محمود الشويخ يكتب: «الرد على الأرض»..كيف تواجه مصر "حرب الاستنزاف" الجديدة؟
- رسالة بعلم الوصول.. لماذا قال الرئيس "محدش يحط رِجل على رِجل ويقعد يتكلم فى حاجة ميعرفهاش"؟
- ضد المؤامرة.. ما سر افتتاح مشروع "مستقبل مصر" الآن؟.. وتفاصيل خطة الطوارئ لمواجهة الأزمات.
- الوجوه القبيحة.. هل عادت حرب الشائعات من جديد؟.. وما دور الجماعة الإرهابية؟
- عمرو واكد يرتكب الجريمة الكبرى ضد نساء مصر.. وعلاء الأسوانى يسقط فى بئر الخيانة مجددا.
تعيش مصر الآن لحظة فارقة.. لحظة تقف فيها دولة ٣٠ يونيو أمام معركة كبرى.. لكنها معركة مستوردة من الخارج إذا جاز التعبير!
منذ اللحظة التى قرر فيها المصريون خلع الجماعة الإرهابية وبدأت معارك هذا الوطن.. كانت المعركة الأولى، والتى لا تزال مستمرة، مع الإرهاب وأهله.. دماء كثيرة سقطت على طريق حماية الناس والدولة.. وشهداء بالآلاف قدموا أرواحهم حتى استطعنا أن ننتصر فى هذه الجولة.
وكانت المعركة الثانية.. أو الجولة الثانية إذا شئت الدقة.. معركة البناء والتعمير على امتداد ربوع الوطن من أقصاه إلى أقصاه.
وقد كتب علينا أن نخوض المعركتين بالتوازى وهذا فوق قدرة أى دولة.. لكننا استطعنا أن نصمد سنة تلو أخرى ونخرج من أزمة تلو أزمة.. حتى وصلنا إلى ضفة الاستقرار.
النجاحات على مرمى البصر.. وطن يعاد بناؤه بالكامل.. ودولة جديدة تعلن عن نفسها.. لقد حققنا معجزة على كل المقاييس.. معجزة لم يستطع كثيرون حتى الآن أن يدركوا كيف حدثت أو متى!
مشروعات تحتاج إلى سنوات تم إنجازها فى وقت قياسى.. إنها معركة ثالثة.. وهذه المرة مع الزمن.. حتى نعوض ما فات فى سنوات الفوضى والإهمال والفساد.
والحمد لله.. والفضل له.. نجحنا تحت القيادة الحكيمة للرئيس عبدالفتاح السيسى.
وكنا نمضى نحو نجاحات أكبر وإنجازات أعظم حتى جاءت جائحة كورونا التى دمرت الاقتصاد العالمى وأنهكت دولا كبرى وقضت على استثمارات ضخمة.. ناهيك عن آلاف الأرواح التى أزهقت.
وكان طبيعيا أن تتأثر مصر وبقوة.. لكننا استطعنا أيضا، بفضل إجراءات الإصلاح الاقتصادى، أن نصمد ونستوعب الصدمة وعملت الدولة بنجاح فريد على تخفيف آثار الجائحة على البسطاء بإجراءات غير مسبوقة.
وأستطيع أن أقول إن مصر قدمت نموذجا فريدا فى التعامل مع الجائحة من كل جوانبها لاسيما صحيا واقتصاديا واجتماعيا.. وبدأنا مبكرا مرحلة التعافى.. ولحق بنا العالم..
ألم أقل لكن إننا قدمنا نموذجا فريدا؟
وكانت الأمور تمضى نحو وضع أفضل.. حتى كانت الكارثة.. كارثة صنعها رجل اسمه فلاديمير بوتين ويدفع الجميع على امتداد الكرة الأرضية ثمنها.
لقد أنهكت الحرب الروسية اقتصادنا بشكل كارثى.. يكفى أننا فقدنا ٣٥٪ من السياحة.. وهى تلك القادمة من دولتى الحرب روسيا وأوكرانيا.
لكن المطمئن فى هذه الأزمة أن الدولة مستعدة وقادرة على التعامل مع التداعيات.. فلا سمعنا عن سلعة نقصت أو منتج اختفى كما يحدث فى دول كبرى بل وعظمى ونتابعه جميعا على الشاشات.
غير أن هناك على الأرض سواء فى مصر أو خارجها غربانا تسعى للخراب.. ما تكاد تشم رائحة أزمة إلا وتحاول سكب البنزين على النار.. لا لشيء إلا لتدمير هذه الدولة التى دفع المصريون الكثير حتى عادت دولة آمنة مستقرة.
لكنهم يفضحون أنفسهم دائما.. وليس أدل على ذلك مما حدث للمشخصاتى الفاشل عمرو واكد والروائى الردىء ذى القلب الأسود علاء الأسوانى.
أما الدولة.. دولتنا.. دولة ٣٠ يونيو فقد قررت أن ترد على الأرض.
فهذا هو الرئيس عبدالفتاح السيسى يشهد، مطلع الأسبوع الجارى، افتتاح مشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى، الذى يعد أحد أهم المشروعات القومية الكبرى التى دشنتها الدولة خلال الفترة الأخيرة.
