محمود الشويخ يكتب: « ضربة معلم » كيف عاد "الصديق الأمريكى" من جديد؟
- ماذا دار بين السيسى وبايدن فى جدة؟.. وكيف اعتذر الرئيس الأمريكى عن "الفهم الخاطئ"؟
- متى يذهب الرئيس إلى البيت الأبيض؟.. وما الصفقات الكبرى التى تم الاتفاق عليها فى السعودية؟
- هل أثبت السيسى من جديد أن "كلمة السر" فى مصر؟.. وتفاصيل لم تنشر عن حلف "القاهرة - واشنطن".
فى خضم الانتخابات الرئاسية الأمريكية؛ كنت أتابع قلق بعض الأصدقاء من صعود المرشح الديمقراطى جو بايدن.. ولم يكن هذا حبا فى المنافس الجمهورى دونالد ترامب بقدر ما كان ارتياحا لشكل العلاقات المصرية- الأمريكية فى عهده.. بعد سنوات الابتعاد والجفاء - إذا جاز التعبير - فى عهد الرئيس أوباما.
وكنت أقدر المخاوف من وجود إدارة أمريكية مزعجة فى وقت تسابق فيه مصر الزمن لتعويض ما فات وليس لديها أى وقت تضيعه فى مناكفات مع سيد البيت الأبيض الجديد.. لكن ومع هذا التقدير كنت أختلف مع ما يعتقدون!
لقد صارت مصر عصية على الابتزاز وأكبر من الاحتياج وأقوى من التخويف بالمنع والحجب!
نعم؛ لقد أعاد الرئيس السيسى لهذا البلد قوته وقيمته.. وأعاد بناء دول محترمة.. هى الأقوى فى الإقليم.. والأكثر شرفا فى زمن عز فيه الشرف.
أصبحت مصر صاحبة الكلمة العليا ومفتاح حل الأزمات الكبرى فى المنطقة.. بسياسة خارجية شريفة ومحترفة.. شهد لها الجميع.. الأعداء قبل الأصدقاء.
وبهذه المعطيات.. لا خوف علينا.. ولا خوف على بلدنا.. ولا خوف على قائدنا.
ولقد أثبتت الأيام صحة ما أقول.. لقد جاء الجميع إلى هنا.. إلى القاهرة.. وكان البعض يرى ذلك مستحيلا.
جاء إلى مصر أناس لم يكونوا يتخيلون أبدا أن يأتوا إليها.. لكن كلمة واحدة يمكن أن تفسر لماذا جاءوا.. إنها "القوة".
القوة التى باتت عليها مصر ولا يمكن أن يتجاهلها أحد وهى بهذه القوة.
وبنفس المنطق عاد الحليف الأمريكى من جديد.. بعد فترة فتور كانت متوقعة.
حين اشتعلت حرب غزة.. قالوا لبايدن إن الحل عند رجل واحد فقط.. اسمه عبدالفتاح السيسى.. وإذا أردت أن تنتهى هذه المعركة فعليك أن تحدثه.
وكان أن تحدث الزعيمان مرتين فى هذه الأثناء بالفعل.. وتوقفت حرب غزة الأخيرة بعدها.
وانتظر الكل اللقاء المرتقب.. وتمنى مغرضون كثر ألا يحدث.. حتى التأم فى الوقت المناسب.. على هامش قمة جدة بالمملكة العربية السعودية.
فقد التقى الرئيس السيسى والرئيس بايدن فى جدة لإعادة التأكيد على التزامهما المشترك بالشراكة الإستراتيجية المصرية- الأمريكية، والتشاور حول مجموعة واسعة من التحديات الأمنية العالمية والإقليمية، وتعزيز العلاقة بين مصر والولايات المتحدة.
واحتفالًا بمرور 100 عام على العلاقات الدبلوماسية بين مصر والولايات المتحدة، أعرب الرئيس عبد الفتاح السيسى والرئيس بايدن عن عزمهما اللقاء مرة أخرى فى المستقبل القريب لتعزيز الشراكة متعددة الأوجه بين البلدين.
أيضا جدد الزعيمان التزامهما بالحوار الإستراتيجى المصرى- الأمريكى الذى يترأسه بشكل مشترك وزير الخارجية سامح شكرى ووزير الخارجية أنتونى بلينكن ورحبا باستمرار تنفيذ نتائجه.
ويجمع المراقبون على أن الشراكة فى مجال الدفاع بين مصر والولايات المتحدة التى استمرت عقودًا تظل ركيزة أساسية للاستقرار الإقليمى.
