◄وعى الشعب وترابطه وإرادته القوية جعلته لا ينساق وراء فكر الجماعات المتطرفة
◄شجاعة وجسارة رجال الجيش والشرطة أجهضت المخطط الشيطانى للجماعة الإرهابية
◄الإخوان الذين اختطفوا الوطن تحت شعارات زائفة استغلت الدين أسوأ استغلال
◄برنامج الإصلاح الاقتصادى يحظى بتقدير واحترام من كبرى المؤسسات المالية فى مختلف أنحاء العالم
◄مصر أصبحت الآن دولة كبيرة وتحظى بثقة دولية أمام العالم بأكمله
◄4.5 % معدل التضخم السنوى فى مارس الماضى هبوطا من 23 % عام 2016
◄7 شهور واردات يغطيها رصيد الاحتياطى من النقد الأجنبى حيث يتجاوز 40 مليار دولار
◄7.2 % معدل البطالة نزولا من 13.3 % عام 2013 وفق التقارير الحكومية الرسمية
الكتابة عن حدث تاريخى مهم مثل ثورة ٣٠ يونيو وتداعياتها داخليًا وخارجيًا أمر ليس سهلا ولا بسيطا، فنحن بصدد الغوص فى تفاصيل حدث عظيم وغير مسبوق فى العالم وذلك بشهادة كبريات المؤسسات البحثية فى مختلف أنحاء العالم، فخروج ٣٠ مليون مواطن فى هذه الثورة وهم يملأون شوارع وميادين مصر وفى أيديهم علم مصر بمختلف الأشكال والأحجام فى وقت واحد كان بمثابة رسالة قوية جدًا بل كان ذلك صرخة مدوية غيرت مجرى التاريخ.
وفى تقديرى الشخصى فإن عبقرية هذه الثورة تكمن فى أنها جاءت فى وقت كان من أصعب الأوقات التى مرت بها الدولة وبالتالى فإنه كان يتحتم حماية مصر من مخططات قوى العدوان، هذا العدوان الغاشم من جانب تلك الجماعة الإرهابية التى كادت خلال سنة واحدة تدمر البلد بالكامل حيث استطاعت التواصل مع أتباعها فى الداخل ومخابرات الدول فى الخارج من أجل النيل من مصر وشعبها إلا أن شجاعة وجسارة أبناء مصر من رجال الجيش والشرطة وإرادة الشعب القوية أجهضت هذا المخطط الشيطانى وأوقفت وضعا سيئا كادت تدخل فيه مصر، ولولا تلك الإرادة القوية لأبناء الشعب المصرى ومساندة رجال القوات المسلحة لازداد الوضع سوءًا.. فلم يعد خافيًا على أحد آنذاك أن هناك مخططات جهنمية تستهدف فى المقام الأول زعزعة أمن واستقرار الوطن، ولكن وعى الشعب المصرى وترابطه وإرادته القوية هى التى جعلته لا ينساق وراء هذا الفكر الإجرامى للجماعات المتطرفة حفاظًا على أمن مصر واستقرارها، فالشعب المصرى استطاع أن يضرب فى هذه الثورة العظيمة أروع الأمثلة فى التحدى والانتصار للإرادة القوية حيث انتصرت إرادة الشعب ضد حكم الإخوان الذين أرادوا اختطاف الوطن تحت شعارات زائفة استغلت اسم الدين أسوأ استغلال، لذا فقد كانت ثورة ٣٠ يونيو وبكل صدق هى إرادة شعب ليس هذا فحسب بل إنها كانت نقطة تحول فى تاريخ مصر للحفاظ على مقدراتها.
لقد كانت بداية الملحمة العظيمة للثورة المجيدة حينما احتشد المصريون فى الميادين للإعلان عن رفضهم التام فكرة استمرار حكم جماعة الإخوان وإسقاطها وإنهاء حالة الاحتقان التى تفشت فى المجتمع وذلك فى إطار المظاهرات الضخمة التى دعت إليها حركة "تمرد" بموجب استمارات سحب الثقة من محمد مرسى وقد نجحت الحركة فى جمع أكثر من 30 مليون استمارة موقعة من الشعب الذى أعلن عن رفضه حكم هذه العصابة الإرهابية واللافت للنظر أن عدد استمارات تمرد تجاوز بعدة ملايين الأصوات التى حصل عليها مرسى فى انتخابات رئاسة الجمهورية 2012.
والحق يقال فإن مظاهرات ثورة 30 يونيو اتسمت بالطابع السلمى فلم تتورط جموع الشعب فى الانزلاق إلى دعاوى العنف التى صدرت عن جماعة الإخوان الإرهابية والتيارات الدينية المتحالفة معها عبر منصة رابعة، حيث اعتصم أنصار المعزول وكانت السمة الرئيسية فى هذا الاعتصام الدعوة والتحريض على العنف بكافة ألوانه وأشكاله.
