الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

◄رئيس الوزراء يجيب بكل صراحة عن أسئلة الشارع حول "ديون مصر"

◄معلومات ووثائق تكشف: كيف كانت مصر وكيف أصبحت وإلى أين تتجه؟

◄التحدى ليس رقم الدين بالنسبة للناتج المحلى وإنما  فى رقم الدين الخارجى للصادرات

◄تعاون مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص مع الدولة الطريق الصحيح لعودة أرقام الدين للحدود الآمنة

◄الدول الناشئة تلجأ إلى الاقتراض سعياً لضخ المزيد من الاستثمارات وتحقيق التنمية المنشودة

 

اعتدت دائما ألا أنبهر بأى شيء مهما كان رائعاً حتى وإن كان هذا الشيء جديرا حقاً بالانبهار ، ولكنى ودون أى ترتيب مسبق شعرت بانبهار شديد وأنا أتابع ما عرضه رئيس مجلس الوزراء الدكتور مصطفى مدبولى فى كلمته بافتتاح المؤتمر الاقتصادى مصر ٢٠٢٢، وسر انبهارى أننا أمام عقلية منظمة ومرتبة تعرف هدفها جيداً ، فهو لم يعتمد على الترويج لما قام به وما قدمته حكومته، ولكنه وضع الشعب المصرى أمام حقيقة ما حدث فى مصر خلال الأربعين عاما الماضية. خلاصة ما ذكره الدكتور مدبولى كان شرحه لكيف كانت مصر وكيف أصبحت وإلى أين تتجه من خلال معلومات وأرقام وصور ووثائق لا يستطيع أحد أن يشكك فيها أو يتهم صاحبها بأنه يلوى ذراع الحقائق ، وكان رئيس الوزراء صريحاً عندما أكد أن استمرار الأوضاع الاقتصادية التى صاحبت الفترة بين فبراير 2011 ومايو 2013 كان سيؤدى حتمًا إلى أوضاع أكثر خطورة للدولة المصرية ككل على مختلف الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية ولذا كانت استجابة الدولة المصرية لتلك التحديات فى عام 2015 ، وقال: كان لدى الدولة المصرية وقتها خياران، إما أن تتبع سياسة الحلول الوسطية والمُسكنات، وكان ذلك سيكون له ما يبرره حينها، فالدولة كانت تموج باضطرابات شديدة تجعل من الصعب الحديث عن إصلاح اقتصادى، وإعادة هيكلة الدعم، والدخول بقوة فى مشكلات مزمنة منذ 40 أو 50 عاماً، وما يستتبعه من كُلفة سياسية واقتصادية واجتماعية، حيث كان يمكن لأى فرد أن يقول إن الأسهل لنا هو اتباع هذا الحل على الأقل لفترة مؤقتة حتى نتجاوز تلك الأوضاع، لافتا إلى أن الدولة كان لديها الخيار الآخر وهو الأصعب، الذى قال عنه المُفكر جمال حمدان، وهو أن نقتحم ونُوجد حلولا راديكالية وجذرية لمشاكل مُزمنة منذ عقود فى مصر، وكان لها كُلفة سياسية واقتصادية، ولكن كان لدينا هدف وهو (أين نأمل أن تكون مصر فى المستقبل)، ولذا تم عقد مؤتمر عام 2015، بعنوان "مصر المستقبل" الذى ناقش 3 محاور هى: استعادة استقرار الاقتصاد الكلى، وتنفيذ المشروعات القومية ، وتحسين بيئة الاستثمار. واستعرض رئيس مجلس الوزراء المحاور الثلاثة، مشيراً إلى أن الدولة المصرية بدأت خطوة الإصلاح الاقتصادى التى اتخذتها فى عام  2016، فى ظروف كانت تجعل من الصعب اتخاذ مثل هذا القرار، وبدأت منذ حينها نسب نمو الاقتصاد المصرى فى التصاعد، رغم أن هذه الفترة شهدت بدء ظهور جائحة كورونا فى عام 2020، والتى استمرت لمدة عامين، ثم أعقبها الأزمة الروسية ـ الأوكرانية، ومع ذلك، فقد سجل الاقتصاد المصرى السنة المالية الماضية فى يونيو 2022، نسبة نمو بلغت 6.6%، وكان متوسط النمو خلال الفترة كلها 5.3%، بالمقارنة بـ 4.4% فى الفترة السابقة، و 2.3% فى السنوات ما قبل 2015/2016.

