◄2.8 مليار دولار تكلفة مشروعات شركاء التحول نحو "الاقتصاد الأخضر"
◄46 مشروعًا لتخفيف آثار التغيرات المناخية بتمويلات تنموية تصل إلى 7,8 مليار دولار
◄برنامج التحكم فى التلوث الصناعى الأكبر على مستوى الشرق الأوسط فى مجال مكافحة التلوث
◄الدولة تعمل على تعزيز كفاءة إدارة المياه للتنمية الزراعية وتلبية الطلب المتزايد على المياه للأنشطة التجارية والصناعية
لم تتوقف مصر عن التزامها الأخلاقى تجاه القضايا المصيرية العالمية وفى مقدمتها تداعيات التغيرات المناخية، وهو ما نلمسه بشكل لافت للنظر فيما جاء فى التقرير السنوى لوزارة التعاون الدولى الذى سلط الضوء على الجهود التى تقوم بها الدولة لتعزيز خطط التكيف والتخفيف من تداعيات التغيرات المناخية، وذلك من خلال الشراكات الدولية مع شركاء التنمية متعددى الأطراف والثنائيين، وذلك تنفيذاً لخطط الدولة التى تسير فى اتجاه التحول نحو الاقتصاد الأخضر والحد من الانبعاثات الضارة، وتحقيق الهدف الثالث عشر من أهداف التنمية المستدامة المتعلق بالعمل المناخى.
وقد كشف التقرير السنوى لوزارة التعاون الدولى، الذى تم إطلاقه تحت عنوان "تعاون إنمائى فعال .. لبناء مستقبل أفضل"، أن المحفظة الجارية للوزارة تضم العديد من المشروعات التنموية التى تنفذها الدولة بالتعاون مع شركاء التنمية متعددى الأطراف والثنائيين، وعلى مستوى مشروعات التكيف التى تستهدف الحد من تأثر الأنظمة البيئية والبشرية بتغيّرات المناخ الحالية أو المتوقعة، يبلغ عددها 28 مشروعًا بقيمة 2.85 مليار دولار من بينها.
ومن بين المشروعات المنفذة لتعزيز جهود التكيف مع التغيرات المناخية، مشروع منظومة مياه مصرف بحر البقر، الذى دشنه السيد الرئيس عبد الفتاح السيسى خلال سبتمبر الماضى، وأكبر محطة معالجة مياه فى العالم، وتم تمويله بالتعاون مع الصندوق العربى للإنماء الاقتصادى والاجتماعى، والصندوق الكويتى للتنمية والقطاع الخاص، بهدف الحفاظ على البيئة من خلال تعزيز كفاءة إدارة المياه للتنمية الزراعية وتلبية الطلب المتزايد على المياه للأنشطة التجارية والصناعية.
وتقوم المحطة بمعالجة أكثر من 5.6 مليون متر مكعب يوميًا، كما أنها تستهدف تحقيق الاستخدام الأمثل لموارد مصر المائية المتاحة، واستصلاح473.256 فدان فى شمال ووسط سيناء باستخدام المياه المعالجة، كجزء من برنامج تنمية شبه جزيرة سيناء.
هذا بالإضافة إلى محطة معالجة مياه الجبل الأصفر وهى ثالث أكبر محطة فى العالم، حيث تمتد على مساحة ٧٨ فدانًا فى محافظة القليوبية. وتبلغ تكلفة تنفيذها نحو مليار دولار، وتعالج يوميًا 2.5 مليون متر مكعب وتخدم نحو 12 مليون نسمة من سكان القاهرة، وتم تنفيذها بالتعاون مع شركاء التنمية، (إيطاليا وفرنسا وبنك الاستثمار الأوروبى وبنك التنمية الإفريقى والوكالة اليابانية للتعاون الدولى). وعلاوة على ذلك، تلعب شركات القطاع الخاص دورًا فعالًا فى توسع وتشغيل وصيانة المحطة.
وتتبنى المحطة ممارسات الاقتصاد الدائرى السليمة طوال عملية المعالجة، حيث تنتج الأسمدة العضوية وتقوم بتوليد الكهرباء من غاز الميثان بما يكفى لتشغيل 60% من احتياجاتها ، وتوفر ما يعادل 28 ألف طن من انبعاثات الكربون سنويًا وتروى 150 ألف فدان من الأراضى الزراعية باستخدام المياه المعالجة.
هذا إلى جانب مشروعات التنمية الزراعية والريفية ومن بينها مشروع استصلاح 22 ألف فدان وتعزيز كفاءة الرى، وإنشاء 13 ألف صوبة زراعية، وتتميز تلك المشروعات باستخدام الطاقة الجديدة والمتجددة، مثل الألواح الشمسية، بالإضافة إلى تقنيات الزراعة الحديثة والذكية التى تحافظ على المياه وتعزز توحيد الأراضى، وتعزز تبنى ممارسات زراعية صديقة للبيئة، وتحويل سلسلة القيمة الزراعية فى مصر إلى الزراعة الذكية، من خلال تبنى نُظُم جديدة تعزز من إدارة المخاطر المتعلقة بالمناخ.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث ذكر التقرير السنوى لوزارة التعاون الدولى أن المحفظة الجارية للوزارة تضم 46 مشروعًا لتخفيف آثار التغيرات المناخية، بتمويلات تنموية تصل إلى 7,8 مليار دولار، لتعزز تبنى الممارسات الصديقة للبيئة فى عدة قطاعات. ومن بين المشروعات المنفذة مشروع محطة طاقة الرياح بخليج السويس، وتصل قدرتها إلى ٥٤٠ ميجاوات، وهى أكبر وأول مزرعة رياح للقطاع الخاص فى مصر، وتم تدشينها بالشراكة مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية وبنك التنمية الألمانى والوكالة الفرنسية للتنمية والاتحاد الأوروبى، بتمويل تنموى قدره328.6 مليون دولار، وتعزز المحطة إستراتيجية الدولة لزيادة استخدام الطاقة المتجددة وتوفيرها بأسعار تنافسية.
