السيسي: برنامج الإصلاح الاقتصادي قلل من تداعيات جائحة كورونا على المجتمع المصري
بدأت الجلسة العامة الرئيسية بعنوان "جائحة كورونا: إنذار للإنسانية وأمل جديد"، ضمن فعاليات النسخة الرابعة لمنتدى شباب العالم، بحضور الرئيس عبد الفتاح السيسي، ولفيف من رؤساء الدول والقادة ورؤساء الحكومات.
شارك في الجلسة، جورج فيلا رئيس مالطا، وكلاوس يوهانيس رئيس دولة رومانيا، وإيفان دوكي ماركيز رئيس جمهورية كولومبيا، وهاكيندي هيشيليما رئيس دولة زامبيا، وقاسم ماجاليو رئيس وزراء تنزانيا، والدكتورة شما المزروعي وزيرة الدولة لشؤون الشباب بدولة الإمارات، وميغيل أنخيل موراتينوس السكرتير العام للأمم المتحدة والممثل السامي للأمم المتحدة للتحالف من أجل الحضارات، والسفير جوناثان كوهين سفير الولايات المتحدة بالقاهرة، وفوجي بانك نائب رئيس رابطة الشباب الصيني بصفته ممثلًا خاصًا لرئيس جمهورية الصين الشعبية.
تحدث الرئيس عبد الفتاح السيسي، واصفًا التحدي الراهن في ظل انتشار جائحة كورونا بالتحدي "العظيم" الذي يواجه الإنسانية ويشكل تحديات مركّبة سياسية واقتصادية واجتماعية كبيرة جدًا خلال السنتين الماضيتين.
وأضاف الرئيس أن التداعيات التي بيّنتها الجائحة شملت تعطّل قطاعات كاملة خلال العامين الماضيين في عددٍ من الدول التي تعرّضت لإغلاقٍ كامل، هذا بخلاف قطاعات كاملة توقفت تمامًا عن العمل مثل النقل والطيران والسياحة، مشيرًا إلى أن العالم فوجئ بأن الخسائر تجاوزت مئات الملايين.
ركز الرئيس في حديثه على قطاعين مهمين تأثرا بفعل الجائحة وهما الصحة والاقتصاد، أما على صعيد القطاع الصحي، أعلن أن الدولة أطلقت عددًا من المبادرات، خلال الأعوام 2017 و2018 و2019، على رأسها مبادرة للقضاء على مرض التهاب الكبد الوبائي، ومبادرة التحرك نحو القضاء على الأمراض المزمنة مثل ارتفاع ضغط الدم والسكري والسمنة المفرطة، وبفضل تلك المبادرات استطاعت مصر القضاء على مرض التهاب الكبد الوبائي بعدما كانت على رأس قائمة الدول الأكثر إصابة به.
أضاف الرئيس أن مصر، لولا تلك المبادرات، كانت ستعاني أكثر في ظل الجائحة، ولكن ساهمت تلك المبادرات في تقليل الضغط الواقع على القطاع الصحي، واعتمدت على نظام يجمع بين الحفاظ على الإجراءات الاحترازية وسير العمل في قطاعات الدولة المختلفة، مما انعكس إيجابيًا على تراجع معدلات الإصابة بالمرض في مصر مقارنةً بدولٍ أخرى مماثلة لنا في حالة القطاع الصحي.
وأشار الرئيس السيسي ، إلى أنه على صعيد القطاع الاقتصادي، أطلقت مصر برنامج الإصلاح الاقتصادي في نوفمبر ٢٠١٦ الذي نشهد مرحلته الثانية حاليًا، مشيرًا إلى إن حجم التداعيات كان سيصبح ضخمًا للغاية إذا دخلت الدولة مرحلة الجائحة بالسياسات الاقتصادية التي كانت مطبقة قبل برنامج الإصلاح الاقتصادي.
كما أشار إلى أن ثمار تلك الإجراءات والمجهودات بدأت بالظهور، وكانت النتيجة تقديم دعم مالي للعمالة غير المنتظمة والمؤقتة في ظل الظروف الراهنة، ولكن لم تتوقف المشاريع وإجراءات العمل قبل وأثناء وحتى الآن، هذا بالإضافة إلى إطلاق مبادرة (حياة كريمة) الذي يستهدف ٦٠ مليون إنسان لمجابهة تداعيات الفقر التي تسبب عنها هذا المرض.