ونحمد الله أن دعاوى التظاهر فى 30 يونيو قد أسفرت بالفعل عن سقوط مشروع الإخوان فى الحكم ووقف العمل بالدستور الذى تم إعداده فى عهد حكم الجماعة الإرهابية ولم يكن محل توافق من المصريين لما تضمنه من محاولات لتغيير هوية مصر وتفكيك مفاصل الدولة.
وكما قال الرئيس عبدالفتاح السيسى واصفًا هذه الثورة العظيمة بأنه سيتوقف التاريخ كثيرًا أمام ثورة 30 يونيو المجيدة، وستظل حية فى ذاكرة كل الأجيال، بما رسخته من مبادئ العزة والكرامة والوطنية والحفاظ على هوية مصر الأصيلة من الاختطاف لذا فإنه من حق الشعب المصرى أن يشعر بالفخر لأنه استطاع بالفعل تغيير مجرى التاريخ فى ثورة 30 يونيو، ليس هذا فحسب بل إن بطولة الشعب المصرى استمرت 8 سنوات منذ اندلاع ثورته فى 30 يونيو 2013 وحتى إنجاح برنامج الإصلاح الاقتصادى الذى طبقته الحكومة لدعم الاقتصاد الوطنى، ولولا الشعب المصرى ومساندته لبرنامج الإصلاح بصبره وقوة تحمله ما كان يمكن بأى حال من الأحوال تحقيق النجاح لهذا البرنامج الذى يحظى الآن بتقدير واحترام من كبرى المؤسسات المالية فى مختلف أنحاء العالم.
وهناك حقيقة مؤكدة تفيد بأن الشعب المصرى لا يستطيع أحد أن يفرض عليه إرادته على الإطلاق فها هو ظل صامدًا منذ 8 سنوات أمام محاولات التشكيك والتزييف المستمرة حيال الدولة، واللافت للنظر أن مصر واجهت منذ اندلاع ثورة 30 يونيو العديد من التحديات على رأسها بالطبع "الإرهاب" الذى كان يتسبب فى خلق حالة من الذعر بين جموع الشعب، وأيضًا "الفقر" الذى كان يعشش فى مختلف أركان الدولة، و"العشوائيات" التى كانت تمثل وصمة عار كبيرة لمصر، و"انقطاع الخدمات الأساسية" عن المواطنين، و"العزلة الدولية"، و"البنية التحتية المتهالكة"، ولكن نجحت الدولة فى الوصول إلى كونها دولة ذات تأثير ووزن، بعد أن كانت معرضة للتفكك والانهيار.
وإذا توقفنا أمام النجاحات الاقتصادية فقط نجد قطاع المالية العامة يحقق نجاحات متواصلة منذ تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى مقاليد الحكم فى البلاد، أشادت بها مؤسسات التقييم والتصنيف العالمية، ما أدى إلى تعزيز تدفقات الاستثمار الأجنبى للبلاد وارتفاع معدلات النمو الاقتصادى، فقد نجحت البلاد فى تنفيذ برنامج قوى للإصلاح الاقتصادى الوطنى الشامل خلال السنوات السابقة، الذى ساعد فى بناء دعائم اقتصاد قوى ومرن ومستقر وقادر على التعامل مع التحديات والصدمات بشكل ساهم فى اكتساب ثقة دول العالم والمؤسسات الدولية والمستثمرين فى إمكانيات وقدرات الاقتصاد المصرى.
