زاد القلق الدولى من تداعيات التغير المناخى على السِلم العالمى، فقد أدت زيادة الغازات الدفيئة فى العقود الماضية إلى حدوث ظاهرة الاحتباس الحرارى، وتبعتها موجات طقس متغير وموجات جفاف شديدة وأعاصير غير متوقعة وفيضانات، وغيرها من الظواهر التى باتت تفرض تداعيات مباشرة على مستقبل البشرية. وتنقسم قضية المناخ العالمى إلى شقين رئيسيين: شق خاص بالدول الصناعية المعنية بالانبعاثات المرتبطة بالصناعات الكبيرة، والتى أدت إلى زيادة حرارة كوكب الأرض وظاهرة الاحتباس الحرارى.. وشق آخر يتعلق بمعاناة الدول النامية من تداعيات التغيرات المناخية وبحثها عن سبل مواجهتها.
والتغيرات المناخية كما يُعرفها البرنامج البيئى التابع للأمم المتحدة، هى "أى تغير جوهرى فى مقاييس المناخ ويمتد لفترة طويلة من الزمن"، وقد تغير مناخ الأرض عدة مرات على مدى تاريخها. فى البداية كان السبب وراء ذلك عوامل طبيعية، مثل الانبعاثات البركانية وكمية الطاقة المنبعثة من الشمس، لكن بداية من أواخر القرن الثامن عشر أسهمت الأنشطة الإنسانية المصاحبة للثورة الصناعية فى تغيير تكوين الغلاف الجوى وبالتالى فرضت تداعيات على المناخ. ووفقًا لتقرير صادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ، فى 8 أغسطس الماضى، فإن التأثير البشرى أدى إلى تدفئة المناخ بمعدل غير مسبوق فى آخر ألفى عام على الأقل، ففى عام 2019، كانت تركيزات ثانى أوكسيد الكربون فى الغلاف الجوى أعلى من أى وقت مضى خلال ما لا يقل عن مليونى سنة، وكانت تركيزات الميثان وأوكسيد النيتروس (أوكسيد النيتروجين الثنائى) أعلى من أى وقت آخر خلال الأعوام الـ800,000 الأخيرة. وزادت درجة حرارة سطح الأرض بشكل أسرع منذ عام 1970 مقارنة بأى فترة مدتها 50 عامًا على مدى الألفى سنة الماضية على الأقل، ويشير التقرير إلى أنه، على سبيل المثال، تجاوزت درجات الحرارة خلال العقد الأخير (2011-2020) تلك التى امتدت لقرون متعددة فى الفترة الدافئة منذ نحو 6.500 عام. وفى الوقت نفسه، ارتفع متوسط مستوى سطح البحر العالمى بشكل أسرع منذ عام 1900 مقارنة بأى قرن سابق فى الأعوام الثلاثة آلاف الماضية على الأقل، ويوضح التقرير أن انبعاثات غازات دفيئة من الأنشطة البشرية مسئولة عن نحو ما مقداره 1.1 درجة مئوية من الاحترار بين عامى 1850 و1900، ووجد أنه فى المتوسط على مدى الأعوام العشرين المقبلة، من المتوقع أن تصل درجة الحرارة العالمية إلى 1.5 درجة مئوية أو تتجاوزها، لذا يتلقى قادة العالم تحذيرًا بأنهم سيواجهون حكمًا قاسيًا من الأجيال القادمة فى حال لم يتحركوا بشكل حازم تجاه إيجاد حل لتلك الأزمة.
وتشير تقديرات إلى أن نحو 166 مليون شخص فى إفريقيا وأمريكا الوسطى، احتاجوا إلى المساعدة بين عامى 2015 و2019، بسبب حالات الطوارئ الغذائية المرتبطة بتغير المناخ، وكذلك، فإن هناك ما بين 8 و80 مليون شخص أكثر عرضة لخطر المجاعة بحلول عام 2050، وفيما يتعلق بسوء التغذية، هناك نحو 1.4 مليون طفل سيعانون التقزم الشديد فى إفريقيا بسبب المناخ فى 2050. أيضًا، انخفضت المحاصيل الزراعية بنسبة تتراوح بين 4 و10% على الصعيد العالمى خلال السنوات الثلاثين الفائتة، وتراجعت كميات صيد الأسماك فى المناطق الاستوائية بمعدل يتراوح بين 40 و70 %، بسبب ارتفاع الانبعاثات. كما أن هناك تحذيرات من أن ارتفاع درجة الحرارة بأكثر من 4 درجات مئوية قد يؤدى إلى غياب مدن بأكملها مثل الإسكندرية وشنجهاى وميامى وغيرها من المدن التى ستختفى تحت أمواج البحر.
وتعد قمة المناخ بشرم الشيخ محطة مفصلية للراغبين فى وضع حد للتغير المناخى، وتتمثل أهدافها فى حث الدول على الضغط على بعضها البعض للحد من الانبعاثات الناجمة عن حرق الفحم والغاز والنفط والالتزام بالدعم المالى للبلدان منخفضة الدخل، للتعامل مع آثار التغير المناخى، وتشديد بعض القواعد، التى تم إقرارها فى اتفاقية باريس للمناخ عام 2015.