"الفطر الأسود" مابين الحقيقة والشائعات
كيف تواجه الدولة المصرية حرب الشائعات حول المرض الخطير؟.. وما هى طرق التعامل معه؟
الشائعات يقينا سلاح خطير لا تقل خطورته عن الأسلحة الفتاكة، فى ظل العالم الافتراضى والسوشيال ميديا بتطوراتها الهائلة الحادثة اليوم، لذا كان الأخطر وما زال أثناء مواجهة العالم أزمة كوفيد 19، مواجهة حرب الشائعات التى تتمحور حول الفيروس، ليتجدد هذا الخطر مع "الفطر الأسود"، ذلك المرض الذى أثار حالة كبيرة من الجدل بعد إصابة آلاف من مرضى كورونا فى الهند به، ليصبح بين عشية وضحاها حديث منصات التواصل الاجتماعى، وسط تداول معلومات غير دقيقة أثارت اللغط حول هذا المرض ومدى انتشاره.
فما بين المبالغات والتهويل فى حقيقة المرض، وخطورته وارتباطه بفيروس كورونا، ضجت منصات السوشيال ميديا، الأمر الذى خلق حالة من الذعر من ناحية، وتحذيرات لمسئولى الصحة من هذه المبالغات وإحداث توعية حول المرض وكيفية مواجهته من ناحية أخرى، وخاصة أن الجدل حدث بعد تصريحات شقيق الفنان سمير غانم بأن الراحل توفى بسببه، الأمر الذى نفته وزارة الصحة جملة وتفصيلا.
لكن خطورة هذا التهويل أن معظم الموضوعات والأخبار المتداولة تميل إلى الجانب العاطفى، أو مشاركة أخبار دون تدقيق بهدف التوعية والنصح، فتجد من لا يدخر وسعا فى تداول معلومات تتعلق بانتشار المرض من شأنها أن تجعل الموضوع أكثر إثارة، وهذا ما حدث مع "الفطر الأسود".
لكن ما يُحمد حقا فى تعامل الدولة المصرية مع قضية "الفطر الأسود" أنه تم التحرك فورا للتقصى أولا ثم التصحيح ومواجهة هذه المبالغات دون تراخٍ أو تكاسل، فوجدنا وزيرة الصحة تتحدث وتشرح للناس وكذلك مستشار الرئيس للشئون الصحية، وكذلك لجنة مكافحة كورونا التى أصدرت عدة تصريحات حول هذا المرض وكيفية مواجهته ومدى ارتباطه بفيروس كورونا، بل عمل إحصائيات عن أعداد المصابين بالفطر الأسود، ليعكس هذا التحرك الجيد رسائل طمأنة للمواطنين، وغلق الأبواب أمام الشائعات والمبالغات، بعد تأكيدات الجهات الرسمية وخبراء طبيين، أن هذا المرض معروف منذ زمن، وليس جديدا، بل إن علاجه موجود ومتوفر، وأن المرضى الذين يستخدمون المضادات الحيوية بكثرة والكورتيزون قد يعرضهم ذلك للإصابة بأمراض الفطريات، وأن الفطر الأسود نوع من الفطريات قد يصيب من يعانى من أمراض نقص المناعة بشكل حاد، وغير مرتبط بالسلالة الهندية المستحدثة، وأن هناك ترصدا للوضع الوبائى فى مصر ما يدعونا للاطمئنان وعدم الانسياق وراء الشائعات والمبالغات.
وقد انتشرت العديد من الشائعات مؤخرا حول هذا المرض، خاصة بعد ظهوره فى مصر، إلا أن البعض ربط ظهوره بالسلالة الهندية المستحدثة كما ربطه البعض بالموجة الثالثة لفيروس كورونا وغيرها من الشائعات التى تم تداولها مؤخرا على السوشيال ميديا، غير أن الحكومة نفت هذه الشائعات كما نفاها عدد من الخبراء والمختصين ومنهم الدكتور أشرف حاتم رئيس لجنة الصحة بمجلس النواب وزير الصحة الأسبق عضو اللجنة العليا للفيروسات التنفسية التابع لوزارة التعليم العالى والبحث العلمى، مؤكدا أن ما ينشر بشأن رصد حالات مصابة بمرض الفطر الأسود فى مصر مؤخرًا غير صحيح.
