◄حقائق مهمة ومعلومات مؤكدة حول الفيروس الذى أربك العالم
بادئ ذى بدء علينا أن نضع فى الاعتبار حقيقة مؤكدة هى أن العالم فى مرحلة ما بعد كورونا لن يعود إلى ما كان عليه من قبل حيث استطاع هذا الفيروس الغامض أن يقلب الموازين رأساً على عقب ويغير ملامح الحياة بالكامل ويعيد صياغة مفردات العلاقات الاجتماعية بشكل مختلف تماما عما كانت عليه قبل ظهور هذا الفيروس فى حياتنا.. خاصة أنه لم يكتف بأن حير العلماء والباحثين الذين يقفون أمامه إلى الآن مكتوفى الأيدى باستثناء بعض التجارب القريبة إلى النجاح بل إنه أربك حسابات الدول أيضاً وجعل الكثير من الحكومات غير قادرة على التعامل معه بنفس سرعة انتشاره لدرجة أنه أسقط ميزانيات دول كبرى فى وحل الأزمات الطاحنة .
وعلى الرغم من هذه الصورة غير واضحة الملامح للحالة التى أصبح عليها العالم الآن فى ظل كورونا فإنه وبعد مرور عام على ظهوره بشكل لافت للنظر يمكننا استخلاص الكثير من الحقائق التى استنبطتها الأبحاث العلمية والدراسات والبيانات الرسمية المعتمدة فى كثير من جوانبها من منظمة الصحة العالمية ووزارات الصحة فى الكثير من الدول التى تعاملت بشكل احترافى مع هذه الأزمة ومن بينها بل وفى مقدمتها الدولة المصرية التى تعاملت مع هذه الأزمة منذ البداية بشكل احترافى . ومن خلال قراءة فى تلك الدراسات والأبحاث التى تناولت العديد من الجوانب المتعلقة بفيروس كورونا نجد أنفسنا وبعد مرور عام كامل أمام أشياء تعلمناها من هذه الأزمة .
فمع اكتشاف أولى حالات الإصابة بمرض فيروس كورونا المستجد "كوفيد 19" قبل أكثر من عام قضى الفيروس فى هذه الفترة على حياة أكثر من 2.6 مليون من الذين أصيبوا به، وتسبب فى إصابة ملايين آخرين من البشر فى شتى أرجاء العالم ،وقد صاحب ذلك قيام الأطباء والعلماء بجمع عدد كبير من المعلومات عن مرض "كوفيد-19" والفيروس المسبب له، التى كانت غائبة عن الناس أو تلك التى كان هناك شكوك حولها، وفى هذا الإطار، رصدت هيئة الإذاعة البريطانية "BBC" أبرز 7 أشياء تعلمها العالم بعد مرور عام على انتشار فيروس كورونا المستجد، أبرزها على الإطلاق أن ارتداء الكمامات أمر ضرورى لاحتواء "كوفيد-19" على الرغم من أن ارتداء الكمامات بمفرده لا يمنع انتشار فيروس كورونا، ولكنه يساعد إلى حد بعيد فى احتوائه وتقليل فرص الإصابة بالفيروس وذلك حسبما توصلت إليه عدة دراسات علمية دقيقة تناولت هذا الجانب المتعلق بارتداء الكمامة ، فقد قالت مراكز السيطرة على الأوبئة والوقاية منها فى الولايات المتحدة، مؤخراً إن من شأن ارتداء كمامتين (كمامة من القماش وأخرى جراحية) خفض احتمالات انتشار المرض بأكثر من 90% ، وحسبما يقوله بعض خبراء فى مجال الوقاية ، إن ارتداء الكمامات له اثنان من المنافع على الأقل، فهو من ناحية يوفر الحماية لمرتديها ومن ناحية أخرى يحمى الأشخاص الذين يختلطون بمصاب يرتدى كمامة هو الآخر.
ومن الأشياء المهمة التى تم رصدها على مدى عام من ظهور "كوفيد-19" أنه لا يصيب كبار السن فقط بل إن الإصابة تشمل الكبار والصغار على حد سواء حيث ثبت علمياً أن مخاطر الإصابة بأعراض شديدة نتيجة كوفيد-19 تزداد لدى كبار السن، مما يعرضهم لخطر أكبر من ذلك الذى يتعرض له الأصغر سنا، والسبب فى ذلك بسيط، وليس له أى علاقة بفيروس كورونا على الإطلاق حيث إن جهاز مناعة الإنسان يضعف مع تقدم الشخص فى السن، وبالتالى فإن ذلك ينعكس بشكل كبير على التقليل من قابلية الجسم لمقاومة الأمراض ، ولكن هذا لا يعنى أن صغار السن فى مأمن من الإصابة، حتى أولئك الذين لا يعانون من أمراض أخرى كداء السكرى وارتفاع ضغط الدم والبدانة، وحالهم حال الجميع، قد تظهر عند صغار السن أعراض خطيرة، وقد يحتاجون إلى العزل فى المستشفى وقد يصل الأمر إلى حد الموت نتيجة إصابتهم بفيروس كورونا.