لذا فقد أكد الرئيسان على أهمية هذه الشراكة التى تخدم مصالح البلدين.. وأكد الرئيس بايدن مجددًا أن الولايات المتحدة تعتزم مواصلة دعم مصر للدفاع عن نفسها، بما فى ذلك من خلال استمرار تقديم المساعدات الأمنية بالتشاور مع الكونجرس الأمريكى.
وشدد الرئيسان على التزامهما بالتعاون فى مكافحة الإرهاب ورحبا بالإنجازات البارزة التى حققها التحالف الدولى لهزيمة داعش. وأعرب الرئيس السيسى عن تقدير مصر للمعدات العسكرية والمساعدات الأمنية من الولايات المتحدة.
وعلى صعيد دفع الازدهار الاقتصادى؛ أعرب الرئيسان عن التزامهما بتعزيز التعاون الاقتصادى الثنائى من أجل المصلحة المتبادلة للشعبين المصرى والأمريكى، وقررا استكشاف طرق جديدة لتوسيع التجارة الثنائية، وزيادة استثمارات القطاع الخاص، والتعاون فى مجال الطاقة النظيفة وتكنولوجيا المناخ.
وفى هذا الإطار رحب الزعيمان بزيارة البعثة الأمريكية الخضراء إلى مصر مؤخراً، وهى الأكبر تاريخياً، والتزما بإطلاق اللجنة الاقتصادية المشتركة رفيعة المستوى.
وبالنسبة لتداعيات الحرب فى أوكرانيا؛ فقد أكدت مصر والولايات المتحدة أن السلام والأمن والنظام متعدد الأطراف القائم على القواعد يقع فى صميم شراكتهما طويلة الأمد. واستذكرتا قرارى الجمعية العامة للأمم المتحدة فى 2 و24 مارس بشأن أوكرانيا، واللتان صوتتا لصالحهما، وأكدتا مجددًا على مبادئهما المشتركة المنصوص عليها فى ميثاق الأمم المتحدة، بما فى ذلك احترام القانون الدولى، وسلامة الأراضى، والسيادة الوطنية. وأبرز الرئيسان ضرورة الامتناع عن استخدام القوة، وحل النزاعات بالطرق السلمية، ووضع حد لانتهاكات حقوق الإنسان فى مناطق الصراع.
ولا شك فى أن مصر والولايات المتحدة تشتركان فى مخاوفهما خاصة بشأن العواقب العالمية الوخيمة الناجمة عن الحرب فى أوكرانيا، بما فى ذلك سلاسل التوريد العالمية وأسعار الطاقة والسلع. على سبيل المثال، أدى حصار موانئ البحر الأسود إلى زيادة انعدام الأمن الغذائى وفرض ضغوطًا اقتصادية كبيرة على مصر.
وقد أكد الرئيس بايدن دعم الولايات المتحدة للشعب المصرى فى الاستجابة لهذه التحديات. ولهذا الغرض، تثنى الولايات المتحدة على مشاورات مصر مع صندوق النقد الدولى وتدعم توفير تمويل إضافى لمصر من خلال الصندوق الاستئمانى للصلابة والاستدامة التابع لصندوق النقد الدولى، كما تقدم الولايات المتحدة دعمها الكامل لانخراط مصر مع البنك الدولى للبحث عن خيارات تمويل لتحقيق استقرار اقتصادها وتعزيز رفاهية الأسر المصرية، خاصة من خلال حزمة تمويل الاستجابة للأزمات التى أعلنها البنك مؤخرًا.
ونقل الرئيس بايدن أن الولايات المتحدة ستقدم مليار دولار مساعدات جديدة لمعالجة وضع الأمن الغذائى فى الشرق الأوسط، بما فيها 50 مليون دولار لمصر تحديداً. وتهدف هذه المخصصات إلى تعزيز الأمن الغذائى وتعويض آثار الاضطراب فى سلاسل التوريد الزراعية وارتفاع أسعار المواد الغذائية بسبب حصار الموانئ.
ومن المهم الإشارة إلى تأكيد الرئيس بايدن للرئيس السيسى أن الولايات المتحدة تدعم مصر لتأمين احتياجات أمنها الغذائى.
كان لملف تعزيز الاستقرار الإقليمى نصيب من الحديث حيث تتعاون مصر والولايات المتحدة بشكل وثيق للتوسط لإيجاد حلول للنزاعات الإقليمية وتعزيز السلام.
