الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

لا يمكن إنكار أن قضية حقوق الإنسان تستحق كل الاهتمام من كل القوى الديمقراطية فى كل بلد وكل إقليم، كما لا يمكن إنكار أن الأمم المتحدة هى المنظمة الدولية ذات الفضل الكبير فى صياغة مجموعة مهمة من المبادئ وإصدارها عام 1948، تحت مسمى "الإعلان العالمى لحقوق الإنسان"، هذا الإعلان بما تضمنه من مبادئ يشكل الآن المرجعية الأساسية لكل القوى ولكل المنظمات المحلية والإقليمية والدولية التى تعمل من أجل إعلاء مبادئه ومناهضة انتهاكات بنوده، وفى مقدمتها تلك المبادئ المتعلقة بحرية الرأى والتعبير وحق الحياة وضمان المعاملات والمحاكمات العادلة فى إطار كفالة الدفاع لكل فرد وحق كل إنسان فى المثول أمام قاضيه الطبيعى، بالإضافة إلى كل الحقوق الأخرى الاقتصادية والاجتماعية الواردة فى الإعلان والمؤكدة فى العهود التالية له والاتفاقيات التى لحقت به.

وقد بدأت قضايا حقوق الإنسان تشد الرأى العام منذ نهايات العقد الخمسينى، بالرغم من أن الإعلان ذاته صدر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1948، لكنه استمر منذ ذلك العام ولسنوات، مجرد نصوص وإعلان لمبادئ إنسانية، إلى أن حركته المنظمات غير الحكومية وحولته إلى حركة وهدف إنسانيين، ينشط فيها ويسعى إليها مناضلون محليون وإقليميون، فمبادئ حقوق الإنسان كانت ولا تزال صياغة الأمم المتحدة، أما حركة حقوق الإنسان فهى صياغة جماهيرية تقودها عناصر محلية تمتلك إمكانية التصدى للانتهاكات وتحمل تبعات هذا التصدى، ولا تختلف حركة حقوق الإنسان فى هذا الشأن عن أى حركة جماهيرية شعبية تتفاعل مع المعطيات الديمقراطية فى البلد المعنى وتدفع بها وتطورها مع كل الحركات الشعبية غير الحكومية الأخرى.

لكن يبدو أن الرأسمالية العالمية الجديدة أصبحت تتدخل فى شئون البلدان ولا تملك رفاهية انتظار تبلور الصراع الديمقراطى فى داخل بلدان العالم النامى، إنها تسرع فى التهامها، وبدلا من أن تساند حركة الجماهير المحلية بتقديم مرجعية عالمية لها، كما كان يحدث فى الماضى القريب بدأت تزيد من سيطرتها بمحاولة أخذ زمام الأمور من تلك الجماهير ومن منظماتها وكأنها وكيلة عنهم، ليس فقط فى إدارة حركة المال والأعمال فى العالم وإنما فى قيادة الحركة السياسية الداخلية فى البلدان الصغيرة، فنحن لا نتصور أن دعوة رجال الغرب والخاصة بالتدخل المباشر فى المواقع المختلفة بأهداف إنسانية ولحماية حقوق الإنسان، ستطبق علىى الدول الكبيرة، ذات الثقل المالى أو الساسى أو العسكرى، وإنما تصورها سياسة عقابية لتلك الدول التى ستتجرأ وتخرج عن المسار العام لما تفرضه النظم العالمية الجديدة، تصور ذلك ومنه نعلم أن ملفات انتهاكات حقوق الإنسان تمس كل الدول بلا استثناء، نعم كل الدول كبيرها قبل صغيرها، ناميها قبل من كان منها فى طور النمو، لكنها تتخذ فى كل بلد أشكالا مختلفة من الانتهاكات، حسب تقدم هذا البلد أو تخلف الآخر، فحيث التقدم تستخدم التقنية العالية والأساس المنمق وحيث التخلف تستخدم الأساليب المتدنية.

ومع ذلك فلنفترض أن للأمم المتحدة الحق فى أن تتخذ لنفسها دورا أكبر فى متابعة وردع الحكومات أو القوى التى تنتهك حقوق الإنسان كما نصت عليها المواثيق والعهود الدولية المختلفة، وليكن هذا افتراضا، فلماذا تسلخ المنظمة الدولية ومعها الولايات المتحدة الأمريكية حقوق الإنسان بعضها عن بعض؟، لماذا تهاونون دائما مع عمليات البناء فى الدول النامية ومحاولة السير فى ركب الدول المتقدمة؟، إذن السؤال: لماذا لا يذكر الغرب التنمية التى تكفل للإنسان المسكن والملبس والتعليم والصحة كحق من حقوق الإنسان والشعوب أم أن الأمم المتحدة بتبنيها لفكر وقيم الرأسمالية الجديدة وضغوطها تنحاز للحقوق إذا كانت حقوقا لأفراد أن تؤثر على مصالح هذه القوى الكونية الجديدة؟، أما إذا جئنا إلى حقوق الشعوب فى حياة أفضل، مادية أو معنوية، وهى حقوق ستنتزع من هذه الرأسمالية القليل من أرباحها، هنا، لا يمكن أن تكون هذه الحقوق بندا على جدول عمل أى منظمة.

وفى النهاية أود أن أطالب الغرب بأن يسعى إلى تحقيق حقوق الشعوب فى تنمية تنتج لها فرصا أفضل للحياة، وفى علاقات دولية أكثر ديمقراطية وأقل انحيازا للقوى الكبرى وفى بيئة عالمية أكثر نقاء وصحة، أما حقوق الإنسان التى تنتهك بشكل يومى من الحكومات، فنحن المسئولون عنها، ولا نحتاج فى معركتنا معها لأسلحة حلف الأطلنطى. نحن فقط لا نريد ازدواجية فى المعايير.  

تم نسخ الرابط