الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : "  سـاعة الصـفر" أسرار خطة الخلاص التى حددها السيسى لحسم ملف سد النهضة

الرئيس عبدالفتاح
الرئيس عبدالفتاح السيسي

لماذا أعلن الرئيس مهلة 15 أبريل من الخرطوم؟ وماذا دار فى الغرف المغلقة مع البرهان فى السودان؟ هل يفتح أبى أحمد أبواب جهنم الحمراء بعد رفضه الوساطة الرباعية؟

يخطئ من يعتقد أن حلمنا ضعف ويخطئ من يعتقد أو يظن أن الصبر تردد.. لا والله صبرنا لاستجلاء الموقف وإيضاح الحقائق وليس ضعفا أو ترددًا.. هذه الكلمات قالها الرئيس السيسى خلال تفقده المنطقة الغربية العسكرية منذ شهور  وكانت موجهة بالتحديد إلى أعداء مصر فى الخارج وبالتحديد  الشيطان التركى رجب طيب أردوغان والصبى الحبشى أبى أحمد رئيس وزراء إثيوبيا .

ويبدو أن الصبى الحبشى لم يفهم الرسالة الواضحة من الأسد المصرى و أصر على ألاعيب الصغار فى مفاوضات سد النهضة فكلما اقتربنا من توقيع اتفاق ملزم يهرب كما "الجبناء " و يطلق تصريحات عنترية لا تتفق مع قدراته المتواضعة لكن هدفها الأساسى استفزاز مصر بهدف إجبارها على الانسحاب من المفاوضات حتى يصور نفسه ضحية و هى لعبة مكشوفة لا تنطلى إلا على من هم على شاكلته من أشباه السياسيين الذين يعتقدون أن مناطحة الدول الكبرى تخلق لهم شعبية داخل بلادهم وتغطى على فشلهم الذريع فى الحكم .

إن الرئيس السيسى يدير قضية سد النهضة بحكمة و صبر ودبلوماسية الكبار فهو دائما رغم الاستفزازات الإثيوبية يؤكد أن موقف القاهرة ثابت بشأن سد النهضة، خاصة فيما يتعلق ببلورة اتفاق قانونى مكتمل الجوانب بين الأطراف المعنية حول قواعد ملء وتشغيل السد و  أى عمل أو إجراء أحادى الجانب من شأنه المساس بحقوق بلاده فى مياه النيل.

لقد ذكر الرئيس السيسى هذا التصريح بعد التصريحات العنترية التى أطلقتها وزارة الخارجية الإثيوبية بشأن رغبتها فى اتفاق غير ملزم فى قضية سد النهضة و هو الأمر الذى قابله الشعب المصرى بغضب شديد و جعله يطالب القيادة السياسية بالتدخل العسكرى لإنهاء الاستفزازات الصبيانية من الجانب الإثيوبى فمياه النيل بالنسبة للمصريين قضية حياة أو موت .

يوما بعد الآخر يثبت لى رئيس الوزراء الإثيوبى أبى أحمد أن صبرنا تجاه ما يفعله ضد بلادنا قد نفد وحان وقت حسم قضية سد النهضة فلم أكن ضاربا للودع أو منجما عندما كتبت فى أحد مقالاتى منذ تولى  أبى أحمد منصب رئيس وزراء إثيوبيا أنه سيكون أخطر على مصر من سابقيه  معتمدا على  تحليل سيرته الذاتية وقصة صعوده السياسى بطرق غير مشروعة مستغلا صفاته المخابراتية وعلاقاته مع النخب الحاكمة ودغدغته لمشاعر الشعب الإثيوبى الذى بطبعه يعشق عقيدة التملك .

عندما جاء  هذا الملعون إلى مصر واستقبله الرئيس السيسى وجعله يقسم بللـه أن سد النهضة لن يضر مصر توقع الجميع أن تكون تلك اللحظة بداية لعلاقة جديدة تسير بالمفاوضات إلى حل يرضى الجميع لكنى لم أكن من هؤلاء وكتبت وقتها أن هذا الرجل "الغامض " سوف يرهقنا ويستهلك الوقت فى المفاوضات بينما يستمر فى بناء سد النهضة.

