السبت 23 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب من المستشفى: على هامش محنة "كورونا" 

الاعلامى محمد فودة
الاعلامى محمد فودة

◄احذروا.. الفيروس ليس بعيداً عن أحد والإصابة تأتى فى لحظات والخطر يحيطنا من كل جانب 

 

◄الصحة "تاج" على رءوس الأصحاء.. ليتنا نحافظ عليها بكل ما أوتينا من قوة

 

◄دعواتكم لى بتجاوز المرحلة الصعبة فأنا بين يدى الله ولا أملك سوى "الدعاء" والتضرع إليه 

 

◄المشاعر الإنسانية التى غمرنى بها الأهل والأصدقاء رفعت معنوياتى وشعرت بأن الدنيا لا تزال بخير

 

◄حافظوا على أنفسكم بالالتزام بالإجراءات الاحترازية واستخدام وسائل التعقيم بصفة مستمرة 

 

◄"محبة الناس" ودعاؤهم لى بعد دخولى المستشفى زادانى قوة فى مواجهة المرض  

 

على الرغم من أننى ممنوع من الكتابة فى الوقت الحالى بأمر الطبيب المعالج ، ليس هذا فحسب بل إننى ممنوع أيضاً من ممارسة العمل الصحفى إلى حين إتمام الشفاء والخروج من المستشفى، فإننى لم أستطع مقاومة تلك الرغبة العارمة التى تملكتنى وجعلتنى أسعى بشتى الطرق من أجل الكتابة الآن عن تجربتى المريرة التى عشتها ومازلت أعيش تفاصيلها "القاسية" مع المرض فى أعقاب إصابتى بفيروس كورونا اللعين الذى لم أدرِ من أين جاءنى، فأنا منذ ظهور الفيروس فى بداياته مطلع العام الماضى وأنا حريص كل الحرص على استخدام المعقمات ووسائل التنظيف وألتزم بشكل مبالغ فيه فى استخدام الكمامة، وعلى الرغم من ذلك فوجئت بهذه الإصابة فأيقنت تمام اليقين أن هذا قدر الله واختبار منه سبحانه وتعالى على قوة التحمل وقوة العزيمة، فما كان منى إلا القول كما علمنا الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم فى مثل هذه الظروف بأن قلت قدر الله وما شاء فعل ، ودعوت الله عز وجل من كل قلبى راجيا ومتوسلاً بقولى " اللهم إنى لا أسألك رد القضاء ولكن أسألك اللطف فيه".

 

والحق يقال فإن هذه الرغبة القوية فى الكتابة الآن ليست من قبيل الفضفضة أو أنها محاولة لإخراج ما بداخلى لأتخلص من هذا الكم الهائل من الأوجاع والآلام ولكننى أكتب الآن عن محنة المرض فقط من أجل توعية الناس الذين أحبهم من كل قلبى وأن أبعث لهم برسائل تحذير من خطورة الإصابة بهذا الفيروس مناشداً الجميع ضرورة الالتزام بجميع الإجراءات الاحترازية وجعل ارتداء الكمامة بمثابة أسلوب حياة وعدم التهاون فيها بأى شكل من الأشكال والالتزام بتعقيم الأيدى بشكل دائم وتنظيف وتطهير الأماكن قبل الجلوس عليها أو لمسها مع الالتزام بتنفيذ خطوات وقواعد التباعد الاجتماعى بكل دقة، لأننا لم نعد فى الوقت الحالى نمتلك رفاهية أى خطأ أو إهمال وليس من مصلحة أحد عدم الاكتراث بقرارات وزارة الصحة فى هذا الشأن وعدم الالتزام بإجراءات الدولة والإلقاء بها عرض الحائط وكأنها تخص شعبا آخر.. الدولة فعلت كل ما فى وسعها وعلينا الالتزام بما تصدره من قرارات من شأنها حماية المواطنين والتقليل من فرص الإصابة بهذا الفيروس الغامض الذى حير العالم وقلب حياة جميع شعوب الأرض رأساً على عقب.. فالإصابة بالفيروس لم تعد بعيدة عن أى شخص مهما كان مركزه الاجتماعى.. الأغنياء والفقراء فى مرمى سهام الفيروس الذى يقترب من الكل فالجميع أصبحوا بالفعل أمام الإصابة بالفيروس على نفس المسافة والجميع معرضون للعيش فى هذه المحنة الصعبة والقاسية.

 

ولكن قبل الخوض فى هذا الموضوع أود الإشارة إلى مسألة فى منتهى الأهمية تتعلق بمفهوم الوعى والثقافة الصحية التى يفتقدها وللأسف الشديد الغالبية العظمى من الشعب، فعلى الرغم من كل هذه الحملات التوعوية التى يتم القيام بها عبر وسائل الإعلام فإن الغالبية العظمى من الناس يتعاملون معها وكأنها مجرد نوع من أنواع التسلية، وهذا خطأ فادح، فنحن نفتقد الوعى بخطورة الإصابة بهذا المرض ونفتقد الثقافة والوعى الصحى بالإرشادات الحقيقية ولا ندرك أصلاً كيف نحمى أنفسنا وأسرنا وأقرب الناس وأحبهم إلى قلوبنا.

