محمود الشويخ يكتب: « سنوات الإنقاذ 2» كيف عاد "المارد المصرى" من جديد ؟
- "خطة فرض الهيبة".. أسرار استعادة الريادة المصرية إقليمياً ودولياً خلال ٨ سنوات من حكم الرئيس؟
- "عملية عبور الأمواج".. ما الذى فعله السيسى لتحقيق كل أهدافه فى ملفات الأمن القومى دون حروب أو رصاص؟
- "زعيم حقيقى".. ماذا يقول قادة العالم عن الرئيس السيسى فى جلساتهم الخاصة؟
يمكن أن تقول إن هذا القائد صنع نوعا جديدا من الدبلوماسية.. نوعا يأخذ من "الدبلوماسية الناعمة" سلوكها ومن "الدبلوماسية الخشنة" روحها.. إنها "دبلوماسية الخط الأحمر" المسجلة باسم الرئيس عبدالفتاح السيسى.
لقد نقل هذا الرجل، بحق وصدق، الدولة المصرية - خلال الثمانى سنوات الماضية - من مرحلة استعادة تماسك مؤسسات الدولة فى الداخل، إلى مرحلة فرض هيبة الدولة المصرية فى الخارج، مع الاعتماد فى ذلك على مبدأ حرية واستقلالية القرار، واتباع سياسة خارجية تحكمها المصالح الوطنية، والعمل على استعادة ريادة مصر إقليمياً ودولياً.
وتحت قيادته؛ لعبت الدبلوماسية المصرية دورا مشهودا فى تنفيذ السياسة الخارجية التى حدد هو ملامح بوصلتها بوضوح ودقة وثقة، فمضت سفينة دبلوماسيتنا العتيدة ممثلة فى وزارة الخارجية باقتدار وثبات - مستندة إلى قوة عسكرية واستخبارية قادرة - وسط الأمواج الإقليمية والدولية المضطربة، نحو الوصول لأهدافها واحداً تلو الآخر.
فعلى الصعيد الإفريقى حرص الرئيس منذ ٢٠١٤ على المشاركة فى القمم والاجتماعات الإفريقية كافة، وترأس لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية حول تغير المناخ لمدة عامين، وشارك فى القمة الألمانية- الإفريقية ببرلين 2019، التى تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادى بين إفريقيا ودول مجموعة الـ20، من خلال مشروعات مشتركة تسهم فى الإسراع بوتيرة النمو فى القارة السمراء، علاوة على مشاركته فى القمة الإفريقية- الأوروبية، التى عقدت فى العاصمة البلجيكية بروكسل، خلال فبراير الماضى.
واستضافت مصر القمة التنسيقية الأولى بين الاتحاد الإفريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، وفعاليات منتدى إفريقيا ٢٠١٩ بالعاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن تنظيم ملتقى الشباب الإفريقى فى العام ذاته.
ثم إن الرئيس السيسى زار عدداً من الدول الإفريقية، ومن بينها الزيارة التاريخية إلى غينيا فى ٢٠١٩، كأول زيارة لرئيس مصرى منذ ١٩٦٥، وكذلك زيارة كلٍ من السنغال وكوت ديفوار فى ٢٠١٩ وعقد عددا من الاتفاقيات وبحث الرؤية المصرية بشأن منظومة عمل الاتحاد الإفريقى.
كما زار الرئيس السيسى النيجر، لحضور القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقى فى ٢٠١٩، التى تم خلالها إطلاق المرحلة التشغيلية لاتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية.
وتشهد السنوات الماضية على حرص مصر على دعم بلدان القارة الإفريقية، فقد قدمت المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية لأكثر من ٣٠ دولة إفريقية لمساعدتها فى مجابهة انتشار فيروس «كورونا».
ولهذا كله لم يكن من قبيل المصادفة أن تتبوأ مصر مقعد قيادة القارة الإفريقية فى عهد الرئيس السيسى، وذلك لمدة عام فى 2019.
وعلى مستوى العالم العربى، لم تأل القاهرة جهداً لوضع نهاية للأزمة الليبية، وهى فى ذلك الملف تشدد على ضرورة التوصل إلى تسوية شاملة ومستدامة لتلك الأزمة، تحافظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، واستعادة دور مؤسسات الدولة الوطنية ومحاربة الإرهاب.
