◄ 80% من الكوارث الطبيعية فى العالم مرتبطة بالمياه ◄ الهجرة غير الشرعية قد تتزايد نتيجة ندرة المياه ◄ جلسات لتمويل مشروعات البنية التحتية لقطاع المياه بمشاركة إفريقية واسعة وعقد اجتماع مشترك لوزراء المياه والزراعة العرب وتنظيم الجولة الثانية لحوار السياسات خلال "أسبوع القاهرة الخامس للمياه" ◄ إطلاق عدد من المبادرات الدولية لوضع المياه على أجندة العمل المناخى خلال مؤتمر المناخ القادم بالتعاون مع عدد من المنظمات وشركاء التنمية ◄ تنظيم "يوم المياه" كحدث جانبى على هامش مؤتمر المناخ بالتعاون مع منظمة الفاو وعدد من الشركاء ◄ مشروعات كبرى لحماية الشواطئ وللحماية من أخطار السيول وأنظمة الرى الحديث تقلل الطاقة المستخدمة فى الرى
الاستعدادات التى تجرى الآن على قدم وساق لتنظيم قمة المناخ COP27 والتى تستضيفها مصر فى مدينة شرم الشيخ خلال شهر نوفمبر القادم، جديرة بأن نتوقف أمامها بتركيز شديد خاصة تلك الخطوات المهمة التى تتم فى إطار المساعى المصرية لدمج ملف المياه والعمل المناخى فى هذه القمة المهمة حيث إنه بين هذه الأنشطة سيتم إطلاق عدد من المبادرات الدولية التى تستهدف التكيف مع التغيرات المناخية فى قطاع المياه، بالتعاون مع أكثر من 20 منظمة دولية.
والحق يقال فإن قضية التغيرات المناخية تُعد من أهم القضايا التى يواجهها العالم فى الوقت الحالى نظرًا للآثار الواضحة والمتزايدة للتغيرات المناخية على الموارد المائية والإنتاج الغذائى حول العالم والتسبب فى الارتفاع الملحوظ لدرجة الحرارة وارتفاع منسوب سطح البحر، بالإضافة لما تشهده مصر من ظواهر جوية متطرفة وغير مسبوقة مثل الأمطار الشديدة التى تضرب مناطق متفرقة من البلاد الأمر الذى يستلزم تكثيف الجهود فى مجال التكيف مع التغيرات المناخية، واتخاذ الإجراءات اللازمة للتقليل من الانبعاثات للتخفيف من التغيرات المناخية فلا يخفى على أحد أن 80% من الكوارث الطبيعية فى العالم مرتبطة بالمياه مثل الفيضانات وموجات الجفاف وغيرها.
وبشيء من الدقة يمكننا ملاحظة أن عددا من الحالات البارزة لنتائج التغيرات المناخية حول العالم مثل التراجع الشديد فى مساحة بحيرة تشاد بوسط إفريقيا وبحر آرال بآسيا الوسطى وتراجع كميات الثلوج على قمة جبل كليمنجارو بإفريقيا، مضيفًا أن الهجرة غير الشرعية قد تتزايد حدتها نتيجة ندرة المياه أو غرق المناطق الساحلية أو السيول الومضية.
لقد قرأت تصريحات مهمة لوزير الرى د. محمد عبدالعاطى، حول حجم التحديات التى تواجه قطاع المياه فى مصر وعلى رأسها الزيادة السكانية، حيث إنه من المتوقع حدوث زيادة السكان فى مصر لحوالى من 75 مليون نسمة فى عام 2050، بالإضافة لمحدودية الموارد المائية حيث تُقدر موارد مصر المائية بحوالى60 مليار متر مكعب سنويًا من المياه معظمها يأتى من مياه نهر النيل بالإضافة لكميات محدودة للغاية من مياه الأمطار والمياه الجوفية العميقة بالصحارى، وفى المقابل يصل إجمالى الاحتياجات المائية فى مصر لحوالى 114 مليار متر مكعب سنويًا من المياه، ويتم تعويض هذه الفجوة من خلال إعادة استخدام مياه الصرف الزراعى والمياه الجوفية السطحية بالوادى والدلتا بالإضافة لاستيراد منتجات غذائية من الخارج تقابل 34 مليار متر مكعب سنويًا من المياه.
