الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : " الحل فى القاهرة " أسرار « مكالمات الصداقة » بين السيسى وبايدن

محمود الشويح - صورة
محمود الشويح - صورة أرشفية

- لماذا  اتصل « البيت الأبيض» بالرئيس مرتين خلال أيام؟.. وماذا قال له؟

- ما سر  زيارة وزير الخارجية الأمريكى إلى مصر؟.. وأسرار الوساطة فى ملف السد.

- كيف فشلت محاولات الإخوان لـ «الضرب تحت الحزام» بين القاهرة وواشنطن؟

فى خضم الانتخابات الرئاسية الأمريكية الأخيرة، كان السؤال الساخن: أيهما أفضل لمصر؟.. وكان المقصود المتنافسين ترامب وبايدن.

كنت أستمع لمحللين كثيرين وأقرأ لخبراء أكثر.. هذا يعدد فوائد ترامب.. وذاك يحذر من الديمقراطى القادم بأجندة تتناقض مع توجهات القاهرة.

وكنت فى كل مرة أستمع لهؤلاء أندهش من مستويات المحللين والخبراء لدينا.. وللحق لم أعد أندهش كثيرا، فمعظم هؤلاء من مخلفات فوضى ٢٥ يناير، التى كما أخرجت إلينا من يسمون أنفسهم "نشطاء" فإنها ألقت فى وجوهنا بكائنات غريبة تحمل لقب "خبراء".

أما سبب الدهشة فهو أن البعض لا يزال، حتى الآن، غير مدرك لما حدث ويحدث فى مصر بعد ٣٠ يونيو، فقرار القاهرة يخرج من القاهرة ومواقف القاهرة تحددها مصالح القاهرة وليست واشنطن.

هذا زمن ولى إلى غير رجعة مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى المسئولية، ومع سنوات العمل الصعب باتت مصر أقوى تتحرك بثقة تامة لا يخيفها تغير نظام هنا أو هناك حتى لو كان حليفا.

نعم، لم أتخوف أبدا من خسارة ترامب "الحليف" وفوز بايدن "الغامض"، وهذه الثقة مبنية على أساس منطقى وليس شعارات، فالدولة تجاوزت عصر الفوضى، والمؤسسات استقرت بشكل كامل، والاقتصاد بات قويا قادرا على مواجهة الصعوبات، والجبهة الداخلية متوحدة حول مشروع وطنى جامع، والحالة الأمنية على ما يرام، والإرهاب فى تراجع.. فمن أى شيء نخاف؟

دخل "بايدن" البيت الأبيض وكانت مصر أول المهنئين للرئيس الجديد، ومرت أشهر على وجود "جو" فى الحكم دون أن تطرأ أى تغيرات على العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن.

خلال هذه الأشهر حاولت الجماعة الإرهابية أن تستغل التغير الحادث وانتقال السلطة من الحزب الجمهورى إلى الحزب الديمقراطى لإيجاد موطئ قدم لها أو بث الروح فى جسدها المتهالك مرة أخرى.. لكنها فشلت فى ذلك بشكل تام.

ونفس الفشل كان مصير محاولتها ضرب العلاقات الإستراتيجية بين القاهرة وواشنطن، فحتى لم تنجح الجماعة فى دفع الإدارة الأمريكية لإصدار بيان يدين ما يوصف كذبا وافتراء بانتهاكات حقوق الإنسان فى مصر.

ثم جاءت الضربة الكبرى والقاضية باتصال الرئيس الأمريكى بالرئيس السيسى لمباركة جهود مصر فى وقف التصعيد فى الأراضى الفلسطينية بين إسرائيل والفصائل.

وفى التفاصيل، تلقى الرئيس اتصالاً هاتفياً من الرئيس الأمريكى تناول التباحث وتبادل الرؤى حول مستجدات القضية الفلسطينية وسبل التعاون من أجل وقف العنف والتصعيد فى ظل التطورات الأخيرة.

