الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

تواجه الأسرة المصرية تحديات خطيرة "عنفًا أسريًا وغيابًا للوعى"، وسط تهديدات وعواصف تتمثل فى أفكار وثقافات مستوردة وإعلام جديد وسوشيال ميديا جاءت بأنماط غريبة من السلوكيات والعلاقات الأسرية، ناهيك عن ظاهرة تحتاج لبناء وعى وهى الخجل من مواجهة المرض والاعتلال النفسى وهو قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة لتخلف جرائم مأساوية وكارثية. لذلك لابد أن تكون الأسرة المصرية من أهم شواغل واهتمامات ومحاور الحوار الوطنى بكل التحديات التى تواجه سلامتها مثل العنف، وقانون الأحوال الشخصية، وظاهرة النمو السكانى وكثرة الإنجاب.

"الحوار الوطنى" مطالب أيضًا بأن يضم ممثلين عن أسر الشهداء والمصابين، هؤلاء الذين هيأوا وأتاحوا لنا فرصة التحاور والنقاش حول أولوياتنا الوطنية من أجل الحاضر والمستقبل بتضحياتهم التى لا تقدر بثمن، ثم من المهم أيضًا أن يركز الحوار الوطنى على توحيد أهدافنا وتحديد أعدائنا حتى لا يخرج المتحاورون على السياق الوطنى فى التقارب أو التعاون أو التساهل أو التسامح مع جماعة الإخوان الإرهابية، فهى ليست جزءًا من المعادلة الوطنية بأى حال من الأحوال. هناك ما يشبه اتفاقًا من الجميع طبقًا لقراءة آراء ورؤى الكثيرين حول الحوار الوطنى على حسن النوايا وعدم فرض شروط مسبقة أو محاولة للابتزاز والإملاءات وعدم الإساءة والتشويه أو النيل من جهود وتضحيات، ولنترك الأمر لفعاليات ونتائج الحوار الوطنى وليس اختزال الأمر فى مكايدات ومناكفات أو محاولات الظهور والاستعراض والتنظير السياسى، لأننا جميعًا على طاولة الوطن ننزع من نفوسنا وعقولنا أى أفكار ونوايا ذاتية أو قضايا شخصية أو حتى حزبية ولتكن جل جهودنا واجتهاداتنا ورؤانا واقتراحاتنا هدفها الوطن، وهذا الشعب العظيم، لكن مع إمعان النظر والتفكير فيما يجب أن يكون مطروحًا على طاولة الحوار الوطنى ومحاولة مخلصة لتقديم اقتراحات ورؤى تحقق المرجو والمستهدف من هذا الحوار الذى يفتح آفاقًا جديدة للتآلف والاحتشاد والاصطفاف الوطنى فى مواجهة تحديات ومتغيرات وتهديدات وشواغل سياسية واقتصادية واجتماعية وفكرية وثقافية وإعلامية لترتيب جدول الأولويات الوطنية فى المرحلة القادمة، وجدت من هذا المنطلق 3 قضايا مهمة فى اعتقادى أنه من المهم أن تتضمنها أجندة الحوار الوطنى. القضية الأولى جرائم العنف الأسرى التى انتشرت بشكل ملفت فى السنوات الأخيرة وولدت لدينا مشاعر من الفزع والخوف على سلامة هذا المجتمع، فواقعة الدقهلية تثير الكثير من التساؤلات وعلامات الاستفهام خاصة عندما نسأل أنفسنا عندما تقدم أم شابة متعلمة عاقلة حكيمة مستقرة اقتصاديًا، تلقت العلوم الدينية بحكم تخصصها الجامعى على ذبح أبنائها الثلاثة وهم فلذات كبدها وفى عمر الزهور، براءة لا يمكن أن تمتلك القلب المتحجر لتنال منها بأذى أو ضرر، فما الذى دفع هذه الأم لهذه الجريمة النكراء، السيدة أو الأم تحب زوجها وتقدره وتحفظ له اجتهاده وتفانيه فى توفير الحياة الكريمة لأسرته وتكن له مشاعر الاحترام والتقدير والوفاء، كما أكد هو فى جنازة الأبناء.