جاءت بعد ذلك كلمة جورج بيل، رئيس جمهورية مالطا، الذي بدأ بتوجيه الشكر للرئيس عبد الفتاح السيسي لدعوته لحضور منتدى شباب العالم، ولفت النظر إلى أن الموضوعات التي سوف يتم مناقشتها خلال هذا المنتدى مهمة للغاية؛ ومنها التعافي من جائحة كورونا، وتمكين المرأة، والاستقرار العالمي، والسلم والأمن، والطاقة، ومستقبل التكنولوجيا، وأشار إلى أن العامين الماضيين شهدا أزمة طاحنة احتاجت للتفكر والتدبر ليس فقط في العوامل الصحية، ولكن أيضًا في عوامل الاستقرار.
ووجه إلى وجوب دراسة آثار هذه الجائحة، خاصةً تأثيرها على الأطفال الذين رأوا أقاربهم بحاجة إلى أجهزة طبية إثر إصابة أعداد لا تُحصى بهذه الجائحة، ولذا اقترح نقاشًا خاصًا بالتأثيرات النفسية والسلوكية للجائحة لنرسم معالم عالم ما بعد الجائحة، كما أوصى بضرورة العمل على توفير اللقاحات للجميع، وأنه يتوجب على العالم أن يخلص نفسه من هذا الفيروس.
كما ينبغي أن نتأكد من ألا يتخلف أحدٌ عن الركب بالرغم من محدودية الموارد. ولفت إلى أننا لا نستطيع أن نتجاهل الآثار الاجتماعية والاقتصادية، وهناك دور يلعبه الشباب للتضامن العالمي خلال هذه الجائحة. كما أشار إلى أن منتدى البحر المتوسط يماثل هذا الحدث وهو يتناول القضايا التي نواجهها في منطقة البحر المتوسط. واختمم حديثه بأننا جميعًا شركاء في هذا الجهد العالمي لتعزيز الحوار والرفاه والسلام.
تناولت كلمة الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس، الإشارة إلى إن منتدى شباب العالم بات عنصرًا مهمًا في حركة الشباب العالمي، فهو يمنح الشباب مسارًا مهمًا للمشاركة الفعالة، وأعرب عن سروره بالانضمام إلى منتدى شباب العالم، وأوضح أن الحكومة تستعد للتعامل مع التحديات القائمة ٢٠٢٢-٢٠٢٧ بزيادة التمكين وتعزيز مشاركة الشباب.
وصادقت الحكومة الرومانية على استراتيجية الاتحاد الأوروبي لتمكين وتعليم وزيادة معدلات تشغيل الشباب، ومشاركتهم الفعالة في القضايا الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وأشار إلى أن رومانيا أيضًا سوف تساهم في عام أوروبا للشباب ٢٠٢٢. كما شدد على أهمية الدور الحيوي الذي يلعبه الشباب في رومانيا، لذا ينبغي منح الفرص للشباب مما يتطلب وجود منظومة سياسية وتعليمية تؤهلهم لذلك.
أعقب ذلك كلمة إيفان دوك ماركيز، رئيس جمهورية كولومبيا، التي تحدث فيها عن التحديات التي تواجه العالم كالتغير المناخي والإجراءات التي تم اتخاذها في بلاده لحماية البيئة والمستقبل، ودعا للدفاع عن الشباب، وحماية هذه الأجيال، فبدون ذلك لن نبني الحاضر والمستقبل. وأوضح أن المستقبل يلزمنا بمواجهة التغير المناخي حتى نتمكن من حماية التنوع البيئي، وأشار إلى قراره هذا العام بأن تكون ٣٠% من كولومبيا محمية بيئيًا لحماية الحاضر وبناء المستقبل.
فيما أكد هاكيندي هيشيليما، رئيس زامبيا، أن بلاده تدعم الشباب وتؤمن بمشاركته الفعالة لتحقيق التنمية المستدامة، وقال إن منتدى شباب العالم فرصة للاستماع لأصواتهم والتعرف على إبداعاتهم وابتكاراتهم. وأعرب عن إيمانه بالمشاركة الفعالة للشباب لتحقيق التنمية المستدامة، وأكد أن زامبيا وضعت الشباب على رأس الأجندة من خلال آلية تفاعلية لمشاركة الشباب في القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية.
وأشار إلى أن زامبيا لديها ما يزيد عن ١٠ آلاف شاب يعملون في قطاع الترفيه، وأوضح أنه في السنوات الأخيرة تطورت الصناعات وتم احتواء مهارات الشباب وتدبير السياسات الزراعية والصناعية من أجل مواجهة هذه التحديات بإشراف من القطاع الخاص لدعم وتعزيز المؤسسات الابتكارية من أجل دعم الاقتصاد. وأيضًا كان هناك اهتمام بالعلوم التكنولوجيا والصناعات الصغيرة، وتطرق حديثه إلى اهتمام دولة زامبيا بميثاق اليونسكو.
