الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

◄قضية النمو السكانى أزمة حقيقية تهدد كافة أشكال التنمية فى المجتمع

◄الدولة المصرية قامت بتنفيذ عدة برامج تستهدف «الحماية الاجتماعية»

◄تعداد مصر سيصل 132 مليون نسمة بحلول عام 2030 إذا استمر نمو السكان على الوضع الحالى

◄فوائد الحد من الزيادة السكانية تشمل رفع متوسط الدخل الحقيقى للفرد والنهوض بمستوى جودة الخدمات العامة

تشكل قضية النمو السكانى أزمة حقيقية تهدد كافة أشكال وألوان التنمية فى المجتمع، حيث  تتعدد مخاطر استمرار النمو السكانى المتزايد على كلٍ من الأفراد والأسر والفئات خاصةً الأكثر إنجابًا وحرمانًا والأقل قدرة على مواجهة متطلبات هذه الزيادة المستمرة فى الحمل والإنجاب وما يترتب عليها من مخاطر، مثل صعوبة الوصول للخدمات اللازمة بسهولة، وانعدام الدخل المناسب. وعلى الرغم من أن هذه القضية تم تناولها فى العديد من المقالات بالبحث والتدقيق فإنها أصبحت تفرض نفسها الآن وبقوة فى أعقاب ظهور تلك الدراسة المهمة التى أعدها المركز المصرى للفكر، فالدراسة أكدت أن المسألة السكانية تشكل فى الوقت الراهن تحديا للدول على اختلاف أنظمتها سواء المتقدمة أو النامية، فثمة حقائق لا يمكن تجاهلها عن المشكلة السكانية الآن لأنها بقدر ما تمس الفرد والمجتمع؛ فإن أبعادها تجاوزت الحدود الإقليمية إلى العالمية حتى أصبحت تفرض على المجتمع الدولى مواجهتها والتصدى لها.

وتشير الإحصائيات السكانية إلى أن عدد سكان مصر عام 1800 نحو 5.2 مليون، ووصل إلى 5 ملايين عام 1850 وفى ظل الزيادة السكانية تضاعف العدد من 20 مليونا عام 1950 إلى 40 مليونا عام 1978، وفى عام 2005 نحو 70 مليون نسمة، إلى أن بلغ عدد سكان مصر فى الداخل 87.9 مليون نسمة فى عام 2015، وفى عام 2016 وصلوا إلى 92 مليون نسمة، فى حين وصلوا 94.7 مليون نسمة وفقًا لتعداد 2017، وفى بداية عام 2018 وصل عدد السكان إلى 96.3 مليون نسمة، وفى عام 2019 وصلوا 98 مليون نسمة، أما عام 2020 فوصلوا  100 مليون نسمة فى الداخل، والآن فى هذه اللحظة فقد تخطى عدد سكان مصر الـ 102 مليون نسمة. وإذا نظرنا لهذه الإحصائيات سنجد أن النمو السكانى فى مصر يفوق النمو السكانى فى العالم بمعدل 2.6 سنويًا مقابل 1.2%، وتتيح النظرة المتعمقة للوضع السكانى فى مصر أن زيادة عدد المواليد هى المسئولة عن النمو السكانى المرتفع فى مصر ليصل إلى طفل كل 15 ثانية؛ مما يعنى 2.5 مليون مولود سنويًا، وأن استمرار معدل الإنجاب على هذه الوتيرة سيصل بسكان مصر عام 2030 لما يقرب من 120 مليون نسمة، كما أن معدل الزيادة السكانية فى مصر يتجاوز خمسة أضعاف الدول المتقدمة.

وتبرز خطورة الأمر لو استمر نمو السكان على هذا المنوال إذ يقدر تعداد مصر فى هذه الحالة بنحو 132 مليون نسمة بحلول عام 2030، أى بزيادة قدرها 31 مليون نسمة فى غضون 10 أعوام فقط. أما عن جهود الدولة المصرية لمواجهة أزمة الزيادة السكانية، ففى البداية وقبل الدخول فى تفاصيل القضية يجب أن نعى جيداً أن إعلان “الحق فى التنمية” الذى أقرته الأمم المتحدة عام 1986 قام بتعريف عملية التنمية بأنها عملية متكاملة ذات أبعاد اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية، تهدف إلى تحقيق التحسن المتواصل لرفاهية كل السكان، والتى يمكن عن طريقها إعمال حقوق الإنسان وحرياته الأساسية. وفى هذا السياق تضمن التقرير الصادر عن معهد الموارد العالمية حصرا لعشرة تعريفات للتنمية المستدامة، وقد قسم التقرير هذه التعريفات إلى أربع مجموعات “اقتصادية واجتماعية وتكنولوجية وبيئية”. فمن الناحية الاقتصادية أشار التقرير إلى أن التنمية المستدامة للدول المتقدمة تعنى إجراء خفض فى استهلاك الطاقة والموارد، أما بالنسبة للدول النامية فهى تعنى توظيف الموارد من أجل رفع مستوى المعيشة والحد من الفقر؛ وفى هذا الاتجاه قامت الدولة بتوجيهات مباشرة من السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بعمل العديد والعديد من المشروعات القومية التى توفر فرص العمل من ناحية ومن ناحية أخرى تخفض غلاء أسعار المنتجات كمشروعات الاستزراع السمكى، ومشروعات الثروة الحيوانية والداجنة، والصوب الزراعية، بالإضافة للمشروعات الصناعية، والأعمال الإنشائية والمشروعات التنموية الأخرى.

