طفت علي السطح خلال الأيام الماضية واقعة أرها -من وجهة نظري- تافهة عندما قامت إحدي المدرسات بتقديم وصلة رقص خلال رحلة نيلية، وإستغربت عندما فردت لها عدة وسائل إجتماعية مساحات كبيرة للنشر وتعجبت من إصرار هذه الوسائل علي تصدير الصورة السلبية للواقعة -والتي أُسجل رفضي وإعتراضي عليها حتي لا يُفهم الأمر أن أُدافع عن التصرف- رغم أنها واقعة غير مُرحب بها إلا أنها لا ترتقي لتكون قضية رأي عام خاصة أنها مدرسة شابة في مقتبل حياتها، ظنت أنها بين عائلتها وقدمت هذه الوصلة التي أرفضها تمامًا إلا أن هذة السيدة الشابة المخُطئة ظنت بالخطأ أنها بين أسرتها وتناست عيون الغرباء الموجودين وبحث الأشرار عن الفضائح والمصايب، ليفضحوه أولًا وليتصيد من هم اكثر منهم كرهًا وغباء وسوادًا الواقعة للإساءة للمدرسات المصريات بصفة عامة رغم علم الجميع أنها واقعة فردية وليست عامة، والواقعة حدثت خلال رحلة نظمتها نقابة المعلمين بالمنصورة إلى مدينة القاهرة وكان ضمن برنامج الرحلة جولة نيلية، قبيل تكريم النقابة لهذه المعلمة عقب هذه الرحلة كمعلمة مثالية، وربما لفرحتها قدمت تلك الوصلة التي تصيدها كما ذكرت أحد الكارهين، ليتم تداول صور التكريم مع صور ومقاطع الرقص ما أساء لهيبة المعلم والعملية التعليمية، من وجهة نظر البعض، وتبين من خلال التحقيقات أن النقابة قامت بتكريم تلك المعلمة كمعلمة مثالية بعد الرحلة بالإضافة إلى معلم آخر كان من ضمن المشاركين في وصلة الرقص، وأدانت لجنة التحقيق المعلمين الموجودين بمقاطع الفيديو واتهمتهم بـ"إتيان تصرفات مشينة تؤدى إلى إهانة هيبة المعلم والعملية التعليمية"، وهي مُحقة ولكن فصل هذه المُعلمة وتعرضها لمشاكل زوجية كان عقاب مُبالغ فيه نعم أخطأت لكن ذبحها كان علي يد هذا الجاسوس الذي سرب الفيديو بهذا الشكل.
وهنا إختلفت الآراء حول الدور الرقابى للوزارة على المعلم او على الموظف وكيف أنه بينتهى عند البوابة الخارجية الرئيسية لمحل عمله الا اذا فى مهمه رسمية، وأن هذا الحدث يخص صاحبه ويخص حياته الخاصة مع اسرته وليس لأحد سلطانًا عليه سوي الله ثم ضميره وأخلاقه، فالسيدة لم ترقص فى الفصل ولا حتي فناء المدرسة ولا حتى فى رحلة فيها طلبة وطالبات من المدرسة بل رقصت وفرحت بمنتهى الامان بين رفقائها في رحلة في مكان عام وهي لا تعلم ان أن بينهم خائن يصطاد فى الماء العكر ويصورهم خلسة، وإن رقصت بطريقه مبتذلة او بطريقه خليعة أو ربما مجنونة فهو أمرها وهى خارج المدرسة، وحاسبها كان من المُفترض أن لا يكون للوزارة أى دخل فيه بل من يُحاسب هو من صور خلسه ونشر المقطع، وهو رأي يجب علينا إحترامه وإن إختلفنا معه، وبالقطع علينا إحترام أصحاب هذا الرأي وأدراك مقاصدهم الحسنة، نعم أحترم رأيهم وأري أن الواقعة تافهة ولكن حدوثها بهذا الشكل المهين يجعلني أختلف معهم فمن البداية نحن شعب نبحث عن الفضيلة والشرف المتأصل فينا دينيًا وأخلاقيًا منذ الأزل، والرقص والهلس والتهريج المبالغ فيه وأمام الرجال الأجانب نرفضه جميعًا علي إختلاف ميولنا ويمكن لبعضنا قبوله لكن عندما يتعلق الأمر بمعلمة جليلة تربي أبنائنا فلا يصح ولا ينبغي ولا أستطيع أن أتقبله وإن أُتهمت بالرجعية والتخلف يا مرحبًا برجولتي الرافضة تحت هذا المسمي ضد القبول والموافقة علي هذا الفعل تحت أي مسمي، وإن كنت أرفض ذبح السيدة الشابة بالعقاب المُبالغ فيه إلا أن عقاب كل من تسبب في وصول هذا الفيديو إلينا واجب.
