◄الحكومة تطلق إستراتيجية مشتركة مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية
◄الإستراتيجية تتضمن كافة المبادرات القومية وتسهم فى تنفيذ جهود التنمية المستدامة
◄ثمار التجربة: توقيع اتفاقية تمويل تنموى لتنفيذ مترو الإسكندرية بقيمة 250 مليون يورو
◄ دعم جهود التحول إلى الاقتصاد الأخضر
◄مذكرة تفاهم للتعاون فى تأسيس مجلس مهارات قطاع السياحة فى مصر
يعتقد البعض أن عملية التنمية الشاملة التى تشهدها مصر أمر هين، أو أن هناك من يملك عصا سحرية تساعده فى تنفيذ ما يريد بسهولة ودون عناء، ولا يعرف هؤلاء أننا أمام ملحمة من الجهد والعرق والتركيز والتفكير والتخطيط والعمل المتواصل الذى لا ينقطع.
هذا الاعتقاد جعل كثيرين لا يتوقفون أمام أحداث كثيرة تتعلق بمسألة التنمية، ومن بين هذه الأحداث المؤتمر المهم الذى نظمته وزارة التعاون الدولى، لتعلن من خلاله الإستراتيجية القطرية مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
وقبل أن نعرف أهمية هذه الإستراتيجية، لابد أن نتوقف عند تفاصيلها.. ففى إطار توجيهات الرئيس عبد الفتاح السيسى بتحقيق الاستفادة القصوى من الشراكات الدولية والتمويلات التنموية، وتعزيز التعاون متعدد الأطراف فى سبيل تنفيذ رؤية مصر التنموية 2030، أعلنت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى، إطلاق الإستراتيجية القطرية المشتركة بين جمهورية مصر العربية والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية للفترة من 2022-2027، وذلك خلال فعاليات الحدث الذى نظمته وزارة التعاون الدولى، بمشاركة كافة الأطراف ذات الصلة من الحكومة والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، والقطاع الخاص، وممثلى البرلمان، والمجتمع المدنى.
وترتكز الإستراتيجية الجديدة للشراكة القطرية على ثلاثة أولويات أساسية تتواءم مع خطط الدولة لتحقيق التنمية المستدامة. الأولوية الأولى للإستراتيجية هى دعم جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام.
والأولوية الثانية تسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
والأولوية الثالثة تعزيز التنافسية وزيادة معدلات النمو وتحفيز دور القطاع الخاص فى التنمية.
وقد تم وضع هذه المحاور من خلال المشاورات التى تمت على مدار العام الماضى، بين وزارة التعاون الدولى وكافة الجهات الحكومية والوزارات المعنية ومسئولى البنك الأوروبى بالإضافة إلى القطاع الخاص والمجتمع المدنى.
تحدثت الدكتورة رانيا المشاط، وزيرة التعاون الدولى- محافظ مصر لدى البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية فقالت: إن إطلاق الإستراتيجية القطرية المشتركة بين مصر والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية، يأتى فى وقت شديد الأهمية على مستوى المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية، وهو ما يؤكد التزام مصر بتوطيد التعاون متعدد الأطراف مع المؤسسات الدولية، من خلال إطار التعاون الدولى والتمويل الإنمائى، بما يمكنها من تحقيق الرؤى والأهداف الوطنية لتحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام، وتسريع التحول نحو الاقتصاد الأخضر، وتعزيز التنافسية وزيادة معدلات النمو وتحفيز دور القطاع الخاص فى التنمية.
وأوضحت أن الإستراتيجية تمت صياغتها وفقًا لمنهج تشاركى وشفاف يعكس قيم التكامل والعمل الجاد للمساهمة فى إثراء وتنفيذ جهود التنمية المستدامة، كما أنها تتضمن المبادرات القومية والإجراءات الإصلاحية: رؤية مصر 2030 وبرنامج الحكومة "مصر تنطلق"، والإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، والإستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة 2035، فضلا عن إستراتيجيات تمكين المرأة والشباب والفتيات، والمبادرات الرئاسية وعلى رأسها المبادرة الأهم وهى "حياة كريمة"، ونأمل أن تؤتى هذه الإستراتيجية ثمارها خلال السنوات المقبلة بما يدعم مسيرة التنمية فى مصر.