أما من الناحية الاجتماعية: فإنها تعنى العمل على استقرار النمو السكانى ورفع مستوى المعيشة، والحد من الفقر ولم تتوقف الدولة عند هذا الحد بل قامت بتنفيذ عدة برامج تستهدف الحماية الاجتماعية وذلك من خلال برنامج تكافل وكرامة، ونظام جديد للتأمينات الاجتماعية والمعاشات، ورعاية الأشخاص بلا مأوى، وأطفال الشوارع، ووحدات علاج الإدمان والتعاطى، وتطبيق نظام التأمين الصحى الاجتماعى الشامل الجديد، وبناء وحدات الإسكان الاجتماعى فى كل مدن ومحافظات مصر، وأيضًا الإسكان المتوسط، وبناء مجتمعات عمرانية جديدة. ومن الناحية التكنولوجية: فإنها تعنى الانتقال إلى عصر الصناعات النظيفة التى تستخدم تكنولوجيا صديقة البيئة، تنتج الحد الأدنى من الغازات الملوثة والضارة. وفى هذا الاتجاه بدأت مصر مواكبة التحولات التكنولوجية الحديثة وإنشاء الجامعات الأهلية الجديدة، وكليات الذكاء الاصطناعى وعلوم الفضاء، هذا بالإضافة إلى مبادرة تحويل وإحلال المركبات للعمل بالغاز الطبيعى إحدى المبادرات القومية الطموح التى تتكامل مع إستراتيجية الدولة لرفع مستوى معيشة المواطنين وتقديم أفضل الخدمات لهم، فضلا عن دعم الصناعة الوطنية فى مجال السيارات، وتعظيم الاستفادة من ثروات مصر الطبيعية واكتشافات الغاز التى تمت مؤخراً. وبعيداً عن هذا وذاك فإنها من الناحية البيئية: تعنى الحفاظ على الموارد الطبيعية والاستخدام الأمثل للأراضى الزراعية والموارد المائية، وفى هذا الاتجاه قامت مصر ببناء أكبر محطة لتوليد الكهرباء بالطاقة الشمسية فى العالم "مجمع بنبان"، بالإضافة لاستصلاح مليون ونصف مليون فدان، بالإضافة لتوجه الدولة المصرية الآن لتبطين الترع لتوفير المياه والحفاظ على كمية المياه المستهلكة فى الزراعة. كما عملت القيادة السياسية أيضاً على زيادة نسبة مشاركة المرأة "تمكين المرأة" فى سوق العمل ومن أجل أن يتم ذلك بشكل قانونى عملت الدولة القوانين للتمثيل النسبى للمرأة فى كافة مجالات الحياة السياسية، وزيادة مستويات تعليم المرأة، والبقاء فى سوق العمل بعد الإنجاب؛ حيث راعت الدولة جميع الظروف التى تدفع المرأة إلى ترك العمل.

وتقوم الدولة أيضًا ببناء العديد من المدارس والمستشفيات بشكل دورى لمحاولة استيعاب الزيادة السكانية.كما تقوم الدولة المصرية فى الوقت الحالى بالمبادرة الرئاسية "حياة كريمة" للارتقاء بالريف المصرى والتطوير الشامل للقرى الأكثر احتياجًا لتحقيق تنمية مستدامة لهم تشمل البنية التحتية والخدمات الأساسية، وتطوير الخدمات العامة، وتحسين مستوى الدخل بإقامة المشروعات المختلفة، والاهتمام بالثقافة والفنون. وأيضا استمرار الدولة فى تطوير العشوائيات بمنطقة الكيلو 4.5 بشرق القاهرة والتى تضم عزبة الهجانة وغيرها استكمالًا لما تم قبل ذلك من تطوير العشوائيات بحى الأسمرات والارتقاء بتحسين جودة حياة المواطنين لكى يحيوا حياة كريمة. وتشمل فوائد الحد من الزيادة السكانية: رفع متوسط الدخل الحقيقى للفرد، حيث إنه يجرى حساب معدل نموه بطرح معدل نمو السكان من معدل النمو الحقيقى للناتج المحلى الإجمالى، وإتاحة مزيد من خدمات المرافق العامة وخدمات البيئة الاجتماعية للمواطنين، والتخفيف من الأعباء المالية على الموازنة العامة للدولة، والناجمة عن تضخم بنود الإنفاق العام، والنهوض بمستوى جودة الخدمات العامة المقدمة، وتحسين المنظومة البيئية من خلال التخفيف من مشكلات التلوث والازدحام والضوضاء والعشوائيات وتدهور المرافق. وينبغى لتحقيق ذلك: التصدى للمشكلة السكانية من جميع جوانبها المتعددة لا من جانب واحد، وتشكيل فريق عمل متخصص ومتفرغ لتناول المسألة السكانية بشكل متعمق باعتبارها أخطر مشكلة اجتماعية بالمجتمع المصرى، والإرشاد النفسى والتربية السكانية وتنمية الاتجاهات الإيجابية نحو تنظيم الأسرة، وتدريس التربية السكانية فى مراحل التعليم المختلفة وخاصة الجامعى، وتقديم علماء الدين الإسلامى والمسيحى خُطبا تؤكد على ترشيد الأسرة والاهتمام بنوعية حياة الإنسان باعتباره خليفة لله فى الأرض وأنه يمثل رسالة للتنمية والعمل والإبداع وتنمية الحياة، وإبراز خطورة أبعاد المشكلة السكانية ومعالجتها من خلال الإعلام وخاصة الدراما لما لها من تأثير على الجماهير، وتوفير حملات إعلانية تساهم فى تنمية المواطن بمختلف الفئات والنوعيات وعلى كافة المستويات.  

تم نسخ الرابط