◄سر القرار الذى أنقذ مشروع توشكى وأعاد له الحياة مرة أخرى
◄الدولة المصرية تمتلك إرادة قوية.. والدليل إزالة جبل من الجرانيت مساحته ٩ كيلو مترات
◄مشروعات إضافة ٢ مليون فدان للأراضى الزراعية فى صدارة خطة الحفاظ على الأمن القومى المصرى
◄مصر الآن.. قرارات جريئة .. تخطيط بأساليب علمية.. وتنفيذ بأعلى درجات الدقة
ظل الاعتقاد السائد ولعقود طويلة أن هناك عقبات تصل إلى درجة المستحيل تحول دون إتمام العمل فى مشروع توشكى، هذا المشروع الذى فكر فيه وخطط له وأعد دراساته الدكتور كمال الجنزورى رئيس الوزراء الأسبق والفريق الذى كان معه فى مجلس الوزراء آنذاك، وكنا نقول: هل يمكن أن يأتى اليوم الذى يتم فيه التغلب على هذه العقبات؟ كنا نسأل دون أن نعرف أن الإجابة ستأتى فى الوقت الذى تقرر فيه مصر "شطب" كلمة المستحيل من قواميس لغتها وهى تبنى الجمهورية الجديدة.
عندما كنت أتابع افتتاحات الرئيس عبد الفتاح السيسى ضمن أسبوع الصعيد، كنت أنتظر ما سيحدث فى توشكى تحديداً، وعندما سمعنا ما حدث هناك أدركنا أن مصر عادت مرة أخرى إلى عصر المعجزات.
فى التسعينيات وبعد أن بدأ العمل فى مشروع توشكى اكتشف المشرفون على المشروع أن هناك ٩ كيلو مترات من الجرانيت تعوق مرور المياه وتحول دون نجاح المشروع بالكامل، وبدلا من التفكير فى إزالة الجرانيت ظل المشروع عالقا لما يقرب من ٢٥ عاما.
لكن كيف تم التغلب على هذه العقبة التى دخلت فى باب المستحيلات، وجعلت مشروعا من أكبر مشروعاتنا فى حكم المحال؟
عندما تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى فى يونيو ٢٠١٤ بدأ وجه الحياة يتغير بالفعل، وبدأت الروح تدب فى كافة المشروعات التى توقفت حتى لو كان توقفها لأسباب معقدة ومستحيلة فقد قرر أن مصر لن تعرف المستحيل بعد اليوم.
تم عرض مشروع توشكى مرة أخرى وهذا عندما كان المهندس إبراهيم محلب رئيسا لمجلس الوزراء، وكان لابد من قرار حاسم وجريء وشجاع، وهو ما جرى بالفعل، فإذا كان لابد من إزالة جبل الجرانيت فلتتم إزالته.
الخبراء الذين نفذوا القرار يؤكدون أن العمل بدأ لتنفيذ القرار منذ العام الماضى فى منطقة فرع 4 بتوشكى، حيث بدأت أعمال الحفر والتبطين لاختراق المنطقة الصخرية بطول 9 كيلومترات عبارة عن جرانيت (جبل صخر) كانت تمثل عائقًا أمام هذا المشروع، فقد كان وصول المياه لـ 300 ألف فدان يحتاج اختراق هذا الجبل من الجرانيت؛ وهو ما استدعى استخدام المفرقعات فى هذه الأعمال.
إجمالى أعمال الحفر بهذه المنطقة 15 مليون متر مكعب، استمرت مدة 13 شهرًا، وقد ظلت شركات الحفر تعمل 24 ساعة يوميًا لمدة 3 شهور للانتهاء من هذا العائق.. ويلفت أحد من عملوا فى هذه الملحمة إلى أن نقل المعدات من القاهرة حتى توشكى للانتهاء من أعمال نسف الجرانيت كانت مكلفة، مؤكدًا استخدام معدات كثيرة جدًا لإتمام هذه المهمة وتوصيل المياه من أجل إتمام عملية الزراعة بتوشكى، مشيرًا إلى إعداد دراسات لإنجاح هذا المشروع.