وهناك حقيقة علمية فى منتهى الأهمية أيضاً هى أن كوفيد ليس "إنفلونزا خفيفة" حيث يتشارك كوفيد مع الإنفلونزا فى بعض الأعراض، ولكن خطورة "كوفيد 19" أكبر بكثير، حتى إذا تشابهت أعراض الإصابة به بنفس أعراض الإنفلونزا، ومنها على سبيل المثال ارتفاع درجة حرارة الجسم والسعال والشعور بالإرهاق والهزال.وقد يعانى بعض المصابين بالفيروس التاجى من أعراض أخرى كآلام العضلات والصداع وربما الإسهال والقيء، مثله مثل الإنفلونزا، كما يمكن لـ"كوفيد 19" أن ينتقل قبل أن تبدو على المصاب أى أعراض، بل إن بعض المصابين لا يظهرون أى أعراض بالمرة طيلة فترة إصابتهم، ولكن عواقب الإصابة بالفيروس التاجى أخطر بكثير من الإصابة بالإنفلونزا عند العديد من البشر.
أما بالنسبة لمنشأ فيروس كورونا فقد ثبت علمياً وبشكل لا يقبل الشك أن منشأه حيوانى أى أنه ليس مصنعا فى مختبر كما كان يعتقد البعض وفى هذا الصدد يقول فريق منظمة الصحة العالمية الذى تم تكليفه بدراسة منشأ فيروس فى مدينة ووهان الصينية :إن كافة الأدلة تشير إلى أن فيروس كورونا المستجد حيوانى المنشأ وقال أيضاً رئيس الفريق الأممى بيتر بين أمباريك، إن "كل المعلومات التى استقيناها حتى الآن تقودنا إلى الاستنتاج بأن منشأ فيروس كورونا حيوانى" وحسبما يقوله أمباريك، فإن الأدلة تشير إلى أن فيروس كورونا المستجد ظهر للمرة الأولى فى الخفافيش، ولكنه يضيف أن "من غير المرجح وجود هذه الحيوانات فى ووهان، ولم نتمكن إلى الآن من التعرف على الحيوان الوسيط".
وعلى صعيد آخر وفيما يتعلق بعلاج مرضى كورونا فقد أثبتت تجارب المعايشة الحقيقية مع المرض أن عقارى كلوروكوين وهيدروكسى كلوروكوين ليسا علاجين لكورونا حيث كان الاعتقاد سائدا، فى المراحل الأولى لانتشار الوباء، بأن عقارى كلوروكوين وهيدروكسى كلوروكوين المشتق منه، قد يكونان فعالين لعلاج كوفيد، حيث أشار باحثون صينيون ومجموعة من الباحثين الفرنسيين إلى أن لهذين العقارين فاعلية فى علاج كوفيد، ولكن منذ ذلك الحين أثبتت عدة دراسات أن العقارين ليسا فعالين بالمرة، بل قد يتسببان فى تأثيرات ضارة وخطيرة على صحة المريض نفسه لذا فإن منظمة الصحة العالمية قررت منذ يوليو من العام الماضى وقف الاختبارات التى كانت تجريها على عقار هيدروكسى كلوروكوين، بعد أن اكتشفت أن استخدامه لا يخفض عدد الوفيات بين المصابين بكورونا المستجد. ومن الأشياء الضرورية أيضاً والتى تم التوصل إليها على مدى عام كامل من ظهور كورونا أنه من غير المرجح أن تصاب بالعدوى جراء لمس أغلفة المواد الغذائية ففى الأيام الأولى لانتشار الوباء، انتشرت فى وسائل التواصل الاجتماعى، آلاف التدوينات التى عبر أصحابها عن مخاوفهم من اضطرارهم لتنظيف وتعقيم مغلفات الطعام الذى يتناولونه، ولكن، حسبما صرحت به منظمة الصحة العالمية، فإنه "لم تسجل أى حالات مؤكدة للإصابة بكوفيد-19 انتقلت عن طريق الطعام أو أغلفة الطعام" ، كما سبق وأصدرت الحكومة البريطانية، تنبيهًا حول إمكانية انتقال عدوى فيروس كورونا من الطعام، وبحسب توجيهات الحكومة، فإنه من غير المحتمل أن تحدث الإصابة بفيروس كورونا من الغذاء، لأن أمراض الجهاز التنفسى، لا تنتقل عن طريق التعرض للطعام أو تغليف المواد الغذائية، لافتة إلى أن الإصابة بالفيروس التاجى غير مؤكدة عن طريق الطعام أو أغلفته.
أما الشيء المثير للدهشة فى مسألة الإصابة بكورونا أنه ثبت بشكل قاطع أن الشخص المصاب بكورونا يمكن أن يصاب بالفيروس أكثر من مرة وهذه الحقيقة جاءت بناء على بحث أجرته وكالة الصحة العامة التابعة للحكومة البريطانية، حيث أشارت إلى أن غالبية الذين أصيبوا بمرض "كوفيد-19" بنسبة 83% منهم تحديدًا يكتسبون مناعة تدوم لخمسة شهور على الأقل ولكن يتم اكتشاف حالات إصابة لمرة ثانية فى عدة بلدان، ولو أن ذلك أمر نادر الحصول، والقلق الأكبر الذى أربك حسابات خبراء الصحة العامة يتعلق بالإصابة بفيروسات كورونا المتحورة، فإذا بدأ عدد كبير من الذين أصيبوا بكوفيد وشفوا منه بإظهار نتائج إيجابية فى الفحوصات، قد يعود ذلك إلى إصابتهم بفيروس متحور جديد، حيث إن الفيروس يتمكن من الإفلات من الأجسام المضادة التى أنتجها الجسم جراء الإصابة الأولى.