بالإضافة إلى ذلك، تم الانتهاء من تدشين محطات كهرباء جديدة فى محافظات بنى سويف والبرلس والعاصمة الإدارية الجديدة، والتى ستوفر مصدر طاقة لـ٤٠ مليون شخص. وتشمل محطات الطاقة 12 مجمعًا جديدًا لطاقة الرياح، بما يقرب من 600 توربينة رياح.
أما مشروع بنبان للطاقة الشمسية فهو رابع أكبر محطة للطاقة الشمسية فى العالم، وتم تدشينه بالتعاون بين البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، ومؤسسة التمويل الدولية، كما شمل التمويل والتنفيذ مشاركة 13 شركة من شركات القطاع الخاص، ووظفت أكثر من 10000 شخص، وتضم 32 محطة لتوليد الطاقة.
ومنذ تأسيسها، أنتجت بنبان للطاقة الشمسية أكثر من 1650 ميجاوات من الكهرباء، وهو ما يكفى لتشغيل مئات الآلاف من المنازل والشركات، ويسهم المشروع فى تقليل انبعاثات الغازات الضارة بشكل سنوى، بما يعادل انبعاثات 400 ألف سيارة.
واللافت للنظر أن قطاع النقل يعد من القطاعات الحيوية التى يتم فيها تنفيذ العديد من المشروعات للحد من تلوث البيئة والتخفيف من آثار التغيرات المناخية، وذلك بالتعاون مع شركاء التنمية مثل إنشاء مراحل خطوط المترو الجديدة وتجديدها الذى شهد نجاحًا ملحوظًا. حيث تعد المرحلة الثالثة من الخط الثالث لمترو الأنفاق، خدمة التنقل الأكثر كفاءة وابتكارًا واستدامة فى مصر. ويستخدمها حوالى 350 ألف راكب يوميًا، مما يقلل من استخدام السيارات بنسبة 13%. وتنفذ الدولة بالتعاون مع البنك الدولى مشروع الحد من تلوث الهواء بالقاهرة الكبرى من خلال توزيع 100 حافلة كهربائية فى القاهرة، مما يقلل الاحتباس الحرارى.
ومن ناحية أخرى فإنه من بين المشروعات المنفذة فى هذا الإطار مشروع تحسين إدارة النفايات الصحية الخطرة فى محافظة الدقهلية، لإنشاء نظام فعّال لإدارة نفايات الرعاية الصحية يمكن تكراره فى المحافظات الأخرى، مما يقلل من التعرض للنفايات الخطرة ويحسن من ظروف الصحة العامة.
ويعد هذا المشروع جزءا من مشروعات أخرى تقوم وزارة التعاون الدولى بتنفيذها إلى جانب الجهات التنفيذية وشركاء تنمية آخرين، لإنشاء نظام مستدام ومتكامل لإدارة المخلفات الصلبة فى مصر، من أجل حلول طويلة الأجل للتنمية المستدامة.
والحق يقال يعد برنامج التحكم فى التلوث الصناعى أكبر مشروع على مستوى الشرق الأوسط فى مجال مكافحة التلوث الصناعى واستخدام تكنولوجيا الإنتاج النظيف فى الصناعة.
وفى ديسمبر 2014، وقعت وزارة التعاون الدولى اتفاقية تمويل تنموى مع فرنسا وبنك الاستثمار الأوروبى وبنك التنمية الألمانى والاتحاد الأوروبى، بقيمة164.1 مليون دولار، بهدف تحسين كفاءة استخدام الموارد (طبيعية - صناعية) واستخدام أفضل التقنيات المتاحة، وترشيد وزيادة كفاءة استخدام الطاقة، وتم تنفيذ عدد من المراحل فى إطار نفس المشروع.
وفى عام ٢٠١٤، تم تدشين مشروع الإدارة المستدامة للملوثات العضوية الثابتة (POPs)، لتعزيز استخدام المعايير البيئية فى إدارة والتخلص من المخزونات المستهدفة من المبيدات أو المواد الخطرة. وذلك بتمويل من البنك الدولى، وتبلغ قيمة المشروع 23.60 مليون دولار، وهدفه الرئيسى هو منع ومراقبة مصادر الملوثات العضوية الثابتة انبعاثاتها.
وكشف التقرير السنوى لوزارة التعاون الدولى لعام 2021، عن تفاصيل التمويل التنموى الميسر الذى حصلت عليه مختلف قطاعات الدولة والقطاع الخاص خلال العام الماضى بقيمة 10.2 مليار دولار من شركاء التنمية مُتعددى الأطراف والثنائيين ومؤسسات التمويل الدولية، بواقع 8.7 مليار دولار لقطاعات الدولة المختلفة، و1.56 مليار دولار للقطاع الخاص، من بينها منح تنموية بقيمة 476 مليون دولار تمثل تقريبًا 5% من إجمالى تمويلات 2021.
ويتطرق التقرير السنوى إلى إطلاق وزارة التعاون الدولى الخريطة التفاعلية مطابقة التمويل التنموى مع أهداف التنمية المستدامة، بشكل تفصيلى خلال يونيو 2021، والتى تتضمن توزيعًا لكافة المشروعات ضمن المحفظة الجارية للتعاون الإنمائى على مستوى كافة محافظات الجمهورية، ومصنفة وفقًا لكل هدف من أهداف التنمية المستدامة، والتى تضم 372 مشروعًا بقيمة 26.5 مليار دولار.