وشددت "المشاط" على أهمية العمل المشترك مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية باعتباره أحد أهم شركاء التنمية لمصر من البنوك متعددة الأطراف، فى ظل استمرار جهود الدولة لتنفيذ المشروعات القومية الكبرى، وتزامنًا مع استعدادها لاستضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ خلال العام الجارى.
ونوهت بأن الوزارة ستعمل بالتنسيق مع الجهات الوطنية والبنك الأوروبى على تنفيذ الإستراتيجية الجديدة والمتابعة المستمرة على المحاور المتفق عليها، بهدف تحقيق الاستفادة القصوى من التعاون التنموى لدعم جهود الدولة لتحقيق نمو اقتصادى شامل ومستدام، فضلاً عن تعزيز التنافسية وتحفيز دور القطاع الخاص فى زيادة معدلات النمو وذلك تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية.
ما تحدثت عنه وزيرة التعاون الدولى تحول بالفعل إلى برنامج عمل واضح ، فقد شهدت فعاليات إطلاق الإستراتيجية توقيع مذكرتى تفاهم فى مجال الهيدروجين الأخضر والسياحة، واتفاقية لتدشين مترو الإسكندرية، وهو ما يأتى فى إطار عزم الدولة تنفيذ التحول الأخضر من خلال إستراتيجيات مبتكرة، وزيادة الاستثمار فى رأس المال البشرى، والتحول إلى قطاع نقل مستدام وأخضر كجزء من إستراتيجية الدولة للعمل المناخى 2050.
وخلال الفعاليات وقعت وزارة التعاون الدولى والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية اتفاقية تمويل تنموى بقيمة 250 مليون يورو لصالح تنفيذ مشروع مترو الإسكندرية، الذى يهدف إلى تطوير خط سكة حديد أبو قير القائم الذى يربط وسط مدينة الإسكندرية بمنطقة أبو قير التى تقع شمال شرق المحافظة وتزويده بالكهرباء ليصبح نظام مترو يعمل بكفاءة عالية.
كما وقعت وزارات الكهرباء والبترول مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية مذكرة تفاهم بشأن تقييم احتمالات اقتصاد الهيدروجين منخفض الكربون فى مصر، ويهدف هذا الدعم الفنى إلى فهم الجدوى الفنية والاقتصادية والتنظيمية لتطوير سلاسل إمداد الهيدروجين فى سياق الاقتصاد.
وفى سياق آخر وقعت وزارة السياحة والاتحاد المصرى للغرف السياحية والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية مذكرة تفاهم بشأن التعاون فى تأسيس مجلس مهارات قطاع السياحة فى مصر، والتى من خلالها سيقدم البنك الدعم الفنى بهدف إنشاء مجلس مهارات يعمل على تدريب الشباب والشابات لتحديد المهارات المطلوبة فى سوق العمل وتطوير أطر التأهيل وتوفير التدريب فى قطاع السياحة والضيافة.
وتعليقًا على وثائق التعاون الجديدة بين مصر والبنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية قالت الدكتورة رانيا المشاط إن ما تم توقيعه من وثائق تعاون مع البنك الأوروبى يعكس العلاقة الإستراتيجية بين الجانبين ودورها فى دعم جهود التنمية فى مصر ويعد بداية للعمل المشترك فى إطار إستراتيجية التعاون الجديدة.
وأضافت: "هذه الاتفاقيات تحفز الجهود المبذولة فى إطار التحول الأخضر، وتقليل الانبعاثات الضارة، وكذلك زيادة الاستثمار فى رأس المال البشرى ودعم الكفاءات وتنمية مهارات العاملين فى قطاع السياحة، فضلا عن تطوير البنية التحتية لقطاع النقل ليصبح أكثر استدامة ومواكبًا للتطورات التكنولوجية، كما أنها تعكس سعى الحكومة لتعزيز العمل المشترك بين الأطراف ذات الصلة، وتحفيز مشاركة القطاع الخاص فى خطط التنمية، بما يعزز رؤية الدولة التنموية ويتيح التمويلات التنموية الميسرة والدعم الفنى بما يتوافق مع الأولويات الإستراتيجية للتحول الاقتصادى الأخضر والشامل والمستدام.