وكان ذلك قبل إعلان وقف إطلاق النار برعاية مصرية، حيث أعرب الرئيس الأمريكى عن تقديره وتثمينه لجهود الرئيس الحثيثة مع جميع أطراف القضية وهى التحركات التى تتسم بالاتزان والحكمة من أجل تحقيق الأمن والسلام للمنطقة بأسرها، وهو ما يرسخ دور مصر التاريخى والمحورى فى الشرق الأوسط وشرق المتوسط وإفريقيا لدعم الاستقرار وتسوية الأزمات، وهو الدور الذى تدعمه وتعول عليه الإدارة الأمريكية فى المساهمة فى احتواء التصعيد الحالى ووقف العنف. 

كما أكد الرئيس الأمريكى تطلع بلاده لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة بما يُمكّن الدولتين من مجابهة التحديات غير المسبوقة إقليمياً ودولياً فى ضوء الأولويات المشتركة بين البلدين الصديقين. 

أما الرئيس السيسى فأكد خلال الاتصال أهمية علاقات الشراكة الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة الممتدة عبر مدار عقود طويلة فى تحقيق المصالح المشتركة للبلدين الصديقين ومواجهة التحديات المشتركة، مشدداً على أن ما يشهده المحيط الإقليمى من أزمات تهدد أمن واستقرار المنطقة بأسرها، إنما يفرض تعزيز التعاون والتشاور المنتظم بين مصر والولايات المتحدة لدرء تلك الأخطار. 

وفيما يتعلق بالتطورات فى الأراضى الفلسطينية، أكد الرئيس أهمية تكاتف جميع الجهود الدولية فى الوقت الراهن لاحتواء التصعيد الخطير فى الأراضى الفلسطينية، مشدداً  على موقف مصر الثابت فى هذا الصدد بالتوصل إلى حل جذرى شامل للقضية الفلسطينية يضمن حقوق الشعب الفلسطينى المشروعة والطبيعية كسائر شعوب العالم فى إقامة دولته وفق المرجعيات الدولية، ومن ثم إنهاء حالة العنف والتوتر المزمنة فى المنطقة وتحقيق الأمن والاستقرار بها.

ليس هذا فقط فقد تم التوافق بين الجانبين خلال الاتصال على استمرار التشاور  المنتظم وتبادل وجهات النظر، وكذلك تعزيز التنسيق المتبادل المثمر بين الأجهزة المختصة بين البلدين خلال الفترة المقبلة لاحتواء تصعيد الموقف وكذلك لبحث القضايا ذات الاهتمام المشترك على مختلف المستويات الثنائية والإقليمية والدولية.

هذا الاتصال اعتبره محللون دليلا قاطعا على تقدير الإدارة الأمريكية للدور المهم والتاريخى الذى تقوم به مصر تجاه جميع القضايا الإقليمية والعربية والدولية بصفة عامة وتجاه ملف السلام فى الشرق الأوسط بصفة خاصة وذلك من أجل إنهاء الصراع التاريخى بين الفلسطينيين والإسرائيليين.

وبعد الاتصال بساعات توقف إطلاق النار برعاية مصرية دفعت الرئيس الأمريكى لأن يقول، فى خطاب ألقاه من البيت الأبيض للتعليق على الهدنة بين الفلسطينيين والإسرائيليين: "أعبر عن امتنانى للرئيس المصرى الذى لعب دورا دبلوماسيا لوقف إطلاق النار".

وكان لابد للرئيس السيسى أن يرد التحية فكتب عبر حسابه على مواقع التواصل الاجتماعى: "تلقيت بسعادة بالغة المكالمة الهاتفية من الرئيس الأمريكى جو بايدن، والتى تبادلنا خلالها الرؤى حول التوصل لصيغة تهدئة للصراع الجارى بين إسرائيل وقطاع غزة.. وقد كانت الرؤى بيننا متوافقة حول ضرورة إدارة الصراع بين كافة الأطراف بالطرق الدبلوماسية، وهو الأمر الذى يؤكد عمق ومتانة العلاقات الإستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة..

