◄تحركات حكومية على كافة المسارات من أجل تخفيف العبء عن المواطنين فى ظل الأزمات
◄خطط واضحة لتوفير السلع الأساسية ومستلزمات الإنتاج.. وتنسيق كامل بين رئاسة الوزراء والبنك المركزى
◄الحماية الاجتماعية تصل لعدد أكبر من الأسر مع توفير وظائف للشباب وتيسيرات لتحفيز المشروعات الصغيرة
◄إجراءات مواجهة الأزمة تبشر بالخير.. وزيادة الإنتاج أصبحت ضرورة
رغم تصاعد حالة القلق التى تنتاب الجميع بسبب الأزمة الاقتصادية الخانقة التى تجتاح العالم كله، ومصر فى قلبه بالطبع، فإن الحكومة المصرية تسعى جاهدة إلى الخروج من هذه الأزمة، أو على الأقل التعامل معها بموضوعية على الأرض لتخفيف حدة تبعاتها.
وعندما نرصد بدقة ما يحدث سنجد تحركات محسوبة فى القطاعات المختلفة، تستهدف المواطن الذى تضرر بشدة من تبعات الأزمة، دون أن تكون لديه القدرة على أن يتحمل أكثر، بعد سلسلة من الأزمات التى واجهته خلال السنوات الماضية.
فمنذ أيام عقد الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، اجتماعا مع طارق عامر، محافظ البنك المركزى؛ لمتابعة سبل تيسير إجراءات توفير التمويل للسلع الإستراتيجية ومستلزمات الإنتاج.
استهل رئيس الوزراء الاجتماع بالإشارة إلى الجهود المبذولة بالتنسيق بين الحكومة والبنك المركزى المصرى على مدار الفترة الماضية من أجل تدبير النقد الأجنبى المطلوب لتوفير السلع الإستراتيجية ومستلزمات الإنتاج، مؤكدا أنه يوجد تنسيق مستمر بين الحكومة والبنك المركزى فى هذا الشأن.
وتطرق مصطفى مدبولى إلى ضرورة عقد اجتماعات دورية مع المُصنعين؛ للوقوف على احتياجاتهم من العملة الصعبة اللازمة لتوفير مدخلات الإنتاج، تنفيذا لتكليفات الرئيس بدعم الصناعة المصرية، وعقب محافظ البنك المركزى على ذلك بأنه سيتم عقد اجتماعات دورية مع المُصنعين، وسيتم العمل على حل أى مشكلة قد تطرأ، كما ستتم دراسة أى حالة يتم تقديمها، مؤكدا أن "هدفنا هو دعم الصناعة المصرية".
ومن جانبها أعلنت وزارة القوى العاملة قيام مديرية القوى العاملة بمحافظة الأقصر، ومن باب تخفيف العبء عن المواطنين ببدء صرف منحة عيد العمال وعيد الفطر المبارك لـ 3285 عاملاً غير منتظم مسجلاً بالمديرية، بإجمالى 3 ملايين و285 ألف جنيه، فضلا عن صرف منح لهذه الفئة لرعايتهم اجتماعياً وصحياً منها 8 منح مواليد بـ 16 ألف جنيه ، وصرف منحة وفاة أحد أقارب عامل بمبلغ 2000 جنيه ، وعمل رعاية صحية لإجراء عمليات جراحية صغرى وكبرى لـ 4 عمال بإجمالى 8000 جنيه. وكشف وزير القوى العاملة محمد سعفان أن المديرية قامت بتعيين 427 شاباً من حملة المؤهلات العليا والمتوسطة وبدون مؤهل ، بمنشآت القطاع الخاص والاستثمارى من خلال شهادات القيد المرتدة "كعب العمل" من المسجلين بمكاتب التشغيل التابعة للمديرية والذين بلغ عددهم 801 شاب، كما تم استخراج 248 شهادة قياس مستوى المهارة ، ورخصة مزاولة الحرفة.
ولأن خبراء الاقتصاد يشيرون إلى ضرورة المشروعات الصغيرة فى زيادة الإنتاجية ومواجهة الأزمات الاقتصادية، فقد بذلت وزارة التنمية المحلية الكثير من الجهود خلال الفترة الماضية من أجل تعزيز الدور الاقتصادى لصندوق التنمية المحلية فى دعم المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر فى جميع المحافظات ورفع درجة مساهمتها فى الناتج المحلى وتهيئة المناخ اللازم لتشجيعها وجعل قرى الريف شريكا أساسيا فى التنمية ودعم الصناعة الوطنية والاستثمار فى البشر والحد من البطالة.
وأكد اللواء محمود شعراوى وزير التنمية المحلية ، أن صندوق التنمية المحلية نجح منذ بداية العام المالى الحالى فى الفترة 1/7/2021 وحتى الآن فى تمويل 2337 مشروعاً صغيرا ومتناهى الصغر بإجمالى استثمارات أكثر من 27 مليون جنيه منها مشاركة من المستفيدين قدرها 4,5 مليون جنيه ، ووفرت المشروعات خلالها فرص عمل مباشرة فى مجالات الإنتاج الحيوانى والداجنى ومنافذ بيع المواد الغذائية وملابس ومفروشات وبيع أعلاف وأسمدة وغلال ولحوم بيضاء وصناعات بيئية ومنزلية ومنتجات ألبان وعسل نحل ومنتجاته.
