تعرف المقاطعة الاقتصادية لأى منتج بأنها عملية التوقف الطوعى للمستهلك عن شراء أو استخدام تلك السلعة أو المنتج لشركة ما ، تقوم بإنتاجها أو بيعها أو تسويقها أو توزيعها لجهة أو شركة ما كونها تسيء أو تلحق الضرر به أو بغيره أو لموقف وطنى جماعى كشكل من أشكال الاحتجاج أو الاستنكار وهذا ما تقوم به مثلاً جمعية حماية المستهلك عندما نجد أن هناك بعض المصانع أو التجار يستغلون منتجا ما طبيا أو غذائيا وغيره أو منتجا يخدم جهات عدائية ، بالمقابل يجب أن يكون هناك منتج بديل عن تلك السلعة أو المنتج أو الخدمة حتى يتمكن المستهلك من تغطية احتياجاته وهذا أيضاً أسلوب يتبع لمكافحة غلاء أسعار بعض السلع أو الخدمات ، كفلسفة ومنهج يتم تطبيقه لضبط ومنع أية تجاوزات أو استغلال سلبى ، وعلى أن مصلحة المجتمع مقرونة بالمصلحة الوطنية ستتحقق دون تدخل الدولة كممثل للمجتمع ، بل يستطيع المواطن تنظيم السوق من خلال العمل الجمعى أو من خلال الجمعيات المختصة بحماية المستهلك والمدافعة عن حقوق المواطن لمكافحة الغلاء والاستغلال الجشع ومنع الاحتكار ، وتحكم بعض الرأسماليين فى أسعار السلع.
ارتفاعات غير مبررة شهدتها اللحوم الحمراء والدواجن والعديد من السلع الغذائية خلال الأيام الماضية، دون سبب حقيقى واضح، إلا أن البعض قرر استغلال الحرب الروسية- الأوكرانية فى تحقيق مكاسب كبيرة، جراء تعطيش الأسواق، والاحتكار وتخزين البضائع، فى ظل تحفيز دائم على الطلب، وسعى التجار لتحقيق أكبر مكاسب ممكنة، من خلال تقليل حجم المعروض. الحرب الروسية- الأوكرانية بدأت منذ شهور ، لذلك ما يحدث فى الأسواق كرد فعل لهذه الحرب لا يمكن تفسيره إلا فى ضوء الممارسات الاحتكارية ومحاولة تعطيش الأسواق، ورفع أسعار السلع والخدمات دون مبرر، لذلك يجب أن تتحرك الأجهزة الرقابية بكل قوة وتواجه عمليات الاحتكار المنظمة التى يمارسها تجار الجملة، لينال هؤلاء عقوبات رادعة، فمن يعبث بالأسواق يستحق عقوبات رادعة.
ويلات الحروب والصراعات الإقليمية والدولية يجب أن تدعونا للاتعاظ والعبرة والتعلم الجيد، واستخلاص الدروس المستفادة لحماية الوطن والمحافظة عليه، ودعم استقرار مؤسساته، والسير خلف قيادته فى طريق التنمية والعمران، دون أن ننجرف إلى ممارسات احتكارية، تؤثر بصورة مباشرة على الاقتصاد، وتضر بالأسواق، وقوانين العرض والطلب، لذلك يجب أن تضرب الدولة بقوة كل من يحاول التلاعب بأقوات المواطنين أو التأثير على السوق بصورة تؤدى إلى ندرة السلع والمنتجات.
الدور الأكبر فى قضية الأسعار يعتمد على المواطن، فالوعى هو الملاذ الأول لمواجهة الاحتكار وتقلبات الأسواق، لذلك السلعة التى ترتفع أسعارها يجب أن يمتنع المواطن عن شرائها، ويبحث عن البديل الأوفر والأرخص، والسلع التى تندر وتتناقص عليه التخلى عنها والإحجام عن شرائها، فى هذه الحالة سوف يضطر المحتكر لطرح كل ما لديه، والبيع فوراً حتى لو كان بسعر التكلفة، مع التحرك الإيجابى حال اكتشاف أى ممارسات احتكارية بالإبلاغ عنها، والتواصل مع الجهات المعنية، حتى نقضى على تلك الظاهرة، ونتجاوز أسبابها وتأثيراتها السلبية على المجتمع.
ماذا يحدث لو امتنعت ، أو قررت التخلى عن شراء اللحوم الحمراء لمدة شهر؟ أو قررت الالتزام بنظام غذائى صحى والتخلى عن الزيت والسمن والسكر إلى غير رجعة؟! لن يحدث شيء ولن تتأثر الأسرة بشيء، بل بالعكس ستنخفض الأسعار فى أسرع وقت ممكن، ويزيد حجم المعروض بصورة تضمن انتظام حركة الأسواق، وتحافظ على صحتك وأموالك.
ولا ننسى أنه حتى فى المجتمعات الغربية استحدثت المجتمعات نقابات وجمعيات لحماية موظفيها وحماية الطبقات الفقيرة أيضاً من الاستغلال والاحتكار ومزاجية رفع الأسعار دون أية ضوابط ودون أى اعتبار لمصلحة المواطن والمجتمع . والمشكلة عندما لا تقوم الجهات المعنية فى الحكومة بطرح بديل منافس بالسعر وبنفس الجودة لهذا المنتج ، حيث إن المنافسة حرة فى النظام الاقتصادى منعاً للاحتكار ، إلا أن القوة والسلطة التنفيذية عند أصحاب هذه المنتجات أقوى من أن تجعل الحكومة تبحث عن بدائل منافسة تؤمن حماية المواطن من الاستغلال . أى أن على الدولة التدخل لحماية المستهلك خاصة بالأدوية الطبية.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( إنما البيع عن تراضٍ ) ، لذلك يجب أن يكون هناك توافق بين كافة الأطراف على السعر المنطقى لهذه الأدوية أو أية مواد أخرى . ولأن الدعوة إلى المقاطعة الشعبية لهذه المنتجات ستلحق الضرر بالتاجر الذى تمت مقاطعة سلعته ، وحتى لا ينجبر المريض على شراء هذا الدواء بالإكراه ، وعدم وقوف الجهات الرسمية مع المواطن يعتبر تواطؤاً لأنها تشجع التاجر على أن يجعل المواطن المحتاج لذلك المنتج فى موقع العبودية . وللحديث بقية.