محمود الشويخ يكتب:« من الدوحة .. هنا القاهرة ».. ماذا فعل الرئيس السيسى فى قطر؟
- لماذا زار "القائد" العاصمة القطرية الدوحة الآن؟.. وكواليس المباحثات الثنائية مع الشيخ تميم .
- كيف رحبت قطر بـ"الضيف الكبير" كما لم تفعل مع رئيس آخر؟.. وتفاصيل الاتفاقيات الاقتصادية بين البلدين .
ما الذى قاله الزعيمان عن ملفات ليبيا وفلسطين وسوريا والحرب "الروسية - الأوكرانية"؟
حين دخلت طائرة الرئيس السيسى الأجواء القطرية؛ طويت صفحة فى تاريخ دولة ٣٠ يونيو وبدأت صفحة جديدة.. العنوان واحد فى الصفحتين.. عنوان من كلمتين.. "مصر القوية".. مصر التى أرادت وفرضت إرادتها على الجميع.
لم يكن يتخيل كثيرون أن تأتى هذه اللحظة.. لو قلت لأحد، قبل عام، إن الشاشات ستبث مشهدا للرئيس السيسى من العاصمة القطرية الدوحة ربما سيتهمك بالجنون.. وله كل الحق!
كان هذا السيناريو صعبا وربما مستحيلا.. لكن، فى الظل، كان هناك قائد يعمل ومعه رجال من أجل هذه اللحظة ولحظات أخرى.
إنها لحظة الانتصار الكامل.. وهذا انتصار نظيف كما يقولون.. انتصار دون رصاصة واحدة ولا حرب بالأساس!
لقد استطاعت دولة ٣٠ يونيو أن تكسر كل الحواجز.. بلا استثناء.. محليا وإقليميا ودوليا.. من بلد عضويته مجمدة فى الاتحاد الإفريقى إلى بلد يقود إفريقيا بأكملها.. ومن دولة علاقاتها باردة مع كثيرين حول العالم إلى قوة إقليمية يأتى الجميع إليها طلبا للنصح والمساعدة والدعم.. ومن بلد أعداؤه كثر إلى بلد ينتهج سياسة صفر مشاكل.
إنها مصر القوية الأبية الفتية.. وإنه الرئيس عبدالفتاح السيسى القائد المخلص الوطنى.
أكتب هذه الكلمات والرئيس قد بدأ زيارته الأولى إلى قطر تلبية لدعوة أميرها الشيخ تميم بن حمد.. بعد أن انتهت صفحة الخلافات بين البلدين بجهود مخلصة خلال الفترة الماضية.
هذه الزيارة - التى جاءت تتويجاً للمباحثات المكثفة المتبادلة خلال الفترة الأخيرة بين البلدين الشقيقين، بهدف تعزيز أطر التعاون الثنائى المشترك على جميع الأصعدة - هى الأولى من نوعها بعد قرابة عقد من الزمن شابه التوتر بين البلدين قبل انفراجة العام الماضى.. وكان فى استقبال الرئيس الشيخ تميم.
الزيارة الاستثنائية والتاريخية جاءت بعد زيارة مماثلة فى يونيو الماضى أجراها أمير قطر إلى القاهرة.. وكانت هى الأولى من نوعها لمصر أيضا.. هذا إذا استثنينا زيارته إلى مصر فى عام 2015 حيث شارك فى القمة العربية بمنتجع شرم الشيخ.
حين جاء الشيخ تميم استقبله الرئيس بقصر الاتحادية، حيث عقدا مباحثات منفردة تلتها مباحثات موسعة ضمت وفدى البلدين، ووقتها رحب الرئيس بأخيه سمو الأمير القطرى ضيفًا كريمًا على مصر، مهنئًا إياه بمناسبة ذكرى توليه مقاليد الحكم فى دولة قطر، ومؤكدًا أن هذه الزيارة تجسد ما تشهده العلاقات المصرية- القطرية من تقدم، وترسخ لمسار تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين خلال الفترة القادمة فى كافة المجالات، وذلك فى إطار مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين، وفى ظل النوايا الصادقة المتبادلة بين الجانبين.
أما الأمير تميم بن حمد فتقدم بالشكر لأخيه الرئيس على حسن الاستقبال وكرم الضيافة، ومعربًا عن تقدير بلاده لمصر قيادةً وشعبًا، خاصةً فى ظل دورها المحورى فى خدمة القضايا العربية وجهودها لتعزيز التضامن العربى على كافة الأصعدة، وكذلك السياسة الحكيمة التى تتبعها مصر بقيادة الرئيس على جميع الأصعدة الداخلية والإقليمية والدولية.
أمير دولة قطر أكد حرص بلاده على استمرار الخطوات المتبادلة بهدف دفع وتعزيز مختلف آليات التعاون الثنائى بين البلدين الشقيقين خلال الفترة المقبلة، من خلال تعظيم الاستثمارات القطرية فى مصر واستغلال الفرص الاستثمارية العريضة المتاحة، مثمنًا فى هذا الإطار إسهام الجالية المصرية فى عملية البناء والتنمية فى دولة قطر فى مختلف المجالات.
