الأحد 07 يوليو 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

◄قرار الرئيس بإلغاء حالة الطوارئ فى مصر نقطة انطلاق حقيقية نحو الجمهورية الجديدة

◄خطوة تاريخية تحمل رسالة قوية للعالم عن انكسار موجة العنف وفشل المخططات الإرهابية 

◄القرار الرئاسى سيظل محفوراً فى سجلات التاريخ المصرى الحديث والمعاصر  بحروف من نور

◄القيادة السياسية نجحت بدعم الشعب المصرى فى تقليص  المهددات الداخلية والخارجية

◄فرض حالة الطوارئ  كان له دور مهم فى الوصول إلى النتيجة الميدانية التى نراها اليوم

 

لا تزال أصداء القرار التاريخى والشجاع الذى اتخذه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى بشأن إلغاء حالة الطوارئ فى مصر تتوالى وتتزايد يوماً بعد الآخر، سواء كان ذلك فى الداخل أو الخارج، فنحن فى جميع الحالات أمام حدث تاريخى بكل ما تحمله الكلمة من معنى.. حدث قوى سيظل محفوراً فى سجلات التاريخ المصرى الحديث والمعاصر  بحروف من نور.. وهو بالضبط ما ترجمته بشكل لافت للنظر تلك الدراسة المهمة التى أعدها مؤخراً المركز المصرى للفكر والدراسات، فبعد عقود من التطبيق المتكرر لحالة الطوارئ، أوقف السيد الرئيس العمل بقانون الطوارئ فى خطوة مهمة لها دلالات متعددة على كافة المستويات الداخلية والخارجية على حد سواء، وذلك نظرًا لارتباط تطبيق هذا القانون بالمنعطفات الاقتصادية والسياسية والأمنية التى عاشتها مصر خلال الفترات السابقة، كما تأتى هذه الخطوة كدليل آخر على دخول مصر فعليًا عصر الجمهورية الجديدة وهو الحدث الأهم الذى بات على الأبواب.

لقد كشفت هذه الدراسة، التى أعدها الباحث محمد منصور، أن حالة الاستقرار الأمنى والاقتصادى التى باتت تتمتع بها مصر خلال السنوات الأخيرة كانت سبباً رئيسياً لأن يعلن السيد الرئيس عن هذا القرار، الذى استقبلته كافة القطاعات السياسية والشعبية المصرية بترحاب شديد، ففى إيقاف العمل بحالة الطوارئ إشارة قوية تفيد بأن القيادة المصرية قد تمكنت من خلال جهودها التى بدأت عام 2014 فى الوصول إلى الهدف الأساسى من تصدرها للمسؤولية، وهو إيصال مصر إلى مرحلة تتقلص فيها المهددات الداخلية والخارجية بالشكل الذى يسمح بتطبيع الأوضاع داخل البلاد على كافة المستويات، بما فى ذلك المستويات القانونية والأمنية.

والحديث عن حالة الطوارئ يدفعنى للعودة إلى تاريخ وتطور العمل بـ"الطوارئ" فى مصر، وحسب ما جاء فى هذه الدراسة المهمة فقد بدأ ظهور مصطلح "قانون الطوارئ" فى مصر للمرة الأولى عام 1941، فى بدايات الحرب العالمية الأولى، حيث فرضت القوات البريطانية التى كانت تحتل الأراضى المصرية آنذاك، مجموعة من قوانين الطوارئ تحت اسم "الأحكام العرفية"، وعينت لتطبيق هذه الأحكام حاكمًا عسكريًا.

وقد تم تضمين هذه الأحكام فيما بعد ضمن مادة واحدة فى الدستور المصرى الذى تمت صياغته عام 1923، لكن تم منح الملك سلطة إعلان هذه الأحكام على أن يعرضها بعد ذلك على البرلمان للبت فى استمرار العمل بها من عدمه.

وقد تم تطبيق هذه المادة ثلاث مرات قبل ثورة يوليو 1952، الأولى خلال الحرب العالمية الثانية، وتحديدًا بين عامى 1939 و1943، والثانية خلال حرب فلسطين عام 1948، والثالثة قبيل ثورة يوليو وتحديدًا خلال حريق القاهرة فى يناير 1952. 

وظلت هذه الأحكام مطبقة فى مصر منذ حريق القاهرة مرورًا بثورة يوليو وما بعدها، حيث تم إصدار القانون رقم 533 لعام 1654، لتنظيم العمل بالأحكام العرفية.

وفى نفس السياق ظل هذا الوضع قائمًا إلى أن أصدر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر القانون رقم 162 لعام 1958 الذى سمى "قانون الطوارئ"، ويعد هو الأساس الذى تم عليه تطبيق حالة الطوارئ فى مصر خلال العقود اللاحقة، إذ نصت المادة الأولى منه على "جواز إعلان حالة الطوارئ كلما تعرض الأمن أو النظام العام فى أراضى الجمهورية أو فى منطقة منها للخطر سواء أكان ذلك بسبب وقوع حرب أو قيام حالة تهدد بوقوعها أو حدوث اضطرابات فى الداخل أو كوارث عامة أو انتشار وباء".

