محمد فودة يكتب : "الفن السابع" فى خطر ويحتاج عملية إنقاذ عاجلة
◄"صناعة السينما" تعيش أسوأ حالاتها.. وعلامات استفهام حول اختفاء المنتجين من السباق
◄ السينما تتراجع و3 أفلام فقط تتنافس فى موسم عيد الفطر
◄ أحمد حلمى يتصدر شباك تذاكر الموسم رغم الانتقادات التى تعرض لها فيلمه
◄ السقا ينافس فى المركز الثانى بفيلمه "العنكبوت".. و"زومبى" يضع على ربيع فى ذيل القائمة
الحديث الآن عن صناعة السينما وما وصلت إليه من حال شديد التدهور أصبح حديثًا ذا شجون، فصناعة السينما المصرية التى كانت ملء السمع والأبصار تحولت من النقيض للنقيض وأصبحت مجرد ذكريات جميلة عالقة فى أذهان الجيل الذى عاش العصر الذهبى للسينما المصرية خاصة حينما كانت أفلامنا السينمائية متواجدة وبقوة فى المهرجانات العالمية بل إنها فى كثير من الأوقات نافست على الجوائز الكبرى فى أهم المهرجانات السينمائية، وبات السؤال الأهم هو كيف ننهض بصناعة السينما فى مصر؟
فالقضية ليست مجرد إنتاج فقط ولكن هى قضية إعادة بناء صرح فنى كان فى يوم من الأيام أحد مصادر الثقافة والمعرفة فى الأربعينيات وما قبلها، دخل فى صناعة السينما شوامخ الفنانين بل دخل فى دعمها الاقتصادى المصرى الكبير طلعت حرب، وأنشأ استوديو خاصًا للسينما ومنافذ للتوزيع الداخلى والخارجى وكانت السينما حتى فترة الستينيات ناطقة بلسان شخصية مصر، فماذا جرى لنا وماذا جرى للفن المصرى والسينما المصرية على وجه الخصوص؟ ولماذا تراجعنا كل هذه السنوات ولم نعد رقم 1 فى صناعة السينما كما كنا من قبل؟
وللأسف الشديد فإن أزمة السينما فى مصر مازالت مستمرة وكأننا ندور فى حلقة مفرغة، فبعد تاريخ طويل يتعدى مائة وثلاثين عامًا نجد أنها تتراجع وأن ما نشاهده اليوم لا يرقى بأى حال من الأحوال أن يمثل مصر بتاريخها وقدرتها، وكلما عدت للوراء فى الماضى تحسرت على حالنا الآن، ففى السابق كان كل فى مكانه الحقيقى المنتج يعى الدور المكلف به وكذلك الفنان والمصور والعامل والفنى، كان لدينا نموذج المنتج الكبير رمسيس نجيب يسمونه صانع النجوم، وكان لدينا أيضًا الراحل الكبير حسن الإمام، وحلمى رفلة وإبراهيم عمارة ووحيد فريد وصلاح أبوسيف وكل منهم عملاق وجهبذ فى مجاله.
ولهذا وجدنا أفلامنا فى المهرجانات العالمية وكان التنافس كثيرًا يكون لصالحنا لأن السعى نحو النهوض كان موجودًا بقوة، أما اليوم فنحن لا نجد سوى السينما منزوعة القيمة والخالية من الفن، وللحق هناك مسألة أخرى فى هذا الجانب تشغل بالى دائمًا هى تلك التى تتمثل فى أن قلة الانتاج السينمائى تتسبب أيضًا فى قطع أرزاق العاملين فى صناعة السينما من عمال وفنيين خاصة إذا كان هذا المجال يمثل المصدر الرئيسى لدخلهم.
كما أن مشكلة نقص الإنتاج السينمائى وبكل تأكيد انعكست بشكل كبير على اختفاء الفيلم المصرى من المهرجانات السينمائية الدولية وبالتالى غياب صناعة السينما المصرية عن المشاركة فى المهرجانات والتواجد عالميًا كما كانت من قبل، وهو ما ترتب عليه أن قوتنا الناعمة أصبحت عديمة الجدوى وضعيفة التأثير على عكس ما كانت عليه من قبل من حيث قوة التأثير فى المجتمع سواء فى الداخل أو فى الخارج.
واللافت للنظر أن موسم عيد الفطر المبارك لهذا العام شهد طرح ثلاثة أفلام فقط فى دور العرض، وربما تكاد تكون هذه المرة الأولى التى يشهد فيها هذا الموسم تحديدًا قلة فى عرض المطروح فقد جرت العادة أن تكون مواسم أفلام الأعياد هى المعيار الحقيقى للحكم على مستوى النجوم وتقييم ما يقدمونه من أفلام سينمائية.
