الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمود الشويخ يكتب : « الأفاعى السامة » ماذا يحدث فى أفغانستان؟

محمود الشويح - صورة
محمود الشويح - صورة أرشفية

- كيف سيطرت «طالبان» على الدولة فى أسبوع؟.. ولماذا هرب الرئيس الأفغانى؟

- الموقف الروسي والصيني من الأحداث.. وهل انتهى العصر الأمريكي فى المنطقة؟

- ما سيناريوهات الأيام المقبلة بعد تولى الحركة السلطة فى كابول مجددًا؟

التاريخ يعيد نفسه مرتين.. المرة الأولى كمأساة والثانية كمهزلة! هذه كابول الآن.. وكأن التاريخ عاد إلى الوراء ٢٠ عاما.. الولايات المتحدة تخرج من "المستنقع الأفغانى" ومعها حلفاؤها.. هربا أو انسحابا.. لا فرق.. وحركة طالبان تعود إلى قصر الرئاسة.. انتصارا أو مؤامرة.. لا فرق! هذا بالضبط ما كان الوضع عليه فى أفغانستان عام ٢٠٠١.. قبل أحداث ١١ سبتمبر.. وقبل أن تغرق أمريكا فى "مقبرة الإمبراطوريات" ويغرق معها الشعب الأفغانى ثم يستيقظ ليجد نفسه أمام واقع جديد/ قديم.

الماضى مؤلم بلا شك.. وجروحه لم تلتئم حتى الآن.. فتجربة حكم طالبان الأولى ١٩٩٦ كانت مريرة.. والآمال ألا تكون التجربة الثانية بطعم الأولى! 

السؤال الذى يشغل العالم: كيف حدث ذلك بهذه السرعة؟!

أسبوع واحد احتاجته حركة طالبان لتسيطر على الدولة.. أما العاصمة فدخلتها فى ساعات حتى دون قتال!

نعم؛ هذا ما حدث، لذلك كان طبيعيا أن تسلط مجلة "فورين بوليسى" الأمريكية الضوء على تهاوى أفغانستان أمام حركة طالبان، متسائلة: ما السبب وراء ترنح قوات الدفاع وسقوط عشرات عواصم الأقاليم بيد المتمردين فى أسبوع واحد؟!

المجلة الأمريكية نقلت، فى تقرير لها، عن مسؤولين وخبراء قولهم إن "الفساد" هو كلمة السر فى هذا المشهد المأساوى، والذى أدى إلى انعدام الكفاءة وتسبب فى هزائم الجيش الأفغانى أمام حركة طالبان.

الولايات المتحدة وحلفاؤها استثمروا مليارات الدولارات فى تطوير وتسليح وتدريب الجيش والقوات الجوية والقوات الخاصة والشرطة فى أفغانستان، وأنفقت الولايات المتحدة وحدها ما يقرب من 83 مليار دولار على قطاع الدفاع فى أفغانستان منذ عام 2001، فى أعقاب هجمات الحادى عشر من سبتمبر. كما أن حلف الناتو تبرع بأكثر من 70 مليون دولار من الإمدادات لقوات الدفاع الأفغانية، بما فى ذلك المعدات الطبية والدروع الواقية من الرصاص، حتى العام الجارى.

لكن كل ذلك لم يمنع سقوط العشرات من العواصم الإقليمية فى يد طالبان خلال أسبوع واحد، بل، وبحسب مصادر أمنية وإقليمية، رفضت القوات الأمنية فى أربع من تلك العواصم القتال وسلمت مفاتيح العواصم فعليا للمسلحين.

ونسبت المجلة إلى خبراء القول إن الخطأ لا يكمن فى التدريب ولا المعدات المقدمة لأفغانستان، بل فى حكومة الرئيس الأفغانى أشرف غنى وسط الفساد المستشرى فى وزارتى الدفاع والداخلية إلى جانب الافتقار إلى عامل القيادة والتركيز على المصلحة الذاتية والأنانية.