فما رأيناه ليس مجرد تعبير عن السعادة بطرق معتادة ومقبولة اجتماعيًا وأخلاقيًا، ولكننا رأينا معلمة تتفنن في رقصها وكأنها من راقصات الترسو ملوك الإبتذال الرخيص، بكل أسف رأينا معلمًا يتحزم ويتراقص بمظهر لايليق بهيبة العلم والمعلم، مُتناسين من هم فإذا كان هذا هو سلوك ورثة الأنبياء، فماذا تركنا لأبنائنا الطلاب الذين يربيهم لنا هذه النوعية، فإذا كان رب البيت بالدف ضارب فشيمة أهل البيت الرقص، ما بالك اذا كان رب البيت هو الراقص نفسه؟!، ولذلك لا ينبغي السكوت على هذه الأفعال المشينة وتجاهلها وتمريرها حتي لا نجعل منها ذريعة وحجة للقادم الأسوأ الذي نخشاه، وبالتالي لن تستقيم الأمور، بل سننحدر من سيء لأسوأ، ألا يكفي التعليم مما هو فيه وما تعانيه المدرسة، وما يغرسة أؤلئك من مُخربي العقول والأذواق والآداب العامة من أصحاب أغاني المهرجانات وأنصاف الممثلين ومحدثي النعم حتى يسقط المعلمين أصحاب الرسالات السامية في هذا المستنقع الذي نبغضه ونرفضه وننادي بأعلي الأصوات إلحقونا وإنقذونا من هذا الإنحدار الهابط بسرعة رهيبة، فلا ينبغي ولا نستطيع السكوت على مشاهد مقززة كهذه، مشاهد تدعم أصوات كارهي مصرنا الغالية، ممن اختصروها في الراقصات وبقايا المجتمع معتمدين علي تلك النغمة الوقحة من دراما الواقع المزعوم التي نُبحت أصواتنا نطالب بوقفها، ندعم بتصرفات قلة منا أؤلئك الذين تناسوا عظمة هذا البلد الذي قدم ويقدم العظماء في ميادين العلم والدين والإبداع، من أمن العقاب اساء الأدب، ومن ثم تمرير هذه الواقعة سيزيد الطين بلة في قطاع التعليم والذي هو بالفعل غارق في المشكلات والأزمات، أما اتخاذ اجراء حاسم ورادع سيقعد كل من تسول له نفسه ارتكاب ذات الفعل علي أن لا يكون أي جزء منه خاصة من صور وصدر هذا المقطع فجرمه أعتبره الأكبر بين الجميع، قطعًا لا أدعو إلى جزرهم او قتلهم او القضاء على مستقبلهم، ولكن بالحتم لابد من إجراء يردعهم ويردع أمثالهم، وإلا فكيف سنعاقب طالب على فعل فعله مُعلمُه وسلمنا به، معظم النيران تأتي من مستصغر الشرر، وقد بدأ المشوار عندما غابت المدرسة عن دورها الرئيسي وأصبح التنمر على التعليم وأهله سلعة رائجة جلبت وتجلب المشاهدات والضحكات ولكن ونحن نضحك نسينا أننا نهدم وطننا بهدم التعليم رغم علمنا أن التعليم هو سبيلنا الوحيد للحاق بركب الدول التس سبقتنا ونحن أصحاب العلم نحن أقدم حضارة وأعرق أمة.
علي القائمين علي العملية التعليمية وضع ضوابط جديدة في تعيين المعلمين الجدد، فيجب مراعاة اختيار المعلمين وفقًا لأسس أكاديمية ومهنية وتربوية ونفسية، ويجب إعادة تأهيل المعلمين الحاليين عل كافة المستويات وليس الموقف الأكاديمي للمعلم فقط، بل الأهم هو الشق المهني في إعداده للأجيال وما نتمناه ونرجوه في الجيل علينا غرسه فالمعلم، فالمعلم قدوة الطالب فيجب توافر مواصفات الهيئة للمعلم كشخصية وشكلًا، ناهيك توفير الوزارة ما يحتاجه المعلم من عائد مادي ووسائل مساعدة، وأهم مسألة لاختيار المعلمين هو خضوعهم لاختبار إعداد نفسي والتأكد من أنه لا يعاني من اضطرابات ولديه القدرة على التعامل مع الطلاب، مع تأهيل وإصلاح أي عيوب شخصية أو سلوكية قبل تكليفه للقام بالعمل، نريدهم جميعًا مدرسيين مثاليين يتنافسون علي صناعة جيل قادر واعي مثقف قادر علي قيادة مصرنا الغالية، نريدهم متمكنين في العلم يصدرون الأخلاق رافضين للإبتذال والرقص، عقيدتهم الفضيلة وحب الوطن، نعم الرقص حرية لكن التعليم رسالة.