وبالفعل أثبتت الأحداث صدق وجهة نظرى لأننى تيقنت أن هذا الحبشى الملعون لا يريد حل القضية وكل ما يهمه هو إضاعة الوقت لفرض الأمر الواقع على مصر و السودان مستغلا الصبر أن البلدين ما زالا يفضلان خيار السلام و التنمية .

والحقيقة أن أبى أحمد يراهن على استهلاك الوقت للخلاص من أزماته الداخلية لكنه رهان خائب فعندما ينفد الصبر وقتها لن ينفع الندم أو الاعتذار أو العودة إلى جلسة المفاوضات فلقد تحملت مصر الكثير من خيانات أبى أحمد وإثيوبيا ولجأت إلى المنظمات الدولية واستطاعت أن تثبت للعالم ضعف الموقف الإثيوبى ومع ذلك يصر أبى أحمد على موقفه وهذا ليس مستغربا فسد النهضة كما قلت هو مصدر بقائه فى السلطة .

لقد أكدت الأيام الماضية بما لا يدع مجالا للشك أن " الغرور " ركب أبى أحمد و أنه تعدى الخط الأحمر   حيث أعلن عن عزم بلاده  المضى قدماً فى إجراءات الملء الثانى لخزان السد فى الموعد المحدد له يوليو  المقبل،  دون موافقة مسبقة من الخرطوم أو القاهرة، أو الانتظار لما ستسفر عنه "المفاوضات المتعثرة" بين الأطراف الثلاثة، والتى تعزو كل دولة "فشل جولاتها" للطرف الآخر.

إن مطالبتى بسرعة  حسم الملف بقرار رادع لم تكن من فراغ لكنى وجدت نفسى مجبرا على ذلك عندما أعلنت الخارجية الإثيوبية عن تدشين حملة  دبلوماسية واسعة بالتزامن مع موقف بايدن  إلى خلق وعى بين المجتمع العالمى حول ما تعده واقع سد النهضة على نهر النيل و استعداداتها للملء الثانى للسد و هو ما يهدد الأمن القومى لمصر و السودان .

الكلمات السابقة كتبتها على مدار الأعداد التى تناولت فيها ملف سد النهضة و أصارحكم القول إننى "طرت " من الفرحة عندما زار الرئيس السيسى السودان  السبت الماضى و أعلن عن الخط الأحمر لإثيوبيا  الذى سوف ينتهى 15 أبريل المقبل الموعد النهائى  لإنهاء المفاوضات  ومن بعدها يحق لمصر و السودان اتخاذ كل القرارات التى تحفظ أمنهما القومى .

لقد شهدت جلسة المباحثات التى عقدها الرئيس عبدالفتاح السيسى مع  الفريق أول عبد الفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة الانتقالى السودانى، التطرق للعديد من الموضوعات المشتركة الهامة بين البلدين والقضايا الإقليمية أيضا، فضلا عن ملف سد النهضة.

كما شهد اللقاء الذى جمع الرئيس السيسى، مع رئيس مجلس السيادة الانتقالى للسودان، تبادل الرؤى بشأن تطورات ملف سد النهضة، حيث تم التوافق على أن المرحلة الدقيقة الحالية التى يمر بها ملف سد النهضة تتطلب أعلى درجات التنسيق بين مصر والسودان بوصفهما دولتى المصب اللتين ستتأثران بشكل مباشر بهذا السد، مع التشديد على رفض أى إجراءات أحادية تهدف لفرض الأمر الواقع والاستئثار بموارد النيل الأزرق.

وتم مناقشة سبل تعزيز الجهود الثنائية والإقليمية والدولية للتوصل لاتفاق شامل ومتكامل حول قواعد ملء وتشغيل سد النهضة يكون ملزمًا قانونيًا ويحقق مصالح الدول الثلاث، ويحد من أضرار وآثار سد النهضة على مصر والسودان، خاصةً من خلال دعم المقترح السودانى لتشكيل رباعية دولية تشمل رئاسة الاتحاد الإفريقى والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والأمم المتحدة للتوسط فى هذا الملف.

