الجمعة 22 نوفمبر 2024
الشورى
رئيس مجلسى الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة
رئيس مجلسى
الإدارة و التحرير
محمود الشويخ
رئيس مجلس الأمناء
والعضو المنتدب
محمد فودة

محمد فودة يكتب: المهرجان السينمائى العريق .."فى ذمة الله"

الشورى

◄مهرجان القاهرة السينمائى الدولى يحتضر فى دورته الـ ٤٤ 

◄حالة من الارتباك فى التنظيم وحضور ضعيف بامتياز .. والنتيجة دورة باهتة وبلا طعم

◄اهتمام النجم المخضرم حسين فهمى بأزياء الفنانات على حساب الأنشطة والفاعليات انعكس سلبًا على مستوى المهرجان

◄تجاهل "متعمد" لنجوم الصف الأول فى مهرجان "بلدهم" وحفاوة بالغة فى المهرجانات الأخرى 

 

لم أفاجأ بهذا المستوى الضعيف الذى اتسمت به الدورة الـ ٤٤ لمهرجان القاهرة السينمائى الدولى ، لأننى أن سبق وتناولت المهرجان كثيراً ونبهت مراراً وتكراراً من حالة العبث التى يعيشها المهرجان منذ عدة دورات سابقة ، لذا فقد جاء المهرجان هذا العام، مخيبا للآمال، خاصة أنه وصل إلى عامه الرابع والأربعين، والمفترض أن يكون قد تخطى سن الرشد إلى سن الحكمة، إلا أن كثيراً مما حدث يعطينا مؤشرات خطيرة يجب الالتفات إليها والتعامل معها باهتمام بالغ، فما شاهدته فى فعاليات المهرجان شيء مخجل ويدعو للحزن والأسى على أقدم مهرجان سينمائى عرفته المنطقة، فلا يمكن لمهرجان عريق مثل القاهرة السينمائى أن يتوه وسط زحام الأزمات التى تبدو مفتعلة وخارجة عن المألوف، فقبل بدء الفعاليات حدثت أزمة بين المدير الفنى وبين مدير المركز الصحفى، وبعدها أزمة الصلاة على السجادة الحمراء التى أثارها المدير الفنى للمهرجان أمير رمسيس، يأتى ذلك فى الوقت الذى وفرت فيه وزارة الثقافة برئاسة الدكتورة نيفين الكيلانى كافة أشكال الدعم من أجل ظهور هذه الدورة على نحو كبير من حيث الدقة والتنظيم، ولكن يبدو أن القائمين على إدارة المهرجان عز عليهم أن يقدموا لنا دورة ناجحة خاصة أنهم اعتادوا خلال الدورات السابقة على تقديم كل ما هو ضعيف وهش، وهذا أمر مثير للدهشة والعجب فكيف تكون لديهم هذه الفرصة الذهبية المتمثلة فى الدعم الكبير من جانب وزارة الثقافة ونراهم فى النهاية يدورون فى نفس دائرة الفشل التى اتسمت بها دورات المهرجان خلال السنوات الأخيرة، وهنا تكمن الأزمة فنحن أمام إدارة لا تفكر حتى فى أن تطور من أدواتها ولا تشعر بأى ذنب وهى تقوم بذبح المهرجان على مرأى ومسمع من الجميع، فهذا المهرجان الكبير والذى يحمل اسم عاصمة أكبر دولة عربية لم يحقق شهرته الدولية من فراغ أو أن عراقته لم تكن من قبيل الصدفة بل إن هذا الكيان الكبير هو نتاج مجهودات كبيرة وفكر سابق لعصره وتحركات غير مسبوقة قام بها عدة شخصيات تمتلك رؤى وأفكارا سينمائية تمكنت من أن تجعل هذا المهرجان واحدا من أهم وأعرق المهرجانات السينمائية على مستوى العالم. وللحق فإن ما دفعنى للكتابة هو غيرتى على أقدم مهرجان سينمائى فى المنطقة، فالعالم كله يعلم أن مهرجان القاهرة السينمائى الدولى هو أحد المهرجانات العريقة التى تحمل تصنيف (أ)، وهى المكانة التى حصلت عليها مصر منارة العلم والفن والثقافة، عندما كان يديرها فنانون يقدرون قيمة ما يقدمونه، ويحترمون الجمهور ولا يتهاونون فى تقديم فن راقٍ يرتقى بالعقول، ويناقش ويحل مشاكل اجتماعية حقيقية، ويغير قوانين قبل أن يكون للترفيه  أو المتعة، وربما كان يأمل القائمون على الدورة الـ 44 أن يخرجوا دورة تليق بمكانة المهرجان عالميا، وكان أول قرار يتخذه رئيس الدورة الفنان حسين فهمى هو تغيير موعد الدورة ليصبح من ١٣ وحتى ٢٢ نوفمبر الجارى ليتفادى مواعيد  مهرجانات أخرى عربية وإقليمية لا تحمل الصفة الدولية من الأساس، لتبدأ الدورة الـ 44 وكأنها لم تبدأ، فلا أثر لوجود فعاليات مهرجان القاهرة السينمائى فى الشارع، حيث لم يرهق القائمون على المهرجان أنفسهم بالإعلان عن فعاليات المهرجان أو الأفلام المشاركة به للجمهور بالشارع بشكل لائق وليس المثقفين فقط، وأولى الفنان حسين فهمى "الدريس كود" عناية فائقة، حيث صرح مازحا بأن "من لن يلتزم به هيحبسه"، وشدد على أن يظهر الفنانون بالملابس الرسمية والفنانات بفساتين تضاهى ما يظهر به نجمات العالم فى المهرجانات التى تحمل نفس قيمة "القاهرة السينمائى" وتناسى أن قيمة المهرجان بما يقدمه من أفلام تغذى العقول، وتمتع البصر بصور لا تمحى من ذاكرة من يشاهدها، وليس بمظهر الفنانات على الريد كاربت، وهو ما كان له عظيم الأثر على اختيارات الفنانات للفساتين حيث بدأت الاستعراضات من السجادة الحمراء قبل أن تقام بالمسرح، وكذلك نوعية الأخبار المتداولة عن المهرجان والتى أصبحت تتمحور حول أسبوع الموضة فى "السينمائى الدولى" أو "ديفيليه السينمائى الدولى" وركزت أخبار المهرجان على من التزم أو خالف "الدريس كود" .  