الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

انتشرت فى الأيام القليلة الماضية، أخبار عن عدة وقائع لقتل سيدات أزواجهن، بل وهناك من قُتل بطريقة انتقامية بشعة، ومهما كانت الأسباب وراء القتل، فإن إزهاق الأرواح بغير حق ليس انتصارًا للذات وإنما عقوبة وإذلال للنفس فى الدنيا والآخرة، وكعادتنا نحن المصريين أُخذنا الموضوع مأخذ الدعابات والسخريات، ولمَ لا وهى عادات غريبة علينا لم نكن لنعرفها من قبل، فكيف لسيدة من أهالينا أن تُقدم على قتل زوجها أو حتى إيذائه إلا إذا كانت قد تحملت الكثير وهو لا يبالى أو أنها ليست منا ولا تنتمى لنا نحن المصريين أطيب خلق الله، ولكن هناك أمور يجب أن تُوضع فى الاعتبار.

نعم هناك رجال يستحيل عشرتهم وكذلك سيدات، ألم يُشرع الطلاق للزوج والخلع للزوجة، وذلك منعًا لسفك الدماء عند استحالة العشرة بينهما فلماذا تقتل الزوجة زوجها ويتم تدمير حياة أسرة بالكامل وتُعرض للسجن والعكس كذلك، لماذا لا يلجأ كل منهما لحلال الله بدلا من الحرام دون قاتل أو مقتول، علينا معالجة الأمر وتطبيق الحلول العملية التى تهدف إلى الحد من هذه الجرائم فإنّ الوضع قد يتفاقم فهناك توسع غير محسوب فى الانفتاح غير المسؤول، نتيجة ما ترتب على عمليات التغيير وبناء المجتمع واحتياجاته العصرية التى لم تكن لتظهر فى الماضى فأصبح الانفتاح فى بعض المجتمعات نقمة على أهله. والله عز وجل وضع قواعد ومبادئ العشرة بين الزوجين من خلال قوله تعالى: "ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجًا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة"، وقال سبحانه: "وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم"، وقال كذلك: "الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان"، فلا يسعنا القول وسط أهوال قتل الزوجة لزوجها أو العكس سوى أن أسطرها تحت مسميات ضعف الإيمان وقلة الوازع الدينى، والتفكك الأسرى.

فالأسرة هى البيئة الطبيعية التى تتعهد الطفل بالتربية، وهى أول لبنة فى تكوين البنيان الاجتماعى، وأساس الاستقرار فى الحياة الاجتماعية، ومصدر للعادات والتقاليد والعرف وكافة قواعد السلوك والآداب العامة، بالإضافة إلى رفقة السوء، وهى من أهم الأسباب التى تدفع الفرد إلى ارتكاب الأفعال الإجرامية، فالفرد يتأثر سريعًا بأصدقائه ورفاقه ويكتسب عاداتهم وسلوكياتهم، إلى جانب تلك الأعمال الدرامية التى طالما نادينا وننادى وسننادى حتى آخر رمق بإيقافها فورًا وأوضحنا أنها تهدم ولا تبنى فكيف أُصدر دراما انتقامية بين الأزواج والزوجات ثم أطالب المُستقبل بالاعتدال فى العلاقة بعد أن أوضحت له بالشرح الممل كيف ينتقم بل وضربت له الأمثلة وجعلته من جمهور المؤيدين للقتل والدماء والثأر وهى أسوأ الظواهر وأخطرها؛ لأنّها إذا تفشَّت فى مجتمع أوردت أهله موارد الهلاك، فهى تفتح أبواب الشر، وتحوّل حياة الناس إلى صراعات لا تنتهى، وذلك بسبب رواسب الحقد والضغائن، وحب التشفِّى والانتقام من الآخر، وتوريث ذلك للأبناء والأحفاد؛ مما يعد مخالفة صريحة لتعاليم الأديان التى تنهى عن ذلك فالله سبحانه وتعالى أكرمنا بمنحة الطلاق نعم منحة، وإن كان أبغض الحلال، إلا أنه أعطى لكل الطرفين الحق فى أن يعيش حياة عادلة إذا وجد نفسه أخفق فى اختيار شريك حياته