فعلى مدى سنوات طويلة كانت مواسم الأعياد والمناسبات الكبرى ساحة للمنافسة بكل ما تحمله الكلمة من معنى حيث يقدم فيها كل نجم أهم ما لديه من قدرات، وحيث يبرزون مواهبهم فى التمثيل بل إن بعض الفنانين كانوا ينتظرون الأعياد من العام إلى العام حتى يثبت كل منهم أنه لا يزال فى الصدارة وأنه يحقق إيرادات عالية وبالطبع نجد كل نجم يتباهى بما يحققه من إيرادات خاصة حينما يكون قد ضرب رقمًا قياسيًا فى إيرادات شباك التذاكر لكن هذا العام طرحت ثلاثة أفلام فقط عكس المتوقع مع وجود علامات استفهام كبيرة حول هروب المنتجين من السباق.
ويأتى على رأس الأفلام المعروضة والتى تصدرت إيرادات شباك التذاكر فيلم "واحد تانى" للنجم أحمد حلمى، والذى حقق إيرادات بلغت 40 مليون جنيه فى دور العرض، رغم تعرض أحمد حلمى لانتقادات واسعة بسبب الإيحاءات الجنسية التى تضمنها الفيلم حيث لم يتوقع الجمهور هذا الكم من الإيحاءات الجنسية خاصة أن حلمى يحرص على تقديم أعمال يراها الجمهور العام، لكن تعليقات الجمهور وآراؤهم جاءت عكس ذلك تمامًا.
والفيلم تدور أحداثه حول موظف يعمل أخصائيا اجتماعيا فى مصلحة السجون حيث يجرى مقابلات مع المساجين ويكتب تقارير عن حالتهم النفسية، وفى السجن يقابل أحد زملاء دراسته القدامى ويكتشف أنه أصبح رجل أعمال ناجحا وعقب خروجه يدعوه لحفل يجمع زملاءهم القدامى ليكتشف الموظف أنه أفشل زملاء جيله ويعيد التفكير فى حياته مجددًا.
والعمل يشارك فى بطولته عدد من الفنانين منهم "روبى، نسرين أمين، عمرو عبدالجليل، سيد رجب، أحمد مالك، نور إيهاب" إضافة إلى مشاركة عدد من ضيوف الشرف منهم عمرو وهبة، من تأليف هيثم دبور، وإخراج محمد شاكر خضير، وإنتاج شركات سينرجى فيلمز، وماجيك بين وأفلام مصر العالمية وأوسكار، والفيلم يعيد أحمد حلمى إلى السينما بعد غياب 3 سنوات.
وجاء فى المركز الثانى النجم أحمد السقا بفيلمه "العنكبوت" مع منى زكى، بقيمة إيرادات بلغت 25 مليون جنيه، ليهبط السقا أمام حلمى ويتراجع للمركز الثانى بفيلمه الذى يدور فى إطار الحركة الممزوجة بالإثارة حول تاجر مخدرات خطير يتمكن من تصنيع مواد مخدرة جديدة ويبيعها، ويقع فى العديد من المشاكل والمطاردات من قبل الشرطة، إضافة إلى دخوله فى صراعات مع عالم المافيا بسبب شقيقه الذى يجسد شخصيته النجم ظافر العابدين.
والفيلم يضم عددا من النجوم بجانب السقا، منهم: "منى زكى، ظافر العابدين، يسرا اللوزى، ريم مصطفى، محمد لطفى، أحمد فؤاد سليم، الراحل زكى فطين عبدالوهاب، أكرم الشرقاوى، محمود غريب" إضافة إلى ضيوف الشرف "محمد ممدوح، شيكو، شيماء سيف" تأليف محمد ناير وإخراج أحمد نادر جلال. وربما لم يتجاوب جمهور العيد الذى يميل إلى الكوميديا مع أكشن أحمد السقا هذه المرة حيث تراجع الفنان عن الصدارة بعدما كان يحتل الصدارة خصوصًا فى موسم العيد.
وفى ذيل قائمة الإيرادات جاء فيلم "زومبى" للفنان على ربيع، حيث بلغت إيراداته 15 مليون جنيه فى شباك التذاكر وربما ما منحه تلك الأرقام عدم وجود أفلام كثيرة فى دور العرض مما أتاح له فرصة التواجد وتحقيق هذا الرقم.
وتدور أحداث الفيلم فى إطار كوميدى حول مطرب فى فرقة شعبية يقدم أغانى مهرجانات وصديقه شاعر غنائى، وتمر الفرقة بالعديد من المواقف الفكاهية.
ويشارك فى بطولة الفيلم" على ربيع، محمد محمود، هاجر أحمد، حمدى الميرغنى، كريم عفيفى، محمد أوتاكا، سامى مغاورى، وليد أبوالمجد، عمرو عبدالجليل، بسنت صيام" تأليف أمين جمال، ومن إخراج عمرو صلاح.
مما سبق يتبين أننا بالفعل أمام أزمة حقيقية فى صناعة السينما، أزمة تشعبت وتعددت أسبابها ولكن يبقى الأمل أنه يمكننا فيما بعد إعادة إحياء هذه الصناعة ووضعها فى المكانة التى تستحقها باعتبارها أحد أهم وأبرز مكونات القوة المصرية الناعمة التى كانت تمثل مصدر فخر واعتزاز للجميع، فقد عرفت مصر السينما قبل أكثر من مائة عام مما جعلها أكبر منتج سينمائى عربى بمنطقة الشرق الأوسط.