نحن الآن وفى ظل تزايد أعداد الإصابات بكورونا أصبحنا فى أشد الحاجة للتوعية والتثقيف وخلق موجة من أسلوب الحياة فى المجتمع، مرحلة جديدة من الوعى الحقيقى بخطورة الوضع الذى نعيشه الآن خاصة أن هناك موجة ثالثة من كورونا تحصد حاليا بالآلاف يوميا فى دول كثيرة حولنا بل إنها خيمت بظلالها على كافة نواحى الحياة فى هذه الدول وهو ما يتطلب منا المزيد من الوعى والإدراك والتعامل مع الأزمة بحرص شديد وبحذر يتساوى مع حجم وخطورة هذا الوضع الذى ترتب عن انتشار الفيروس على هذا النحو المخيف.

 

وبعيداً عن موضوع الوعى الذى أطالب به الجميع هناك مسألة أخرى فى منتهى الأهمية تتعلق بهذا الكم الهائل من الحب الذى شعرب به منذ دخولى المستشفى فقد غمرنى الأهل والأصدقاء والأحباء بقدر هائل من الحب والدعاء بظاهر القلب بأن أتجاوز هذه المحنة وهو وبكل تأكيد ساعدنى فى أن أتجاوز حتى الآن ما كنت فيه من حالة صحية يعلم الله كم كانت صعبة وقاسية، فدعوات الناس لى بكل هذا الحب والصدق جعلتنى أشعر بأن مناعتى تضاعفت وتملكتنى رغبة قوية وإحساس جارف بأننى أقوى من هذا الفيروس الغامض وأننى قادر بإرادة الله أن أقهره وأن أهزمه فمهما كانت قوته وقدرته على اختراق مناطق مهمة فى الجسم وجهاز التنفس فإن الله قد منحنا سلاحاً فتاكاً يمكننا من خلاله الفتك بهذا الفيروس هذا السلاح هو قوة الإرادة وقوة العزيمة وقوة الإصرار على تجاوز المحنة بفضل الله سبحانه وتعالى وبفضل دعوات مخلصة نابعة من قلوب ناس أحبهم فى الله ويحبوننى فى الله.

 

دعوات مخلصة من القلب منحتنى الصبر على تحمل وجع المرض وضيق التنفس والإحساس بعدم القدرة على الحركة ثم بفضل دعوات الناس أشعر أيضاً فى لحظات وكأن شيئاً لم يحدث وكأن هذه الإصابة بكورونا لا تخصنى وإنما تخص شخصا آخر.. هكذا تفعل الدعوات الصادقة النابعة من القلب تنتشلنى من أوجاع كورونا لتلقى بى فى عالم يسوده الحب والصفاء والنقاء فقد كنت ومازلت وسأظل متمسكاً بالحب ومتسامحاً ومتصالحاً مع نفسى وكلى يقين بأنه لا شيء فى هذه الدنيا يعادل الشعور بالحب الصادق مع كل من حولى .

لا أستطيع هنا أن أذكر أسماء كل من غمرونى بحبهم النابع من قلوبهم فالقائمة تطول وتطول ومحبة الناس كنز منحه لى الخالق جل شأنه ولا يمكن بأى حال من الأحوال أن يصبح مجرد قائمة أسماء مكتوبة فى مقال، ولكن كل ما أود أن أقوله لجميع الأهل والأصدقاء والأحباء إننى أحبكم جميعاً وأرجوكم حافظوا على أنفسكم فكما تقول الحكمة ( الصحة تاج على رءوس الأصحاء لا يراه إلا المرضى).

 

نعم أنا من هنا وأنا على سرير المرض وبين يدى خالقى جل شأنه أقول لكم حافظوا على أنفسكم قدر استطاعتكم وافعلوا كل ما فى وسعكم من أجل بناء حائط منيع بينكم وبين هذا الفيروس اللعين، هذا الحائط والسد المنيع لن يأتى إلا بالالتزام بالإجراءات الاحترازية وتنفيذ قواعد التباعد الاجتماعى قدر استطاعتكم.

وأخيراً لا يسعنى إلا أن أرفع أكف الضراعة سائلاً المولى عز وجل أن يرفع عنا البلاء والوباء وأن يحمى بلدنا الحبيب مصر من كل سوء وأسأله العفو والمغفرة وأنا أردد الآن قوله تعالى فى كتابه الكريم فى خواتيم سورة البقرة ( رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِنَا ۚ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ۖ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا ۚ أَنتَ مَوْلَانَا فَانصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ).

صدق الله العظيم 

تم نسخ الرابط