كما أوضح الدكتور عبدالعاطى، أن هذه التحديات تستلزم بذل مجهودات كبيرة لمواجهتها سواء على المستوى المجتمعى من خلال وعى المواطنين بأهمية ترشيد المياه والحفاظ عليها من كافة أشكال الهدر والتلوث، أو على المستوى الحكومى من خلال تنفيذ العديد من المشروعات الكبرى التى تقوم الدولة بتنفيذها أو من خلال التطوير التشريعى، مؤكدًا أن مصر لديها خبرات وطنية متميزة فى مجال الموارد المائية والرى، بالشكل الذى يمكنها من التعامل مع مثل هذه التحديات بمنتهى الكفاءة وإيجاد الحلول العملية لها من خلال تحويل مثل هذه التحديات لفرص يستفيد منها المصريون. وأن القلق الصحى وليس المرضى الذى نشعر به هو الذى يدفع وزارة الموارد المائية والرى لزيادة الجاهزية للتعامل مع التحديات المائية ومواجهة أى طارئ تتعرض له المنظومة المائية، وعلى صعيد المشروعات القومية الكبرى التى تهدف لترشيد استخدام المياه وتعظيم العائد من وحدة المياه تنفذ وزارة الموارد المائية والرى حاليًا المشروع القومى لتأهيل الترع والذى يهدف لتحسين عملية إدارة وتوزيع المياه، وتوصيل المياه لنهايات الترع المتعبة بخلاف المردود الاقتصادى والاجتماعى والحضارى والبيئى الملموس، بالإضافة لمشروعات تأهيل المساقى. كما تقوم الوزارة بالعمل فى المشروع القومى للتحول من الرى بالغمر لنظم الرى الحديث من خلال تشجيع المزارعين على هذا التحول، والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى، لما تمثله هذه النظم من أهمية واضحة فى ترشيد استهلاك المياه، بالإضافة لمشروعات الحماية من أخطار السيول وحصاد مياه الأمطار حيث تم تنفيذ أكثر من 1500 منشأ للحماية خلال السنوات الماضية. بالإضافة لتنفيذ مشروعات لحماية الشواطئ المصرية حيث تم تنفيذ أعمال لحماية 210 كيلومترات من السواحل المصرية وجارٍ العمل فى 45 كيلومترا أخرى، بالإضافة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى فى مجال معالجة وإعادة استخدام مياه الصرف الزراعى لتحسين نوعية المياه والوضع البيئى بالبحر المتوسط، مثل مشروع الاستفادة من مياه مصرف بحر البقر بشرق الدلتا بمحطة بحر البقر ومشروع الاستفادة من مياه مصارف غرب الدلتا بمحطة الحمام ومشروع مصرف المحسمة بالإضافة لإنشاء أكثر من 450 محطة خلط وسيط، وتنفيذ إجراءات تحقيق الإدارة الرشيدة للمياه الجوفية مع التوسع فى استخدام الطاقة الشمسية فى رفع المياه الجوفية لتقليل الانبعاثات.
أيضا عقد الدكتور محمد عبدالعاطى اجتماعًا مهما، بتقنية الفيديوكونفرانس، مع الدكتور عبدالحكيم الواعر، المدير العام المساعد والممثل الإقليمى للشرق الأدنى وشمال إفريقيا بمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة (الفاو)، لمناقشة تعزيز التعاون بين وزارة الموارد المائية والرى ومنظمة الفاو فى مجالات المياه، والتعاون المشترك خلال الفعاليات الدولية التى تنظمها الوزارة لوضع المياه على أجندة العمل المناخى من خلال فاعليات أسبوع القاهرة الخامس للمياه وفعاليات المياه المقامة ضمن برنامج رئاسة مؤتمر المناخ COP27.