هذا المشروع الواقع على طريق «القاهرة- الضبعة» يهدف إلى تعظيم فرص الإنتاج، وتوفير منتجات زراعية بجودة عالية وأسعار مناسبة للمواطنين، وسد الفجوة بين الإنتاج والاستيراد، وتحقيق الأمن الغذائى، والاكتفاء الذاتى من السلع الإستراتيجية.
وبتفصيل أكثر فقد بدأ المشروع باستصلاح ٢٠٠ ألف فدان، ثم العمل سريعًا على استصلاح ١٥٠ ألف فدان إضافية، ليصبح إجمالى مساحة الأراضى المستصلحة ٣٥٠ ألف فدان.
وامتدت شرايين الحياة إلى «الدلتا الجديدة»، من خلال ترعة «مستقبل مصر» بطول ٤١ كم، لاستصلاح ٧٠٠ ألف فدان إضافية، ليصبح إجمالى الأراضى المستصلحة مليونًا و٥٠ ألف فدان ضمن مشروع «الدلتا الجديدة» ككل.
ويبلغ إجمالى المساحة المخصصة للمشروع مليونًا و٥٠ ألف فدان، وهى تمثل ٥٠٪ من مشروع «الدلتا الجديدة».. ويتكون من أربع مراحل، الأولى جرى تنفيذها بالكامل، بطاقة ٣٤ ألف فدان، والثانية سيجرى تسليمها فى أكتوبر المقبل، والثالثة سيجرى تسليمها فى يوليو ٢٠٢٣، والرابعة فى ٢٠٢٤.
أما مساحة المرحلتين الثالثة والرابعة فتبلغ ٧٠٠ ألف فدان؛ وبذلك يصل إجمالى الأراضى المستصلحة فى المشروع إلى نحو مليون و٥٠ ألف فدان.
والميزة أن مشروع «مستقبل مصر» يقدم رؤية جديدة، إذ جرى الانتهاء من استصلاح وزراعة ٣٥٠ ألف فدان بأعلى معايير السرعة والجودة فى التنفيذ على مرحلتين، الأولى هى مرحلة تنفيذ البنية التحتية، التى تمت وفقًا للمواصفات المناسبة، والثانية هى مرحلة الإنتاج وفقًا لأعلى معايير الجودة، وبعد ذلك تجرى زراعة المساحة الكبيرة المتصلة، لذلك فنحن أمام مشروع ضخم يتم به تعظيم المبدأ الاقتصادى لوفرة الإنتاج.
ولأن لا شيء فى مصر يمضى صدفة؛ فوفق تعليمات الرئيس عبدالفتاح السيسى بشأن زيادة القيمة المضافة، فقد جرى العمل على إنشاء منطقة صناعية بجوار المشروع لإحداث تكامل صناعى لتحقيق وفرة كبيرة فى التشغيل.
هذه المنطقة الصناعية جرى البدء فى تنفيذها بتكلفة مليار جنيه، وفى عام ٢٠٢٤ سيجرى استصلاح ٤٠٠ ألف فدان لتخفيض حجم واردات مصر من القمح والذرة وفول الصويا بتكلفة مليار دولار.. وتصل التكلفة الاستثمارية ورأس المال العام فى مشروع «مستقبل مصر» إلى ١٣٣ مليارًا فى عام ٢٠٢٤.
وعلى هامش افتتاح هذا المشروع التاريخى وجه الرئيس مجموعة من الرسائل الحاسمة ترد على ما يتردد فى أوساط عديدة من معلومات وأفكار.. قاصرة فى رأيى.. فقد شدد على أن إجراءات الدولة بحاجة إلى كثير من الفهم والدراسات قبل أن يتم الحكم على مدى نجاحها من عدمه.
بوضوح يجمل فكرته: «كل إجراء لم ننفذه فيما مضى، وكل إجراء لم تلتفت الدولة إليه، ليس خلال السنة أو الـ١٠ أو ٢٠ سنة الماضية، لكن على مدى ٤٠ أو ٥٠ سنة مضت، ندفع ثمنه حاليًا، لذلك هناك نقاش وحوار وحراك كبير، ونحن سعداء بذلك».
بتفصيل يقول: «هناك من يتساءل لماذا كل هذه التكاليف، خاصة ونحن نتحدث عن مبالغ مالية ضخمة تصل إلى مبلغ يتراوح ما بين ٢٠٠ و٣٠٠ ألف جنيه كتكلفة لاستصلاح الفدان الواحد، بما يعنى أن تكلفة المليون فدان تصل إلى ما بين ٢٠٠ و٢٥٠ مليار جنيه، استنادًا لتقديرات الأسعار قبل سنتين أو ثلاث، وبالطبع سترتفع هذه التكلفة حاليًا. لكن ماذا سيكون الوضع عليه إذا لم نكن بدأنا بالفعل؟».
ونوه إلى أن السنوات العشر الماضية شهدت زيادة سكانية تقدر بنحو ٢٠ مليون نسمة، متسائلًا: «كم تبلغ طلباتهم من السلع الأساسية؟ هل نمو الدولة وإنتاجها يكفى هذه الزيادة؟».