الجريمة المفزعة سبقتها جرائم وحوادث مأساوية مماثلة بالعشرات أو بالمئات فى مجتمع عرف عنه الطيبة والتسامح والارتباط الأسرى والتقديس والتدليل للأطفال، فهذا أب يلقى بأبنائه فى البحر أو الترعة وهذا يذبح أسرته بالكامل نكاية فى زوجته وزوجة تفعل نفس الشيء وابن يقتل أباه وأمه وآخر يذبح صديقه. هنا علينا أن نتوقف، ماذا حدث؟ الأسباب قولًا واحدًا وبدون مزايدات أو تنظير ليست اقتصادية على الإطلاق فبقراءة ظروف أطراف هذه الجرائم تجد أننا أمام أسر مستقرة اقتصاديا أو مستورة ولا توجد ضغوط فى هذا الصدد لكن ما هى الأسباب التى تؤدى إلى ذلك، هل الروح الانتقامية بين الزوجين أو الزوجين المنفعلين تصل إلى مستوى هذه الجرائم المأساوية لدرجة أن تصل بالإنسان أن يذبح أعز ما لديه فى الدنيا، روحه وفؤاده وكل حياته ورأس ماله فى الدنيا.. أبناءه؟ ماذا حدث، وماذا جرى؟ ربما كانت المخدرات فى جرائم أخرى حاضرة، لكن عندما تطلع على تفاصيل جريمة الدقهلية وذبح الأبناء أو الأطفال الثلاثة تجد أنه لا شيء مقنعًا فلم تكن الخلافات الزوجية أو المخدرات أو الظروف الاقتصادية حاضرة. إذن هل هو الاعتلال النفسى أو المرض النفسى، السبب والمتهم الرئيسى فى هذا الفعل، هل الاكتئاب والإحباط والوسواس، هل هى أمور أخرى روحانية لا ندركها ولا نستطيع أن نلامسها بالواقع لكن علينا ألا نتجاهلها أو نتساهل ونستخف بها ونقول إنها خرافات رغم وجودها فى الأديان السماوية. الإجابة صعبة ومعقدة لكن لدى اعتراف مهم، وظاهرة اجتماعية فى مصر مازالت حاضرة، أننا نعتبر أن المرض النفسى أو الاعتلال النفسى وعدم التوازن النفسى والاكتئاب، عار نخجل منه ولا نذهب للطبيب للكشف والفحص وتلقى العلاج، والسؤال المهم: يا ترى كم مريضًا نفسيًا يتحمل مسئولية أسرة وأطفال وعائلة، مازال يخجل من مواجهة نفسه أو عرض الأمر على الأطباء للتعافى، وهم قنابل موقوتة ربما تنفجر فى أى وقت فى شكل جرائم مأساوية لا نتوقعها؟! ونتعجب عند وقوعها لماذا لا نواجه أنفسنا بهذه الحقيقة؟ لماذا نخفى أمراضنا النفسية وحاجتنا للعلاج؟ لماذا نخجل منها رغم أنها مرض عادى يصيب الجسد؟ فالنفس قد تصاب بالمرض والاعتلال أو عدم التوازن، ثم ماذا فعلنا فى مواجهة هذه الظاهرة كمجتمع وإعلام ووعى؟! لقد كتبت منذ شهور فى هذه القضية وهى قضية الخجل من الاعتراف بوجود مرض نفسى نعانى منه، ولماذا نخجل من الذهاب إلى الطبيب؟ ولماذا نخاف أن يعرف الناس؟ الحقيقة أننا قصرنا كثيرًا ونجنى نتائج هذا التقصير، فلماذا لا نواجه بالعلم والدين والوعى هذه الظاهرة؟ الزوج أو الأب المكلوم كان نموذجًا للإنسان، عندما أمَّ المصلين فى صلاة الجنازة على أطفاله الثلاثة لكنه طالب فى ذات الوقت بالدعاء لزوجته بالشفاء بسبب ما تعرضت له من إصابات بعد أن ألقت بنفسها أمام جرار زراعى للتخلص من حياتها بعد ذبحها لأطفالها الثلاثة وأكد أنها كانت زوجة صالحة حافظت عليه فى غيابه.

السؤالان المهمان فى هذا الأمر، لماذا أقدمت هذه السيدة على ذبح أطفالها الثلاثة؟ ولماذا قررت التخلص من حياتها؟ بطبيعة الحال هناك دوافع تخرج عن إرادتها وقدرتها على السيطرة على نفسها، فمن الواضح وطبقًا لرسالتها المكتوبة وحديث الزوج والأب المكلوم أن هناك أزمة أو اعتلالاً أو مرضًا نفسيًا دفعها إلى الإقدام على هذه الجريمة فى حق فلذات كبدها ومحاولة التخلص من حياتها. هنا أقول إن الأسرة المصرية من ناحية كيفية الحفاظ عليها وتقويمها، ووضعها على الطريق الصحيح وإعادة التماسك إليها والحفاظ على تقاليدها وأصولها وثوابتها جديرة بأن تكون من أهم محاور الحوار الوطنى بالنقاش والحوار والخروج بتوصيات ونتائج، تكون أساسًا لرؤية إستراتيجية لمجابهة التحديات التى تواجه الأسرة المصرية. والحقيقة والإنصاف يؤكدان أن الرئيس عبدالفتاح السيسى هو الأكثر انتباهًا واهتمامًا بهذه القضية وهو الأكثر حديثًا واهتمامًا وطرحًا لكل الوسائل التى من شأنها حماية الأسرة المصرية والحفاظ على تماسكها.  

تم نسخ الرابط