لقد جاءت الزيارة المهمة  للعاصمة السودانية الخرطوم؛ تتويجًا لخطوات تعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وبرزت فى الآونة الأخيرة مؤشرات على تدعيم وتوثيق التعاون فى المجال العسكرى بين مصر والسودان، وشمل ذلك إجراء تدريبات عسكرية مشتركة ثنائية للمرة الأولى، تبعتها المشاركة فى مناورات عربية، إضافة إلى تكثيف الاجتماعات والزيارات المتبادلة لقيادات ومسئولى البلدين فى خطوات تهدف إلى تعزيز تعاونهما العسكرى فى ظل المتغيرات المحلية والإقليمية الأخيرة، فى خطوات ذات دلالة خاصة على رغبة قيادة الدولتين فى تعميق روابط الأخوة والصداقة التى تجمع الشعبين الشقيقين؛ لتحقيق الأمن القومى لكلٍ من السودان ومصر، تلخصها إعلان الرئاسة المصرية بأن ما يربطنا بالسودان هو علاقات "أخوية إستراتيجية".

إن الزعيمين قررا حسم ملف سد النهضة حتى يفوتا الفرصة على إثيوبيا لفرض الأمر الواقع بالملء الثانى للسد  و بدأت الدولتان تكوين جبهة موحدة لمواجهة التعنت الإثيوبى فهناك  تطابق فى وجهات النظر فيما يخص سد النهضة وأهمية أن يكون هناك اتفاق واضح وملزم لجميع الأطراف فيما يخص القضايا المتعلقة بسد النهضة ومن خلال وساطة رباعية".

لا شك فى أن  التنسيق المصرى- السودانى قد وضع أبى أحمد فى خانة اليك ولا سبيل أمامه إلا الاستجابة للمطالب المصرية- السودانية لأن مغامرة أخرى ستكون عواقبها وخيمة لأنه بذلك سوف يفتح أبواب جهنم فى أديس أبابا فمصر وقتها لن يكون أمامها إلا سلاح الردع العسكرى  خصوصا أنه قبل زيارة الرئيس السيسى للسودان تم توقيع اتفاقية عسكرية بين البلدين على  هامش زيارة رئيس أركان الجيش المصرى الفريق محمد فريد للعاصمة الخرطوم للمشاركة فى الاجتماع السابع للجنة العسكرية السودانية -المصرية المشتركة.

وأكد الفريق فريد أن  القاهرة تسعى لترسيخ الروابط والعلاقات مع الخرطوم فى كل المجالات، خصوصاً العسكرية والأمنية، والتضامن كنهج إستراتيجى تفرضه البيئة الإقليمية والدولية، لافتاً إلى أن البلدين يواجهان تحديات مشتركة، وأن هناك تهديدات متعددة تواجه الأمن القومى فى الدولتين. وفيما نوه فريد إلى استعداد مصر  لتلبية كل طلبات الجانب السودانى فى المجالات العسكرية كافة من تدريب وتسليح وتأمين الحدود المشتركة، أكد أن مستوى التعاون العسكرى مع السودان غير مسبوق. مضيفاً أن "تعدد وخطورة التهديدات المحيطة بالأمن القومى والمصالح المشتركة تستدعى التكامل بين الأشقاء."..

فى حين أوضح رئيس أركان الجيش السودانى الفريق أول ركن محمد عثمان الحسين، أن الهدف من هذا الاتفاق هو تحقيق الأمن القومى للدولتين، لبناء قوات مسلحة مليئة بالتجارب والعلم، معضداً مساعى مصر الحميدة، ووقوفها إلى جانب السودان فى المواقف الصعبة.

لقد وجّهت مصر والسودان رسائل تحذيرية سياسية وعسكرية مزدوجة إلى إثيوبيا تضمنت رفض أى إجراء أحادى بملء خزان سد النهضة على نهر النيل، فضلاً عن توقيع اتفاق لتعزيز التعاون العسكرى، وتأييد مصرى لتحركات الجيش السودانى على حدوده الشرقية المتاخمة لإثيوبيا.

إننى أتفق مع  الخبير العسكرى اللواء محمود خلف الذى أكد  أن الاتفاقية العسكرية بين مصر والسودان  تحمل رسالة واضحة إلى إثيوبيا، بأن عليها أن تجنح للسلم، بعد أن تمادت ضد السودان.

وأضاف هذا الملف توترا جديدا إلى العلاقات بين البلدين، المتوترة أصلا على خلفية بناء إثيوبيا سد النهضة على أهم روافد نهر النيل، الأمر الذى يهدد الأمن المائى لكلٍ من مصر وإثيوبيا.