واللافت للنظر أن فاعليات المهرجان التى تقام تحت إدارة المخرج أمير رمسيس الفنية، خرجت بأسلوب لا يليق حتى بقيمة مهرجان محلى وليس مهرجانا دوليا له مكانته المرموقة بين المهرجانات السينمائية فى مختلف أنحاء العالم، فأصبح هو شخصيا حديث الإعلام بدلا من الأفلام المشاركة والفاعليات المتاحة، وذلك من خلال استخدام أسلوب "اللقطة" مثل "غزوة السجادة الحمراء" لينشغل بها الإعلام ويقدم اعتذارا بعد ذلك لتتوالى الأخبار فى نشر ما يقوم به أمير رمسيس وليس ما يقوم به "مهرجان القاهرة السينمائى "، لذلك كان لافتاً للنظر أن دورة العام الحالى لن تكون أفضل من الدورات السابقة، كما أن فقرات المهرجان ظهرت غير متاغمة وغاب عنصر الإبهار عن الحفل، ففى سنوات سابقة أيام العصر الذهبى للمهرجان حينما كان يتولى إدارته شخصيات لها قيمتها ومكانتها كان أهم ما يميز حفلى الافتتاح والختام هو عنصر الإبهار سواء كان هذا الإبهار من حيث الشكل أو المضمون، ولكن للأسف الشديد افتقد المهرجان هذا الجانب على مدى السنوات الأخيرة بسبب عدم وجود رؤية واضحة لدى إدارة المهرجان وربما نتيجة عدم النضج وقلة الخبرة وضعف القدرة على الخلق والابتكار. أما الفاعليات التى قدمها المهرجان هذا العام فهى تضاهى ما يقدمه أى مهرجان آخر لا يحمل الصفة الدولية لما اتبعه القائمون على المهرجان من أسلوب رتيب وروتينى، ولا يحمل أى بصمة خاصة أو روح أو إبداع، رغم أنه عرض عدد الأفلام الطويلة 79 فيلما، وكان عدد الأفلام القصيرة: 18 فيلما، وعدد الأفلام الكلاسيكية: 10 أفلام ، وعدد العروض العالمية والدولية الأولى: 30 عرضا، وعدد العروض الأولى فى الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: 57 عرضا، وعدد الدول المشاركة: 52 دولة، وأقيمت خلال الدورة الـ 44  ندوة بعنوان "صعود السينما السعودية" والأجدر أن تقدم بعنوان " إنقاذ السينما المصرية من الفناء"، كما تم عرض عدد من الأفلام الكلاسيكية التى تم ترميمها منها الاختيار إخراج: يوسف شاهين  إنتاج: مصر (1970) وعرض ضمن قسم كلاسيكيات القاهرة، وتتناول أحداثه قصة محمود، عامل فى ميناء الإسكندرية، يُعثر عليه مقتولًا، ويصبح أخوه التوأم سيد، الكاتب الشهير الذى لديه دائرة علاقات واسعة، المشتبه به الأول فى الجريمة، وفيلم أغنية على الممر إخراج: على عبد الخالق  إنتاج: مصر (1972)، وعرض الفيلم الروائى ضمن قسم كلاسيكيات القاهرة، وتدور أحداثه خلال حرب 1967، حيث ينقطع الاتصال بين مجموعة من الجنود فى الصحراء ومركز قيادتهم. تحاول المجموعة النجاة بالرغم من هجمات العدو وقلة الإمدادات، وفيلم يوميات نائب فى الأرياف إخراج: توفيق صالح إنتاج: مصر (1969)، وعرض الفيلم الروائى ضمن قسم كلاسيكيات القاهرة، وخلال أحداثه يصاب قمر بطلق نارى، وينطق باسم ريم أخت زوجته، وذلك قبل أن يلفظ الروح، ريم هى الشاهدة الوحيدة، بعد أن يُقبض عليها، يلفت جمالها انتباه النائب العام، وتنجح فى الهرب من منزل السجان. وبعيدا عن مخالفات المهرجان وضعف الدورة الـ 44، يبقى السؤال الأصعب: لماذا يهجر النجوم الكبار المهرجان المصرى الذى نحرص جميعاً على إنجاحه وتشريف بلدنا، بينما يحضرون المهرجانات العربية؟! هل من أجل حفنة دولارات أو الهدايا الثمينة؟.. المفترض أن هؤلاء الفنانين قدوة للجماهير، لماذا مثلا لم يحضر أحمد السقا، وهو النجم المحبوب ذو الشعبية بين الجمهور، خاصة الشباب، ولماذا لا يحرص كريم عبد العزيز وأحمد حلمى ومحمد سعد ومحمد هنيدى وغيرهم من نجوم الصف الأول على التواجد؟! المفترض أن هؤلاء يتسابقون على الحضور لأنهم يعبرون عن مصر وليس لمجرد التواجد، هؤلاء النجوم هم الذين يضيئون فى المهرجانات العربية، ويحتفلون معهم بالفن العربى، وبتطور صناعة السينما هناك، والتى بدأت بعدنا بكثير لماذا لا يشرفون مهرجان بلدهم؟!

تم نسخ الرابط