وقال "حاتم" إن مرض الفطر الأسود فى مصر غير مرتبط بالسلالة الهندية المستحدثة، وإنه لا يمكن التأكيد أو النفى بوجود حالات للفطر الأسود فى مصر نتيجة الموجة الثالثة لفيروس كورونا إلا بعد ظهور نتائح تحاليل عينات الموجة الثالثة للفيروس، لافتا إلى أنها تجرى حاليا ومستمرة لمدة أسبوعين وسيتم الإعلان عنها خلال الأيام القليلة المقبلة.
وللحقيقة فقدسعت الدولة إلى مكافحة الشائعات والأخبار الكاذبة، خاصة التى يتم نشرها عبر مواقع التواصل الاجتماعى وذلك لما لها من انتشار وتأثير واسع، نظرا لحجم الجمهور الكبير على منصات السوشيال ميديا.
وبموجب قانون تنظيم الصحافة والإعلام، تعامل الدولة المدونات وحسابات التواصل الاجتماعى التى يزيد عدد متابعيها على 5 آلاف شخص معاملة وسائل الإعلام مما يجعلها تخضع للملاحقة القضائية عند نشر أخبار كاذبة أو التحريض على خرق القانون.
وبحسب المادة 188 من قانون العقوبات، يعاقب بالحبس مدة لا تتجاوز السنة وبغرامة لا تقل عن 5 آلاف جنيه ولا تزيد على 20 ألف جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من نشر بسوء قصد أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة أو أوراقا مصطنعة أو مزورة أو منسوبة كذبا إلى الغير، إذا كان من شأن ذلك تكدير السلم العام أو إثارة الفزع بين الناس أو إلحاق الضرر بالمصلحة العامة.
ويعاقب أيضا القانون بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر ولا تزيد على خمس سنوات، وبغرامة لا تقل عن 100 جنيه ولا تجاوز 500 جنيه، كل مصرى أذاع عمدا فى الخارج أخبارا أو بيانات أو إشاعات كاذبة حول الأوضاع الداخلية للبلاد، وكان من شأن ذلك إضعاف الثقة المالية بالدولة أو هيبتها واعتبارها أو باشر بأى طريقة كانت نشاطًا من شأنه الإضرار بالمصالح القومية للبلاد، وتكون العقوبة السجن إذا وقعت الجريمة فى زمن حرب.
ووفق ما أكده المتخصصون فينتج الفطر الأسود عن العفن الموجود فى البيئات الرطبة مثل التربة أو السماد، ويمكن أن يهاجم الجهاز التنفسى، وهو مرض غير معدٍ ولا ينتقل من شخص لآخر.
ويمكن أن تسبب عدة أنواع من الفطريات بالمرض، وهذه الفطريات ليست ضارة لمعظم الناس، ولكنها يمكن أن تسبب التهابات خطيرة بين أولئك الذين يعانون من ضعف فى جهاز المناعة، وفقاً لمراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها بالولايات المتحدة.
وتؤثر الفطريات السوداء بشكل شائع على الجيوب الأنفية أو الرئتين بعد أن يستنشق الشخص جراثيم فطرية فى الهواء، ويمكن أن تؤثر أيضاً على الجلد بعد إصابة سطحية مثل الجرح أو الحرق.
وتعتمد الأعراض على مكان نمو الفطريات فى الجسم، ويمكن أن تشمل تورم الوجه، والحمى، وتقرحات الجلد، والآفات السوداء فى الفم .