واستضافت مصر فى هذا الإطار العديد من الاجتماعات واللقاءات بين الأطراف الليبية، فضلا عن الحرص على المشاركة فى الفعاليات الدولية والإقليمية الخاصة بليبيا، لعل أبرزها استضافة مدينة الغردقة اجتماع الأطراف الليبية فى إطار اللجنة الدستورية.
ويشدد الرئيس السيسى فى مختلف اللقاءات والمحافل على دعم مصر الكامل لكل ما من شأنه تحقيق المصلحة لليبيا، ويفعل الإرادة الحرة لشعبها ويحافظ على وحدة وسيادة أراضيها.
وفيما يخص القضية الفلسطينية، تؤكد مصر على موقفها الثابت من القضية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، واستضافت فى هذا الصدد مؤتمر إعادة إعمار غزة فى القاهرة عام 2014، وأطلقت المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة، التى تتضمن تقديم مساعدات قيمتها 500 مليون دولار للقطاع.
وتحرص مصر على تقديم أوجه الدعم للشعب السودانى الشقيق، وتنسيق المواقف المختلفة، فى ظل الروابط العميقة التى تربط بين البلدين، وتوحيد الرؤى خاصة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة.
وشاركت مصر فى المبادرة الدولية لتسوية ديون السودان، كما شارك رئيس الوزراء فى حفل التوقيع على اتفاق السلام التاريخى بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بالجبهة الثورية، الذى عقد فى جوبا أكتوبر 2020 ، فضلا عن تقديم مصر لخدمات طبية لأكثر من 16000 حالة متضرر من السيول فى سبتمبر 2020.
وبالنسبة للأشقاء فى دول الخليج العربى، تعمل مصر على تعزيز التعاون مع دول الخليج، وتؤكد دوماً ارتباط أمن الخليج بأمن مصر القومى، من خلال تعزيز الزيارات الرسمية المتبادلة مع مختلف الدول الخليجية، على مستوى القمة أو المستويات الوزارية والفنية.
وشارك الرئيس السيسى فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية، التى عقدت فى المملكة العربية السعودية عام 2017، كما شارك وزير الخارجية سامح شكرى فى قمة مجلس التعاون الخليجى الـ41.
ولا تألو القاهرة جهداً فى دعم الدول الشقيقة وقت الأزمات، ومن بينها لبنان، فشاركت بفعالية فى مؤتمر دعم لبنان الذى نظمته الأمم المتحدة، كما تساند باستمرار الشعب اللبنانى لتجاوز أزمته الراهنة.
وتم الاتفاق على خارطة طريق لنقل الغاز المصرى إلى لبنان عبر الأردن وسوريا، كما زار رئيس مجلس الوزراء بيروت فى 2019، وأجرى سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسئولين اللبنانيين، وترأس الجانب المصرى فى أعمال اللجنة العليا المصرية اللبنانية.
ومنذ عام 2014، تعمل مصر على توثيق علاقاتها مع الدول العربية الشقيقة، وتم تدشين آلية التعاون الثلاثى بين مصر والأردن والعراق، واستضافت مصر أول اجتماعاتها فى 2019.
وفى الوقت نفسه، تواصل مصر جهودها فى استضافة الأشقاء السوريين وتقديم أوجه الدعم اللازمة لهم كافة، علاوة على إرسال مساعدات طبية للحكومة اليمنية فى يوليو 2020.
وفى إطار مبادئ وثوابت السياسة المصرية، تشدد القاهرة على موقفها الثابت بدعم كل الجهود للتوصل إلى حل سياسى شامل للأزمة اليمنية، يحقق الاستقرار ويحافظ على وحدة واستقرار اليمن، ويلبى طموحات الشعب اليمنى وإنفاذ إرادته الحرة، وينهى التدخلات الخارجية فى الشأن اليمنى.
ودوليا؛ شهدت السنوات الثمانى الأخيرة زخما كبيرا فى العلاقات بين القاهرة وواشنطن فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية، إلى جانب التعليم والاستثمار والتجارة.