وأوضح أيضا أن منظومة القوات المسلحة تصل لأهدافها بأقصر طريق، مؤكدًا أن ما حدث فى نسف هذا الجبل هو أقصر طريق لتوصيل المياه لـ 300 ألف فدان بتوشكى. مشروع توشكى ليس مجرد مشروع عابر، ولكنه يأتى فى القلب كما يشير السيد القصير وزير الزراعة واستصلاح الأراضى من منظومة الأمن الغذائى المرتبط بالأمن القومى، لافتا إلى أن هناك نهضة زراعية غير مسبوقة فى عهد الرئيس عبد الفتاح السيسى بهدف زيادة مساحة الرقعة الزراعية لتحقيق الأمن الغذائى للمواطنين.
كلام القصير جاء على هامش افتتاح الرئيس السيسى، لبعض المشروعات الزراعية فى صعيد مصر، وأضاف وزير الزراعة أن مشروع توشكى من أهم المشروعات التى يجرى تنفيذها حاليا ويوجد به أكبر مزرعة تمور فى الشرق الأوسط بهذا الحجم من حيث عدد النخيل ومن أجود أنواع التمور مثل المجدول والبرحى إلى جانب المساحات المزروعة بالمحاصيل الإستيراتيجية مثل القمح والخضر والموالح والمانجو، وأثبتت التجارب أن الإنتاجية فى توشكى عالية وتبشر بالخير.
وذكر أن مساحات التمور بدأت فى الإنتاج وتستخدم أحدث الطرق التكنولوجية فى الزراعة والرى الحديث.. وقال إن مشروع توشكى يؤكد توافر الإرادة والثقة وقدرة الدولة على إدارة المشروعات الكبرى وتحقيق النجاح وعلاج السلبيات وتصحيح مسار المشروعات التى كانت متعثرة.
وأشار إلى أنّ مشروع توشكى من المشروعات الزراعية الواعدة وأن الزراعة فيها لا بد أن يتبعها مشروعات أخرى كمشروعات الثروة الحيوانية وإنتاج التقاوى ومشروعات التصنيع الزراعى، كما أن هناك مشروعات لتصنيع البلح واستخداماته.. وأضاف أن المشروع يهدف إلى خلق مجتمعات جديدة وأن غالبية العاملين فيه من الصعيد.
وقال "القصير" إن أهم المحاور التى يتم العمل عليها حاليا لتطوير القطاع الزراعى هو التوسع الأفقى واستصلاح الأراضى الصحراوية وإضافة مساحات جديدة تصلح للزراعة رغم التحديات التى تواجه الدولة المصرية فى مجال ندرة المياه.
وأشار إلى أن مشروع الدلتا الجديدة الذى أطلقه فخامة الرئيس السيسى يستهدف تنمية حوالى 2.2 مليون فدان منها مليون فدان للزراعة بتكلفة أكثر من 300 مليار جنيه بالإضافة إلى مشروعات الاستصلاح فى جميع ربوع مصر والتى تستهدف زراعة أكثر من ثلاثة ملايين فدان أخرى جديدة بجانب مشروع المليون ونصف المليون فدان، لافتا إلى أن الدولة تنفق أموالا طائلة على مشروعات الاستصلاح لذلك يجرى أولا الحصر التصنيفى والتركيب المحصولى والدراسات للتربة قبل الزراعة لضمان نجاح المشروع وهناك دعم كبير من القيادة السياسية لمثل هذه المشروعات العملاقة.
وزير الزراعة قال إنه يوجد فى توشكى محطة بحوث تابعة لمركز بحوث الصحراء وأخرى تابعة لمركز البحوث الزراعية وأيضا محطة ميكنة.
وبالقرب من كلام وزير الزراعة يتحدث الدكتور محمد عبد العاطى وزير الموارد المائية والرى عن أن الدولة المصرية تبذل جهوداً جبارة وتُنفذ مشروعات كبرى فى مختلف محافظات الجمهورية وخاصة محافظات الوجه القبلى، فى إطار رؤية شاملة لتنمية الصعيد وتوفير حياة كريمة للمواطنين.
وأوضح الدكتور عبد العاطى أن مشروعات الموارد المائية والرى تقع فى قلب المشروعات التنموية الجارى تنفيذها حالياً، باعتبار المياه هى المحور الرئيسى للتنمية ، مع إعطاء الأولوية لمحافظات الوجه القبلى، حيث قامت الوزارة خلال السنوات الماضية بتنفيذ مشروعات كبرى لتحديث وتطوير شبكة الترع والمصارف والمساقى والرى الحقلى، وتأهيل محطات الرفع، والتوسع فى استخدام مياه الصرف الزراعى، ومشروعات الحماية من أخطار السيول بمحافظات الصعيد.
