الإثنين 25 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: مولد المصطفى.. مناسبة تصحيح "مسار الأخلاق" 

الشورى

دلالات ومعانٍ ودروس مستفادة من "وحى" الذكرى العطرة

كيف نستثمر ذكرى المولد النبوى الشريف فى حياتنا المعاصرة؟

ضعف الإيمان فى القلوب فانتشرت الظواهر السلبية وتفاقمت الكوارث

الاحتفالات بالمناسبات الدينية تحمل العديد من الرسائل وتتضمن روشتة روحانية لعلاج أزمات المجتمع

 

احتفل المسلمون فى شتى أرجاء المعمورة منذ أيام قليلة مضت بذكرى ميلاد الحبيب المصطفى سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والسلام ، وعلى الرغم من أن ذكرى المولد النبوى الشريف تمثل بالنسبة للمسلمين فى مشارق الأرض ومغاربها نقطة مضيئة فى حياة البشرية فإنه وللأسف الشديد تأتى هذه المناسبة كل عام وتمضى ومازال البعض يجهلون الكثير والكثير من المعانى النبيلة لهذه المناسبة العطرة ، لذا فهى تمر أمام البعض مرور الكرام ودون أية استفادة منها بالشكل المناسب وبما يجب أن يكون..  والحق يقال فإن ذلك ربما يتم نتيجة الإفراط فى الانشغال بمظاهر الحياة ومشاكلها التى لا تنتهى ، وربما أيضاً لأن الكثير من النفوس قد تغيرت بالفعل لدرجة أن القلوب فى كثير من الأوقات أصبحت أسيرة معطيات الكثير من الصفات غير المحمودة والتى يأتى فى مقدمتها صفات : نكران الجميل والطمع والجشع التى تتسبب فى تحول القلوب إلى بقعة من السواد الحالك وبالتالى تفسد المشاعر النبيلة الأمر الذى دفعنى لأن أكتب الآن عن هذه المناسبة العطرة ، مناشداً أصحاب القلوب النقية التى لاتزال نظيفة ولاتزال تغترف من ينابيع الحب والخير والجمال ، مناشداً أصحاب تلك المعانى الجميلة أن نجعل من مناسبة الاحتفال بذكرى المولد النبوى الشريف مرحلة فارقة فى حياتنا ونقطة انطلاق حقيقية تستهدف فى المقام الأول تصحيح مسار الأخلاق والإعلاء من شأن كل ما هو جميل فبالأخلاق تحيا الأمم وبالأخلاق أيضاً تستمر الحياة ذاتها،  وحينما نتحدث عن الأخلاق فإنه لا يمكن بأى حال من الأحوال إغفال تلك "الأخلاق الحميدة" التى أرسى قواعدها سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام ، الذى أخبرنا من خلال أحاديثه الشريفة - وهو الذى لا ينطق عن الهوى - بأن الخالق جل شأنه خلقه ،  وأرسله للبشرية  ليتمم مكارم الأخلاق ، ليس هذا فحسب بل إن الله سبحانه أرسله إلى الناس كافة ، فقد قال رب العزة جل شأنه فى كتابه الكريم : {قل يا أيها الناس إنى رسول الله إليكم جميعا الذى له ملك السماوات والأرض لا إله إلا هو يحيى ويميت فآمنوا بالله ورسوله النبى الأمى الذى يؤمن بالله وكلماته واتبعوه لعلكم تهتدون} وقال تعالى أيضاً : {وما أرسلناك إلا كافة للناس بشيرا ونذيرا ولكن أكثر الناس لا يعلمون}.

 

وفى هذه الآيات الشريفة تتجلى عظمة الاحتفال بالمولد النبوى الشريف فرسولنا الكريم جاء للبشرية جمعاء واختاره الخالق لأن يكون بشرى لمن اختصهم بفضله الواسع وكرمه اللانهائى.. الأمر الذى يجعل تزامن هذه المناسبة مع إطلاق حملة "أخلاقنا الجميلة" أمرا فى منتهى الأهمية ، فنحن أحوج ما نكون الآن لمثل هذه المبادرات التى تبث الطاقة الإيجابية التى تستهدف فى المقام الأول أيضاً التأكيد على مسألة فى منتهى الأهمية وهى أن الأخلاق الجميلة هى الأخلاقيات التى تؤمن بها جميع الأديان السماوية خاصة أنها ترسخ لمبدأ التفاهم والتعايش بين الناس دون وجود أية عراقيل فقد خلقنا الله عز وجل لنعيش فى حب وسلام وتفاهم بعيداً عن كل تلك الحروب والصراعات التى لا طائل من ورائها والتى لا تخلف وراءها سوى الكراهية والبغضاء بين البشر وبالتالى فإن اختيار اسم مبادرة "أخلاقنا الجميلة" على هذا النحو النبيل فهو وبكل تأكيد سوف يكون له عظيم الأثر فى التأكيد على الأخلاق التى تربينا عليها، والتى تأمر بها جميع الأديان السماوية والأفكار الإنسانية أيضاً ، من احترام الكبير وحسن الجيرة وحسن المعاملة والأمانة والشرف والأدب فى التعامل ، فالحملة وكما هو واضح من عنوانها الهدف منها تربية أجيال جديدة على القيم والعادات والتقاليد المصرية الأصيلة، وتذكير الأجيال الحالية بما تربينا عليه من قيم إنسانية.

 

وبعيداً عن مبادرة أخلاقنا الجميلة ،  فإننى أرى أن مجرد الاحتفال والاحتفاء بالمناسبات الدينية والروحانية فإنها تنعكس بشكل مهم على المجتمع ككل حيث يكون فيها وبكل تأكيد طاقة أمل وبقعة ضوء يبدد الظلام ويمحو تلك الآثار التى تخلفها عادة الأزمات والمشاكل وبالتالى فإن الحرص على الاحتفال بالمولد النبوى الشريف مسألة مهمة تحمل فى طياتها مفاتيح السعادة التى وبكل تأكيد تصب فى الصالح العام وتجعل المجتمع ككل يعيش فى حالة من الرضا النفسى.

 

فلنجعل من هذه المناسبة فرصة لأن نفشى السلام بيننا ويجب أن يبادر كل منا بنفسه وذلك بأن يحاول تنقية مشاعره تجاه الآخرين ويمد يده للحب والخير والحق والعدل والسلام والجمال وكما نعلم فإن جميعها صفات إنسانية نبيلة تبعث فى النفىس الشعور بالأمن والأمان والطمأنينة .

 

وفوق كل هذا وذاك ليتنا نتأسى بصفات الحبيب المصطفى فى جميع تفاصيل حياتنا فقد كان وكما جاء فى كتب السيرة النبوية "قرآناً يمشى على الأرض" وكيف لا يكون على هذا النحو وقد قال عن نفسه صلى الله عليه وسلم "أدبنى ربى فأحسن تأديبى" .

 

اللهم صلِ على نبيك وحبيبك المصطفى صلاة تشفع لنا يوم أن نلقاك .. وأسألك يا واسع الفضل أن تهيئ لنا من أمرنا رشداً وتجعل لنا من فيض رحمتك نصيباً ونحن نحتفل هذه الأيام بذكرى حبيبك ونبيك أشرف الخلق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم .. فهذه المناسبة تهل علينا كل عام حاملة فى طياتها نسائم الرحمة والمغفرة والموعظة الحسنة.

 

تم نسخ الرابط