وإننى إذ أتطلع لتعزيز العلاقات بين بلدينا وتحقيق المزيد من المصالح والمساحات المُشتركة، فإننى أتوجه بالتحية والتقدير للرئيس الأمريكى بايدن لدوره فى إنجاح المبادرة المصرية لوقف إطلاق النار وتحقيق التهدئة، متمنياً استمرار التعاون فيما بيننا لتحقيق المزيد من النجاحات المُشتركة والتى من شأنها إرساء السلام العادل والشامل فى المنطقة".

وكان هذا الاتصال وهذه التحية إيذانا ببدء عهد جديد فى العلاقات بين البلدين فى ظل الإدارة الأمريكية الجديدة، إذ أعقبه اتصال آخر من "بايدن" لـ"السيسى" تبادل الرؤى والتقديرات تجاه تطورات القضايا الإقليمية ذات الاهتمام المشترك، فضلاً عن التباحث حول موضوعات علاقات التعاون الثنائى بين مصر والولايات المتحدة.

وخلال الاتصال أكد "بايدن" على قيمة الشراكة المثمرة والتعاون البناء والتفاهم المتبادل بين الولايات المتحدة ومصر، ومن ثم تطلع الإدارة الأمريكية لتعزيز العلاقات الثنائية مع مصر خلال المرحلة المقبلة فى مختلف المجالات، خاصةً فى ضوء دور مصر المحورى إقليمياً ودولياً، وجهودها السياسية الفعالة فى دعم الأمن والاستقرار فى المنطقة وتسوية أزماتها، فيما أكد الرئيس من جانبه قوة العلاقات المصرية- الأمريكية وما تتسم به من طابع إستراتيجى، مؤكداً استمرار مصر فى بذل الجهود لتعزيز العلاقات الإستراتيجية بين البلدين، وذلك فى إطار ثابت من المصالح المشتركة والاحترام المتبادل.

وتباحث الزعيمان حول مستجدات القضية الفلسطينية وسبل إحياء عملية السلام فى أعقاب التطورات الأخيرة، فضلاً عن دعم تثبيت هدنة وقف إطلاق النار التى تم التوصل إليها بين الطرفين الفلسطينى والإسرائيلى بوساطة مصرية ودعم أمريكى كامل، وكذلك الجهود الدولية الرامية لإعادة إعمار غزة وتقديم المساعدات الإنسانية الملحة لها، حيث أكد الرئيس بايدن عزم بلاده على العمل لاستعادة الهدوء وإعادة الأوضاع كما كانت عليه فى الأراضى الفلسطينية وكذلك تنسيق الجهود مع كافة الشركاء الدوليين من أجل دعم السلطة الفلسطينية وكذلك إعادة الإعمار، وفى هذا السياق جدد الرئيس الأمريكى الإعراب عن تقدير واشنطن البالغ للجهود الناجحة للرئيس والأجهزة المصرية للتوصل إلى وقف إطلاق النار الأخير، مبدياً تطلعه لاستمرار التشاور والتنسيق معه فى هذا الخصوص.

كما تناول الاتصال آخر مستجدات القضية الليبية؛ حيث تم التوافق فى هذا الإطار حول أهمية العمل على استعادة توازن أركان الدولة الليبية واستقرارها، والحفاظ على مؤسساتها الوطنية، وصولاً إلى الاستحقاق الانتخابى بنهاية العام الحالى، وقد أشاد الرئيس الأمريكى بالجهود المصرية الحثيثة تجاه القضية الليبية، والتى عززت من مسار العملية السياسية فى ليبيا، كما تم التوافق كذلك على تعزيز الجهود المشتركة لإعادة دمج العراق فى المنطقة.