وأضاف أنه وفى مجال تطوير شبكة الرى والصرف العامة والخاصة والرى الحقلى.. تم تنفيذ أعمال تأهيل ترع بأطوال تصل إلى حوالى ٢٠٠٠ كيلومتر بتكلفة حوالى ٦.٥٠ مليار جنيه بمحافظات الجيزة والفيوم وبنى سويف والمنيا وأسيوط وسوهاج وقنا وأسوان، كما تم إنشاء وإحلال وتجديد عدد (٤١٧٩) منشأة صناعية على المجارى المائية بتكلفة تصل إلى حوالى ٥ مليارات جنيه ، وتنفيذ أعمال لتطوير الرى فى الأراضى القديمة فى زمام ٦٠ ألف فدان بتكلفة تصل إلى ٨٢٨ مليون جنيه تم خلالها تطوير عدد (٩٦٨) مأخذا ومسقى ، والتحول لنظم الرى الحديث فى زمام ١٥٤ ألف فدان، وتنفيذ أعمال إنشاء وإحلال شبكات الصرف المغطى وتوسعة وتعميق المصارف المكشوفة وإنشاء وإحلال الأعمال الصناعية عليها فى زمام ٢٧٣ ألف فدان.
كما تم تنفيذ (٣٣٨) منشأة للحماية من أخطار السيول، وحفر وإحلال وتجديد عدد (٨٩٢) بئرا لتوفير المياه لما يقرب من مليون مواطن بمحافظات الوجه القبلى، وتم تجهيز (٢٤٠) بئرا منها بالطاقة الشمسية والكهربائية، وإنشاء وإحلال ورفع كفاءة وتأهيل عدد (٢٥٢) محطة رفع باستثمارات تصل إلى ٣.١٥ مليار جنيه، مثل محطة المراشدة الجديدة بمحافظة قنا بتكلفة ١٥٠ مليون جنيه وتخدم زمام ٦٣ ألف فدان، كما تم تنفيذ أعمال بالهيئة العامة للسد العالى وخزان أسوان بقيمة ٩١٣ مليون جنيه، والعمل على تنفيذ مسار الترعة الفرعية رقم ٤ ودليل ٣ ، ٤ بمشروع تنمية جنوب الوادى بتكلفة تصل لحوالى ١٤ مليار جنيه. وفى مجال تطوير منشآت الرى الكبرى بالوجه القبلى .. فقد تم تنفيذ مشروع إنشاء قناطر أسيوط الجديدة ومحطتها الكهرومائية الواقعة على نهر النيل بتكلفة تصل إلى ٦ مليارات جنيه، وسيتم البدء قريباً فى تنفيذ مشروع إنشاء قناطر ديروط الجديدة لخدمة زمام حوالى ١.٦٠ مليون فدان فى خمس محافظات بالصعيد هى (أسيوط – المنيا – بنى سويف - الفيوم – الجيزة) ، وتنفيذ عملية تدعيم وتحديث الهويس الشرقى بقناطر إسنا الجديدة الواقعة على نهر النيل.
كما قامت وزارة الموارد المائية والرى بإنشاء المركز الثقافى الإفريقى بأسوان والذى يضم خمس مساحات متنوعة تحتوى كل منها على لوحات ومقتنيات وأفلام وثائقية للدول الإفريقية، ويحتوى على مكتبة وثائقية تضم العديد من الكتب والألبومات الأثرية والتاريخية التى تحكى تاريخ النيل، كما تم الانتهاء من تنفيذ مسرح مفتوح بجوار المركز.
وفى إطار الحملات الموسعة لإزالة التعديات على نهر النيل والمجارى المائية وأملاك الرى.. فقد تم إزالة أكثر من ١٠ آلاف حالة تعدٍ بمساحة تصل إلى حوالى ١.٢٠ مليون متر مربع.
كل ذلك يحدث لأن الدولة المصرية قررت أن تتحدى كل العقبات من أجل تحقيق النهضة الكبرى التى نسعى إليها ونستهدفها جميعا.