وقد تضمن هذا القانون بعض القيود المقيدة للحريات، مثل تحديد مواعيد فتح المحال العامة وإغلاقها كلها أو بعضها، وسحب التراخيص بالأسلحة والذخائر والمفرقعات على اختلاف أنواعها، وإخلاء بعض المناطق أو غلقها، وحظر التجمعات والتظاهرات، إذا ثبتت خطورة قد تمس الأمن الوطنى أو تهدد استقرار الدولة بوجودها. 

كما نص فى أحد بنوده على أنه لا يجوز الطعن بأى وجه من الوجوه فى الأحكام الصادرة عن محاكم أمن الدولة، ولا تكون هذه الأحكام نهائية إلا بعد التصديق عليها من رئيس الجمهورية.

واللافت للنظر أن التطبيق الأول لقانون الطوارئ فى مصر كان خلال العدوان الثلاثى عام 1956، ثم توقف العمل به لفترة، إلى أن جاءت نكسة عام 1967 ليتم العمل بهذا القانون مرة أخرى، وظل ساريًا خلال الفترة الأخيرة من حكم الرئيس الراحل جمال عبد الناصر، وكذلك خلال فترة حكم الرئيس الراحل أنور السادات، الذى قام فى مايو 1980 بإيقاف العمل به وظل هذا القرار ساريًا إلى أن تم إعادة العمل بقانون الطوارئ فى أكتوبر 1981 بعد اغتيال الرئيس السادات، ليظل هذا القانون ساريًا خلال 30 عاماً من حكم الرئيس الراحل حسنى مبارك الذى كان يصدر بشكل سنوى قراراً بتجديد العمل به، وفى أواخر عهده كان مجلس الشعب يجدد العمل بهذا القانون كل ثلاث سنوات، وآخر مرات التجديد فى عهد مبارك كانت فى مايو 2010، وحينها جدد مجلس الشعب العمل بقانون الطوارئ لمدة عامين فقط.

وتشير الدراسة الى أنه طيلة الفترة التى تم تطبيق قانون الطوارئ فيها خلال حكم الرئيس الراحل مبارك، وكذا عدم ارتباط هذا التطبيق – خاصة  فى السنوات الأخيرة من حكمه – بأية تحديات أمنية داخلية أو خارجية تفرض تطبيق هذا القانون، كانت جميعها أسبابا دعت منظمات المجتمع المدنى مرارًا وتكرارًا إلى الاحتجاج على استمرار العمل به، لذا لم يكن مستغربًا أن يكون إلغاء قوانين الطوارئ على رأس مطالب الشعب المصرى خلال أحداث يناير 2011.

وقد فرضت الظروف التى صاحبت احتجاجات تلك الفترة، إعادة العمل بهذا القانون مرة أخرى لفترة وجيزة أواخر عام 2011، بعد مهاجمة المتظاهرين لإحدى السفارات، لكن بحلول مايو 2012، أعلن المجلس العسكرى الذى كان يتولى إدارة المرحلة الانتقالية فى مصر، إيقاف العمل بقانون الطوارئ.

وقد أعيد العمل بقانون الطوارئ حصرًا فى مدن القناة لمدة شهر واحد فقط فى يناير 2013، بعد اندلاع أحداث عنف فى مدينة السويس، ثم فرض الرئيس المؤقت المستشار عدلى منصور حالة الطوارئ فى عموم البلاد لمدة شهر واحد فى أغسطس 2013، خلال فض القوات الأمنية والعسكرية للاعتصامين المسلحين فى ميدان رابعة العدوية وميدان نهضة مصر، وأعاد تجديد هذا القرار لمدة شهرين، ثم أصدر فى نوفمبر 2013 قرارًا بإيقاف العمل بهذا القانون.

وفى فترة حكم الرئيس الحالى عبد الفتاح السيسى، تم فرض حالة الطوارئ فى سيناء حصرًا فى أكتوبر 2014، بعد الهجوم الإرهابى على تمركز "كرم القواديس" الأمنى فى مدينة الشيخ زويد شمالى سيناء، ما أسفر عن استشهاد وجرح عشرات الجنود، وقد تم توسيع العمل بقانون الطوارئ ليشمل كافة المحافظات المصرية فى أبريل 2017، عقب تفجيرين انتحاريين استهدفا كنيسة مار جرجس فى مدينة طنطا، وكنيسة مارمرقس فى مدينة الإسكندرية، ما أسفر عن عشرات الضحايا والمصابين.

وإحقاقاً للحق فإن فرض حالة الطوارئ فى هذا السياق كان له دور مهم فى الوصول إلى النتيجة الميدانية التى نراها اليوم، والتى من خلالها أمكن للدولة المصرية أن تصدر هذا القرار التاريخى بوقف العمل بقانون الطوارئ بشكل كامل، كون أن نظرة السلطة المصرية لهذا القانون كانت مرتبطة فقط بملف الإرهاب ومكافحته وليس أية أسباب أخرى سواء كانت سياسية أم داخلية.

تم نسخ الرابط