وفي ختام كلمته حث الشباب للاستفادة من منصة منتدى شباب العالم من أجل الاشتراك والانخراط وصنع وتحويل الأفكار إلى أفعال جادة وفعالة وأن يكون كل شاب عضوا فعالا في مجتمعه.
بعد ذلك، تحدث قاسم ماجاليو، رئيس وزراء تنزانيا، مشجعًا منتدى شباب العالم لأن يكون منصة مستدامة من أجل الاستماع إلى كافة الرؤى ولينخرط الشباب في السياسات والوصول إلى عالم أفضل. ونيابة عن رئيس تنزانيا، وأكد سعادة بلاده بالمشاركة في منتدى شباب العالم، وتطرق حديثه إلى التأثيرات الاقتصادية للجائحة، وأن هذه الجائحة لم تؤثر على الحكومات فقط وإنما أثرت على الحياة اليومية للشباب، وأوضح أنه مضى عامان على انتشار هذه الجائحة ونحن حتى الآن لم نتعافَ، خاصة أن هذه الدول الافريقية هي دول شابة، ولكن كان هناك تدابير من أجل إنعاش الاقتصاد في العالم.
وأكد أنه على الرغم من التحديات التي تواجه العالم، إلا أنه في حاجة لمراقبة الأوضاع الخاصة بالجائحة. ووجه الدعوة للأمم المتحدة والمؤسسات الاجتماعية الأخرى لوضع سياسات شاملة لمواجهة هذه التحديات.
ووجهت شما المزروعي، وزيرة الدولة لشؤون الشباب في الإمارات، الشكر للرئيس السيسي، ووصفت مصر بوطنها الثاني، وذكرت كلمة الشيخ زايد "نهضة مصر هي نهضة الأمة العربية كاملة". وأشارت إلى أن التحديات التي يواجهها العالم جراء كورونا هي فرصة للتأمل واكتشاف أن كل شيء قابل للتغير، وأن ما تعلمناه من أزمة كورونا هو تحدى الأمر الواقع، وهذه هي سياسة دولة الامارات، مشيرةً إلى جهود دولة الإمارات في قطاع الشباب وأبرزها تأسيس حراك شبابي على مستوى الدولة، وإشراكهم من خلال مجالس الشباب، وكذلك إطلاق أكثر من ٤٠ مبادرة للاستماع والتفاعل مع الشباب لإشراكهم في كافة الجوانب.
فتمكين الشباب في دولة الإمارات أصبح حالة وفكر وثقافة وممارسة، واختتمت حديثها برسالة لصناع القرار اليوم وهي أن كلنا مصيرنا واحد، وصوت الشباب عالٍ، كما دعت لبناء مستقبل شباب العالم معًا.
كما شكر فوجي بانك، نائب رئيس رابطة الشباب الصيني، الممثل الخاص لرئيس الصين، الرئيس عبد الفتاح السيسي، على توجيه الدعوة للمشاركة في منتدى شباب العالم، وأوضح أن العالم يمر بتغيرات كبيرة، وأن الشباب بدورهم يواجهون تغيرات معقدة ومركبة في الصحة والتعليم والعمل، وأوضح أنه في شهر سبتمبر الماضي في الدورة الأخيرة للجمعية العامة للأمم المتحدة تحدث الرئيس الصيني عن المبادرة العالمية التي تعطى أولوية للتنمية، من خلال الشراكة العالمية لمعالجة الفجوات التنموية بين البلدان المختلفة.
ولاقت هذه المبادرة صداها في كافة أنحاء العالم، متسائلاً: هل سنمضي معًا من خلال المبادرة العالمية للتنمية لتحقيق الرخاء للعالم بأكمله؟ كما أوضح أن الصين لديها ثاني أكبر عدد من الشباب، وأن أهم قضية للحزب الشيوعي والدولة هي الشباب وتطويرهم الذي يُعد أولوية قصوى، حيث أطلقت الحكومة الصينية خطة تمكين الشباب حتى عام 2025 بأهداف واضحة وخطط متكاملة تتعامل مع مجالات تخص حياة الشباب مثل الصحة والتعليم والتوظيف والزواج وغيره. فالشباب الصيني مستمر في التنمية والتطور بوتيرة متسارعة، وهم الأساس للحفاظ على السلم العالمي وهم قادة التنمية.
وأضاف أنه لديه ثلاثة اقتراحات نيابة عن الشباب الصيني، ودعا للعمل معًا لتحسين الشراكة والنظام العالمي للحوكمة، فعالم اليوم يحتاج لتعاون يفوز فيه الجميع، فلنعمل معًا ونبي مجتمعات تتشارك في المستقبل من أجل الإنسان، وهو ما يحتم على الأمم المتحدة والمجتمع الدولي دورًا كبيرًا لتعزيز دور الشباب، علينا دعم الشباب لتعزيز الجهود العالمية من خلال المشاورات لضمان مستقبل أفضل للشباب، وعلينا تعزيز تبادل الخبرات والتجارب الخاصة بتنمية الشباب.