الاتصال تناول كذلك تبادل الرؤى بشأن تطورات الموقف الحالى لملف سد النهضة؛ حيث رحب الرئيس بالجهود الأمريكية المتواصلة فى هذا الصدد، مؤكداً تمسك مصر بحقوقها المائية من خلال التوصل إلى اتفاق قانونى منصف وملزم يضمن قواعد واضحة لعملية ملء وتشغيل السد، وقد أوضح "بايدن" تفهم واشنطن الكامل للأهمية القصوى لتلك القضية للشعب المصرى مشيراً إلى عزمه بذل الجهود من أجل ضمان الأمن المائى لمصر، وقد تم التوافق بشأن تعزيز الجهود الدبلوماسية خلال الفترة المقبلة من أجل التوصل إلى اتفاق يحفظ الحقوق المائية والتنموية لكافة الأطراف، كما تناول الاتصال أيضاً بحث بعض الموضوعات ذات الاهتمام المشترك بما فيها ملف حقوق الإنسان، حيث تم التأكيد على الالتزام بالانخراط فى حوار شفاف بين مصر والولايات المتحدة فى هذا الصدد.

وبعد كل ذلك لم يكن غريبا أبدا أن تكون مصر على رأس البلدان التى يزورها وزير الخارجية الأمريكى فى أول جولة له بالشرق الأوسط.

فقد بدأ أنتونى بلينكن، وزير الخارجية الأمريكى، الاثنين الماضى، جولة إلى منطقة الشرق الأوسط، تضم مصر والأردن وفلسطين وإسرائيل، وذلك حتى اليوم الخميس الموافق ٢٧ مايو.

وخلال هذه الزيارة حاول "بلينكن" استكمال جهود إعادة بناء العلاقات مع الشعب الفلسطينى وقاداته، وتقديم المساندة له، وكذلك تأكيد دعم الولايات المتحدة لإسرائيل والالتزام بأمنها، وذلك بعد قطع العلاقات تقريبا بين السلطة الفلسطينية والولايات المتحدة خلال عهد "ترامب".

أما جدول لقاءات "بلينكن" فشمل عددا من المسؤولين الإسرائيليين، أبرزهم بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، وجابى أشكنازى، وزير الخارجية، بالإضافة إلى لقاء مع الرئيس الفلسطينى محمود عباس، والعاهل الأردنى، ومسئولين آخرين.

لكن اللقاء الأهم بالطبع مع الرئيس عبد الفتاح السيسى، فقد اعتبرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية أن الرئيس السيسى "المنتصر الوحيد الواضح فى الصراع الذى اندلع بين الإسرائيليين والفلسطينيين"، مشيرة إلى أن الرعاية المصرية للهدنة بين إسرائيل وحركة "حماس" أكدت أهمية وإستراتيجية دور "السيسى" فى المنطقة. 

وأوضحت: "جاء الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى الأخير، واستغل السيسى الفرصة، فمصر هى إحدى القوى الإقليمية القليلة التى لديها اتصالات وثيقة مع حماس وإسرائيل، حيث توصل الطرفان إلى اتفاق هدنة يوم الخميس برعاية مصرية"، مؤكدة أنه "فى مواجهة التصريحات التى تتحدث عن تراجع دور مصر فى سياسات الشرق الأوسط، فإن السيسى أظهر أهميته وأهمية مصر، وأكد للولايات المتحدة أنه يستطيع أن يكون لاعبا مؤثرا فى المشهد الخاص بالمنطقة".

وأشارت الصحيفة إلى أنه بعد إعلان وقف إطلاق النار، أعرب "بايدن" عن "امتنانه الصادق" للرئيس المصرى وفريق الوساطة المصرى، الذى لعب دورا حاسما فى الوصول إلى اتفاق الهدنة، كما اتفق الرئيسان خلال مكالمة هاتفية، على استمرار الاتصال بينهما، فيما اتصل زعماء أوروبيون وإقليميون آخرون بالسيسى للإشادة بدوره، فى إشارة إلى الاعتراف بمكانة مصر كقوة استقرار فى الشرق الأوسط.

هذه هى مصر ورئيسها.. مصر القوية القادرة.. مصر التى لا تخشى أحدا.. مصر التى تبنى علاقات ندية مع الجميع.. مصر التى لا تؤثر فيها أى شائعات أو أكاذيب.

حمى لله مصر وجيشها. 

 

 

تم نسخ الرابط