الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
الشورى

مظاهر‭ ‬الفوضى‭ ‬فى‭ ‬حياتنا‭ ‬ليست‭ ‬مقصورة‭ - ‬كما‭ ‬قلت‭ ‬قبل ذلك ‭ - ‬على‭ ‬إصدار‭ ‬‮«‬الفتاوى‮»‬‭ ‬من‭ ‬غير‭ ‬أهل‭ ‬العلم‭ ‬والتخصص‭ ‬والذكر‭.. ‬وليست‭ ‬فى‭ ‬الإساءة‭ ‬والتشكيك‭ ‬فى‭ ‬الثوابت‭ ‬الدينية‭ ‬فقط،‭ ‬لكنها‭ ‬تشمل‭ ‬مجالات‭ ‬أخرى‭ ‬ربما‭ ‬لا‭ ‬تقل‭ ‬خطورة‭ ‬عن‭ ‬الانفلات‭ ‬والتجرؤ‭ ‬على‭ ‬ثوابت‭ ‬الدين‭.‬ الفوضى‭ ‬بكل‭ ‬أنواعها‭ ‬وأشكالها‭ ‬مرفوضة‭ ‬خاصة‭ ‬إذا‭ ‬كانت‭ ‬تؤثر‭ ‬سلباً‭ ‬على‭ ‬السياق‭ ‬والإطار‭ ‬الأخلاقى‭ ‬المصري،‭ ‬فالخروج‭ ‬عن‭ ‬الطبيعى‭ ‬والمألوف‭ ‬دون‭ ‬حسابات،‭ ‬والتغيير‭ ‬سريع‭ ‬الإيقاع‭ ‬يحتاج‭ ‬إلى‭ ‬ترشيد‭ ‬وتقديم‭ ‬ودفعة‭ ‬إلى‭ ‬الطريق‭ ‬الصحيح‭ ‬خاصة‭ ‬أننا‭ ‬نعيش‭ ‬فى‭ ‬عالم‭ ‬يتغير‭ ‬فى‭ ‬كل‭ ‬‮«‬فيمتو‭ ‬ثانية‮»‬‭ ‬ولذلك‭ ‬فإن‭ ‬الانفتاح‭ ‬والاستباحة‭ ‬دون‭ ‬وجود‭ ‬خطابات‭ ‬رشيدة‭ ‬دينياً‭ ‬وثقافياً‭ ‬واجتماعياً‭ ‬وتعليمياً‭ ‬وإعلامياً‭ ‬سوف‭ ‬تؤدى‭ ‬إلى‭ ‬آثار‭ ‬وسلبيات‭ ‬بل‭ ‬وكوارث‭ ‬مجتمعية‭ ‬لذلك‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬ضبط‭ ‬وترشيد‭ ‬هذا‭ ‬التغيير‭ ‬وتوظيفه‭ ‬فى‭ ‬الاتجاه‭ ‬الصحيح‭ ‬الذى‭ ‬يتناسب‭ ‬مع‭ ‬مجتمعنا‭ ‬ولا‭ ‬يتعارض‭ ‬مع‭ ‬قيمنا‭.. ‬وهنا‭ ‬لابد‭ ‬من‭ ‬تدخل‭ ‬يعيد‭ ‬الانضباط‭ ‬لكل‭ ‬سلوكياتنا‭ ‬سواء‭ ‬بالوعى‭ ‬أو‭ ‬التقنين‭ ‬أو‭ ‬وضع‭ ‬الضوابط‭ ‬والمعايير‭ ‬والمحاسبة‭ ‬والمساءلة‭ ‬عليها‭.‬