واستشهدت المجلة الأمريكية ببعض الأمثلة على الفساد الذى يعترى هاتين الوزارتين، قائلة: إن بعض عناصر الأمن الأفغانى، فى صفوف القتال الأمامية، لم يتلقوا رواتبهم منذ شهور، إلى جانب سرقة أسلحة وذخائر ومعدات أخرى قبل وصولها إلى الجنود ومن ثم بيعها فى السوق السوداء، حيث وصل جزء كبير منها إلى أيدى المتمردين.

وأضافت أن المسؤولين، مثل وزيري الدفاع والداخلية، فضلا عن حكام المقاطعات ورؤساء الشرطة، دائما ما يجرى تغييرهم بمعدل يبعث على الانزعاج، ونادرا ما يكون لدى هؤلاء دراية كافية بطبيعة مناطق البلاد.

ونقلت المجلة عن عناية نجفى زاده، مؤسس معهد دراسات الحرب والسلام، وهو مركز فكرى مقره العاصمة كابول، إن "مسألة الشرعية مهمة جدا"، لاسيما وأن الانتخابات الرئاسية التى أعادت غنى لفترة ولاية ثانية فى عام 2020 قد لوثت بالفساد، وهى نقطة أثارها دعاة حركة طالبان.

وهذا المعنى أكدت عليه صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية التى قالت إن سرعة وعنف طالبان فى اكتساح مدن أفغانستان مدينة تلو أخرى أثبتا فشل الجيش والحكومة الأمريكية، فيما قامت طائرات الهليكوبتر العسكرية الأمريكية بترتيب سريع لإخلاء مجمع السفارة الأمريكية مترامى الأطراف فى كابول ونقل الدبلوماسيين الأمريكيين وعمال السفارة من الأفغان إلى مطار كابول العسكرى، بينما شوهد العديد من المواطنين الأفغان، فى المطار المدنى المجاور، وهم يبكون ويتوسلون إلى عمال شركة الطيران أن يضعوا عائلاتهم فى رحلات تجارية متوجهة إلى الخارج حتى رغم توقيف معظمها من أجل إقلاع الطائرات العسكرية.

وأضافت الصحيفة أنه بعد عقدين من غزو القوات الأمريكية لأفغانستان لاجتثاث إرهابيى القاعدة المُتورطين فى شن هجمات 11 سبتمبر 2001، أصبحت التجربة الأمريكية هناك فى حالة خراب، قوضتها السياسات المضللة والمتناقضة فى كثير من الأحيان والتمرد الذى لا هوادة فيه والذى تم التقليل من أهمية بقائه بشكل كبير من قبل المخططين العسكريين الأمريكيين.

وقالت: إن أكثر من 2400 جندى أمريكى ضحوا بأرواحهم وجرح آلاف آخرون فى محاولة لبناء حكومة أفغانية ديمقراطية، بينما قتل عشرات الآلاف من المدنيين فى أعمال القتال ونزح آلاف آخرون عن ديارهم، وفى الأيام الأخيرة وحدها فر الآلاف إلى كابول بينما تقدمت طالبان عبر مدن أخرى بسرعة فائقة.

أما المأساة فرصدتها صحيفة الجارديان حين تحدثت عن المشاهد الفوضوية فى العاصمة الأفغانية كابول بالتزامن مع سيطرة طالبان على المدينة، حيث اندفع الآلاف من الأفغان والرعايا الأجانب نحو مدرج مطار كابول بحثا عن مكان على متن طائرة للخروج من البلاد . وقالت الصحيفة - فى تقرير عبر موقعها الإلكترونى - إنه مع إقامة طالبان فى القصر الرئاسى وفرار الرئيس المنتخب من البلاد، لم يكن الوصول إلى مطار حامد كرزاى الكائن على بعد خمسة كيلومترات من وسط العاصمة، ممكنا إلا من خلال نقاط تفتيش لطالبان.