كما أشار مدبولى إلى تقرير البنك الدولى الصادر هذا الشهر، والذى توقع ـ برغم كل التحديات الراهنة ـ أن تحقق مصر معدل نمو فى حدود 4.8% فى عام 2022/2023 كأعلى معدل نمو بين أهم اقتصاديات الشرق الأوسط وإفريقيا، كما لفت رئيس الوزراء إلى أنه برغم الزيادة السكانية، والتى بلغت 21 مليون نسمة، خلال السنوات العشر الماضية، والتى تعادل حجم المواليد فى 6 دول أوروبية كبرى، إلا أن نصيب الفرد من الناتج ارتفع من حوالى 2700 دولار إلى ما يقرب من 4 آلاف دولار فى العام 2021. وأكد الدكتور مصطفى مدبولى أن البنك الدولى أعد دراسة مهمة جداً، بعنوان "ماذا لو"، والذى تناول حال مصر لو استمرت هذه المعدلات، موضحاً أننا شهدنا فترة انخفضت بها معدلات الخصوبة، أو الإنجاب، وذلك خلال فترة بداية سنوات الألفية الجديدة، واستمرت لفترة معينة، حيث كنا قد بدأنا من معدل خصوبة أو إنجاب للمرأة 3.5 طفل، ثم بدأ ينخفض، وكان من المتوقع ـ لو استمرت الأمور على استقرارها ـ أن نصل الآن إلى ما دون الـ 2 طفل فى هذه الفترة، ولكن منذ 2011 عاد هذا المنحنى إلى التصاعد، وأصبحنا اليوم فى معدل يصل لنحو 2.8 طفل ، وأشار مدبولى إلى أنه تم وضع مقارنة فى هذه الدراسة، تقول بأنه إذا كانت مصر قد توقف عدد سكانها فى 2020 عند 92 مليونا بدلاً من 102 مليون، كان من الممكن أن يحدث ارتفاع كبير جداً فى مستويات الاقتصاد، والادخار المحلى، وزيادة نصيب الفرد من الناتج، وتحقيق مكاسب تراكمية بمتوسط 57 مليار جنيه كل سنة فى الفترة من 2020 إلى 2030.

ونوه رئيس الوزراء إلى أن صندوق النقد الدولى من جانبه توقع برغم كل التحديات، أن يرتفع نصيب الفرد من الناتج المحلى الإجمالى فى مصر إلى 4800 دولار بحلول عام 2025، كنتيجة للمشروعات التى تنفذها الدولة، والتى أسهمت فى تحقيق أعلى معدلات للتشغيل منذ 30 عاما، ولذا تمكنت الدولة من خفض معدل البطالة إلى أدنى مستوى رغم ارتفاع قوة العمل مع الزيادة السكانية، ففى عام 2013 بلغت نسبة البطالة 13% وكانت قوة العمل وقتها 28.4%، وفى عام 2021 حققنا نسبة بطالة 7.2% بينما تقترب قوة العمل من 30 مليوناً، حيث تم بذل جهد مُضاعف ونجحنا فى خفض مُعدل البطالة، واستوعبنا أيضاً الزيادة السكانية التى حدثت خلال هذه الفترة. ولفت مدبولى إلى أنه بمقارنة أرقام البطالة لدينا مع دول أخرى شبيهة فى الظروف، وذلك خلال الفترة من 2011 إلى 2021، فإن أغلب الدول ارتفع معدل البطالة بها بسبب الأزمات العالمية، ولكن مصر تمكنت من خفض معدل البطالة لديها، وتوقع صندوق النقد الدولى أن تنخفض معدلات البطالة فى مصر إلى ما دون الـ 7% على مدار السنوات الخمس المقبلة لتنخفض إلى 6.7%. وأكد رئيس الوزراء أن مشروعات الأمن الغذائى التى نفذتها مصر، ساعدت فى حفظ الاستقرار، ودفع عجلة الاقتصاد المصرى، ومن ثم مكنتنا من خفض التضخم القائم بسبب بدء الأزمة العالمية، وأزمات سلاسل الإمداد، وبدء ارتفاع معدلات التضخم فى النصف الثانى من العام 2021، ومع ذلك كان التضخم لدينا أقل من نسبة 10% خلال النصف الثانى من العام 2022.