هناك‭ ‬ظاهرة‭ ‬غريبة‭ ‬تدخل‭ ‬فى‭ ‬عداد‭ ‬الفوضى،‭ ‬فعندما‭ ‬تمر‭ ‬فى‭ ‬الشوارع‭ ‬المصرية‭ ‬تجد‭ ‬مكتوباً‭ ‬على‭ ‬الجدران‭ ‬والأسوار‭ ‬أرقام‭ ‬تليفونات‭ ‬محمولة‭ ‬لمراكز‭ ‬تزعم‭ ‬العلاج‭ ‬الروحانى‭ ‬للسحر‭ ‬والمس‭ ‬والحسد‭ ‬والقرين‭ ‬وغيرها‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الأمور،‭ ‬وأنا‭ ‬شخصياً‭ ‬لا‭ ‬أنكر‭ ‬مثل‭ ‬البعض‭ ‬هذه‭ ‬الأمراض‭ ‬أو‭ ‬الأمور‭ ‬فهى‭ ‬موجودة‭ ‬فى‭ ‬القرآن‭ ‬والسنة‭.. ‬لكن‭ ‬السؤال‭ ‬المهم‭: ‬هل‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬حصلت‭ ‬على‭ ‬تراخيص‭ ‬للعمل‭ ‬أم‭ ‬بالمزاج،‭ ‬وهل‭ ‬هناك‭ ‬ضوابط‭ ‬ومعايير‭ ‬وبأى‭ ‬حيثيات‭ ‬تتعامل‭ ‬مع‭ ‬المواطنين‭.. ‬وهل‭ ‬يمكن‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مراكز‭ ‬للدجل‭ ‬والشعوذة‭ ‬وليست‭ ‬للعلاج‭ ‬النفسى‭ ‬والروحانى‭ ‬الذى‭ ‬يقره‭ ‬علماء‭ ‬وأئمة‭ ‬الدين‭ ‬وأهل‭ ‬العلم‭ ‬والذكر،‭ ‬وهل‭ ‬تمارس‭ ‬عليها‭ ‬الرقابة‭ ‬والمتابعة؟‭ ‬أم‭ ‬أننا‭ ‬نترك‭ ‬الأمور‭ ‬تتحول‭ ‬إلى‭ ‬كوارث‭ ‬ومصائب‭ ‬ووقوع‭ ‬ضحايا‭ ‬ثم‭ ‬نتعامل‭ ‬معها؟ الغريب‭ ‬والعجيب‭ ‬أن‭ ‬الترويج‭ ‬لمثل‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬ليس‭ ‬مقصوراً‭ ‬على‭ ‬الجدران‭ ‬أو‭ ‬أسوار‭ ‬الأندية‭ ‬والمنشآت‭ ‬بما‭ ‬يعنى‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المركز‭ ‬يجاهر‭ ‬ويسهل‭ ‬الوصول‭ ‬إلى‭ ‬القائمين‭ ‬عليه‭ ‬لكنه‭ ‬وصل‭ ‬إلى‭ ‬وجود‭ ‬برامج‭ ‬تليفزيونية‭ ‬على‭ ‬بعض‭ ‬الشاشات‭ ‬لقنوات‭ ‬غير‭ ‬شهيرة‭ ‬أو‭ ‬قنوات‭ ‬الظل‭ ‬وبير‭ ‬السلم‭ ‬والكشف‭ ‬بـ‭ ‬100‭ ‬جنيه‭ ‬والعلاج‭ ‬بـ‭ ‬1600‭ ‬جنيه‭ ‬وتتناول‭ ‬بأريحية‭ ‬وتروج‭ ‬عبر‭ ‬‮«‬بار‮»‬‭ ‬الشاشة‭ ‬أو‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬برامج‭ ‬متكاملة‭ ‬يتحدث‭ ‬فيها‭ ‬بعض‭ ‬من‭ ‬يدعون‭ ‬العلاج‭ ‬من‭ ‬المشايخ‭ ‬فى‭ ‬محافظات‭ ‬مختلفة‭.‬