وتعرض الجانب الجنوبى - المدنى- للمطار لإطلاق نار الأحد الماضى، وفى صباح الاثنين الماضى وردت تقارير بشأن قيام القوات الأمريكية بإطلاق النار فى الهواء لتفريق الحشود المتزايدة.

كما وردت تقارير عن وفاة ٥ أشخاص بعد تشبثهم اليائس بالهيكل السفلى لطائرة تابعة للقوات الجوية الأمريكية من طراز سى 17. وأثناء إقلاع الطائرة سقطوا على أسطح المنازل بالقرب من المطار مما أدى إلى وفاتهم.

وأظهرت مقاطع فيديو من المطار أشخاصا يتدفقون على مبنى الركاب، ومشاهد العشرات وهم يتدفقون على الجزء الخلفى من طائرة عسكرية من طراز سى-17إيه على مدرج المطار .

كما شوهد آلاف الأشخاص ، بمن فيهم آباء يحملون أطفالا صغارا، وهم يندفعون نحو الطائرات فى المطار بينما تتواجد عربات همفى أمريكية على الأرض فى المطار. 

وفى إحدى لقطات الفيديو، تظهر امرأة وهى تصرخ قائلة: "انظر إلى حالة شعب أفغانستان".

أما عن ردود الفعل، فعلى الصعيد الروسى أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الوضع فى كابول وأفغانستان ككل يعود للاستقرار بعد سيطرة حركة طالبان على العاصمة ومعظم أراضى البلاد.

وذكرت الخارجية الروسية أنه بحسب المعلومات المتوفرة، فإن الوضع فى كابول وأفغانستان ككل يعود للاستقرار، مشيرة إلى أن حركة طالبان بدأت باستعادة النظام العام وأكدت الضمانات الأمنية للسكان المحليين والبعثات الدبلوماسية الأجنبية.

وتتابع الخارجية الروسية عن كثب تطورات الوضع فى أفغانستان بعد انتقال السلطة فى هذا البلد إلى حركة طالبان نتيجة الغياب شبه الكامل للمقاومة من القوات المسلحة الأفغانية، التى دربتها الولايات المتحدة وحلفاؤها.

أما الصين، فقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية هوا تشون يينج، إن الصين تحترم خيارات الشعب الأفغانى، وتأمل فى انتقال سلس للوضع فى أفغانستان.

وأضافت المتحدثة، حسبما أوردت وكالة الأنباء الصينية (شينخوا)، أن الصين تتوقع أن تفى حركة (طالبان) بالتزامها لضمان انتقال سلس للوضع فى أفغانستان والحد من جميع أنواع الإرهاب والأعمال الإجرامية وإبقاء الشعب الأفغانى بعيدًا عن الحروب وإعادة بناء الوطن.

وأشارت إلى أن الصين حافظت على الاتصال مع حركة (طالبان) على أساس الاحترام الكامل للسيادة الوطنية الأفغانية وإرادة جميع الفصائل فى البلاد، كما أن بكين طالما لعبت دورًا بنّاءً فى تحقيق تسوية سياسية للقضية الأفغانية.

وذكرت أنه فى عدة مناسبات أعربت (طالبان) عن أملها فى تطوير علاقات قوية مع الصين وسعيها لمشاركة بكين فى إعادة إعمار أفغانستان وتنميتها.

وأكدت أن الصين تحترم حق الشعب الأفغانى فى تحديد مصيره بشكل مستقل ومستعدة لتطوير علاقات ودية مع أفغانستان، إلى جانب لعب دور بنّاء لإحلال السلام فى أفغانستان وإعادة إعمارها.

وبحسب المتحدثة، فإن معظم المواطنين الصينيين غادروا أفغانستان وفقًا لترتيبات تمت بالتعاون مع السفارة الصينية، إلا أنه لا زال يوجد عدد قليل اختار البقاء هناك طوعيًا.

وأنت ترى هذه المشاهد لا تملك إلا أن تقول.. عاشت مصر وعاش جيشها.

 

 

تم نسخ الرابط