بالحب والمشاعر النبيلة نصنع المعجزات ونتجاوز الأزمات
من المسئول عن انهيار العلاقات الإنسانية؟.. ولماذا تحول الحب إلى مجرد اسم أجوف وبلا معنى؟
الدراسات الحديثة أثبتت أن الذين مرضوا بالحب هم الذين ضعف جهازهم المناعى
حينما كتبت من قبل عن ضرورة وجود الحب فى حياتنا مهما كانت الظروف، وتناولت بشيء من التفصيل كيف صارت المشاعر الحقيقية مشوهة وبلا معنى حقيقى، لم أكن أتوقع كل هذا الكم الهائل من ردود الأفعال المتنوعة والمتباينة التى إن دلت على شيء فإنما تعكس حقيقة مؤكدة هى أن ما يصدر عن القلب بتلقائية وبصدق يصل إلى القلوب بسهولة ويسر دون الحصول على إذن بالدخول ودون الحاجة أصلاً لأية تفسيرات أو مبررات للكتابة فالبوح بمكنون النفس لا يتطلب «كتالوج» للتعرف على تفاصيله وإنما هو يستوحى قوته من مقدار صدقه وبساطته وتلقائيته أيضاً .
الأمر الذى شجعنى لأن أواصل السير فى نفس الاتجاه وأن أستمر فى الكتابة والغوص داخل أعماق النفس والوجدان بحثاً عن إجابات منطقية لأسئلة كثيرة تتعلق بما يعيشه «الحب» الآن من هزات عنيفة واعتداءات وحشية يتعرض لها من حين لآخر على يد أصحاب القلوب السوداء وأرباب الضمائر الميتة مع سبق الإصرار والترصد، فقد تحول الحب الآن وللأسف الشديد إلى مجرد اسم أجوف ومجرد كلمات بلا معنى وبلا قيمة بل إنه تحول أيضاً وفى غفلة من الزمن إلى نوع غريب من العلاقات الإنسانية التى لم يكن لها مكان بيننا من قبل، وعلى وجه الخصوص وقت أن كان للحب النظيف والراقى كلمته الأولى والأخيرة فى حياتنا.. وقتها كان الحب وبكل صدق هو المحرك الرئيسى لحياتنا بالكامل فقد كانت النوايا حسنة والأهداف بسيطة ومشروعة وعادلة وهى أن ننعم بحياة هادئة مع من نحب ومع من يسكن القلب ومع من يعيش داخل الوجدان، ولكن للأسف الشديد ووسط زحمة الحياة تحول هذا الحب الآن إلى نوع بعيد كل البعد عن المعانى النبيلة والأهداف السامية بل تغير تماماً مفهوم الصدق الذى عشناه من قبل بل وما زلنا نعيش على ذكرياته الحلوة التى تسكن بين ضلوعنا قبل أن يظهر فى حياتنا كل هذا التوحش وكل هذا الانفلات فى العلاقات الاجتماعية والإنسانية.
قد يرى البعض أن الكتابة عن الحب الصادق والمشاعر النبيلة نوع من الضعف الإنسانى أو أنه أمر شخصى ما يجب الدخول فى تفاصيله بأى حال من الأحوال، ولكنى حينما أكتب عن هذا الجانب فإننى وبكل شجاعة أعلن رفضى التام لما تتعرض له المشاعر النبيلة والحب الصادق فى عالم يتغير بشكل سريع ومتلاحق.. عالم يسوده التوحش وتسيطر عليه لغة التطرف العاطفى ومشاعر الأنانية، تلك المشاعر البعيدة كل البعد عن الطبيعة الإنسانية التى خلقها الله سبحانه وتعالى.. فقد خلق الله هذا الكون بالحب ومن أجل الحب الذى مهما تباينت درجاته ومهما تنوعت أشكاله وألوانه لذا فهو وبكل تأكيد سيظل دائماً هو صمام الأمان بالنسبة لنا جميعاً والبوتقة التى تنصهر بداخلها كافة أشكال وألوان المشاعر الجميلة.