وتابع :  إن الرسالة من الاتفاقية العسكرية أن الأمن القومى المصرى و السودانى أمر واحد، فما يهدد مصر يهدد السودان والعكس صحيح، أيا كان نوع هذا التهديد.

وتابع: "إن الاتفاقية العسكرية إشارة على جدية البلدين، ورسالة إلى إثيوبيا كى تراجع نفسها"، مشيرا إلى أن هناك خطأ فى الحسابات الإثيوبية، التى تتصور أنها قادرة على التعامل مع السودان وحده، معتبرا الاتفاقية وما سبقها من مناورات نسور النيل فى نوفمبر 2020محاولة لدفع أديس أبابا بعيدا عن حساباتها الخاطئة.

ولفت إلى أن الإستراتيجية العسكرية تشمل إقناع الخصم بخطأ تصرفاته والخسائر الجسيمة المترتبة على ذلك، وهذه الإجراءات، بما فى ذلك الاتفاقية العسكرية تقول لإثيوبيا كفى.

وشدد على أن العمل العسكرى مرهون بالعمل السياسى، فيجب استنفاد كل الحلول السياسية قبل اللجوء إلى القوة، وهو الخيار الأخير.

إننى على المستوى الشخصى لا أرى حلا لمشكلة سد النهضة إلا بحسمه عسكريا  فرئيس الوزراء الإثيوبى أدمن المراوغة والهروب  و لعل  إعلان وزارة الخارجية الإثيوبية عن رفض الوساطة الرباعية التى اقترحتها مصر والسودان و  تمسكها بالوساطة الإفريقية فقط يؤكد ذلك .

ففى بيان نشرته وزارة الخارجية الإثيوبية الثلاثاء الماضى قال المتحدث الرسمى باسم الوزارة دينا مفتى إنه "يمكن حل قضية سد النهضة تحت رعاية المفاوضات الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقى، والتى لا تتطلب مشاركة طرف آخر فى القضية كوسيط"..

وأضاف: " تؤمن إثيوبيا إيمانا راسخا بإمكانية حل المشكلات الإفريقية من خلال الحلول الإفريقية، كما أن الاتحاد الإفريقى وجمهورية الكونغو الديمقراطية قادران تماما على التوصل إلى حلول مربحة للجميع". مشيرا إلى أن: "الميل إلى التمسك بالوضع الراهن لاتفاقيات الحقبة الاستعمارية تحت مسمى التوصل إلى اتفاقيات ملزمة أمر غير مقبول"..

وقال البيان إن "حوض النيل هو مورد مائى مشترك، حيث ستستفيد جميع دول المصب من المفاوضات، وإثيوبيا لها الحق الطبيعى والقانونى فى استخدام مواردها المائية بشكل عادل ومنصف دون التسبب فى ضرر كبير لدول المصب"..

وأضاف: "تمت معالجة مسائل سلامة السدود وتبادل المعلومات التى أثارها الجانب السودانى بشكل ملائم، ولا يمكن أن تكون أسبابا للشكوى على الإطلاق"..

إننى متأكد أن الأسد المصرى لن يخذل شعبه ولكن لأنه حكيم من حكماء العالم فهو يتحمل هذه الاستفزازات طالما صبره لم ينفد وعلى أبى أحمد ورجاله أن يتأكدوا أن نهايتهم حتمية إذا نفد صبر الرئيس السيسى و الشعب المصرى فالجيش المصرى قادر على سحق أى عدو حتى لو كان بعيدا عن مصر بآلاف الأميال .

إننى أرى أن المفاوضات الأخيرة التى يرعاها الاتحاد الإفريقى هى الإنذار المصرى الأخير لإثيوبيا ففشلها يعنى أنها أصبحت "عدوا " لمصر و من حق الدولة المصرية أن تتعامل معها بالقوة العسكرية وهو الأمر الذى لا يتمناه الرئيس السيسى الذى يرفع شعار السلام و التنمية للجميع لكنه إذا وجد نفسه مجبرا على ذلك للدفاع عن الأمن القومى المصرى فسوف يقود بنفسه الحرب التى سيكون النصر فيها حليفنا بإذن لله .

 

 

تم نسخ الرابط