السؤال‭ ‬المهم‭ ‬ما‭ ‬الجهة‭ ‬إن‭ ‬وجدت‭ ‬المنوط‭ ‬بها‭ ‬منح‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬تراخيص‭ ‬للعمل‭ ‬وما‭ ‬اشتراطاتها‭ ‬والمعايير‭ ‬والقوانين‭ ‬واللوائح‭ ‬الملتزمة‭ ‬بها‭ ‬أم‭ ‬نحن‭ ‬فى‭ ‬سبات‭ ‬عميق‭.. ‬لا‭ ‬نعلم‭ ‬عنها‭ ‬شيئاً،‭ ‬حتى‭ ‬من‭ ‬باب‭ ‬المنفعة‭ ‬وتحصيل‭ ‬ضرائب‭ ‬منها‭ ‬خاصة‭ ‬أن‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الظواهر‭ ‬والأمور‭ ‬سواء‭ ‬السحر‭ ‬والأعمال‭ ‬والحسد‭ ‬والمس‭ ‬مثار‭ ‬حديث‭ ‬وشكاوى‭ ‬الكثيرين‭ ‬ولا‭ ‬أريد‭ ‬القول‭ ‬إنها‭ ‬أصبحت‭ ‬منتشرة‭ ‬حتى‭ ‬فى‭ ‬المجتمعات‭ ‬الراقية،‭ ‬وفى‭ ‬بيوت‭ ‬بعض‭ ‬الأثرياء‭ ‬ورجال‭ ‬الأعمال‭ ‬ومنهم‭ ‬من‭ ‬حدا‭ ‬إلى‭ ‬الاستعانة‭ ‬بمشايخ‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬يزعمون‭ ‬قراءة‭ ‬الطالع‭ ‬والمستقبل‭ ‬وحل‭ ‬العقد‭ ‬والأزمات،‭ ‬وتحقيق‭ ‬الأرباح‭ ‬بل‭ ‬إن‭ ‬هناك‭ ‬من‭ ‬يستعين‭ ‬بهم‭ ‬فى‭ ‬التنقيب‭ ‬عن‭ ‬الآثار‭ ‬وهى‭ ‬ذائعة‭ ‬الصيت‭ ‬فى‭ ‬فترات‭ ‬سابقة‭.‬ ليس‭ ‬موضوعى‭ ‬الحلال‭ ‬والحرام‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬القضية،‭ ‬أو‭ ‬الإنكار‭ ‬أو‭ ‬الإيمان‭ ‬بوجودها،‭ ‬ولكن‭ ‬قضيتى‭ ‬هى‭ ‬ضبط‭ ‬الأمور‭.. ‬والتصدى‭ ‬للفوضى‭ ‬والانفلات‭ ‬فكيف‭ ‬يعلن‭ ‬عن‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬التى‭ ‬تقول‭ ‬للناس‭ ‬إنها‭ ‬للعلاج‭ ‬الروحانى‭ ‬وتفك‭ ‬السحر‭ ‬وتشفى‭ ‬من‭ ‬المس‭ ‬والحسد‭ ‬دون‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬تحت‭ ‬سمع‭ ‬وبصر‭ ‬وحساب‭ ‬وتقنين‭ ‬الدولة،‭ ‬ومراقبة‭ ‬‮«‬أعمالها‮»‬‭ ‬ونشاطاتها‭.. ‬هل‭ ‬تنفع‭ ‬أم‭ ‬تضر‭ ‬وتؤذي؟‭ ‬أليست‭ ‬هذه‭ ‬فوضى‭ ‬ويجب‭ ‬أن‭ ‬نتوقف‭ ‬عندها‭ ‬حسب‭ ‬التقييم‭ ‬الموضوعى‭ ‬والشرعى‭ ‬بالوقف‭ ‬الفورى‭ ‬أو‭ ‬التقنين‭ ‬ووضع‭ ‬المعايير‭ ‬والاشتراطات‭.‬

إذا‭ ‬كان‭ ‬هؤلاء‭ ‬يزعمون‭ ‬تقديم‭ ‬العلاج‭ ‬إذن‭ ‬فهناك‭ ‬أمراض،‭ ‬وعلى‭ ‬حسب‭ ‬الثابت‭ ‬والراسخ‭ ‬أنه‭ ‬لا‭ ‬يوجد‭ ‬طبيب‭ ‬يمارس‭ ‬الطب‭ ‬لم‭ ‬يتخرج‭ ‬فى‭ ‬إحدى‭ ‬كليات‭ ‬الطب‭ ‬فى‭ ‬الجامعات‭ ‬المصرية‭ ‬أو‭ ‬الأجنبية‭ ‬ولديه‭ ‬رخصة‭ ‬لمزاولة‭ ‬الطب‭.. ‬فهل‭ ‬هذا‭ ‬يتوافر‭ ‬لدى‭ ‬المعالجين‭ ‬الروحانيين‭.. ‬ثم‭ ‬من‭ ‬يستطيع‭ ‬ونثق‭ ‬فيه‭ ‬أن‭ ‬يقيم‭ ‬علاجاتهم‭ ‬وأنهم‭ ‬جادون‭ ‬ويملكون‭ ‬القدرة‭ ‬والتأهيل‭ ‬لأنه‭ ‬ربما‭ ‬تحدث‭ ‬مصائب‭ ‬ومهازل‭ ‬فى‭ ‬هذه‭ ‬المراكز‭ ‬قد‭ ‬تتعلق‭ ‬وأقول‭ ‬ربما‭ ‬بسمعة‭ ‬الناس‭ ‬أو‭ ‬إساءة‭ ‬الأدب‭ ‬أو‭ ‬سلوكيات‭ ‬غير‭ ‬طبيعية‭ ‬وغير‭ ‬سوية‭ ‬أو‭ ‬يتناول‭ ‬المريض‭ ‬مواد‭ ‬وأعشاباً‭ ‬سامة‭ ‬أو‭ ‬يتلقى‭ ‬الضرب‭ ‬المبرح،‭ ‬لابد‭ ‬أن‭ ‬تكون‭ ‬مثل‭ ‬هذه‭ ‬الأمور‭ ‬بين‭ ‬أيدينا‭ ‬وتحت‭ ‬رقابتنا‭.. ‬وإلا‭ ‬ستحدث‭ ‬أمور‭ ‬لا‭ ‬نتوقعها‭.‬

تم نسخ الرابط