.. أعطانا الله سبحانه وتعالى حق الحياة والاستمتاع بها. القتل من أبشع وأنكر الجرائم التى ترتكب ضد الإنسان، ويكفى وعيد الله مرتكبها بخمس عقوبات فى قوله تعالى: "وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا"، ومما يؤسف له أن يكون لأسباب واهية وتافهة، لا ترتقى إلى استخدام القوة أو السلاح، رغم توفر حلول أخرى فقد يرتكب القاتل جريمة من أجل مبلغ زهيد أو شريحة جوال أو رسالة عبر موقع تواصل أو مجرد مشادة كلامية أو مصروف المنزل أو نظافة الأولاد أو لرغبة الزوج فى زيجة جديدة - حسب الشرع والقانون- ومن ثم يستخدم السلاح، بل وهناك إبداع فى وسائل التعذيب قبل الموت، كالصعق بالكهرباء فى أماكن حساسة أو الضرب حتى الموت فى حالات أخرى والنتيجة تُزهق النفس البريئة بغير حق، وإن كنت أجد أن للثورة الإعلامية الهائلة التى انتشرت من خلال المحطات الفضائية ووسائل الإعلام والتواصل المختلفة آثار سلبيات يصعب تغييرها إلا بها هى وعن طريقها وبنفس الطريقة التى ساعدت على انتشار هذا الفكر الهدام، ولا شك أن المسؤولية تكمن على الأسرة والمجتمع للعمل على توجيه الفرد، والاستفادة من التقنية الإعلامية بما يفيد الفرد والمجتمع، والبعد عما يعكر صفو المجتمع، ويبث فيه سلوكًا سلبيًا غير سوى يؤدى فى النهاية إلى جريمة من أبشع الجرائم وهى القتل وبين من بين أقرب الأقربين. ومن خلال الجرائم التى حدثت خلال الأسابيع القليلة الماضية وجدت إن لم يكن الدافع وراء القتل هو الخيانة الزوجية، فهناك أمور أخرى تُحدث الفتنة وتُشعل الفتيل على سبيل المثال: التدخل فى شئون الزوج والزوجة من قبل أسرة الزوج، وأحيانا يكونون هم المتحكمون ماليًا فى كل صغيرة وكبيرة، وعلى العكس فالقوامة مهتزة لدى الكثير من الأزواج لإصراره عند اختياره لزوجة أن تكون تعمل حتى تساعد فى أعباء المنزل وتفاجأ بعد الزواج الزوجة بأنها تتحمل الأعباء ربما أكثر منه دون أن تلقى حتى تقديرا، وربما لعادات اجتماعية هى الأسوأ كتلك الجملة الشائعة عند الكثير من الأسر: "ما عندناش بنات تطلق" أو "لو عايزة تطلقِ سيبيله ولاده وارجعى". ولابد أن نعترف بأن المرأة لم تعد كسالف عهدها عندما يغضب الزوج أو يعنفها تنكسر وتذل حتى يرضى ثانية عنها بالعكس تمامًا المجتمع طلب من المرأة أن تعمل فاشتد عودها، وازدادت ثقتها بنفسها وأصبحت تأبى بنفسها عن أى تعالٍ ضدها من الرجال فغالت فى رد فعلها تجاه الزوج، وأصبح المنزل لا يقوده الزوج فقط بل أصبح يقوده زوجان، فخابت الأسرة عندما أراد الرجل الاعتماد على المرأة، وعندما أرادت المرأة النيل من قوامة الرجل فتبعثر كيان الأسرة، وأصبحت كالغابة يحكمها الصوت العالى والعنف الذى قد يصل للقتل لا للطلاق، ولابد أن نعترف بأن أى زوج عندما يجد أن الحياة مستحيلة لا يهرع للمأذون، ويطبق كلام الله ويسرحها بإحسان ويطلقها.

بالعكس تمامًا ما يحدث هو أن يزيد من الافتراء عليها حتى تيأس هى وتبريه من كافة حقوقها، فتصبح فى حلبة مصارعة حتى يقضى الله أمرًا كان مفعولًا، كما أن العديد من الزوجات تخشى من أن تُقدم على الطلاق بسبب طول أمد التقاضى فى الحصول على النفقات بالإضافة إلى أن قيمتها زهيدة ويستطيع الزوج أن يتحايل حتى يبخس حق صغاره ثم يبدأ حياة زوجية جديدة، وتكون عونا له فى أن يبخس حق صغاره أكثر وأكثر، فضعف النفقات يجعل من زوجات كثيرة تعيش حياة بائسة هى وصغارها خوفًا من عدم استطاعتها الإنفاق عليهم، لذلك فلابد أن يحكمنا وازعنا الدينى وضمائرنا البشرية وقبلهما الخوف ومراعاة الله عز وجل فى هذه الأمور وإلا فالجريمة قادمة لا محال، فزوجة تقتل زوجها بسكين المطبخ، وأخرى تصعقه بالكهرباء، وطبيب يقتل زوجته طعنًا وآخر يضربها حتى الموت، فنقف جميعًا أمام واقع مؤلم جرائم قتل كثيرة ومتكررة بصورة بشعة مخيفة كلها من أفراد الأسرة الواحدة بكل أسف. علينا فورًا رصد الحالات كل على حدة وعمل الإحصائيات ووضع آليات واضحة ومحددة لدراسة هذا الأمر قبل أن تتفاقم، مع وضع حلول جذرية للحد منها كمراكز الإرشاد الأسرى، وحملات التوعية، ومضاعفة دور المؤسسات الدينية فى الوعظ والنصح والإرشاد، وتوفير خطوط ساخنة من الدولة للإنقاذ والإرشاد الزوجى، والإيقاف الفورى للأعمال الدرامية والسينمائية السلبية والإجرامية وأن ما يجسده الدور من مخالفة للدين والعرف والقانون لا ينبغى محاكاته على أرض الواقع، وتفعيل دور منظمات المجتمع المدنى التى تضم أخصائيين اجتماعيين ونفسيين وقانونيين، ورجال دين ومن كافة المختصين والمعنيين بالشأن الأسرى، ودعمهم من الدولة بكل الصور، وقبل كل هذا على كل أسرة أن تتفهم وتفهم وتتعامل مع طبيعة الحياة الاجتماعية لابنهم أو ابنتهم لكل حالة على حدة فالجميع ليس سواسية فى المنح والعطاء والإيثار والتحمل فلكل حالة وضعها والمطلقة أفضل من القاتلة، على الجميع التكاتف فورًا لإيقاف نزيف الدم بين الأزواج.  

تم نسخ الرابط