وواصل: «لا نتحدث عن الزيادة السكانية فحسب، بل نتحدث عن تخطيط الدولة لتحقيق الكفاية للشعب، وبالتالى ليس لدينا أى خيار آخر غير المشروعات القومية».
وضرب مثلًا على ذلك بما احتاجه مشروع «مستقبل مصر» للإنتاج الزراعى وحده من كهرباء، والذى بلغ ١٢٥٠ ميجاوات.
وأوضح الرئيس أن اهتمام الدولة بالبنية الأساسية خلال السنوات السبع أو الثمانى الماضية أتاح اليوم توفير الكهرباء لهذا المشروع المهم وغيره من المشروعات الزراعية، التى تتضمن إضافة ٢.٥ مليون فدان، تمثل ٢٥٪ من إجمالى مساحة الأراضى الزراعية فى مصر على مدى آلاف السنين.
وأضاف: «وفرنا ما احتاجه هذا المشروع من كهرباء، ولم يقتصر الأمر عليه فحسب، وامتد ليشمل توفير الكهرباء اللازمة للمنازل والمستشفيات، التى كانت تعانى من انقطاع متكرر للكهرباء على مدار اليوم من قبل».
ومنطلقًا من هذه النقطة، فند الرئيس السيسى ما يتردد من دعوات إلى «إعادة ترتيب الأولويات»، قائلًا: «إننا لا نتحدث عن رفاهية، بل عن عناصر مهمة، فلا يمكن أبدًا عندما نتحدث فى بناء مشروع مهم مثل (مستقبل مصر) للإنتاج الزراعى، وكذلك توشكى، أن أترك الأولويات من كهرباء وطرق وخلافه إلى مرحلة متأخرة»، داعيًا إلى ضرورة تحرى الدقة فيما يتم تناوله بشأن المشروعات الكبرى التى لم يكن من الممكن تأخير تنفيذها.
وتطرق الرئيس إلى تطوير شبكات الكهرباء والمياه والطرق وعناصر أخرى فى الريف المصرى، ضمن مشروع «حياة كريمة»، الذى كانت تقدر تكلفته بما يتراوح ما بين ٨٠٠ و٩٠٠ مليار جنيه، ومع ارتفاع الأسعار قد تصل إلى تريليون جنيه. وأضاف: «نحن ننفق على ١٠ ملايين فدان بتكلفة تصل إلى تريليون جنيه، لتحسين مستوى معيشة الناس، وهو الأمر الذى لم يتم خلال السنوات الماضية، وما يتم إنفاقه ليس بالكثير، فى مقابل الزراعة وإقامة شبكات كهرباء وطرق وتسوية الأرض ومد شبكات الرى والترع»، متابعًا: «ما تم فى مصر خلال ٤٠٠- ٥٠٠ سنة لزراعة أراضى الدلتا، نريد الآن أن نحققه فى ٤ أو ٥ سنوات فى الصحراء، وبالتالى فإن ما يتم إنجازه هو أمر عظيم».
ودعا الرئيس السيسى مجددًا إلى ضرورة عدم الخوض فى مشروعات أخذت حقها من الدراسة من قبل متخصصين، وتبلورت فى سياق فكرى وعلمى وتخطيطى شامل لتحقيق الأهداف المرجوة على أساس واضح، مضيفًا: «ما يتم إنجازه على مستوى الدولة ليس قائمًا على هوى شخصى، وإنما هو نتيجة عمل لجان من المتخصصين لوضع تصورات شاملة وتحقيق أهداف على أسس واضحة».
وواصل: «ما تم إنجازه فى مصر خلال السنوات السبع الماضية كان به توفيق كبير من الله عز وجل، لكن المشروعات قبل تنفيذها عُرضت على لجنة ضمت كبار أساتذة الجامعات ورجال الدولة المعنيين بهذا الأمر، وعقب ذلك تم وضع تصور متكامل للمشروع، ليتم تنفيذه وتحقيق أهدافه، فمن المستحيل البناء على خطوة لا يوجد أساس لها».
وكشف عن أنه دائمًا ما يحب أن يسمع للآخرين، وأن يكون مطلعًا، مشددًا على أن هذا ليس ردًا على أحد، وأنه سيكون هناك حوار وطنى بشأن كل ما يتم طرحه.
ورد فى هذا السياق على مطالبة البعض بالتركيز على التعليم بدلًا من إنفاق هذه الأموال الطائلة على مشروعات البنية الأساسية، وقال: «إعطاء أولوية للتعليم هى مسألة مهمة جدًا، لكن لم يكن من الممكن توجيه كل موارد الدولة على مدى ١٥ عامًا للتعليم فقط رغم أولويته، لأن الناس لم تكن لتتحمل غياب الخدمات وضعف البنية التحتية من كهرباء وطرق وعدم شق ترع وإقامة مشروعات للإنتاج الغذائى».
إننى أحيى الرئيس السيسى على هذا الفهم العميق والإصرار الذى لا مثيل له على النجاح.. ودائما وأبدا تحيا مصر.