وأجرى الرئيس السيسى زيارة إلى الولايات المتحدة عام ٢٠١٧ تلبيةً لدعوة الجانب الأمريكى، وزار رئيس مجلس الوزراء واشنطن فى أكتوبر ٢٠١٩، بجانب الزيارات العديدة لوزير الخارجية وعدد من وزراء الحكومة.
وشهد عام 2015 استئناف الحوار والتعاون الإستراتيجى مع الولايات المتحدة، وانعقدت الجولة الثانية من الحوار الإستراتيجى فى واشنطن، يومى 8 و9 نوفمبر 2021، برئاسة وزير الخارجية ونظيره الأمريكى، ونجحت الجولة فى استعراض إنجازات الدولة وسياساتها فى جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية خلال جلسات الحوار المختلفة، وعرض خطة الإصلاح الاقتصادى المصرية لتحفيز القطاع الخاص الأمريكى للاستثمار فى مصر. كما نتج عن جولة الحوار الإستراتيجى عدة مخرجات تُمثل أساساً يُمكن البناء عليه للانطلاق إلى آفاق أرحب من التعاون الإستراتيجى بين البلدين.
أيضا شهدت العلاقات المصرية -الأوروبية دفعة قوية خلال الأعوام الماضية، سواء على المستوى الثنائى من خلال زيارات الرئيس لعدد كبير من الدول من بينها ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا وفرنسا والمجر والبرتغال وقبرص واليونان، ومتعددة الأطراف من بينها آلية التعاون الثلاثى مع اليونان وقبرص، أو تطوير العلاقات إلى مستوى الشراكة مع دول «فيشجراد».
واتسم نسق العلاقات المصرية- الأوروبية خلال السنوات الأخيرة بالاستمرارية فى وتيرته العالية من الزيارات المُتبادلة رفيعة المستوى بين الجانبين، سواء فى إطار العلاقات الثنائية مع الدول الأوروبية، أو مع الاتحاد الأوروبى، على ضوء العلاقات المتشعبة بين مصر والاتحاد الأوروبى، بالإضافة لكون الاتحاد الأوروبى أكبر شريك تجارى واستثمارى لمصر، وتطرقت تلك اللقاءات إلى ملفات تعزيز العلاقات الثنائية، والتنسيق والتشاور تجاه العديد من القضايا الإقليمية والدولية.
وفى إطار قوة العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى خلال السنوات الماضية، استضافت مدينة شرم الشيخ أول قمة عربية- أوروبية فى فبراير ٢٠١٩، واستضافت القاهرة القمة الأولى من فعاليات آلية التعاون مع اليونان وقبرص فى عام ٢٠١٤، فضلا عن اختيار القاهرة مقرا لمنظمة منتدى غاز شرق المتوسط بعد توقيع مصر على اتفاقية تأسيس المنتدى فى ٢٠١٩.
وبينما عززت مصر علاقتها مع الولايات المتحدة فإنها لم تتجاهل روسيا؛ فقد شهدت الثمانى سنوات الماضية 9 زيارات متبادلة بين الرئيسين المصرى والروسى منذ ٢٠١٣.
يضاف إلى ذلك زيارات الوفود رفيعة المستوى المتبادلة بين البلدين، وزيارة الرئيس روسيا فى ظل رئاسته للاتحاد الإفريقى، حيث ترأس مع نظيره الروسى أعمال القمة الروسية- الإفريقية الأولى فى أكتوبر ٢٠١٩.
وفى إطار التنوع فى العلاقات مع الدول كافة، تشهد العلاقات بين مصر وشركائها فى آسيا زخما كبيراً قائماً على أساس تبادل المصالح، انعكس فى وتيرة عالية، تمثلت فى تبادل الزيارات رفيعة المستوى على المستوى الرئاسى أو على المستويات الوزارية وكبار المسئولين، بغية تعزيز التعاون الثنائى بين مصر والعديد من الدول الآسيوية والمنظمات الإقليمية الآسيوية.
إننا أمام دولة تبحث عن مصالحها على امتداد الكرة الأرضية.. دولة لا تعرف التبعية أو الوقوف وراء حلف بعينه.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.