لذا ليتنا نمنح أنفسنا وقتا لأن نحب وأن نهيئ للمشاعر الصادقة المناخ الصحى لأن تنتشر بيننا بشكل طبيعى، خاصة فى ظل العديد من الدراسات العلمية التى تؤكد أن الحب حينما يسود وينتشر بشكل طبيعى فإنه يزيد من المناعة داخل الجسم بل إنه يتحول إلى أكبر درع يحمى الجسم من الإصابة بالأمراض وخاصة تلك النوعية من الأمراض المستجدة التى لم يتم التوصل إلى علاج لها ومن بينها بل فى صدارتها على الإطلاق فيروس كورونا المستجد الذى لم يصل العالم حتى الآن إلى علاج مؤكد له، والحق يقال فإنه بعيداً عن الدراسات العلمية والأبحاث الاجتماعية المتعلقة بالحب ودوره فى تطوير حياتنا والارتقاء بمستوى العلاقات الاجتماعية فإن العقل والمنطق يؤكدان أيضاً على حقيقة غير قابلة حتى للمناقشة وهى أننا حينما نحب بصدق ونترك قلوبنا تتنفس حباً فإن ذلك ينعكس بشكل كبير على حجم ومستوى علاقاتنا الاجتماعية بصفة عامة بل يجعل حياتنا كلها هادئة ومستقرة .
وهنا فإننى أتساءل: هل معنى أن نتعرض لحالة نكران للجميل أو عدم وفاء من جانب بعض الأشخاص أن ندع حياتنا تنقلب رأساً على عقب؟.. وهل هذا يعنى أن الدنيا قد انتهت وأن كل شيء وصل إلى محطة النهاية؟.. أعتقد أن هذا ليس منطقياً ولا يصح بأى حال من الأحوال أن نتعامل مع الحب على هذا النحو، فبالتسامح وإفساح المجال أمام الآخرين لتوفيق أوضاعهم وتصحيح مسار مشاعرهم فإنه فى هذه الحالة سوف تكون النتائج إيجابية وسوف نتمكن من تجاوز أية عقبات تقف فى طريق السعادة التى ننشدها.. فبالحب والتسامح حتى مع من يسيئون لنا ومع من يتنكرون للحب نستطيع مواصلة الحياة بشكل طبيعى وبما يمنحنا القدرة على البقاء والعيش فى حالة تسامح وتصالح مع النفس .
ومن جهة أخرى ومن خلال متابعتى لهذا الموضوع لما يمثله من أهمية قصوى فى ضبط إيقاع الحياة ، فإنه يمكننى القول إن جهاز المناعة فى الجسم يعكس حالة الجسم الصحية، وحالة القلب والدماغ، أى أنه يعكس إحساس الإنسان ومشاعره، بل وحتى تفكيره وفقد ثبت علمياً فى هذا السياق أن هناك علاقة وثيقة بين جهاز المناعة ومخ الإنسان ومزاجه وذلك بعد أن تبين بالدليل القاطع أن جهاز المناعة يفرز نفس الموصلات العصبية التى يفرزها المخ.
وبالطبع فإنه لا يمكن فصل جهاز المناعة عن المزاج العاطفى عند الإنسان، وكثيراً ما نسمع فى القصص والحكايات عن أشخاص مرضت أجسامهم من كثرة مشاكلهم مع الحب ، وثبت علمياً أن الذين مرضوا بالحب هم الذين ضعف جهازهم المناعى، وبالتالى أصبحت أجسامهم عرضة لكثير من الأمراض، كما تشير الدراسات والأبحاث العلمية أيضاً إلى أن الإحساس بالوحدة وعدم وجود الحبيب قد يدفع الإنسان إلى السعى نحو التعويض عن ذلك، وبالطبع فإن هذا التعويض يتسبب فى اختلال مزاج الإنسان أو اضطرابه نتيجة فقد الحبيب، أو وجود إحباطات فى العمل أو الحياة فإنه يكون عرضة للإصابة بالأمراض. أما إذا كان مزاجه فى حالة مرتبكة فإن جهازه المناعى يعمل بكفاءة عالية.
وفى هذا الشأن نجد أن عدداً من علماء النفس والأخصائيين النفسيين يحذرون الناس من الفهم السطحى للحب، وما يمكن أن يؤدى إليه من مشكلات عاطفية، وربما يصل الأمر إلى بعض الأضرار الصحية الناتجة عن اضطراب جهاز المناعة بصفة عامة، لذا فإننى أقولها وبأعلى صوت «حبوا تصحوا» لأن الحب الصادق يمنح الجسم المزيد من المناعة التى نحن فى أشد الحاجة إليها الآن.