر، وأن المواطن المصرى بدأ يجنى ثمار الإصلاح الاقتصادى الجريء الذى قاده الرئيس السيسى.
وقد تسأل عن ملامح الخطط التنموية المتكاملة للمراكز المستهدفة فى المحافظات فالمشروع كما يتم تنفيذه الآن يشير إلى أن الخطط تتضمن كافة مشروعات البنية الأساسية التى سيتم تنفيذها على التوازى وهى مشروعات الصرف الصحى، ومد وتدعيم وإحلال وتجديد شبكات مياه الشرب، مد شبكات الغاز الطبيعى وشبكات الاتصالات المحدثة ورصف الشوارع الرئيسية والطرق الواصلة بين القرى وتوفير خدمات الإنارة العامة، حيث سيتم الانتهاء من هذه المشروعات فى نفس الوقت ليتم بعدها رصف وتمهيد الشوارع دون الحاجة لتكسيرها مرة أخرى كما كان يحدث من قبل.
الخطط التنموية تتضمن أيضاً توفير الخدمات التعليمية والصحية والشبابية وخدمات الطب البيطرى وخدمات التضامن الاجتماعى، وذلك بناء على تطبيق المعايير التخطيطية لهذه الخدمات ، حيث يجرى التنسيق مع هيئة التخطيط العمرانى لتطبيق أدلة التخطيط للخدمات التى تم إصدارها فى عام ٢٠١٥، ويعد البرنامج الحالى أول تطبيق عملى على نطاق واسع لهذه المعايير، وهو ما يؤكد اعتماد المبادرة الرئاسية على منهج علمى فى التخطيط والتنفيذ، ويؤكد على التكامل والبناء على الجهود المشتركة لكافة مؤسسات الدولة.
وبينما أكتب الآن عن هذا المشروع فإنه تجرى بالفعل على الأرض أعمال الدراسات الفنية للمشروعات المدرجة فى الخطط من خلال أجهزة وزارة الإسكان والمرافق والمجتمعات العمرانية من جانب والهيئة الهندسية للقوات المسلحة من جانب آخر باعتبارها جهات الاختصاص الفنى المكلفة بالتنفيذ، وتتعاون وزارة التنمية المحلية والمحافظات خلال هذه المرحلة مع الشركاء فى وزارة الإسكان والهيئة الهندسية لتسريع وتيرة إعداد الخطط التنفيذية وبدء التنفيذ فى أسرع وقت وإزالة أى معوقات بشكل فورى.
المشروع القومى الكبير سيصل بالفعل إلى كل أرجاء الوطن، وهو ما يظهر أمامنا من خريطة توزيع المراكز المستهدفة والتى تتضمن ٧ مراكز فى محافظة أسيوط، ٧ مراكز فى سوهاج، ٦ مراكز فى البحيرة، ٥ مراكز فى قنا، ٥ مراكز فى المنيا، ومركزين فى كلٍ من محافظات أسوان والأقصر والمنوفية والفيوم وبنى سويف والجيزة، ومركز واحد بكلٍ من محافظات الوادى الجديد والقليوبية والدقهلية والإسكندرية والغربية والشرقية والإسماعيلية ودمياط وكفر الشيخ.
هذا المشروع الكبير ومن واقع المعلومات المتوفرة عنه سيتم من خلاله إشراك المقاولين المحليين بمشروعات البنية التحتية لتوفير فرص عمل للعمالة المحلية فى المشروعات التى سيتم تنفيذها خاصة فى القرى المستهدفة بما يسهم فى إعطاء دفعة قوية للاقتصاد المحلى فى المراكز والقرى المستهدفة، وهذا طبيعى جدا، لأن الفكرة فى هذه المشروعات أنها ملك لأهالى تلك القرى ويجب أن يتكاتفوا مع الدولة من أجل سرعة تنفيذها وتذليل أى عقبات تعترض التنفيذ. عندما نعرف أن هذا هو واقع المشروع فلابد أن نفخر به، وأن نقف خلفه بكل قوة من أجل إنجاحه، فهو مشروعنا نحن، ومن خلاله يتحقق ما حلمنا به جميعا، ثم إنه فوق كل هذا وذاك فهو يؤكد أن الدولة المصرية تصنع الآن المعجزات.