جهود دار الإفتاء لتدريب الأئمة وتفنيد الشبهات داخل وخارج مصر
دار الإفتاء المصرية حملت أمانة تجديد الخطاب الديني والإفتائي وضبط بوصلته؛ منذ أن دعا الرئيس عبد الفتاح السيسي إلى ذلك، من خلال العديد من المشروعات والمبادرات المهمة التي نفذتها وكان لها الأثر الواضح، ليس فقط على المستوى المحلي، ولكن على المستوى الدولي.
وصرح مفتي الجمهورية بأن المصطلحات الشرعية النبيلة كالجهاد وغيره؛ سُرقت على يد الجماعات الإرهابية بإساءة فهمها واستخدامها، وكذلك حرِّفت الأحكام الشرعية ونقلت من أماكنها الصحيحة لخدمة أغراضهم الخبيثة، مخالفين بذلك المحافظة على المقاصد الشرعية.
وفي هذا الإطار نرصد دور وجهود دار الإفتاء في تدريب الأئمة وتفنيد الشبهات المثارة حول الإسلام في الداخل والخارج
أنشأت دار الإفتاء المصرية، في حربها ضد التطرف والإرهاب، مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة عام 2014، والذي أصدر 500 تقرير لخدمة قضايا الإسلام والمسلمين، باعتبار الدار المرجعية الإسلامية الأولى في مجال الفتوى وحازت بعضها اهتمامَ المراكز البحثية في أمريكا وبريطانيا، وأشادت بدوره الأمم المتحدة في أحد تقاريرها، وكان من أبرز هذه التقارير تقرير يرصد الفتاوى التي تتحدث عن العلاقة بين المسلمين والمسيحيين، حيث رصدت 5 آلاف فتوى خلاله، وآخر حول استغلال المرأة والأطفال من قِبل تنظيم داعش، وتقرير حول جماعة الإخوان المسلمين وفكرهم المنحرف.
وقال الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، إنه تم إصدار موسوعة فتاوى تضم ألف فتوى وردت إليها من دول غربية، وعلى رأسها دول أوروبا وأمريكا في موضوعات متنوعه تهم المسلمين، وأخرى متعلقة بمواجهة التطرف وتساهم في عمليات الاندماج مع المجتمعات الغربية، وقد ترجمت إلى الإنجليزية والألمانية والفرنسية .
وأضاف مفتي الجمهورية،أنه تم إنشاء الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم التي دشنتها دار الإفتاء عام 2015 وتضم حاليًّا مفتين وعلماء من 65 دولة، وتتبنى الإسهام في تجديد الخطاب الديني ومعالجة فوضى الفتاوى في أرجاء العالم الإسلامي، كما تضع نصب عينها تنفيذ استراتيجيتها على المسارات المتنوعة في الداخل والخارج.
وردًّا على تساؤل الوفد عن أسباب انضمام بعض الشباب في الغرب لداعش، قال المفتي: إننا رصدنا هذا الأمر عبر تقارير المرصد، ووجدنا أن من أهم الأسباب وجود خلل يتعلق بتأهيل أئمة المساجد في الغرب.
ولهذا السبب، عقدت دار الإفتاء مؤتمرًا خاصًّا ناقش قضية "التكوين العلمي والإفتائى لأئمة المساجد في الخارج" في 2016، كما تم تدريب أئمة من بريطانيا وأمريكا وروسيا ضمن تدريب أئمة المساجد والمراكز الإسلامية في دول الغرب باعتبارها خطوة مهمة في حرب المواجهة الفكرية للتنظيمات المتطرفة في الخارج، خاصة أن الدراسات والإحصائيات أظهرت أن ما يقدَّر بخمسين ألف مقاتل في صفوف «داعش» نصفهم من أبناء الجاليات المسلمة في الغرب، وكذلك لتعزيز اندماج المسلمين في مجتمعاتهم الغربية ومواجهة الإسلاموفوبيا.
تدريب الأئمة والمفتيين
من جانبه، قال الدكتور إبراهيم نجم، مستشار مفتي الجمهورية، إن دار الإفتاء عملت خلال هذه الفترة على التوسع في برامج تدريب المفتين ونشر المعارف الإفتائية عبر إدارة التدريب بالدار، من خلال استمرار إطلاق البرامج التدريبية التي تهدف إلى نشر التدين الصحيح ومكافحة التطرف والحد من الظواهر الاجتماعية الخطيرة مثل زيادة حالات الطلاق.
وأشار إلى أن إدارة التدريب في الدار لديها أكثر من برنامج تدريبي للوافدين في العالم أكبرها لمدة ثلاث سنوات، حيث بدأت الإدارة في العمل في عام 2006 وتم تخريج ما ييزيد عن 1500 متدرب من المفتين حتى الآن وهم الذين يمارسون الإفتاء حاليًّا على مستوى العالم منهم 5 تولوا منصب المفتي الأكبر في بلادهم.