وتؤمن تلك النجاحات تحقيق التنمية الشاملة التى توفر للمواطن المصرى مستوى حياة كريمة ومستقبلا أفضل، كما جعل للدولة وضعا ماليا ونقديا آمنا ومستقرا يمكنها من تحقيق رؤيتها الشاملة 2030. فى هذا الصدد، توقع أحدث تقارير صندوق النقد الدولى معدلات نمو مرتفعة للاقتصاد المصرى بدعم سياسات الإصلاح وأن يبلغ 5ر5% فى العام المالى الجارى ويتواصل الصعود بلوغا إلى 5ر8 % العام المالى 2024/ 2025، ومن المتوقع ارتفاع الفائض الأولى للناتج المحلى الإجمالى إلى 2% سنويا ونمو صافى الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
كما أصدرت مجلة الإيكونوميست تقريرا توقعت فيه تزايد معدلات النمو للاقتصاد المصرى ليسجل 7ر5% فى 2024 مع تراجع عجز الحساب الجارى للناتج المحلى الإجمالى ليبلغ 5ر1% فى 2025، ومن المتوقع أيضا أن تصبح مصر بين أكبر 10 اقتصادات على مستوى العالم فى 2023 وتقفز وفقا لمعدل الناتج المحلى الإجمالى من المرتبة الواحدة والعشرين إلى المرتبة السابعة عالميا. وتوقع التقرير الأخير الصادر عن وكالة «فيتش» أن يحقق الاقتصاد المصرى معدل نمو 3 % العام المالى الحالى رغم توقعها استمرار انخفاض الحركة السياحية ومحدودية النشاط التجارى فى ظل استمرار تأثر حركة التجارة العالمية؛ مما يؤكد تنوع القطاعات الاقتصادية وصلابة الاقتصاد المصرى. كما قررت مؤسسة التصنيف الائتمانى «موديز» تثبيت درجة تصنيفها لمصر عند المستوى «B2» مع الإبقاء على النظرة المستقبلية المستقرة للاقتصاد المصرى، نتيجة تنوع الاقتصاد المصرى وتحسن أداء إدارة المؤسسات، وتمتع القطاع المصرفى المصرى بمرونة عالية وهيكل تمويلى قوى؛ بما يعكس ثقة خبراء ومحللى مؤسسة "فيتش" فى فعالية وتوازن السياسات الاقتصادية والمالية المتبعة من الحكومة خاصة تلك المرتبطة بإدارة الأزمة الاقتصادية والصحية الحالية، إضافة إلى عمل الحكومة على استمرار وتيرة الإصلاح الاقتصادى والمالى، وتنفيذ حزمة من الإصلاحات الهيكلية لتعزيز معدلات النمو ومشاركة القطاع الخاص فى الاقتصاد الوطنى وتقوية منظومة الحوكمة ونظم المتابعة للأداء الاقتصادى وتحسين مناخ الأعمال. ومما يلفت النظر أن وزارة المالية أكدت استكمال إجراءات إصلاح المالية العامة وتحقيق الضبط المالى ووضع العجز الكلى والدين العام فى مسار نزولى مستدام من خلال تنفيذ إصلاحات على جانب الإنفاق العام تهدف إلى تحسين نظم إدارة المالية العامة وإعادة ترتيب أولويات الإنفاق العام، والاستدامة متوسطة المدى.
وفى هذا الإطار، تحقق نجاحات مالية واقتصادية ملموسة فى مقدمتها تواصل خفض عجز الموازنة وتحول الميزان التجارى لفائض، كما هبطت المديونية الحكومية 20 % من الناتج المحلى على مدار3 سنوات، كما استقرت أسعار معظم السلع والخدمات ليصل معدل التضخم السنوى إلى 4.5 % فى مارس الماضى هبوطا من 23 % عام 2016، وقفز رصيد الاحتياطى من النقد الأجنبى بشكل كبير ليتجاوز 40 مليار دولار فى أبريل الماضى ليغطى أكثر من 7 شهور من فاتورة الواردات السلعية والخدمية، وتراجعت معدلات البطالة إلى 7.2 % نزولا من 13.3 % عام 2013. بل إن وزارة المالية أعلنت عزمها خلال الفترة المقبلة استكمال كافة المشروعات التى تم البدء فى تنفيذها ليتم استكمالها وفقا للجدول الزمنى المُقرر لها، وذلك فى إطار الخطة الإستراتيجية لوزارة المالية بكافة محاورها واتساقا مع برنامج الحكومة ورؤية مصر 2030، وتتمثل هذه المشروعات فى استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادى والانضباط المالى خلال الفترة (2020/2021 – 2023/2024) والعمل على تحقيق مؤشرات مالية جيدة خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، وكذا استكمال مشروعات تطوير ديوان عام الوزارة والجهات التابعة له، واتخاذ الإجراءات اللازمة لاستصدار التشريعات المالية التى تعمل الوزارة على إعدادها وفقا للخطة التشريعية. وتستهدف الوزارة على المدى المتوسط تحسين المؤشرات بشكل تدريجى، بحيث يتقلص العجز الكلى للموازنة على مدار السنوات المقبلة إلى نحو 6.5% من الناتج المحلى فى عام 2021/2022، وإلى نحو 5.3% خلال العام المالى 2022/2023، ثم إلى نحو 4.6% خلال العام المالى 2023/2024.
ولهذا كله، لن أكون مبالغًا حينما أقول إن مصر أصبحت الآن دولة كبيرة وتحظى بثقة دولية أمام العالم بأكمله، وهو ما يمكن أن نلمسه بشكل واضح وصريح حينما رسمت مصر خطوطا حمراء فى ليبيا، فلم يتمكن أحد من اختراقها، بجانب تدخل مصر فى الأزمة الفلسطينية الأخيرة لدفع الفلسطينيين إلى الوحدة للذهاب إلى السلام.