وفى هذا الصدد شدد الزعيمان على أن حل الدولتين لا يزال هو السبيل الوحيد القابل للتطبيق لتحقيق حل دائم للصراع الإسرائيلى- الفلسطينى وتحقيق مستقبل آمن ومزدهر وكريم للإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. وأعرب الرئيس بايدن عن دعمه لقيادة مصر الحيوية ودورها التاريخى فى تعزيز السلام وإنهاء الصراع، وبالتالى توسيع دائرة السلام بين إسرائيل وجيرانها العرب والعالم، وكذلك الحفاظ على هدوء مستدام بين الإسرائيليين والفلسطينيين.
كما شدد الزعيمان على ضرورة تنفيذ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة 2570 و2571 (2021)، وأكدا ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية متزامنة فى أقرب وقت ممكن فى ليبيا. وأبرزا أهمية الانسحاب الكامل لجميع القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب، والدور المحورى للجنة العسكرية المشتركة 5 + 5 فى هذا الصدد، بما فى ذلك وضع جداول زمنية بشكل سريع.
وقد وجه الرئيس بايدن الشكر للرئيس السيسى على دور مصر فى المساعدة على تثبيت الهدنة اليمنية، لا سيما من خلال تسهيل الرحلات الجوية التجارية من صنعاء إلى القاهرة، وهو عنصر مهم فى ترتيبات الهدنة بوساطة الأمم المتحدة. والتزم الرئيسان بإجراء مشاورات منتظمة لحل النزاعات الإقليمية والأزمات الإنسانية فى سوريا ولبنان والسودان.
وفيما يتعلق بسد النهضة الإثيوبى، جدد الرئيس بايدن التأكيد على دعم الولايات المتحدة للأمن المائى لمصر وإبرام تسوية دبلوماسية تحقق مصالح جميع الأطراف وتساهم فى أن تصبح المنطقة أكثر سلامًا وازدهارًا.
وجدد الزعيمان التأكيد على حتمية إبرام اتفاق بشأن ملء وتشغيل سد النهضة دون مزيد من التأخير على النحو المنصوص عليه فى بيان رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بتاريخ 15 سبتمبر 2021، وبما يتوافق مع القانون الدولى.
الملف الأهم كان تعزيز حقوق الإنسان؛ وهنا أكد الرئيس السيسى والرئيس بايدن التزامهما المتبادل بإجراء حوار بناء حول حقوق الإنسان، وهو جزء لا يتجزأ من الشراكة القوية بين مصر والولايات المتحدة. وسيستمران فى التشاور عن كثب بشأن ضمان تعزيز وحماية حقوق الإنسان والحريات الأساسية فى المجالات السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. وأعاد الزعيمان التأكيد على الدور المهم الذى يمكن أن يلعبه المجتمع المدنى فى هذه المجالات.
وأخيرا ناقشت القمة تسريع الجهود العالمية لمواجهة أزمة المناخ، حيث قدّم الرئيس بايدن التهنئة للرئيس السيسى على رئاسة مصر لمؤتمر الأمم المتحدة السابع والعشرين لتغير المناخ (COP 27) فى شرم الشيخ فى نوفمبر 2022 وأعاد التأكيد على التزام الولايات المتحدة بنجاح المؤتمر. ورحبت الولايات المتحدة بقيادة مصر فى تسريع الطموح والعمل العالمى لمعالجة أزمة المناخ. كما رحب الرئيس بايدن بتقديم مصر مساهمتها المحدثة المحددة وطنيًا (NDC). وأكد الزعيمان دعم بلديهما للتعهد العالمى للميثان (GMP) ومسار الطاقة الجديد فى إطاره، الذى انضمت إليه مصر فيما يتعلق بقطاع النفط والغاز.
وأعاد الزعيمان التأكيد على الشراكة الجديدة بين مصر والولايات المتحدة بشأن التكيف فى إفريقيا، والتى ستشارك مصر والولايات المتحدة فى قيادتها، والتى تركز على تقديم مبادرات ملموسة من شأنها تحسين حياة الشعوب والمساعدة فى بناء الصمود فى مواجهة تغير المناخ. والتزم الزعيمان بعقد اجتماع مجموعة العمل المشتركة بين مصر والولايات المتحدة بشأن المناخ فى أقرب وقت ممكن.
إننا أمام إعادة إحياء للعلاقات المصرية- الأمريكية على أساس الاحترام والمصالح المتبادلة ومراعاة الظروف الداخلية لكل دولة وخصوصيتها.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.