وأشار اللواء محمود شعراوى إلى أن الوزارة تقوم بوضع البرامج اللازمة للتطوير الدائم فى صندوق التنمية المحلية ليقوم بدوره الهام فى النهوض بهذا القطاع من المشروعات وذلك من خلال تنفيذ مركز تدريب التنمية المحلية بسقارة.. برامج تنمية قدرات ومهارات الموارد البشرية العاملة بالصندوق، وبرامج ربط وتكامل تلك المشروعات بسلاسل الإمداد خاصة بقرى حياة كريمة ، فضلا عن برامج تنمية المهارات فى مجال التسويق داخل البلاد وخارجها ، وتوعية المستفيدين من مشروعات الصندوق بمنصة "أيادى مصر" ودورها فى تسويق منتجاتهم ، خاصة الحرفية والتراثية منها.
وأضاف اللواء محمود شعراوى أنه تم تبسيط الإجراءات التى يتبعها الراغبون فى الحصول على قروض من صندوق التنمية المحلية ، حيث يتوجه المستفيد إلى مقر الوحدة المحلية التى يقيم فيها وفقا لبطاقة الرقم القومى لطلب القرض ، على أن يكون قد انتهى من تأدية الخدمة العسكرية أو الإعفاء منها للذكور ، وألا تقل سن المتقدم لطلب القرض عن 21 عامًا ولا تزيد عن 55 عاما ، مع توفير مكان يتناسب مع طبيعة نشاط المشروع ، ويقوم الصندوق بعمل دراسة الجدوى مجاناً ويقدم للمقترض فترة سماح تعادل دورة إنتاج أو تشغيل كاملة للمشروع .
ولأن جذب الاستثمارات هو أساس الخروج من الأزمة فقد عقد الدكتور مصطفى مدبولى،اجتماعا لاستعراض سبل جذب الاستثمارات وتعزيز مشاركة القطاع الخاص فى قطاعى الصحة والتعليم، حضره الدكتور خالد عبدالغفار، وزير التعليم العالى والبحث العلمى، والمستشار محمد عبدالوهاب، الرئيس التنفيذى للهيئة العامة للاستثمار والمناطق الحرة، والدكتور محمد الشرقاوى، معاون وزير التعليم العالى.
وفى الاجتماع، أشار رئيس الوزراء إلى أن الدولة جادة فى وضع رؤية متكاملة لتشجيع القطاع الخاص وزيادة مشاركته فى النشاط الاقتصادى، ولفت إلى تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى، رئيس الجمهورية، الأخيرة خلال حفل إفطار الأسرة المصرية، بشأن تعزيز دور القطاع الخاص الوطنى، وتقديم عدد من الحوافز، والإعلان عن برنامج للمشاركة مع القطاع الخاص، بما يسهم فى زيادة الاستثمارات، وتوفير فرص العمل.
من جانبه نوّه الدكتور خالد عبد الغفار إلى التنسيق الجارى بين وزارة الصحة والهيئة العامة للاستثمار لطرح حزم استثمارية محفزة للقطاع الخاص لضخ مزيد من الاستثمارات بالقطاع الصحى، مشيراً إلى أن مصر ستحتاج على مدى العقد المقبل إلى ضخ استثمارات ضخمة فى مجال الرعاية الطبية للحفاظ على صحة السكان الذين تتزايد أعدادهم سريعا، قائلاً: "إن الحكومات وحدها لن تستطيع تحمّل هذه التكلفة، ويمكن استخدام رأس مال القطاع الخاص وخبرته للتأكد من حصول المواطنين فى المنطقة على الرعاية الصحية التى يحتاجونها".
وأضاف الوزير أن الانتشار الكبير للتأمين الصحى، بما فى ذلك طرح الحكومة منظومة التأمين الصحى الشامل، يعنى زيادة مساحة السوق المتاحة للمستثمرين فى هذا المجال، كما يؤدى إلى زيادة الطلب وبالتالى زيادة العائد، كما أن مشروعات البنية التحتية والمدن الجديدة ستحتاج بدورها إلى خدمات طبية، وهو ما جعل هناك إمكانية للنمو وضخ مزيد من الاستثمارات، لافتاً إلى أن قطاع الرعاية الصحية فى مصر يتمتع بمستقبل واعد ومبشر، وأنه أحد أبرز القطاعات الجاذبة للاستثمار فى مصر حاليا وخلال المرحلة المقبلة.
وأشار الدكتور خالد عبدالغفار إلى أن من بين أهم محفزات الاستثمار فى هذا القطاع هو القاعدة السكانية الكبيرة بمصر، إلى جانب مشروع التأمين الصحى الشامل الذى يطبق حاليا، بالإضافة إلى وجود الكفاءات الطبية المطلوبة، وانخفاض التكلفة مقارنة بدول أخرى.
وخلال الاجتماع، تم طرح عدد من المقترحات لتحفيز الاستثمار فى قطاع الصحة، بما يسهم فى زيادة عدد الأسرّة، وتقديم خدمات طبية متميزة، لاسيما من خلال إتاحة الأراضى بحق الانتفاع، وإقامة شراكات مع القطاع الخاص فى إدارة المستشفيات لتحسين جودة وكفاءة خدمات الرعاية الصحية المقدمة، وتعزيز التغطية الصحية الشاملة.
كما تم استعراض مقترحات أخرى لتحفيز الاستثمار فى مجالى التعليم قبل الجامعى والجامعى، بما يسهم فى استيعاب الزيادة المستمرة فى أعداد الملتحقين بالمؤسسات التعليمية، وتحسين جودة التعليم وربطه باحتياجات أسواق العمل المختلفة، ومواكبة التطورات العالمية فى هذا الصدد.
الأزمة كبيرة ما فى ذلك شك، لكن التحركات التى تقوم بها الدولة فى مختلف الاتجاهات تشير إلى أننا نواجه الأزمة وتبعاتها على كافة المسارات، وهو ما يبشرنا بأن الأزمة لن تطول، وحتى لو طالت فهناك طرق كثيرة للتعامل معها.