وخلال الاجتماع أوضح الدكتور عبدالعاطى، أن أسبوع القاهرة الخامس للمياه سيُعقد تحت عنوان "المياه فى قلب العمل المناخى"، إيمانًا من الدولة المصرية بأهمية محور المياه فى ملف تغير المناخ، مشيرًا إلى أن التوصيات التى ستصدر عن الأسبوع سيتم رفعها للمناقشة فى جناح المياه المقام ضمن مؤتمر المناخ والذى تستضيفه مصر فى شهر نوفمبر القادم، كما أنه من المتوقع أن يشهد الأسبوع مشاركة إفريقية واسعة بجلسات تمويل مشروعات البنية التحتية لقطاع المياه، بالإضافة لعقد اجتماع مشترك لوزراء المياه والزراعة العرب على هامش فاعليات الأسبوع، وتنظيم الجولة الثانية لحوار السياسات لدول الندرة المائية لصياغة توصيات يتم رفعها لمؤتمر الأمم المتحدة المعنى بمراجعة منتصف المدة الشاملة لعقد العمل فى مجال المياه والذى سيعقد فى نيويورك خلال شهر مارس ٢٠٢٣. وأضاف أنه سيتم تنظيم يوم خاص بالمياه كحدث جانبى على هامش مؤتمر المناخ بالتعاون مع منظمة الفاو وعدد من الشركاء، بالإضافة لوجود عدد من المبادرات الدولية الجارى الإعداد لها للتكيف مع التغيرات المناخية فى قطاع المياه، وسيتم إطلاق هذه المبادرات خلال فعاليات مؤتمر المناخ. وأشار الدكتور عبدالعاطى للخبرات المتراكمة لدى الدولة المصرية فى مجال التكيف من تأثير التغيرات المناخية على الموارد المائية العذبة والتسبب فى ارتفاع منسوب سطح البحر، لافتًا لتنظيم عدد من الزيارات الميدانية للمشاركين بفاعليات أسبوع القاهرة للمياه لمشروعات حماية الشواطئ فى مصر. الدكتور عبدالعاطى، شدد على الترابط الهام بين الماء والغذاء، لما تمثله المياه كعنصر رئيسى فى الزراعة وتحقيق الأمن الغذائى، مشيرًا للدور الهام الذى يمثله تطوير المنظومة المائية وانعكاسه على تحسن المنظومة الزراعية وسد الفجوة الغذائية، وهو الأمر الذى دفع الوزارة لتنفيذ العديد من المشروعات الكبرى مثل المشروع القومى لتأهيل الترع ومشروعات تأهيل المساقى، والتحول لنظم الرى الحديث والتوسع فى استخدام تطبيقات الرى الذكى ومشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، وتحديث المنشآت المائية والإدارة الرشيدة للمياه الجوفية واستخدام أصناف جديدة من المحاصيل تستهلك كميات أقل من المياه وتتحمل الملوحة العالية.
كما أشار إلى أن العديد من دول العالم طلبت الاستفادة بالخبرات المصرية فى مجال إدارة المياه وتدوير المياه وأن الوزارة تُقدم كل أشكال الدعم للدول العربية والإفريقية الشقيقة فى مجال الموارد المائية سواء من خلال تنفيذ مشروعات مختلفة بالعديد من الدول الإفريقية بالشكل الذى يعود بالنفع على مواطنى هذه الدول أو من خلال العمل على تبادل الخبرات الفنية بين المتخصصين فى مصر وهذه الدول خاصة فى ظل الإمكانيات التدريبية المتميزة التى تمتلكها الوزارة مثل المركز الإقليمى للتدريب التابع للوزارة وفروعه بالمحافظات ومركز التدريب الإقليمى التابع لمعهد بحوث الهيدروليكا. أما الدكتور الواعر فأكد من جانبه على حرص منظمة الفاو على تقديم كافة أشكال الدعم والتنسيق خلال فعاليات مؤتمر المناخ وأسبوع القاهرة الخامس للمياه كحدث تحضيرى للمؤتمر بهدف الخروج بأفضل نتائج يمكن رفعها كمدخلات لمؤتمر الأمم المتحدة للمراجعة الشاملة لنصف المدة والخاص بالمياه والمقرر تنظيمه بنيويورك فى شهر مارس عام ٢٠٢٣، مع التأكيد على ضرورة العمل على وضع قطاعات المياه والزراعة والغذاء ضمن ملف التغيرات المناخية بإفريقيا والشرق الأوسط، ومشيرًا إلى أن الأزمات العالمية ومشاكل سلاسل الإمدادات الدولية أوضحت ضرورة التكامل بين قطاعى المياه والزراعة لتوفير الغذاء.