وأشار إلى أنه يجب أن نتحقق من فهم الشباب لأهداف التنمية المستدامة، والتأقلم مع التغير المناخي، وشدد على أن تحركاتنا اليوم ستحدد مصير العالم في المستقبل، واختتم حديثه بأن مصر دولة صديقة، ومنتدى شباب العالم لعب دورا محوريا في تعزيز دور الشباب في مختلف دول العالم.
ومن جانبه وجه، ميغيل أنخيل موراتينوس، وكيل السكرتير العام لمنظمة الأمم المتحدة للتحالف من أجل الحضارات، الشكر للرئيس السيسي على دعوته للمشاركة في النسخة الرابعة من منتدى شباب العالم، قائلا: "إنّ المنتدى فرصة ذهبية واستثنائية للحوار"، وأن زيارة شرم الشيخ لحظة خاصة بالنسبة له، حيث يدعوها مدينة السلام، وزارها في عدة مناسبات، ودائما كانت تلعب دورًا فعالًا لدفع عملية السلام بين إسرائيل وفلسطين.
وذكر أنه خلال عامي 2016 وعام 2017 وردت لمصر هذه الفكرة الرائعة، بالرغم من أن تحقيقها لم يكن سهلا، لكن ها نحن نحصد النجاح. وشدد على أهمية تضافر كل عناصر المجتمع على نحوٍ شامل، وأنه ينبغي علينا أن نستفيد من الدروس ونغيّر منهجية الفكر.
وأوضح أنّ منتدى شباب العالم جمع صنّاع القرار من الكبار مع الشباب، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة للتفاهم، لافتا إلى أنّ الجائحة كان لها عواقب إنسانية ومالية واقتصادية وثقافية وتكنولوجية، فنقاشنا اليوم بعد الجائحة يبرز الكثير من الدروس التي تم ذكرها في الجلسة الافتتاحية.
كما أشار إلى ضرورة الاستفادة من الجيل الشاب في عملية الإصلاح. وفى ختام حديثه ألقى الضوء على أهمية التعايش بين مختلف الأديان والحوارات والثقافات من أجل مستقبل الإنسانية معًا.
قال السفير الأمريكي في القاهرة، جوناثان كوهين، أن العمل المشترك مع مصر من أجل تخفيف توابع جائحة كورونا غطى الكثير من الجوانب، وأنه بالمشاركة مع كوفاكس تم توفير أكثر من ٦٠ مليون جرعة من اللقاحات لمصر، فالحكومة الأمريكية دعمت الحكومة المصرية بأكثر من ٥٠ مليون دولار وأجهزة طبية لمواجهة هذه الجائحة، وأن هذه المشاركة لم تكن الأولى، فأزمة المناخ أصبحت أكثر إلحاحًا، حيث تطمح مصر لتكون رائدة في مجال الطاقة الخضراء. هذا، وساعدت مصر كثيرًا من المؤسسات لمجابهة التغيرات المناخية مما يسمح بتوظيف المواهب المصرية.
وأكد أنّ جون كيري، وهو أحد أهم رواد مكافحة تغير المناخ، سيصل إلى مصر غدًا، للحديث عن آفاق الاستثمار التي يمكن أن تبدأ في هذا المجال بالتعاون مع مصر، وأشار إلى التطلع للتعاون مع مصر بوصفها الدولة المضيف لمؤتمر الأطراف (COP 27) في شرم الشيخ، وشدد على أن الشباب ليسوا فقط المستقبل ولكن الحاضر وعلينا أن نعمل معا للتصدي لجميع الأزمات.
والجدير بالذكر أنه تأكيدًا على هدف الجلسة العامة "عالم ما بعد كورونا.. الفرص والتحديات"، قام فريق الإنتاج الفني لمنتدى شباب العالم، بإنتاج فيلم بعنوان "الوضع المعتاد الجديد"، الذي سلط من خلاله الضوء على التحديات والفرص التي فرضتها جائحة كورونا على الإنسانية وعدم إمكانية العودة مرة أخرى للماضي، وبالتالي وضعت الجميع في مواجهة مع النفس، وكشفت للعالم عن فرصة جديدة لإعادة اكتشاف أنفسنا وتغيير السياسات تحت مظلة الإنسانية ومن أجلها، من خلال مناقشة تتسم بالشفافية لأخطائنا بهدف تصحيحها لضمان غد أفضل للأجيال القادمة.