وأكدت "المشاط" أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من مجالات التعاون مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية فى إطار الإستراتيجية الجديدة للفترة من 2022-2027، لتلبية أولويات الدولة التنموية، والإستراتيجيات التى تنفذها للنهوض بكافة القطاعات، استنادًا إلى إستراتيجية الدولة للعمل المناخى 2050 وسعيها الحثيث للتحول إلى الاقتصاد الأخضر، ورؤية التنمية المستدامة 2030.
وقال الدكتور محمد شاكر، وزير الكهرباء والطاقة المتجددة، إن مصر بدأت منذ عام 2014 تنفيذ خطط واضحة وقوية للإصلاح الاقتصادى والهيكلى فى العديد من القطاعات لمواجهة التحديات التى كانت تقف حائلا دون تحقيق التنمية لاسيما فى قطاع الطاقة فى إطار التحول نحو الاقتصاد الأخضر.. مشيرا إلى الإستراتيجية الوطنية للطاقة المستدامة، وهى خطة طويلة الأجل تستهدف تنويع مزيج الطاقة من المصادر المتجددة لتصل إلى 42% بحلول عام 2035، وكانت هذه الإستراتيجية محورا رئيسيا فى التعاون بين الحكومة والعديد من المؤسسات الدولية التى تضع التحول الأخضر على رأس أولوياتها من بينها البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية.
وأشار إلى التنسيق والتعاون البناء مع زملائنا بوزارة البترول والثروة المعدنية والعمل معاً جنباً إلى جنب فى مجال الهيدروجين بصفة خاصة وفى مختلف مجالات الطاقة بصفة عامة.
بينما قال المهندس طارق الملا، وزير البترول والثروة المعدنية، إن مصر تضع نصب عينيها لعب دور محورى فى إنتاج الهيدروجين كوقود نظيف وتصديره للأسواق العالمية والأوروبية للوصول للحياد الكربونى لما لها من فرص تنافسية كبيرة فى ظل وجود الموقع الإستراتيجى وتوافر البنية الأساسية ومصادر الغاز الطبيعى والطاقة المتجددة، مؤكدًا على أهمية الجهود الحالية لكافة الوزارات فى اللجنة الوطنية للهيدروجين ، وأن الوزارة تتطلع إلى دعم التعاون مع كافة الأطراف محليا ودوليا لدعم جهود مصر والعالم لتحقيق أهداف اتفاقية باريس للمناخ.
وتحدث الدكتور خالد العنانى وزير السياحة والآثار، خلال كلمته، أن إستراتيجية وزارة السياحة والآثار للتنمية المستدامة 2030 تتضمن محوراً خاصاً عن تعزيز المشاركة المجتمعية والموارد البشرية عن طريق تمكين المرأة والشباب، وتحقيق المساواة وتكافؤ الفرص، ودمج وإشراك المجتمعات المحلية المحيطة بالمناطق السياحية والأثرية فى عملية التنمية المستدامة.
وأشار إلى توقيع مذكرة تفاهم مع البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية بشأن إنشاء "مجلس مهارات قطاع السياحة فى مصر"، بالتعاون مع الاتحاد المصرى للغرف السياحية. كما سلط الضوء على أحد أهداف إستراتيجية التنمية المستدامة للوزارة فى هذا المحور هو تعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والجهات المانحة لإنشاء وتطوير مراكز تدريبية متخصصة، وإعداد الخطط والبرامج التدريبية لتنمية وتطوير الكفاءة الفنية والإدارية للعاملين فى مختلف المنشآت والأنشطة السياحية والمواقع الأثرية والمتاحف.
ومن ناحيته قال مارك بومان، نائب رئيس البنك الأوروبى لإعادة الإعمار والتنمية: "نحن فخورون بالمساهمة فى الإستراتيجية المستقبلية لإنتاج الهيدروجين منخفض الكربون فى مصر بما يتماشى مع التزام البنك بالتخفيف من تغير المناخ، لقد كان البنك داعمًا قويا لتنمية الطاقة المتجددة فى مصر حيث قدم المشورة بشأن السياسات والمساعدات الفنية والتمويل، لدعم جهود التنمية فى مصر".
قد يكون مر كثيرون على هذا الحدث مرورا سريعا، لكنه فى الحقيقة من أهم الأحداث التى تعكس تكامل الدولة وتعاون وزاراتها ومؤسساتها مع الشركاء الدوليين فى عملية التنمية التى لا تتوقف.