وقال رئيس الوزراء: لدينا نقطة مهمة جدا لا ينتبه لها الكثيرون، أننا تمكنا من خلال مشروعات الاستصلاح الزراعى من أن نضيف فى سنة واحدة 250 ألف فدان جديدة تمت زراعتها بالقمح، ونتيجة لذلك فقد وصلت المساحة المنزرعة بالقمح هذا العام إلى 3.5 مليون فدان، واستطعنا من خلال مشروع الصوامع أن نحافظ على مخزون إستراتيجى من القمح المحلى يجعلنا ـ حتى الآن ـ لدينا احتياطيات تكفى لنحو 5.5 شهر، مشروعات كبيرة تستثمر فيها الدولة المصرية مثل الدلتا الجديدة وشرق العوينات وتوشكى وهدفها كلها إضافة رقعة زراعية لنستطيع مرة أخرى تحسين أرقامنا فى الاقتصاد ونقلل من عجز فاتورة استيراد القمح والحبوب. بعد هذا العرض دخل رئيس الوزراء إلى نقطة شائكة وهى النقطة الخاصة بموضوع الديون التى يعرف أنها تشكل هاجسا كبيرا فى الشارع المصرى، وأعتقد أنه أجاب عن أسئلة الناس فى الشارع حول هذه القضية. ففيما يخص الدَّيْن، أوضح الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس مجلس الوزراء، أننا كنا قد وصلنا إلى نحو 103% فى العام 2016/2017، وبدأنا أخذ مسار تنازلى، حيث وصلنا قبل أزمة كورونا إلى نحو 81%، وكان من المتوقع خلال عامين أن يتراجع إلى ما دون 75%، لنصبح كأى دولة مستقرة وليس لديها مشكلة دين ولكن جاءت أزمة كورونا التى مر بها العالم، وكان لدى الدولة إصرار كبير على المحافظة على مقدرات الاقتصاد المصرى، وحدث ارتفاع فى قيمة الدين، وذلك بالتزامن مع اندلاع الأزمة الروسية – الأوكرانية، ومع ذلك لدينا خطة تستهدف العودة إلى المسار التنازلى للدين كإجمالى الدين من الناتج المحلى، وذلك على مدار السنوات الخمس القادمة.

وأضاف رئيس الوزراء أنه فيما يتعلق بالدين الخارجى، فإن حجم الدين الخارجى بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى، منذ بداية الثمانينيات وحتى أوائل التسعينيات، وصل إلى 150% من الناتج المحلى الإجمالى، مشيراً إلى أنه فى هذا التوقيت وتحديدا فى عام 1991، تم الاتفاق مع نادى باريس وعدد من الدول العربية الشقيقة، وبموجبه تم تخفيض حجم دين خارجى كبير لمصر، حيث تم الاتفاق على إسقاط ما مجموعه 43 مليار دولار، من خلال برنامج زمنى يتم تنفيذه حتى الآن، لافتا إلى أن جزءا من هذا الاتفاق عبارة عن مبادلة الديون بالاستثمارات، وهو ما يتم تنفيذه مع عدد من الدول الأوروبية، موضحا أن حجم الدين الخارجى طبقا لآخر التقارير الخاصة بهذا الشأن يصل إلى نحو 34.5% من الناتج المحلى. وأكد رئيس الوزراء أن التحدى ليس رقم الدين بالنسبة للناتج المحلى الإجمالى، وإنما المشكلة الحقيقية فى رقم الدين الخارجى للصادرات من السلع، وكذا خدمة الدين للصادرات والسلع، وهو ما نتجاوز فيه الحدود الآمنة حالياً، قائلاً:" بالتالى دورنا كدولة مع مجتمع رجال الأعمال والقطاع الخاص يتحدد فى كيفية العمل على عودة هذه الأرقام للحدود الآمنة لمصر". وتناول رئيس الوزراء، خلال العرض التقديمى، موقف الدين الخارجى فى مصر، ومقارنته مع موقف الدين الخارجى لعدد من الدول النامية التى ينمو اقتصادها بشكل متسارع، ونسبته إلى اقتصادات هذه الدول، موضحاً أنه تم رصد  نتيجة مفادها أن الدول الناشئة تلجأ إلى التمويل بالاقتراض فى فترة من فترات نموها الاقتصادى، سعياً لضخ المزيد من الاستثمارات، وتحقيق التنمية المنشودة، ومع استقرار الاقتصاد تكون لديها القدرة على استعادة المسار التنازلى للدين الخارجى، مشيراً إلى أنه يوجد العديد من الدول التى نفذت هذا النهج، ومنها دول فيتنام، وتركيا، والبرازيل، والهند مع الفارق فى حجم السكان.

ولفت رئيس الوزراء إلى أنه بالرغم من حجم الدين، فإن هناك مؤشرا مهما جداً هو أن الدين الخارجى لمصر 73 % منه يُعد دينا متوسطا وطويل الأجل، وهو ما يعنى أن أمامنا فترة طويلة لسداد تبعات هذا الدين ..وكشف رئيس الوزراء عن أنه على مدار خمس سنوات على التوالى استطاعت مصر أن تحقق فائضا أوليا، وهو ما يعنى أنه بعد تنحية خدمة الدين جانباً ، فإن الإيرادات تغطى المصروفات وتزيد، مشيراً إلى أن هذا الفائض يسهم فى تخفيض حجم الدين، مؤكداً أن مصر تصر بمختلف اتفاقياتها مع صندوق النقد الدولى على الاستمرار فى تحقيق الفائض الأولى، موضحاً كذلك أن مصر من بين الدول القليلة جداً التى حققت فائضا، فى ظل التحديات والأزمات العالمية المتلاحقة.

تم نسخ الرابط