هذا وقد تم التوافق على تطوير التعاون الثنائى بين البلدين الشقيقين فى مختلف المجالات، خاصةً فى قطاعات الطاقة والزراعة، إلى جانب التعاون الاستثمارى وتنشيط حركة التبادل التجارى، خاصةً ما يتعلق بتعزيز تدفق كافة الاستثمارات القطرية إلى مصر، فى ضوء خدمتها للمصالح المشتركة للبلدين الشقيقين.
ولأن البلدين يتمتعان بثقل كثير إقليميا؛ فقد تم كذلك خلال اللقاء بحث تطورات الأوضاع الإقليمية، حيث توافق الزعيمان بشأن ضرورة تكاتف وتضافر جهود الدول العربية، وكذا تعزيز التنسيق المشترك بين البلدين للتعامل مع مختلف الأزمات التى تمر بها دول المنطقة.
وعلى صعيد القضية الفلسطينية، أشاد الأمير القطرى بالجهود المصرية القائمة لإعادة إعمار قطاع غزة، كما توافقت الرؤى بشأن أهمية العمل على إحياء عملية السلام للتوصل إلى حل عادل وشامل للقضية الفلسطينية، بما يضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى الشقيق وفق مرجعيات الشرعية الدولية.
أيضا تم استعراض سبل التعامل مع التداعيات السلبية للأزمة الروسية- الأوكرانية على الاقتصاد العالمى، فضلًا عن آفاق التعاون المشترك لمكافحة الإرهاب والفكر المتطرف، حيث تم التأكيد على أهمية تكثيف جهود المجتمع الدولى فى مواجهة هذه الظاهرة فى إطار إستراتيجية متكاملة تشمل معالجة الجوانب الفكرية والتنموية بجانب المواجهة الأمنية.
وفى زيارته إلى قطر؛ بحث الرئيس والأمير العلاقات الثنائية بين البلدين وأوجه دعمها وتعزيزها فى مختلف المجالات، لاسيما فى المجال الاقتصادى.. فحجم التجارة ليس على المستوى المطلوب بصراحة.
وتشير البيانات إلى أن قيمة التبادل التجارى بين مصر وقطر سجلت 44.8 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 25.4 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 76.4%.
قيمة الصادرات المصرية إلى قطر بلغت 4.5 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 395 ألف دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 1049.1%.
أما الواردات المصرية من قطر فسجلت 40.3 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 25 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 61.1%.
وسجلت قيمة تحويلات المصريين العاملين بقطر 1.34 مليار دولار خلال العام المالى 2019 / 2020 مقابل 1.29 مليار دولار خلال العام المالى 2018 / 2019 بنسبة ارتفاع قدرها 4.3 %.. وبلغت قيمة تحويلات القطريين العاملين فى مصر 2.8 مليون دولار خلال العام المالى 2019 / 2020 مقابل 4.9 مليون دولار خلال العام المالى 2018 / 2019 بنسبة انخفاض قدرها 43.5%. أما قيمة الاستثمارات القطرية فى مصر فبلغت 121.8 مليون دولار خلال الربع الأول من العام المالى 2021 / 2022 مقابل 116.9 مليون دولار خلال الفترة المقابلة من العام المالى 2020 / 2021 بنسبة ارتفاع قدرها 4.2%.
وأقول إننا أمام فرصة لتعزيز العلاقات الاقتصادية حيث يوجد عدد من الفرص الاستثمارية التى يمكن التعاون من خلالها كمجالات النقل والمواصلات والثقافة، والمجال المالى والاستثمارى، والمجال العمالى بزيادة مشاركة العمالة القطرية بسوق العمل المصرية.. هذا إلى جانب التعاون المشترك فى مجال الطاقة؛ إذ أن شركة قطر للطاقة قامت بتوقيع عقد مؤخرًا خاص باكتشافات بترولية جديدة فى البحر الأحمر فى مصر.
وقد بحث الرئيس والأمير التشاور والتنسيق حول مختلف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك خلال المرحلة الراهنة، والتى تتطلب تضافر الجهود من أجل حماية الأمن القومى العربى.. لا سيما على صعيد ليبيا وسوريا وفلسطين.
وشدد الرئيس السيسى على حرص مصر على التعاون المتكامل المثمر من أجل الخير والبناء والتنمية ودعم التضامن العربى فى إطار من الاحترام المتبادل والمصلحة المشتركة والنوايا الصادقة، وذلك كمبدأ ونهج إستراتيجى راسخ للسياسة المصرية.. فيما أعرب أمير قطر عن تطلع الدوحة لتعزيز التباحث مع القاهرة حول سبل تعزيز العلاقات الثنائية، بما يخدم تطلعات الدولتين. إننا أمام مرحلة جديدة من العلاقات التى تربط القاهرة بالدوحة قائمة على تعاون مشترك واحترام متبادل تتطلع آمال وطموحات لعلاقات واعدة فى المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية.
ودائما وأبدا.. تحيا مصر.
ولكل المصريين أقول: ثقوا فى قائدكم وكونوا بجانب دولتكم.