وأشار إلى الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، تضم عددًا من الإدارات المهمة ما بين إدارات بحثية وإدارة خاصة بالمؤتمرات والمبادرات، والمؤشر العالمي للفتوى ومركز الدعم الإفتائي، كما أنها تضم مركزًا لدراسات التطرف، كذلك عقدت الأمانة حتى الآن 6 مؤتمرات دولية مهمة ذات شأن بقضايا العصر خرج عنها العديد من المشروعات والمبادرات والإصدارات المتنوعة، ولعل آخرها موسوعة "المعلمة المصرية في العلوم الإفتائية" التي تقع في 22 مجلدًا في مرحلة الطباعة الآن.
وذكر أنه تم تخريج دفعة من أئمة روسيا في ختام فعاليات المؤتمر العالمي السادس للإفتاء، كما سبقهم تخريج دفعتين من أئمة بريطانيا ودفعة من أئمة أفريقيا وكذلك من جنوب شرق آسيا؛ مما يؤكد ويثبت الريادة الإفتائية المصرية في العالم أجمع.
وقال الشيخ إيلدار علاء الدينوف مفتي موسكو، نائب رئيس الإدارة الدينية إنه يشعر بالفخر بعد تخريج 21 إمامًا من أئمة روسيا على هامش المؤتمر العالمي السادس للإفتاء، بعد أن تلقوا برنامجًا تدريبيًّا على مهارات الإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف.
وأضاف أن هذا البرنامج التدريبي الناجح قد أفاد أئمة روسيا كثيرًا، مشيرًا إلى أن دار الإفتاء المصرية والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم حرصتا شديد الحرص من خلال هذا التدريب على تخريج مفتين مدركين لأهمية الفتوى وخطورتها، وكذلك المناهج الإفتائية الوسطية الصحيحة، فضلًا عن تدريبهم على كيفية إنزال النصوص الشرعية على الواقع المعاصر.
كما قامت دار الإفتاء بتدريب عشرات الأئمة والمفتين من ماليزيا على مهارات الإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف خلال السنوات الماضية، ولا زالت مستمرة في ذلك.
كما عقدت دار الإفتاء المصرية، عددا من الدورات التدريبية للطلبة التايلانديين على مهارات الإفتاء وقد آتت هذه الدورات ثمارها بالفعل في تحقيق الاندماج والعيش المشترك، مؤكدًا استعداد دار الإفتاء لتقديم كافة أشكال الدعم الشرعي والعلمي والتدريبي للجانب التايلاندي على صناعة الإفتاء وعلومه.
كما أبدى مفتي الجمهورية استعداد دار الإفتاء الكامل لتقديم كافة أشكال الدعم العلمي والشرعي للمراكز الإسلامية في فنزويلا، خاصة في مجال تدريب المفتين على مهارت الإفتاء ومواجهة الفكر المتطرف والإسلاموفوبيا.
في المقابل عبر السفير الفنزويلي عن سعادته بهذا التعاون المثمر بين دار الإفتاء المصرية وبلاده، مؤكدًا تطلع بلاده لإرسال مجموعة من أئمة المراكز الإسلامية في فنزويلا والطلبة المسلمين للتدريب على الإفتاء.
وقامت إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية بإطلاق برنامج تدريبي حول "سمات الفكر المعتدل"، وذلك بالتعاون مع سفارة تايلاند في القاهرة.
وخرجت دار الإفتاء المصرية، دفعة تدريبية لعدد من الأئمة الأفارقة من بينهم إمام إثيوبي، وأشاد سفير أثيوبيا بما تقوم به دار الإفتاء المصرية من مجهودات كبيرة في التعريف بصحيح الدين ونشر المنهج الوسطي ومواجهة التطرف في دول القارة الأفريقية والعالم، والتي كان آخرها تخريج دفعة مكونة من 17 إمامًا أفريقيًّا من بينهم إمام من أثيوبيا.
كما أنهت إدارة التدريب بدار الإفتاء المصرية، تدريب الدفعة الثانية عشرة في البرنامج التدريبي لتأهيل الوافدين على الإفتاء، الذي استمر لمدة ثلاثة أعوام، حيث تخرج فيه عدد من المتدربين من بلدان مختلفة منها: إندونيسيا، ماليزيا، تايلاند، نيجيريا.
من ناحية أخرى ، وقع الدكتور شوقي علام -مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم- والدكتور منصور حسن -رئيس جامعة بني سويف- بروتوكول تعاون بين دار الإفتاء المصرية وجامعة بني سويف، وذلك في مجالات البحوث والتعليم وبرامج التدريب والاستشارات العلمية والفلك الشرعي وعلوم وتكنولوجيا الفضاء والمجالات المختلفة.